|
|
طعم آخر للفرح
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 00:09
المحور:
عالم الرياضة
القيامة تقترب، لذلك لم يعد للحياة طعم، خصوصا إذا فقد كل من يملك روحا إنسانية، روح طيبوبة الحيوانات الجميلة، روح هذا الكوكب الجميل النادر الذي ربما لا يوجد مثله في كون آخر من هذه الأكوان المتفجرة بشكل سرمدي، هذا الكوكب الجميل الذي صار الآن تتحكم في أسسه هذه الحيوانات الشريرة، بدأ من نتنياهو الشيطان الأكبر وانتهاء بترامب الذئب ومن خلالهم كل هذه الكائنات الآكلة لحم البشر والذين هم في سعي حثيث لتفجير الأرض الكوكب، في خضم هذا الحث لا باس أن يأخذ المرء جزء من حياته ويخصصه للفرح قبل أن تتمخض التفجيرات وتطير روحه شعاعا أو طاقة بدون جدوى، هكذا يبدو تصورنا للمستقبل في ظل عظمة الشر الذي يزداد حجمه يوما بعد يوم. آخر أخبار التناقضات في كوكبنا تثير نوعا من اليأس في أن ننعم بالسلم والسلام كبشر يسكن هذا الكوكب: مناورات بالأسلحة النووية في روسيا،اختراق أجواء الصين من طرف أستراليا،الاستعدادات للحرب في أوربا، انفجارات هنا وهناك، الحرب الاقتصادية كمقدمة لحرب نارية و(….) كلها بوادر لتفجير الكوكب بشكل لن ينتصر أحد. لكن في خضم كل هذا من حقنا أن نمرح ونفرح الفرح الأخير، أن نقتطع جزء من حياتنا ونخصه للفرح قبل القيامة، وهنا سأعود للحديث عن كرة القدم التي أفرحتنا نحن المغاربة أخيرا ونبدأ من حيث القاعدة العامة التي تتلخص في التناقض الآتي: المغرب لا يلعب كرة جيدة، يرتكن للدفاع ويعتمد على المرتدات، هذا حقيقي، لكن المغرب أيضا يخلق إبداعات فردية خارقة وهذا ما يعجب الفكر الفرداني الذي يرى في الفرد قيمة للإبداع والخلق ليستخلص أن القطيع دائما يفتقد إلى من يقوده وهو ما يناقض خرافة الديموقراطية التي بدئيا تبدو أنها حياكة ونسج لقيم تم إنتاجها في مخاض تعددي: الناس، القواعد هي من تنسج الرأي الذي على السلطة السياسية أن تطبقه، لكن فيما بعد بوحي فرداني يبدو الزعيم هومن أبدع، في كرة القدم بدا أن الزعيم الأكبر هو المدرب وهبي والمنفذان للإنتصار(في السياق الأخير) هما اللاعبان معما والزابيري وهكذا تتأسطر الخرافة متناسين ذلك التكتل من الدفاع الذي لا يمكن أن تغفل دور أي لاعب.. في المغرب فرحنا بنشوة الانتصار لأسباب موضوعية لكن تداعيات الانتصار له طعم آخر عند أهل كرة القدم في القارة اللاتينية، بشكل لا يمكن فهم ماذا جرى إن لم نأخذ رأي أصدقائنا اللاتنيون الذين فجروا بصدق مؤامرات كرة القدم ولعل بعض الجمل التي رددوها تثير أكثر من تساؤل منها: "المغرب حقق عدالة كرة القدم" “المغرب أنقذ كرة القدم" “كرة القدم دائرية، قد تعطيك وقد تصيبك أيضا" وقبلها في مباراة ضد فرنسا: “المغرب انتقم من فرنسا" (“المغرب مدرسة كروية في البراغماتية" تجمع بين سحر الكرة اللاتينية وصرامة المدرسة الاوربية والروح الإفريقية") “استرجاع مقولة أرجنتيني لعب مبارة حبية سابقا مع المغرب سنة 2000 كما أعتقد قال بأن "مستقبل كرة القدم في إفريقيا" كل هذه العبارات التي مخضها اللاتينيون تحمل الكثير من الصدق وهنا أشرت في تغريدة للمغاربة عبر فايسبوك: إذا أردتم الاستمتاع أكثر بالفرح انظروا إلى تقييمات اللاتينين وليس إلى تقييمات دولنا العربية منها أو الأمازيغية الإفريقية، العالم العربي يتكلم غيرة بالمعنى الإيجابي من خلال السؤال التالي: مالذي يميز المغرب عنا ليصل إلى هذا المستوى العالمي؟ وهو فرح مشحون بحاسة النقد الإجابي، ظهر هذا الجلد بشكل خاص عند الصحافة المصرية والتونسية بشكل أقل، لكن يبقى الجلد هذا ناقص حتى بالنسبة للمغرب، أقصد أن ما يثار حول تقدم الكرة المغربية لا يرقى إلى المقارنة مثلا بالدول الأوربية، في المغرب وحتى الآن لا زال تسيير كرة القدم ممركزا برغم إيجابياته ما لم تكن هناك سياسات محلية للرياضة، اٌقصد يجب أن تدخل الرياضة في سياسة البلديات والجماعات المحلية كما أراها هنا في أوربا (إسبانيا بالتحديد باعتباري أعيش فيها)، وهذه اللامركزية التي أرمي إليها يجب ان تتم بشكل توافقي مع محلية قطاعات أخرى كقطاع الصحة والتربية باعتبار الرياضة لا يمكنها ان تنتعش بدون سياسة معينة في الصحة والتربية وسنلاحظ هذا في ألعاب القوى: المغرب يعتبر سيد المسافات الطويلة والمتوسطة في ألعاب القوى ولم يستثمر المغرب في هذا القطاع شيئا برغم وجود خام من المؤهلين للعب ادوار بطولية، لقد اهتم المسؤولون في المغرب بكرة القدم بسبب إشعاعها السياحي أكثر منه بسبب الرغبة في تطويرها لذاتها: تعتبر كرة القدم في المغرب سياسة ناعمة لجلب السياح وجلب الاستثمارات ودليلي على هذا هو تحويل القطاع (قطاع كرة القدم) من قائد عسكري (الجينيرال بن سليمان على ما اتذكر) إلى قائد اقتصادي هو فوزي لقجع، هذا التحول أعطى نتائجه التي نعيشها الآن (للتذكير فقط كان منتخب 1986 أكثر سحرية من منتخب شباب 2025، أقصد منتخب التيمومي والبياز والظلمي والزاكي وبحان (أو دحان لا أذكر الاسم بشكل جيد) وغيرهم كان منتخبا ساحرا لكنه لم يستمر بسبب عسكرة كرة القدم المغربية). شخصيا استمتعت الفرح في تحليلات أمريكا اللاتينية، عندهم فهمت لماذا المغرب في مباراته مع الارجنتين كان المسيطر وليس الأرجنتين، فهم يقرأون كرة القدم في حيثياتها الدقيقة ويقرأونها أيضا في كليتها وهذا الحس في النقد هو ما تفتقده الصحافة المغربية والعربية والأمازيغية، في هذه القراءة اللاتينية فهمت كيف سيطر المغرب وليس في قراءتنا التي تعتمد على منطق الهيمنة من خلال الاستحواذ على الكرة. الاستحواذ على الكرة يتقنه الإسبان أكثر من الأرجنتين (نادي برشلونة بالخصوص)، هذا الاستحواذ مع ما صحبه من انتصارات أسقط مراهقي الأرجنتين في غرور قاتم حيث خرج من تصريحاتهم أنهم آلهة كرة القدم (استندوا في ذلك على عدد فوزهم بالمونديال) وان مقابلة المنتخب المغربي ليست أكثر من فسحة او تمرين ينتظرهم قبل الاحتفال: عشية انتصارهم على كولومبيا رفعوا شعار أن مقابلة المغرب ليس أكثر من تمرين متناسين أن المغرب فاز على نخب أكثر منهم في الاستحواذ كإسبانيا والبرازيل، سخروا من المنتخبات اللاتينية التي فازوا عليها كمنتخب المكسيك وكولومبيا والبلد المنظم التشيلي بشكل قلب الرأي العام والجمهور اللاتيني ضدهم وناصروا أو شجعوا المغرب بشكل مثير أثار استغراب القائمين على كرة القدم: كيف للجمهور اللاتيني أن ينصر إفريقيا عوض قارتهم، كان رد هذا الجمهور أن المغرب "أنقذ كرة القدم" من الغرور الأرجنتيني. "المغرب انتقم من فرنسا" قد يبدو العنوان طبيعيا، ثأر من هزيمة، لكن الحقيقة تتجاوز ذلك، المغرب غشه التحكيم في قطر، في السياق ذاته يثار آخر مرة فازت الأرجنتين بالكأس، يقول اللاتينيون: إنفانتين اهدى الكأس للأرجنتين في إشارة أيضا لغش التحكيم، وأن بفضل ما يسمى "البطاقة الخضراء" بدا أن العدالة تعود لكرة القدم رغم أنف التحكيم (الخطا الذي منه سجل المغرب ضد الأرجنتين يستحق فيه حارس مرمى الأرجنتين الطرد). هكذا شخصيا احتفلت بالفرح من زاوية نظر الأمريكيين اللاتينيين وليس من زاوية كيف استقبلنا فريقنا المغربي الجميل .
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فايسبوك -تانعيمالت-
-
هواجس وجودية
-
السخرية حين ترقص تلقائيا
-
المهرولون
-
الغباء الاستراتيجي
-
طريق الحرير الصيني الماركسي
-
معنى أن تكون شيوعيا في المهجر
-
ذو المعاشين
-
الجيل المهذب
-
تيوولين! (قلبيات أوالقلب بالقلب)
-
سجن في سبيل الله!
-
روميو وجولييت الأمازيغيين: -إيسلي- و-تيسليت-
-
الإضراب!
-
في فلسفة الألوان: ضد -تزميل- المجتمعات الإنسانية
-
هل يمكن ان تنجح وساطة عربية أو دولية في حقن العلاقات المغربي
...
-
مشكلة الهوية داخلية
-
هنيئا للطبقة العاملة في يومها العالمي برغم افتراس وحدتها
-
مو عنذا بوالحوب اوا
-
ثورة البقر في الرباط
-
عيشة قنديشة (كل الثائرات متشابهة)
المزيد.....
-
نجل رونالدو يثبت نفسه مع البرتغال.. فهل يلعبان سويا يوما ما؟
...
-
إيقاف حاملة الرقم القياسي العالمي للماراثون 3 سنوات
-
السعودية تسضيف دورة سنوية جديدة للماسترز في كرة المضرب انطلا
...
-
العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة
-
العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة
-
ميسي يمدد تعاقده مع إنتر ميامي لـ3 سنوات
-
إندونيسيا تتمسك بمنع الإسرائيليين من المشاركة ببطولة العالم
...
-
برشلونة يوقع عقد رعاية مع -أوبر- بقيمة مليون يورو
-
مركز التنسيق المدني العسكري: إدارة غزة بعد الحرب أم خطوة نحو
...
-
الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة.. الموعد و التشكيلتان المت
...
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|