أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذجًا














المزيد.....

هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذجًا


منصور رفاعي اوغلو

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 22:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


منذ انهيار “دولة الخلافة” المزعومة عام 2019 بعد سقوط آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الباغوز، سادت موجة من التفاؤل في الأوساط الدولية حول نهاية التنظيم. غير أن الأحداث اللاحقة في سوريا والعراق أثبتت أن الهزيمة العسكرية لا تعني بالضرورة هزيمة الفكرة. فـ داعش لم تمت، بل تراجعت إلى الظل، لتعيش في التربة التي أنبتتها أصلًا: الفكر السلفي المتشدد.

الجذور الفكرية قبل المظاهر العسكرية

داعش لم تنشأ من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية لتراكم الخطاب السلفي الجهادي الذي ساد في المنطقة لعقود. هذا الفكر، القائم على تكفير المخالف وتقديس “الولاء والبراء”، واعتبار العالم منقسمًا إلى “دار إسلام ودار كفر”، لم يُولد مع داعش، بل سبقها وتغلغل في المدارس الدينية وبعض المنابر الدعوية منذ الثمانينيات.
ولذلك، حتى بعد القضاء على التنظيم ميدانيًا، بقيت الأرض الخصبة التي تُغذي فكرها قائمة، ما جعل “ما بعد داعش” أشبه بمرحلة كمونٍ لا انقراض.

سوريا… مختبر الفكرة بعد سقوط الدولة

في سوريا تحديدًا، تحوّلت البادية الممتدة بين دير الزور وتدمر إلى ملاذ آمن لخلايا التنظيم. فالتضاريس الوعرة، وضعف سيطرة الدولة، والانقسامات الطائفية والمناطقية، كلها عوامل سمحت للتنظيم بالاختباء وإعادة تنظيم صفوفه.
لكن الأخطر من ذلك أن الفكر السلفي الذي مثّل الإطار العقائدي لداعش لم يُمحَ من عقول آلاف الشبان. فما زالت في بعض مناطق الشمال السوري مدارس وجمعيات دينية تمارس الخطاب نفسه الذي يبرر العنف ويقدّس “الجهاد” بمعناه القتالي، وإن غيّرت أسماءها أو أعلنت براءتها من داعش.

الحكم الجديد في إدلب… نسخة أنيقة من داعش

رغم أن هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) حاولت تقديم نفسها للعالم كسلطة “معتدلة” وواقعية، فإن جوهر فكرها لم يتبدل كثيرًا عن فكر داعش.
فالجولاني، الذي كان أحد قيادات القاعدة في العراق قبل انشقاقه، أسس حكمًا ذا طابع ديني أمني صارم في شمال غرب سوريا، يخلط بين الفقه السلفي والبراغماتية السياسية.
يُقدّم نفسه اليوم كقائد يسعى إلى “إدارة مدنية”، لكنّ البنية الأيديولوجية لسلطته — من تحكيم الشريعة على الطريقة السلفية، ورفض الحريات السياسية والدينية، وتكميم الأصوات المعارضة — تجعل حكمه أشبه بـ نسخة مخفّفة من داعش، تعتمد “اللباقة السياسية” بدل السكاكين، وتستخدم “الشرعية الثورية” بدل “الخلافة”.

الفرق بين الطرفين ليس في الفكر، بل في الأسلوب:

داعش رفعت راية الحرب على الجميع، والجولاني رفع راية “الإدارة”.

داعش أسست الخلافة بالقوة، والجولاني أقام سلطته بالتحالفات والتفاهمات.
لكن في العمق، لا يزال المشروع واحدًا: إقامة كيان ديني يختزل الإسلام في سلطة وحكم، لا في قيم وحرية وعدالة.

الإسلام السلفي... المظلّة التي لم تُنزع

حين نقول إن “داعش باقية ببقاء الإسلام السلفي”، فنحن لا نعني الإسلام كدين، بل النسخة المتشددة التي نزعت من الإسلام روحه الإنسانية وأبقته مجموعة من الأحكام القتالية.
وما دامت هذه النسخة تُعاد إنتاجها — سواء في شكل “دولة” كما كانت داعش، أو “إدارة مدنية” كما يقدّمها الجولاني — فالمشكلة مستمرة وإن تغيّر اللباس.

المجتمع الدولي والخلل في المعالجة

التحالف الدولي ركّز على الحل العسكري، فقتل قادة التنظيم ودمّر معاقله، لكنه لم يقدّم بديلًا فكريًا ولا مشروعًا اجتماعيًا واقتصاديًا للمناطق التي كانت تحت سيطرته.
اليوم، يعيش عشرات الآلاف من أطفال مقاتلي داعش في مخيم الهول ومراكز الاحتجاز، دون تعليم أو رعاية كافية، مما يجعلهم جيلًا محتملًا جديدًا للتطرف.
إن تجاهل البعد الأيديولوجي يجعل الحرب على داعش معركة بلا نهاية: كلما أُبيدت خلية، نبتت أخرى من رحم الفكر ذاته.

سوريا نموذجًا… والمنطقة مرآةً

سوريا تُظهر بوضوح أن “داعش” ليست سوى عرضٍ لمرضٍ أعمق: الإسلام السلفي المتشدد الذي ما زال يجد حاضنات اجتماعية ودينية تموّله بالشرعية.
ورغم تراجع التنظيمات المسلحة، إلا أن خطابها ما زال حاضرًا في الفضاء الرقمي، وفي بعض القنوات والمناهج، مما يعني أن معركة “ما بعد داعش” لم تبدأ فعليًا بعد.


يمكن القول إن داعش تراجعت كتنظيم لكنها ما زالت حية كفكرة.
وما دام الإسلام السلفي يُقدَّم بوصفه الإسلام “الوحيد الصحيح”، ستظل المنطقة تعيد إنتاج نفس الكوارث بأسماء مختلفة:
داعش، النصرة، تحرير الشام… كلها وجوه متعددة لجوهر واحد، يتبدل فيه الشكل ويبقى المضمون:
إسلام منزوع الرحمة، وسلطة تُقدّس نفسها باسم الله.



#منصور_رفاعي_اوغلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد نجاح تجربة أربيل: هل حان الوقت لدولة كردية جديدة في المن ...
- بين الاحتلالين الإسرائيلي والتركي: لماذا يغضّ المسلمون الطرف ...
- كمال اتاتورك اراده الاتراك يسوعا فحصلوا على هولاكو
- هل شوّه المسلمون الإسلام أم أنه وُلِد مشوّهًا؟
- نحو تحالف استراتيجي كردي عربي في وجه المد التركي


المزيد.....




- السودان.. كيف أخرج الإخوان الجيش عن -المسار الوطني-؟
- رئيس الوزراء العراقي: المسيحيون مكون أصيل وشريك في ترسيخ الت ...
- قوات الاحتلال تهدم منزل أسير غرب سلفيت وتهجّر ثلاث عائلات في ...
- فوز ممداني بثلث أصوات اليهود يكشف أزمة اللوبي الصهيوني
- قوات الاحتلال تهدم منزلا في بلدة بروقين غرب سلفيت
- الغارديان : راكيفت.. سجن إسرائيلي تحت الأرض يٌحتجز فيه أسرى ...
- 833 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- إنترسبت: هكذا تسهم القومية المسيحية في صياغة سياسة ترامب الخ ...
- 833 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- الجامعة الإسلامية في غزة.. من قاعات الدراسة إلى مخيمات النزو ...


المزيد.....

- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منصور رفاعي اوغلو - هل انتهت داعش أم أنها باقية ببقاء الإسلام السلفي؟ سوريا نموذجًا