أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار الحمدي - حزني أنا / قصة قصيرة














المزيد.....

حزني أنا / قصة قصيرة


عبد الجبار الحمدي

الحوار المتمدن-العدد: 8539 - 2025 / 11 / 27 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


حزني أنا...
مثل صرير الباب أنصت بصمت الى أوجاعي، حالات كثيرة يجبرني القدر على إرتداء الحزن جلدا فوق جلدي، يُخنق مسامات الأمل بأن تعطي لي إبتسامة، زقاق ضيق، غرفة معتمة تيار الكهرباء يشاركني سواد الظلمة يُسمعني عزفا بتأبين نعوش أيامي التي أمتازت بؤسا وعوزا وحزن...ها أنا أسوق أقدامي الى عالم الوحدة حيث ضفاف دجلة التي جفت مآقيها، لا تذرف الدمع إلا طوابير من أوجاع صراخها الذي يُفجع الموتى من الذين ينسلون دون ان يثيروا جلبة أو غبار.. تفتقد دجلة للنوارس التي حلت محلها الغربان... بغداد أصبحت ملوثة بعفن أنفاس الزمن، أمسك القدر بعصاه في بداية الأمر كي يغير الأمر .. لكن ودون أن يمنحني فرصة إستبدل عصاه بسوط جلاد، فراح يجلد الفرح، يدمي ظهره، يسلب منه الحياة ثم يُلقمة الحزن مثل طفل لأم ثكلى ترضع وليدها الحزن والحليب كي تصنع منه كتلة من آلام وأوجاع... عندليب لا يفقه من تغريده سوى الحزن، مثل ناي الراعي الذي يشكو براكين حزنه يغرقها بصوت ملك الموت وهو يئن أن الحياة فينا حزن سرمدي...
عادة ما أجلس على مسطبة متهالكة تلك التي انتظرت ان يعاد رصفها أو ترميمها، لكن آنى للحزن أن يسمح بذلك فعالم السواد بضاعة رائجة و النعوش كثيرة وملك الموت مسلط منجله كي يعتاش مهنته التي أمسك بدفتها فباتت بيوت الكثيرين منا أرض وادي السلام.. السلام الطمأنينة التي يفتقدها الجميع بعد أن فرك القدر راحتيه و وزع الدموع مياه شرب، إترع و أسكر ياهذا دون خمر فالحزن الذي تشربه يخرجك من عالم الأحلام الى عالم السبات الأبدي الحزن يا هذا ترياق النفوس .. معالج ذو نفع خيالي لكل الابتسامات المخادعة كل شيء تعيشه هو خداع بصري.. إلا الحزن هو الحقيقة التي نعيش في وسط عالمه دون ان يستجدي منا ضريبة نفعية، يا للكارثة بت أناجي جفاف دجلة التي تصحرت وما عادت تغسل شعرها بموج العاطفة أو الحب، ابتلعت شقوق بطنها كل تلك الصور وذكرييات من أحبوا رائحة العشق، تمزقت وريقات إبتلت بمياه عذبة، كان للملح دورا في زيادة الوجع و يد القدر تلكز جراح العاشقين بقوة تدميها حتى تتقرح فيزداد الوجع والألم، كم أردت أن ابوح له بأنه قد جار علينا حتى أنا بتنا نتمى الحزن كي يجمعنا بدل عن الفرح... فالفرح بات ينسب لعاهرات وقوادي الزمن، كثر الفساد وعم الخراب، فلا حماية لمن يمتلك الحزن قوت يومه أو رداء يستر عوزه، يا لله!!؟ كم أنت قاس أيها القدر، لم أشعر بالوقت يمضي حتى ربت عليّ رجل يمسك بعصا يتعكز عليها.. خالجني شعور غريب، بدا لي معروفا رحبت به، أفسحت له مجالا كي يجلس لكنه رفض، لم أعلق على غرابة رائحته التي كانت تفوح عندما يحدثني عن سبب جلوسي وحيدا في عالم مظلم موحش، سرد لي عن أيام كانت تعاشرني تضاجعني رغم أني أرفض ذلك بين قوسين كانت تغتصب حريتي وطموحي و أحلامي... إستمعت له و أنا أستغرب ما أسمع منه!!! كيف له أن يعرف ما لم لا أشارك فيه أنسي كان أم جني، هواجسي المغبونة كانت عالمي الموحش الذي أركن إليه كعشير، لم أشكو يوما بؤس حياتي، لم أذكر الحزن الذي يرتديني جلدا فوق جلد، مسامير العمر التي غرزت في جسمي كالمسيح لم أصرخ حين غرزت، جَلد المقارع التي كان تتسابق على ظهرِ لم أشكوها للسماء... حتى حجارة الساعات و عقارب الثواني التي تلدغ ذاكرتي كنت أستسيغها خمرا يسكرني، يضنيني، يسامرني إلا أن أغفو على وسادة مبتلة بدموع الوهم وحقيقة الوهم الذي يرتشفني مثل قهوة مرة وسيجارة عفنة مبتل نصفها، فسألته ماذا تريد أيها الغريب؟؟؟ إبتسم بحزن وهو يقول: أراك يا صاحبي تشكو الوحدة و الغربة في وطن لا تملك فيه سوى الألم والحزن، ألا تَمِلهُ.. تبكيه أبيات شعر وتغنيه بناي أبكم و أصم كزرياب، ما عاد الشعر موسيقى فرح بات الشعر أقرب للحزن والظلمة فعالمك مثل عالم الأغلب من هم على شاكلتك يمتلك الهوية لكنه لا يملك حرية الهوية، أنظر هناك الى تلك المجازر البشرية، إنظر الى الجهة المقابلة على اصوات التي تصدح بأن الدين بات وهجا يريح من يريدد ان يداوي جروحة غير ان الدين أفيون للعقول... لا يسمح من يرتادوه أن يجاريهم أحد، إنهم مخلوقات كتب على جباههم نحن صوت الخالق نحن خلفائه... نحن من اصحاب الخلود لا الأخدود...
عجبا يا هذا ماذا تريد مني!!؟ خرجت هربا من ظلمة نفسي و جلدي، أطبقت أنفاس أملِ بل أخمدتها مثلما وئدت الفرح حين ولد مصادفة، كنت أعلم أن لا أحد يسألني عنه، منذ زمن بعيد تراهن القدر مع مصيري فكسب الرهان وعقب الى نصيبي فكتم أنفاسه أما ما تركه لي قسمة ضيزى لا حول لي فيها أو قوة، شئت أم أبيت هي واقعة عليَّ ولم يكن لي الأختيار في وقوعِ عليها... لذا أرجوك إبتعد عني فرائحتك تكاد تخنقني....
لأول مرة أسمع ضحكة من وجه لا معالم له... سرت قشعريرة باردة وأصابع تمتد كالثلج تمسك بي وصوت يقول هيا تعال معي فعالمك الذي تراهن عليه القدر قد أوصاني بأن أحملك الى عالم السلام عالم ذلك الوادي حيث لا دموع تذرفها وبكاء تسمعه... علمت لحظتها أني ذاهب الى غير عودة، لم استغرب!! فكنت اتوقع ذلك، الذي أستغربته أنه أمر جلدي أن يفارقني يجلس على نفس المسطبة لينتظر غيري فالمشهد لا يخلو من عذاب محب او فراق صاحب، لأنه حزني أنا.



#عبد_الجبار_الحمدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنفاس خطيئتي / قصة قصيرة
- مقالة بعنوان/ من منا بلا إرهاب
- عفوا سيدتي / قصة قصيرة
- العدالة العمياء/ قصة قصيرة
- ذاكرة رصيف / قصة قصيرة
- منصة لسان / قصة قصيرة
- الحافي / قصة قصيرة
- قصة قصيرة/ النقطة المظلمة في النفق المضيء
- المآمرة الكونية و سويوكلوجية الشخصية الرئيسة في الرواية العر ...
- أبيض و أسود / قصة قصيرة
- اهزوجة الوحدة / قصة قصيرة
- أجساد من رماد قصة قصيرة
- أطراف أذيال فستانِ/ قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان/ طائر الطرنجان
- شارع فارغة / قصة قصيرة
- دراسة نقدية لرواية العوالم السبع
- المكوك/ قصة قصيرة
- أزرار ياقة قميصي / قصة قصيرة
- محيط النار / قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان /مرايا الوهم


المزيد.....




- الأمير مولاي رشيد: مهرجان الفيلم بمراكش منصة للحوار وإبراز ا ...
- كهوف الحرب وذاكرة الظلمات اليابانية الغارقة -تحت الأرض- في ق ...
- وفاة الممثلة الجزائرية بيونة عن 73 عاما
- إيران تحظر دخول غابات مدرجة على قائمة التراث العالمي بعد أن ...
- اكتشافات بجنوب شرق تركيا تشرح حياة البشر في العصر الحجري الح ...
- عمليات جراحية على نغمات الموسيقى: اكتشاف علمي يغير قواعد الت ...
- متاحف قطر تحصد جوائز مرموقة في النسخة الثالثة من جوائز قطر ل ...
- الألكسو تكرم ستيفاني دوجول عن ترجمة -حكاية جدار- وتختار -كتا ...
- تشييع الممثلة الراحلة -بيونة- إلى مثواها الأخير في مقبرة الع ...
- نساء غانا المنفيات إلى -مخيمات الساحرات-


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الجبار الحمدي - حزني أنا / قصة قصيرة