أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - هكذا ردت امرأة على نيتشه














المزيد.....

هكذا ردت امرأة على نيتشه


مريم الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 8523 - 2025 / 11 / 11 - 20:54
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


من أي كوكب نجوم سقط كلانا حتى التقينا على هذه الأرض؟

نيتشه ، الشاعر العاشق و الفيلسوف

على هامش إرادة القوة و هكذا تكلم زرادشت

لم يكن نيتشه فيلسوفاً فقط بل كان شاعراً أيضاً، و كحال نصوصه الفلسفية التي حملت تواقيع مطرقة تعبيراته الهادمة لما قبلها بصراحتها الجريئة و الصادمة و المظهرة لنزعة التمرد المتجردة من أي خوف أو ضعف، كذلك أتت أغلب شذراته الشعرية تضج بثورة الإنسان المتمرد التائق إلى حريته و إلى إمكاناتها المطلقة، تلك الملجومة بقيد الموروثات الغيبية و راكد الأفكار.

غير أن بعض هذه الشذرات الشعرية أظهرت جانباً آخراً من نيتشه كان مخبوءاً على ما يبدو في أعماق وجدان الشاعر الذي ظلمته إرادة الفيلسوف. فتلك الشذرات الوجدانية المتفلتة، في بعضها و فيما بين سطورها، من عقال طغيان التفكر الفلسفي، أظهرت نيتشه الإنسان المتألم و الحزين، نيتشه اليائس الطامح للأمل و الطامع بالفرح، و أيضاً، ثم ايضاً، نيتشه الرجل التائق إلى ضعفه أمام الحب!!! و حين نقول ضعف الرجل أمام الحب, فما ذاك إلا المجاز و نقصد به ضعفه أمام المرأة.. أمام محبوبته.. فما أجمل أن تضعف القوة الصلبة و الشجاعة أمام قوة أخرى أرق منها و أضعف منها و ألين منها تكملها و تقويها.

أوليست هذه سنة الحياة؟ كما قال يوماً هيراقليطس الفيلسوف اليوناني، أستاذ نيتشه الأول و ملهمه، أن سنة الحياة هي التغيّر و التبدل و التحول؟ و ما قيمة التبدل و التحول إن لم تقبله إرادتنا طوعاً و بقناعة منها؟ إن لم نتقبله و من ثم انكرناه خشية خوفنا من مواجهة الكامن فينا؟ خوفنا مما رفضناه و قلنا أنه ليس نحن؟ أي ظلالنا كما أسماها كارل غوستاف يونج؟ و من بين هذه الظلال, ظل ضعفنا. و هل نحن سوى ثنائية ضعفنا و قوتنا؟ هل نحن سوى هذه الدورة المتجددة فينا؟ هذا التوالد المستمر فينا بين جميع ثنائيات أضدادنا؟

من منا وُلد قوياً؟ أولم نولد جميعنا ضعفاء و ظللنا على ضعفنا حتى شبت فينا قوتنا؟ من منا لم يمر بلحظة ضعف اسقطته و من ثم نهض منها أقوى مما كان عليه قبلها؟ أوليست هذه سنة التدرب و التعلم؟ أن نخفق مرة و أن نخطئ مرة ثم نعيد الكَرة للنجح بعدها؟ و ما بين الإخفاق و النجاح من كان رفيق رحلتنا؟ أي شعور من مشاعرنا الكثيرة و المتضادة أطل برأسه قبل أي شعور آخر؟ ألم يكن الشعور بالعجز و أصحابه الحزن و الألم و الضعف؟ ألم تكن المعاناة هي رحم العزيمة و الإصرار و حين نضجا فيها انجبتهما المعاناة "قوة" تصرخ في وجه الحياة "أنا ما زالت هنا .. و ما كان الأمس إلا كبوة اقعدتني لكنها لم تقتلني" ؟

هذه سنة الحياة ، دورات متجددة من الأضداد المتقابلة تتفاعل و تتبادل الحضور و التصدر فيما بينها في مواقيت تحددها إرادة الكامل الأوحد. و من بين هذه الدورات تبادل لحظات القوة و الضعف بين ربانَي سفينة هذه الحياة، أي الرجل و المرأة، المتشاركَين في رحلةٍ, برها الأخير لحظة اكتمالهما كقوة واحدة، قوة نصفها الأنثوي يساند نصفها الذكوري و نصفها الذكوري يدعم نصفها الأنثوي. فهل هناك أجمل من أن يأتمن الرجل قوته لحظة ضعفها عند من يُكملها؟ عند من يحتويها و يوازنها و يعيدها إليه اقوى؟ عند من يُلهمه و يروي شغفه و يدفع بإبداعه نحو التطور والتقدم؟ عند مَن لا يمكن أن يكتمل من دونها و مَن لا يمكن أن تكتمل من دونه؟

لكن على ما يبدو عند فيلسوفنا القوي و المستبد صاحب إرادة القوة لم يكن يحق للشاعر ما كان يحق للفيلسوف، فلجم بَوح وجدان نفسه، و قال الفيلسوف ما لم يقله الشاعر، و إن أتى بوح الشاعر ربما عن غير وعي منه, و خجولاً يتعثر بين سطور. و هنا أخطأ نيتشه, حين اخرس ضعف الشاعر فيه وخالف كلية فلسفة أستاذه الطبيعي هيراقليطس، حين لم يأخذ منها, أي فلسفة التغير, الا بعدها المادي فقط و أهمل منها بعدها الروحي، البعد الذي فيه يكمن جوهر و سر القوة .. إذ أن القوة لا تكون قوة إلا باكتمال نصفَيها.. وبالتالي, فإن الرجل لن يكون رجلاً إلا إذا احترمت قوته قوة المرأة و آمن بها و ائتمنها على لحظات ضعفه.. لأنه من دونها ما له قوة.. و ما له حيل..
هكذا قلت أنا المرأة, و هكذا أرى قوة الرجل.. جزء من قوتي التي هي جزء من قوته, و تعشق قوتين في قوة واحدة, فلا أدري... لربما للرجل رأي آخر.



#مريم_الحسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب من المهد إلى اللحد : لماذا الحب؟
- الحب من المهد إلى اللحد : الحب الإلهي
- الحب من المهد إلى اللحد : الحب الجنسي
- الحب من المهد إلى اللحد : نشأته و أنواعه
- معضلة السعادة
- مش خايف .. عن حلم أطفال فلسطين
- المتصوف الذي ألزم العبارة حدودها وسما في رحاب بلاغة الإشارة
- طوبى للغرباء
- هل الوجود و العدم ضدان ؟
- لا طعم لا نكهة ولا لون
- ترميم الروح
- الجوع
- قالت شهرزاد (2)
- قالت شهرزاد ...
- الأمير المتأمل في روحه لناصر خمير: فيلمٌ إيماني صوفي ناطقٌ ب ...
- عن ثقافة الإنترنت و علاقتها بالإحتجاجات و الثورات: الربيع ال ...
- عن الاستشراق و إدوارد سعيد و خطاب النقد التقويضي
- سؤال الزمان
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثالث
- الشاهد اللغوي الحيّ على جمال كلام العرب - الجزء الثاني


المزيد.....




- حصريا لـCNN: بريطانيا تعلق التعاون الاستخباراتي مع أمريكا بش ...
- مستوطنون إسرائيليون يشعلون حريقا في بلدة بالضفة الغربية مع ت ...
- الحزب الشعبي الإسباني يعقد أول اجتماع له في مليلية ويقول إنه ...
- إسبانيا: مطالب بمساءلة الحكومة حول -مركزي احتجاز مهاجرين- في ...
- دراسة مموّلة من ألمانيا: الجيش الموريتاني -شديد التسييس- ودو ...
- الشرع في واشنطن.. الغولف بعد السلة؟
- الجيش الإسرائيلي يعتقل مستوطنين بعد هجمات واسعة على قرى فلسط ...
- رئيس كولومبيا: أمرت أجهزة استخبارات إنفاذ القانون بتعليق جمي ...
- حقوقيو تونس يطلقون -صرخة فزع- بعد تعليق نشاط 17 منظمة
- إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل


المزيد.....

- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مريم الحسن - هكذا ردت امرأة على نيتشه