أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوجمعة الدنداني - ارتداد / قصة















المزيد.....

ارتداد / قصة


بوجمعة الدنداني

الحوار المتمدن-العدد: 8522 - 2025 / 11 / 10 - 18:42
المحور: الادب والفن
    


ارتداد
قصة

كانت اول صدمة لي، كنت اراجع درس اللغة عندما سمعت الباب يفتح ويدخل نبيل، سمعته ينادي نادية عندنا زوّار. انا أستاذة عربية وهو أستاذ رياضيات، عرفته في الجامعة التونسية سبقني بسنتين كنت سنة أولى عربية وكان في السنة الثالثة رياضيات. جمعتنا النقاشات في الساحة العامة وفي المظاهرات وفي الإضرابات، كنا نقضي الليالي في التخطيط لإنجاح اضراب او اعتصام، نعدّ اللافتات والشعارات ونعيّن المكلفين بالنظام وبدعوة الطلبة المترددين من اقسامهم.
كنت قد وضعت الكتاب والكرّاس وفتحت الكومبيوتر. قلت ضيف من يكون في هذا الوقت. قال لم يصل بعد ربما ساعة أخرى.
بدأت اتوتر هو يعرف انني لا احب الزيارة المفاجأة لابد ان أكون على علم مسبق واستعد لذلك نفسيا خاصة دروسي كثيرة واقسام عديدة تحت مسؤوليتي من السنة الأولى الى الباكالوريا ماذا افعل انا الان .
سألته من يكون؟ قال بحماس لم اعهده فيه: سيدي الشيخ.
أغلقت الكومبيوتر وبقيت ابحلق فيه هل هو مدرك لما قاله: سيدي الشيخ.
وقفت وقد بدا علي الغضب من هو؟ قال شيخ الحي امام الجامع اقترح ان يزورني فلم أستطع ان امانع ثم هو رجل لطيف دمث الاخلاق على دين وعلى خلق.
جلست، بقيت للحظات أحاول ان استوعب ما قاله وبعد تفكير قلت لا بأس زيارة ككل الزيارات ثم نحن لسنا ضد الاختلاف، نهضت وقلت طيب ساعد قهوة وبعض الحلويات، ابتسم ولاحت عليه علامات الرضا، تبعني الى المطبخ وهو يبرر فعلته انت تعرفين مواقفي وارائي ولكن المجاملة ليست ممنوعة قلت لا بأس.
اعددت القهوة وبعض الحلويات، وضعتها على الطاولة، رنّ الجرس، ارتبك ذهب الى الباب ثم عاد وظلّ للحظات وهو لا يعرف ماذا يفعل قلت له افتح الباب لا تترك الرجل ينتظر.
عاد حاسما امره وفي همس لو تضعين خمارا على راسك وترتدين ما يستر صدرك وكتفيك احتراما للرجل. الحشمة من طبعنا واخلاقنا.
كدت اصرخ يعني انت بعد كل هذه السنوات تعتقد انني عورة وفتنة وجسد يجب ان يغطى وان كل الكلام الذي كنت تردده في الاجتماعات وفي نقابة الأساتذة التي انت عضو بها وتكرار أحاديث محمد الطالبي ومحمد شحرور والقمني وعبد المجيد الشرفي ويوسف الصديق كانت فقط للتظاهر ولم تكن قناعات فكرية. قشرة خارجية ام ماذا؟
قال ليس الان ولكن قناعاتي لن تتغير، انها مجاملة فقط.
قلت اسمع لنحسم الامر ولا نترك الرجل في الانتظار انا لن احضر الاستقبال سأنزوي في بيتي وكما تقول احتراما لضيفك قال لا بأس.
وصلني صوته قويا ملعلعا وسط جماهير طلابية هادرة في اليوم العالمي ضد الامبريالية الأفكار كالأطيار تحلق في السماء لا تحدها حدود ولا اسلاك ولا موانع تحلق في الفضاء الوسيع دون خيط يشدها الى الأرض ودون صياد يطاردها من سماء الى سماء ذلك هو الانسان الذي نريده.
دخلت غرفة النوم وأغلقت الباب، وقبل ان يذهب لفتح الباب القى نظرة على قاعة الجلوس جمع قوارير الخمر والبيرة والويسكي اخفى صور مرسيل خليفة والشيخ امام، علق السجادة التي كانت تستعملها امه عندما تزورنا في صدر القاعة. صارت القاعة صلعاء.
اخذ الكلب واخفاه في حديقة البيت. دخل علي وهو مضطرب كمن يخفي تهمة، قال خاطبي ابنتك قولي لها ان تتأخر قليلا في العودة أخشى ان تجادله وتتهجم عليه انه ضيف انت تدركين ذلك.
عجعج البخور امام باب المنزل الخارجي كان الزائر مصحوبا برجلين يحملان مبخرة، كدت اختنق، سمعته يقول باسم الله ندخل بالرجل اليمنى سي نبيل في اليمنى بركة، وفي اليسرى شرك وغضب الملائكة، وعند العتبة نقف قليلا لنقرا دعاء البيت ونطلب لأهل البيت الرحمة والغفران من الذنوب والمعصية.
دخلوا وكان زوجي يتبعه كالبهلول ويردد نعم سيد الشيخ، شعرت بالدم يصعد الى راسي وبالغضب يتملكني، في بيتي مملكتي يتم الاعتداء علي وانا مختفية كأنني سارق او لص هارب، تململت وقفت جلست تمكنت مني حمّى، غمرني عرق بارد، كان لابد ان انتقم لنفسي لرجولتي ان افزع وقد انتهكت كل حرماتي وخصوصياتي.
جلسوا وزوجي يدور بالضيف ويقدم له القهوة والحلويات والضيف يردد شكرا هذه ضيافات الأجانب نحن أبناء الدار، لابد ان تغيّر من عادات النصارى التي تمكنت منكم انت رجل دين وعلى خلق لا ينقصك الا ان تلتزم بسيرة النبي، النبي كان يأكل التمر واللبن انفع وأفضل، جرى زوجي الى المطبخ بحثا عن التمر واللبن.
بقيت مترددة هل اخرج ام اكسر الشر ونؤجل المحاورة الى ما بعد رحيل الضيف، سمعت صوت ابنتي وهي تدخل وتنادي ماما، هب نبيل ودون ان يجيبها دفع بها الى غرفة النوم واغلق الباب. وعاد الى ضيفه.
ابنتي طالبة بالجامعة التونسية قسم شريعة واصول الدّين، سنة ثالثة وناشطة باتحاد الطلبة خطيبة مفوهة متمكنة ولها قدرة على الاقناع تعلن انها مع الديمقراطية والحرية وضد الطائفية والإسلام السياسي ومع علمانية الدولة، هذه بالنسبة لها قناعات رضعتها مع الحليب وليست شكليات او زينة. هل يريدها والدها ان تتحول الى مستسلمة لريح الدولة حيثما هبت وقابلة لعادات المجتمع المتخلفة والمنحرفة.
استشعرت الخطر، والدها يدفعها دفعا دون تفسير، رأتني محشورة في الغرفة كالهاربة من المواجهة وضعت راسها بين يديها، انت هنا، حاولت ان أفسر وابرر لكنها رفضت وقالت امامك حل وحيد الخروج والمواجهة هذا الرجل اقتحم منزلنا ولم يكتف بالشارع بل هاجمنا في بيتنا واعتدى علينا بغيبياته وتخلفه وتسلطه الديني فلابد من ان نرد وبقوّة.
لم أجد ما أقول انا مقتنعة بما تقول ولكنني لا اريد ان أحرج نبيل قد تكون المسالة مجرد اخذ بالخاطر، لكن ابنتي أصرّت.
السقوط يبدا بأول تبرير للصمت وللتقهقر وللتكتيك.
خرجنا من الجحر كانت تتقدمني ببنطلونها الفضفاض وقميصها المشجر انتبه الضيوف الينا وقف نبيل كأنه يريد ان يرد عاصفة هوجاء رآها مندفعة دون ضابط قال هذه ابنتي وهذه زوجتي وقف الضيف محييا، مدت ابنتي يدها ادخل يده في جيب الجبة ومد يده وقال اعتذر انا على وضوء، سحبت يدها وقالت انت كاذب هل سلمت على ابي عندما دخلت الم تكن على وضوء؟ انت تتعمد إهانة المرأة اننا عورة ومن يعتبر المرأة عورة ولا يسلّم، عليه ان يخرج من بيتنا.
عمّ صمت ثقيل.
قالت تفضل نحن لا نقبل بتجار الدين، انا اعرف كيف تتصرفون في الجامعة، احرجت ابي بالدخول الى بيتنا وانا أعفيه من هذا الاحراج.
خرج الضيف مهزوما، ارتمى نبيل على الكنبة فاتحا يديه ورجليه نافخا بقوة.



#بوجمعة_الدنداني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انا لست لي مسرحية
- فوق سماء القاهرة
- مظلة
- حزب الله والعروبة وايران
- اعلان ضياع
- اقترب اكثر من القصيدة
- ورقة مقتطعة من كتاب إغاثة الامة بكشف الغمة للمقريزي قصة
- - المعلم -
- قصيدتان
- الم يكن ممكنا لو جئت قبل الان
- ميشال عفلق والعروبة والاسلام السياسي
- لعبة
- لن احتمل اكثر من سنة
- البرغي / قصة
- قتل القومية العربية
- الدولة المتدينة
- اللعين مسرحية
- الوجه والقفا: قراءة أخرى بعد خمس سنوات عجاف في حكم سعيد
- الشعب العربي بين الجدار العازل والتهجير القسري


المزيد.....




- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...
- التربية تعلن نتائج السادس الإعدادي بفرعيه العلمي والأدبي للد ...
- مارغريت آتوود تنقل قراءها لعالمها الداخلي في -كتاب الحيوات- ...
- مكتبة الملك عبدالعزيز تطلق فيلم الحج -على خطى ابن بطوطة-
- الجمال آخر ما تبقى من إنسانيتنا
- -ستيريا-: أول مهرجان ستاند أب كوميدي في سوريا!
- أبوالغيط يؤكد أهمية الثقافة كجسر للتواصل في العلاقات الدولية ...
- زلزال في -بي بي سي-: فيلم وثائقي عن ترامب يطيح بالمدير العام ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بوجمعة الدنداني - ارتداد / قصة