أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - سؤال البالونات البيض














المزيد.....

سؤال البالونات البيض


اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)


الحوار المتمدن-العدد: 8152 - 2024 / 11 / 5 - 16:18
المحور: الادب والفن
    


كنتُ طفلة أمسك ببالونة بيضاء، وألعب بها عند عتبة البيت، حين سمعتُ جارتنا الشابة أفراح تقول للأخرى، واسمها وجدان.. لقد بدأت الحرب..
لم أفهم حينذاك ماذا تعني بالحرب!!! لم أنتبه إلى انفلات البالونة من قبضتي، لتصعد وتترنح بين دخان الطائرات.
*****
عندما كنتُ أتحدث مع جارتي وجدان عن بدء الحرب، كانت الطفلة ذكرى، ابنة جارتنا الأخرى واقفة عند باب بيتها، ممسكة ببالونة، وقد بدت مستغربة من حديثي مع وجدان، وجدتها تنظر إليّ متسائلة عما أقول. شعرتُ بأنه من غير اللائق أن أخدش براءتها بحديث عن حقيقة الحرب، فقلت لها:
ـ إنها لعبة الكبار. ستفهمين حين تكبرين.
أشرت عليها أن تكتفي باللعب مع البالونات، ودخلتُ إلى بيتي، وأنا أقول في نفسي:
ـ أتمنى ألا تنخدشي بألعاب الكبار القاتلة، يا ذكرى.
*****
بعد أن دخلت جارتي أفراح إلى بيتها، قالت الطفلة ذكرى لي:
ـ لم يعجبني رد أفراح.. لن انتظر حتى أكبر وأفهم.. أخبريني أنت.. ما معنى حرب؟
قلت:
ـ الحرب تخص الكبار. عيشي طفولتك، وتمني أن تبقي صغيرة.
تركتها، وسمعتها وأنا أدخل بيتي تقول.. لا أريد أن أبقى صغيرة.
بينما تمنيتُ لنفسي لو بقيتُ صغيرة، حتى لا أتعرف على قبح هذا العالم.
*****
شعرتُ بالامتعاض، لأنهما تركتاني من غير أن أفهم، ولكن لا بأس، سأسأل أمي أو أبي، وما كانا ليبخلا عليّ بالجواب.
أمي.. أبي..
ما أن هممتُ بالدخول إلى البيت حتى طرت.. قبل أن أسألكما! لم يتسنَ لي أن أعبر العتبة إليكما. كانت ثمة طائرات في السماء، لها أفواه وأسنان حادة كأنها أسماك قرش، ولكن طائرة. وأنا معها أطير.. وأطير.. وسط حلقات لا نهائية من الدخان.. أطرتُ بعيدًا جدًا عنكما؟ أم طرتما معي؟ أين أنتما؟
*****
اليوم، بعد مرور سنين طوال على فراقي بيتنا الذي لم يعد له أثر، أحلّق فوق المكان الذي تغير تمامًا، وابتلعَت الأنقاض ذكرياته وأناسه، أمي وأبي، وجيراننا. الآن أدركُ، أنني مُت في أول أيام الحرب بتلك القاذفة التي وجهتها احدى الطائرات إلى حينا السكني، كنتُ أعبر العتبة إلى أمي وأبي، فوجدتُ نفسي أحدق في السماء، تقصيًا لأثر البالونة بين كم هائل من البالونات البيض الهاربة على مرمى سرب طويل من الطائرات المسخمة.
*****
هكذا أخذت الحرب على عاتقها مهمة الرد على سؤال صديقتي الصغيرة ذكرى، وجعلتها تفهم معنى أن تفلت منها بالونة طفولتها في غمضة عين، وهي تتفرقع، وتتلاشى.
كم يكون عمرها اليوم لو لم نتفرقع معًا، نحن البالونتان البيضاوان اللتان وخزتهما أبر الكبار العبثية.



#اسماء_محمد_مصطفى (هاشتاغ)       Asmaa_M_Mustafa#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة تحليلية بالذكاء الاصطناعي لمجموعة برهان المفتي القصصية ...
- مخالب الوردة !!
- (مساج) العقل/ (10)
- (مساج) العقل / (9)
- رسالة حب كونية
- دليل التغذية لمرضى السرطان
- شجرة القلوب السماوية / قصة قصيرة
- ورد السماء / قصة قصيرة
- قصة قصيرة / الأخرى
- ألاّ أنتِ ، ولدتِ من قلبي
- رشات من ماء ورد قلبي على ذكراك
- الى أن أذهب اليكِ
- ماذا يعني أن تكوني صحافية ناجحة ؟
- تبادل أدوار
- كراسة تشرين / (1)
- دور الإعلام في ترسيخ القيم والذوق العام
- العالم يقف على قدم واحدة أمام كورونا المتمدد
- أمثال من وحي ساحات التحرير
- (كذلك) .. قصص عن حياةٍ كالموت ، بل إنها .. كذلك !
- التفاعل مع الحقيقة المُرّة على أنها حلوة


المزيد.....




- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اسماء محمد مصطفى - سؤال البالونات البيض