أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماء محمد مصطفى - مساج العقل:عن مرتبة الألم والفرح في الأثر














المزيد.....

مساج العقل:عن مرتبة الألم والفرح في الأثر


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 22:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(نحو الشفاء بالكلمات، والعلاج بالشعور والتفكير الإيجابيين)

أغلبُنا يرى الفرحَ أقلَّ مرتبةً من الألم في الأثر...
الألمُ نزفٌ غيرُ مرئيٍّ ينضَحُ به وجودُنا وسطورُنا، وهو ما يقفُ وراء الكلماتِ والخطوات، مع فارقٍ بين مَن يكتب ويخطو حاملاً قنديلَ الأمل، ومَن يُطفئ نورَه.
لولا الوجع لبقيت الأوراقُ فارغةً باردةً. إنه يجيدُ الغوصَ حتى يختبئ في العمق، وينامَ في حضنِ الصمتِ الحكيمِ الخلّاق، تاركاً السطحَ للبهجة.
*****
العذابُ هو الإنسانُ والحياة؛ لولاه ما عرفنا قيمةَ المسرّة، وما كتبنا، فهو موقدُ شعلةِ الإبداعِ أكثرَ من البهجة بأشواطٍ.
أمام الأسى تبدو المسرّة كحبة دواء نتناولها لتُسكِّن صداعَنا فقط، لكنها لا تعالجهُ تماماً، تمنحُنا شعوراً مؤقتاً بالراحةِ والهدوءِ والسكينة، مفعول المسكنات لا يستمرُّ طويلاً. فيروسُ المرارة لم يُكتشف له علاجٌ شافٍ كلياً.
لكن ذاكراتنا وإن كانت مُتخمةً وجعاً، إلّا أنّ نظرة بعضنا للآتي تتساوقُ مع سرورٍ نسعى إلى أن يولد من عمق الألم، لعلَّ ذاكرةً له تتشكلُ بعد حينٍ، وإن كانت صغيرةً، تمتزجُ مع ذكرياتٍ جميلة قديمة تبتسمُ خجلى في كهوفها النائية وسط نُواحِ الحزنِ الصامتِ.
*****
نعم، صمتُ الألم يفوقُ صداه ضجّةَ الفرح، لكنّ من بئره يمكن أن نستخرجَ دلو السعادة.
فإن كانت قلوبنا وعقولنا تحتاجُ إلى ضرباتِ خيبةٍ ومكابداتٍ لتنضجَ وتقوى، فإنها تحتاجُ إلى جرعاتِ ندية من مسرّات لتستمر.
*****
من الفرح العابر سريعاً قد لا ندركُ أننا تعلّمنا، كأنَّ نصيبه من امتنانِنا نصيبُ مَن يؤدّي دورَ كومبارس، لا يحظى بما يحوزه الهمّ في دوره الرئيسِ من تصفيقِ الجماهيرِ. فإن كان أثرُ العذاب جرحاً غائراً بسكينٍ حادٍّ، فإنّه يترسّخُ فينا لأننا نتوقُ إلى السرور، ولأنّ هذا الأخير حين مرّ بنا ضجَّ في دواخلِنا بصفيرِ قطاراتِه في محطاتِ مشاعرِنا، كأنه نداء عيد.
وعليه، ينبغي لنا ألّا نبخسَ قيمةَ البهجة في الأثر. إنها الضوءُ الذي نريدُ وراء ظلمةِ الأسى. إنها القطارُ الذي مرَّ بنا، ودغدغ طفولةَ أحلامنا، ونشاءُ عودته بعد مغيبٍ خدَّشَ براءة الشعور.
*****
إذا تخيلنا الأفراح العابرة غذاءً، فإنها أقربً إلى أن تكون فُتاتاً على مائدة الحزن الراسخ، وإذا تخيلناها ضوءًا، فإنها أقرب إلى أن تكون شموعاً قصيرة الأمد في شمعدان الألم العميق، ولكن لنتخيل المصير الحالك لقلوبنا الغارقة في جوع وعتمة بعد كل صدمة عاصفة وتجربة مريرة، إذا لم تتناثر تلك الفتات، لتسد كفاف الروح، أو لم تتقد تلك الشموع بين انطفاءات الأعماق المتكررة
على مدى عمرٍ متخمٍ بالمرارة.
*****
لولا البهجة وذكرياتها الممتدّةُ فينا، لما كان للوجع هذا الأثرُ العميقُ. فلنُصفِّقْ للفرح العظيم إذن، فهو وراءَ كلِّ عذابٍ عظيمٍ.
وإذا كان للعذاب عمقٌ، فللسرور معنى يتضح جلياً حين يطوي الأمس أوقاته، ليكون سطحاً نلوذ إليه، نسحب خيالاته في محاولة لنعيشه بقوتنا الداخلية، كي نتمكن من جعل الألم مرناً.
كلُّنا، بطريقةٍ ما، نود أن نقايض الوجع لنشتري لحظةَ غبطة يقف عندها الزمن، أو أن نتمكن من خلق التعايش المتوازن بين العذاب والسعادة، حتى وإن تحايلنا على أوجاعنا، كي نمنح أنفسنا ذريعة للبقاء.
فهل حقاً يرى أغلبُنا الفرحَ أقلَّ مرتبةً من الألم في الأثر؟!



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المشغل التفاعلي لحملة المحبة والسلام... الكتابة جسر للشعو ...
- مساج العقل / (11)
- حرية الصحافة بين التدجين والفوضى
- مشرقون: عن المؤرخ والكاتب الموسوعي الأستاذ الدكتور إبراهيم ا ...
- سؤال البالونات البيض
- قراءة تحليلية بالذكاء الاصطناعي لمجموعة برهان المفتي القصصية ...
- مخالب الوردة !!
- (مساج) العقل/ (10)
- (مساج) العقل / (9)
- رسالة حب كونية
- دليل التغذية لمرضى السرطان
- شجرة القلوب السماوية / قصة قصيرة
- ورد السماء / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / الأخرى
- ألاّ أنتِ ، ولدتِ من قلبي
- رشات من ماء ورد قلبي على ذكراك
- الى أن أذهب اليكِ
- ماذا يعني أن تكوني صحافية ناجحة ؟
- تبادل أدوار
- كراسة تشرين / (1)


المزيد.....




- كيف يتوسع المستوطنون في الضفة الغربية؟ مراسل CNN يشرح
- لارتكابهم -أعمال عنف- في الضفة الغربية.. سنغافورة تفرض عقوبا ...
- إيران تتهم الغرب بـ-التصعيد-.. عراقجي: اتفاق القاهرة انتهى ب ...
- -الأولوية لغزة أم للدفاع الأوروبي؟-.. نائب بولندي يحذر من ت ...
- سقوط -بارون الحشيش- نوح زعيتر في لبنان
- هل تسلمت الجزائر مقاتلتين من طراز -سو-57- الروسية؟
- -أصعب شيء هو العيش في انتظار الموت- ـ معاناة عائلة فلسطينية ...
- تحسن الوضع الإنساني.. قصف إسرائيلي متواصل وسقوط قتلى في غزة ...
- ما موقف كييف والشارع الأوكراني من الخطة الأمريكية لإنهاء الح ...
- خطة أمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.. بنود متناقضة وغامضة؟ ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسماء محمد مصطفى - مساج العقل:عن مرتبة الألم والفرح في الأثر