أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لجنة المتابعة العليا، شرعية قيد الامتحان















المزيد.....

لجنة المتابعة العليا، شرعية قيد الامتحان


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 02:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من المقرر أن تنتخب هيئات "لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية" في اسرائيل رئيسها الجديد، بعد أن انتهت ولاية رئيسها الحالي، محمد بركة.

لقد أقيمت هذه اللجنة في مطلع ثمانينات القرن الماضي لتكون عنوانا سياسيا واجتماعيا جامعًا للمواطنين العرب وإطارا مكَلّفًا بالدفاع عن مصالحهم وحمايتهم من جميع الأخطار والتحديات التي يعيشونها. في حينه، وضعت مجموعة القادة المؤسسين دستورا للتعريف بأهداف اللجنة ولتحديد المؤسسات والهيئات الحزبية والمدنية التي ستنضوي تحت سقفها؛ واتفقوا على آلية لتوزيع عدد الأعضاء التي سيحظى بها كل حزب أو حركة أو هيئة كانت ناشطة ولها حضور سياسي أو أهلي أو شعبي ملموس.

لقد جاء قرار تشكيل لجنة المتابعة بعد سنوات من اقامة "اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية"، التي شكلت محاولة لتوحيد صف قيادات القطاع المحلي البلدي وتمكينهم من تبادل وتنسيق مواقفهم وتجاربهم القيادية، وصياغة برامج نضالية ومدنية حقوقية موّحدة في مواجهة سياسة التمييز العنصري التي انتهجتها، وما زالت تنتهجها، حكومات اسرائيل بحق مواطنيها الفلسطينيين.

شكل نجاح القيادات العربية المحلية باقامة تينك الهيئتين علامة على استيعابهم لحجم المسؤولية الوطنية العامة، وعلى قناعتهم بضرورة العمل الوحدوي السليم، المدني والوطني، من أجل البقاء ومصالح المواطنين وسلامتهم. لقد كانوا قادرين على اجتراح الأدوات التنظيمية والوسائل الكفاحية الكفيلة بمواجهة سياسات الحكومات العنصرية، وقادرين على كسب ثقة المواطنين الذين أثبتوا على مدى سنوات من التفاعل نضوجًا واستعدادًا للاصطفاف وراء والى جانب مؤسساتهم الأصيلة والتفاعل مع قراراتها.

لم تدم حالة التوافق هذه طويلا ..

لست بصدد تعداد الأسباب التي أدخلت هذه المؤسسات القيادية إلى أزمتها الحرجة والمزمنة. قد تكون بداية الكسر والتجافي عندما تم فصل ارتباط الهيئتين برئيس واحد كما كان متبعا. فرئيس "لجنة الرؤساء" كان نفسه هو رئيس "لجنة المتابعة العليا" وهو اختيار تمّ من أجل تمتين وتقنين العلاقات بين المسائل والقضايا البلدية، المدنية/ المواطنية، التي تقع ضمن ولاية اللجنة القطرية للرؤساء، مع المسائل الوطنية السياسية العامة، التي تقع ولايتها ضمن أهداف لجنة المتابعة العليا.

منذ لحظة اعلان محمد بركة عن انتهاء فترة ولايته الثانية، تصاعدت حدة النقاشات حول مكانة لجنة المتابعة وحول دورها المرتجى والمأمول. يذهب معظم المحللين الى أن اللجنة خسرت كثيرا من رصيدها التاريخي ومن أسهمها التي استثمر فيها معظم المواطنين عن قناعة وايمان صادقين. ويعيد بعض المعقبين سبب هذه الاشكالية الى دستور اللجنة الذي وضع قبل أربعة عقود ولم تطرأ عليه أية تغييرات، خاصة فيما يتعلق بمسألة المحاصصة وتوزيع مقاعد العضوية في هيئات اللجنة؛ فبعض مركبات اللجنة التي حصلت على عدد من المندوبين لم يعد لها وجود حقيقي في الشارع، ورغم ذلك ما زال "ممثلوها" يحتفظون بمقاعدهم.

ليس صعبا على من يتابع تداعيات المشهد السياسي بين المواطنين العرب في اسرائيل أن يعدد جملة الأسباب التي أدّت إلى ضعف لجنة المتابع؛ فعدا اشكاليات دستورها، سنجد ما تستورده اللجنة من فتات للصراعات الدائرة بين مركباتها خارج أروقتها، سواء كانت داخل هيئات التنظيمات نفسها، أو بين تلك الأحزاب والحركات والمؤسسات مع بعضها.

لم تنجح قيادات اللجنة العليا في التجسير على تلك الخلافات ولا بمواجهتها؛ وبدلا عن ذلك لجأوا الى نهج "التوافقية النفعية" عامدين المحافظة على الوضع القائم بينهم ، "الستاتوس كوو"، والاحتفاظ بكراسيهم، داخلها، وبمواقفهم وعقائدهم الفئوية، خارجها. لقد أفضت هذه الممارسة الى تفريغ اللجنة من مضامينها الأصلية وأدت الى دخولها في حالة من عجز في الأداء والتأثير، والاكتفاء بنشر البيانات أو بالدعوات لبعض الأنشطة الهامشية التي لا تعني شيئا لأكثرية المواطنين، أو الى الدعوة لاضرابات عامة أو لمظاهرات لم تعد تجتذب الآلاف كما كانت، رغم أهميتها وضرورتها.

لقد نُحّيت معظم الخلافات الجوهرية التي واجهتها هيئات اللجنة العليا جانبا، بعيدا عن نقطة الحسم.

لن أعددها بطبيعة الحال، ولكن سأكتفي بالاشارة إلى اثنتين منها برزتا في نقاشات الأيام الأخيرة: الأولى، تمحورت حول حق النساء في الترشح لرئاسة اللجنة والتعليقات التي نشرت حول ذلك. فعلى الرغم من أن دستور اللجنة يسمح بانضمام المرأة لعضويتها أو حتى الترشح لرئاستها، الا أننا نعرف أن هذه المسألة واجهت تحفظات واعتراضات شديدة داخل اللجنة، لا سيما من قبل أعضاء الحركة الاسلامية الشمالية، وتركت في حينه مفتوحة، أو "رُحّل" الحسم فيها لهيئات مركبات اللجنة حتى بقي "الوضع القائم" على ما هو عليه، شحة بعدد النساء وشبه تحريم على تبوئهن المناصب داخل هيئات اللجنة. يعتبر الكثيرون أن مسألة اشراك النساء في أهم مؤسستين قيادتين بين المواطنين العرب هو مؤشر على عدم جدارة تينك المؤسستين لموقع القيادة، وانتقاص بأحقية كونهما "ممثلتين شرعيتين وحيدتين" لمصالح المواطنين العرب في اسرائيل، وهي مسألة حولها نقاش وفيها نظر.

فالقضية أن هذه المؤسسات تتصرف كمؤسسات اقصائية في بعض القضايا السياسية، وكمؤسسات "محافظة" في المسائل الاجتماعية والثقافية؛ لا بل نجدها تتبنى في بعض المحطات مواقف رجعية تحركها عقائد فئوية وقوانين مجتمع ذكوري قامع غير مهادن ولا يتنازل عن فوقية الرجال المطلقة. يؤكد المنتقدون لوضع لجنة المتابعة العليا أن "محافظتها" لا تنحصر في قضية القصور في الاعتراف والعمل على حماية حقوق المرأة في العمل السياسي وحسب، بل تمتد الى غيابها عن تبني مشاريع فنية هادفة لا سيما اذا تخللها الغناء، خاصة غناء النساء، مثلما جرى في بعض المناسبات الوطنية والاجتماعية، أو بموقف تلك المؤسسات من العروض الفنية الممسرحة خاصة اذا شاركت فيها النساء، أو العروض الكشفية وغيرها من الأنشطة التي نأت عن تبنيها تلك المؤسسات أو أهملتها ولم تدافع عن صنّاعها عندما واجهوا الاعتداءات عليهم أو ملاحقتهم ومنعت عروضهم في عدة مدن وقرى عربية.

والمسألة الثانية تتعلق بفشل لجنة المتابعة العليا بوضع رؤية متكاملة لوسائل نضال المواطنين الفلسطينيين المشروعة داخل اسرائيل، وبرنامج لبناء التحالفات الممكنة والضرورية لتعزيز قوة صمودهم وقدرتهم على مواجهة الخطر المحدق بوجودهم. لقد انعكس هذا الفشل داخل المجتمع العربي من خلال القطيعة بين الجماهير وبين لجنة المتابعة وانعكس كذلك بفشلها بايجاد حلفاء لنا داخل المجتمع اليهودي.

لن أستطرد في هذه المسألة؛ فعندما أنشئت لجنة المتابعة العليا كان الأمل والحلم أن تصبح هي "الممثل الشرعي والوحيد" الذي سيذود عن مصالح المواطنين العرب في اسرائيل، والمؤتمن على حمايتهم وبقائهم في الوطن. قد يعجب البعض لاستعمالي هذا الوصف الشبيه لوصف منظمة التحرير ساعة الاعلان عن قيامها وكونها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، لكنني تقصدت ذلك، فأدوار المؤسستين، رغم اختلاف احجامها ومآلاتها، كانت متشابهة؛ مغايرة لكنها متكافلة. وعن هذا في مقال آخر .

لقد تضافرت عدة عوامل وحوربت لجنة المتابعة من عدة جهات معادية بهدف زعزعة شرعيتها وقوتها؛ وعانت، في نفس الوقت من أخطاء مميتة وأمراض داخلية ووصل حالها الى حافة حلم يتبدد وأمل يجهض. لقد بقيت الحاجة "للجنة متابعة عليا" قائمة وأكثر الحاحا في ظروفنا الحالية فهل من الممكن إصلاحها أو اعادة بنائها ؟

يؤمن البعض بذلك؛ ويطالب آخرون بإجراءات ثورية لبناء ما هو جديد. أما أنا فأسأل: اذا كانت معظم هيئات الأجسام المشاركة في اللجنة معطوبة وبرامجها متكلسة منذ سنوات، وبعضها منتهية صلاحيته، أو اذا كانت اللجنة بالنسبة للبعض ليس أكثر من ملجأ آمن أو خيمة غفران "وتقيّة" في ظلها يحتمون، أو إذا لم تستطع اللجنة خلال عقود من الزمن، أن تعلن، متذرعة باسم الشراكة ووحدة الأضداد، موقفا موحدا من حقوق المرأة دون قيد أو شرط، والدفاع عن حرية الرأي والابداع والمساواة، والعمل مع قوى يهودية حليفة، فكيف، بعد كل هذا، يمكنها أن تتعافى وأن تعود الينا حلمًا وأملأ وأمنيات؟

مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة؛ إن شئنا.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون الاعدام الاسرائيلي تشريع صاغه الرصاص وسبقته قذائف الطا ...
- من قال إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت!
- مروان البرغوثي، وصفقات تجريح الأمل
- من انتصر في غزة، هذا سؤال الموتى والمقهورين!
- أين حراكات الشعوب العربية من أجل غزة ؟
- ملاحظات سريعة عن حرب اسرائيلية قطرية لن تحدث
- في التاسعة والستين حرّ كالريح
- لماذا لم ينجح العالم وقف الحرب على غزة ؟
- بنيامين نتنياهو ورؤيا اسرائيل الكبرى
- السابع من اكتوبر ، البداية والنهاية !
- المحكمة العليا الاسرائيلية-ضحية- الشر الذي صنعته
- في ذكرى رحيل نقولا زياده، عودة إلى -أيامه-
- أيمن عوده قائد مشتبك ليس بحاجة الى تلميع
- إقصاء أيمن عوده من الكنيست بداية لرحلة صيد طويلة
- توفيق زياد، نناديكَ
- بين مذبحة كنيسة -سيدة النجاة- ومذبحة كنيسة -مار الياس- المسي ...
- الحرب خدعة!متى ولماذا وكيف سقط محور المقاومة؟
- الانتخابات الاسرائيلية: إما جبهة ضد الفاشية والاحتلال وإما ق ...
- ماذا لو بقي فيصل الحسيني حيا ؟
- ماذ لو بقي فيصل الحسيني حيا؟


المزيد.....




- ترامب يعلن عن أول دولة تنضم إلى اتفاقيات إبراهيم في ولايته ا ...
- قطر تستثمر 29.7 مليار دولار في مشروع سياحي عملاق بالساحل الش ...
- ترامب يعلن انضمام كازاخستان إلى -الاتفاقيات الإبراهيمية-
- قيمتها 878 مليار دولار.. الموافقة على حزمة أجور ضخمة لماسك
- مسيّرات تعطّل الرحلات الجوية في مطارين أوربيين
- بعد رفض الجيش للهدنة.. ما مصير الحل التفاوضي في السودان؟
- بعد تصويت مساهمو-تسلا-.. ما الذي يمكن أن يشتريه إيلون ماسك ب ...
- كازاخستان تقرر الانضمام لاتفاقات أبراهام
- اعتداءات المستوطنين شرق الضفة تجبر 6 عائلات فلسطينية على الن ...
- بشبهة العلاقة بحماس.. ضبط أسلحة في النمسا وتوقيفات في لندن و ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - لجنة المتابعة العليا، شرعية قيد الامتحان