أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - المجتمعات البغلانية















المزيد.....

المجتمعات البغلانية


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 01:59
المحور: كتابات ساخرة
    


البغلانية طبعا من البغل، هذا الحيوان الذكي الذي ساعدنا في التطور والإنتاج، ذكرتني به أيام الطيش الطفولي زمن المراهقة، كنا نسمي الشاب منا الذ ييميل كثيرا إلى مصاحبة النساء ولا يستطيع أن يعبر لهن عن عاطفته الملحة كونه تنطبق عليه عقدة البغلنة، وطبعا لسنا نفسانيون لينتجوا نظرية وإن كانت إلى نحو ما مسألة أو أطروحة جنينية لظاهرة عاطفية تعرف بها البغال، معروف عن البغال أنها لا تلد بسبب من تكوينها الكروموزي المختلف بين الإناث والذكور، وعادة، عندنا في المغرب نربط الأمور بلعنة دينية، يقال (وقد تكون القصة شيعية، رغم اننا نقول بأننا شعب مالكي سني بسبب سيادة هذا المذهب في بلداننا إلا أنه في الحقيقة التاريخية كان للشيعة امتداد كبير في شمال إفريقيا ومنهم الأدارسة رغم التناقضات التي يمكن أن يثيرها الحديث عن هذا الامر)، يقال أن البغلة انتفضت في وجه فاطمة الزهراء ابنة الرسول فدعت عليها بالعقم بشكل إذا ولدت فذاك يعني نهاية العالم، وعليه اقتضى الأمر من سكاننا تعقيم البغال عند البلوغ تفاديا لأي احتمال وأي صدفة وعليه وسيرا على البحث العلمي عن مراهقينا الأمازيغ، من خلال شحنة فرويد التي تلقيناها في تعليمنا، كانت ملاحظة ميل البغال إلى الاستئناس بالفرس ("العودة" انثى الحصان في الدارجة المغربية أو تاجمارت بالأمازيغية) هو ميل أمومي أو ميل جنسي بسبب عشق مكبوت بالتعقيم: عندما تأتي من سفر بعيد على البغل وتطلق البغل ليستريح ويرعى في الحقل يذهب مباشرة حيث توجد أنثى الحصان وهكذا فسرنا ظاهرة الحب البغلاني التي كنا نطلقها على أي صديق يقترب عشقا لبنت ما ولا يستطيع أن يفصح عن حبه لها خوفا من أن تصدمه بالرفض فيكتفي بالاستئناس بها دون أن يتسبب في إبعادها عنه عند الفصح، قد تنتفض منه مثل بغلة فاطمة الزهراء وتكون القيامة، في تلك الأيام من المراهقة كنا شلة من المشاغبين وكانت مادة العربية تلقنها لنا سيدة جميلة جدا (الله إطول عمرها إذا كانت حية) وكنا نحن نعتقد أنها وصلت إلى الأستاذية بسبب جمالها، بجملة كنا نعتقد أنها غير كفأة ومرة سألتنا أن نأتي بفعل ثلاثي أو رباعي كمثل لما درسناه حول خصوصية هذه الأفعال فنطق أحدنا من المشاغبين الأمازيغ بفعل "غيَّل" أمازيغيا هو من كلمة أغيول وتعني الحمار فقبلت هي الفعل رغم موجة الضحك الذي أثاره ثم قفز رفيق من شلتنا (شلة البغلانية) ونطق فعل سردن الذي هو من البغل في الأمازيغية من كلمة أسردون فقبلت الفعل ربما لعلاقة الاسم بالسردين التي قد يعني فيها فعل سردن عملية تعليب سمك السردين، هي قبلت الفعل كفعل رباعي ولم ترفضه ونحن وهميا اكتشفنا بصدق أنها غير كفأة في العربية، تذكرت هذا الحيوان الذكي والبريء لأخلص إلى شيء لم يكن يخطر ببالي زمن البغلنة في المراهقة، هي أن هذا الحيوان له خاصية نادرة تجعله يتأقلم مع مع خاصية التعذيب في العمل من الإنسان: إنه بفطرة ما يعرف أن الإنسان رغم حجمه الصغير أقوى منه وهو لذلك يسايره في مبتغاه مرضاة لبقائه حيا يعيش فالإنسان رغم تعذيبه للبغل والدواب بشكل عام يحمي هذه الحيوانات من الحيوانات المفترسة ويحميه أحيانا حتى من العمل الشاق من خلال علفه بمواد تحمل بروتينات أكثر من الكلأ ويريحه أحيانا كثيرة إذا شعر الإنسان بأنه في حالة عياء عام ويداويه في حالة المرض لنصل إلى مرحلة عظمى كما شاهدت بأم عيني في بلباو بلاد الباسك حيث أصبح هذا الحيوان مكرما بشكل رائع: الناس هنا في الباسك تعرف أنه حيوان ساهم كثير في تقدم المدينة أيام عملية نقل الحديد قبل أن تثور الحياة بالماكينات العظيمة التي عوضته في العمل: في بلباو أصبح الحمار والبغل حيوان يحظى بتقدير كبير إلى درجة تخصيص منحة لهم مقابل تخفيف الأرض من الكلأ: الفلاح الذي يملك حمار أو بغل يتلقى مساعدة مالية للحفاظ على هذا الحيوان الجميل والرائع قصد أن يملأ الحقول ويأكل كلأها عكس مناطق أخرى التي يتميز فيها الحمير بالخصوص بعمل مودرن هو حمل القرود الشقراء من السواح في جولة سياحية كما في مدينة ميخاس الأندلسية، لقد أصبح للحمير في ميخاس عمل شريف أحسن بكثير من عمل بعض الكائنات البشرية في المغرب.
هل تتذكرون الأغنية المصرية أو العربية بشكل عام (أعتقد غنتها أم كلثوم لكن لست متأكدا بسبب طول المسافة الزمنية لي في المهجر): "غني لي شوي اشوي…. غني لي أو خذ عيني" الآن يستطيع حمار ميخاس أن يغنيها بتبديل بعض الكلمات التي لست مؤهلا أن أصنع مثلها تتناسب مع نموذج أخذ صورة بقرب حمار منتصب، هالة الانتصاب عند الحمير تثير كثيرا المجتمعات الأوربية التي تعيش ترفا جنسيا بورنوغرافيا، مجتمعات تحولت من عشق الأنثى وذكرى الفرسان في رواية دون كيخوتي إلى ترف جنسي مبالغ فيه في عشق الجنس لذاته، مجتمع تحول من إحلال الاستمناء إلى إحلال جنس الذكور فيما بينهم والإناث فيما بينهن، سأبدو هنا متخلفا حسب البعض، لكن هناك مبالغة حين يغض الطرف على عمليات اغتصاب لمثلين لغير المثليين حين يصبح المغتصب المثلي ضحية باسم القانون وهو أمر شائك من الصعب الخوض فيه بنزاهة. وهو خلل حصلت فيه جرائم قتل كحادثة قتل مواطن إسباني موظف ببلدية من طرف مهاجرين كما حصل أخيرا بإقليم ألميريا. لكن ليس هذا موضوعي الآن. لي موقف خاص في الموضوع، ليس لي موقف من الحريات الشخصية حين تكون بالتراضي، لكن أن تقع جرائم، معنى ذلك أن الأمور انفلتت بشكل مريب، في المغرب قرأت موضوعا مهما حول الأمر، لا أذكر اسم السوسيولوجي الألماني (بسبب ان المرجع في خزانتي بالمغرب الذي لم أزره منذ مدة طويلة) المرجع على ما أتذكر يقول: العلاقات الجنسية، أصلها هو استمرار النسل البشري الذي هو القاعدة العامة، والعامل الحاسم في الأمر هو عملية التلقيح: تلقيح البويضة الأنثوية بالسبيرم الذكوري، عدا هذا يعتبر ترفا جنسيا أو ترفا بغلانيا لو وضعنا مثلا البغل الذي نعقمه بالكي (كي خصيتيه) لو تركنا البغل بدون تعقيم سيكون المثل الرائع في الترف الجنسي وهنا كل ما نمارسه خارج علاقة الإنتاج (إنتاج استمرارية النسل بهدف استمرار الجنس، من هنا فالترف الجنسي هو إبداع في اللذة أكثر من الأمور الأخرى ومنها جاء ما يسمونه بعلم الجنسانية وهذا أيضا موضوع آخر.
لكن للبغال حاسة غريزية أخرى حفاظا على بقائها هي التكيف مع علاقات الإنتاج البشرية، عملها هو الانصياع لهذه العلاقات الإنتاجية البشرية التي فرضت نوعا من استمرار البشر: إنتاج البغال هو عمل إنساني في أكثر المرات: عملية تلقيح نسل الفرس بالحمار هي عملية تتم في أكثر الأوقات بعمل إخضاع الفرس للحمار من طرف الإنسان. لو تركنا مثلا البغال بدون تعقيم لصارت الحالة كما نراها الآن في المجتمعات الغربية: لذة جنسية بدون هدف الكينونة
نستنتج من كل هذا أن البغل حافظ أكثر على استمراره من خلال عمله الدؤوب للإنسان. ولهذا يستحق مجتمعنا الحالي حيث تقديس الحرية الشخصية في بغاء اللذة الجنسية بمجتمع بغلاني على الرغم من اني غير مقتنع تماما بخلاصتي لأن للبغال، في سياق علاقة استمرارها، تتكيف كثيرا بالمعانات في علاقات الإنتاج الإنسانية، قد تنتفض البغال أحيانا على حالها لتجد نفسها مرهونة في بقائها في التكيف مع علاقات الانتاج السائدة، تنتفض لتحسين علفها على الأكثر وهو ما نراه في انتفاضاتنا العارمة التي نسميها ثورة: ربيع ثورة المجتمعات "العربية" (أضعها بين مزدوجتين حتى لا يساء الفهم)، ننتفض ونثور، لكن في الأخير نحن محكمون بلجام خاص، لجام أن لا نتجاوز هيمنة الذين يسهرون على علفنا بخرافة الاستثمار وخلق فرص العمل والحصيلة اننا ضمن هرم مجتمع بغلاني حضاري، مجتمع بغلاني شبع ترفا في الجنس: بغال عقيمة لكن ليست معقمة بالكي، وبغال عقيمة بالكي هي مجتمعاتنا التي نسميها "عربية" تخضع للعمل الشاق حفاظا على استمراريتها.
لا أدري هل أوصلت الرسالة كما يجب، لكن اعتقد ان بعض ما طرحته يستحق التأمل .



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طعم آخر للفرح
- فايسبوك -تانعيمالت-
- هواجس وجودية
- السخرية حين ترقص تلقائيا
- المهرولون
- الغباء الاستراتيجي
- طريق الحرير الصيني الماركسي
- معنى أن تكون شيوعيا في المهجر
- ذو المعاشين
- الجيل المهذب
- تيوولين! (قلبيات أوالقلب بالقلب)
- سجن في سبيل الله!
- روميو وجولييت الأمازيغيين: -إيسلي- و-تيسليت-
- الإضراب!
- في فلسفة الألوان: ضد -تزميل- المجتمعات الإنسانية
- هل يمكن ان تنجح وساطة عربية أو دولية في حقن العلاقات المغربي ...
- مشكلة الهوية داخلية
- هنيئا للطبقة العاملة في يومها العالمي برغم افتراس وحدتها
- مو عنذا بوالحوب اوا
- ثورة البقر في الرباط


المزيد.....




- المفكر اللبناني خالد زيادة: لم تعد أوروبا مصدرا للأفكار الكب ...
- الهيئة الاتهامية في لبنان تُسقط تهمتين بارزتين ضد الفنان فضل ...
- القضاء اللبناني يتجه لإسقاط تهم بارزة في قضية الفنان فضل شاك ...
- مكتبة حدودية تترجِم سياسات ترامب بعدما جسّدت الوحدة الأميركي ...
- مكتبة حدودية تترجِم سياسات ترامب بعدما جسّدت الوحدة الأميركي ...
- ذكريات مقدسية في كتاب -شمسنا لن تغيب-
- ورشة صغيرة بلوس أنجلوس تحفظ ذاكرة نجوم السينما في -القوالب ا ...
- عائدات الموسيقى على -يوتيوب- تبلغ مستوى غير مسبوق وتحقق 8 مل ...
- الرواية غير الرسمية لما يحدث في غزة
- صدور كتاب -أبواب السويداء والجليل- للكاتبتين رانية مرجية وبس ...


المزيد.....

- رسائل سياسية على قياس قبقاب ستي خدوج / د. خالد زغريت
- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عذري مازغ - المجتمعات البغلانية