الياس فاخوري
الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 10:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غزة: من “العرقبادة” والتهجير الى “الهفلبادة” (إبادة الهوية الفلسطينية) والعولمة .. أسقطت مقاومة السابع من اكتوبر، السابع من التاريخ، السابع من الخلود، السابع من الزمن، السابع من الازل، والسابع من الأبد — أسقطت المشروع الصهيوامريكي للابادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير فأَضَلَّهم الطاغوت لوسيفر الى مشروع “الهفلبادة” والعولمة بإبادة/نزع الهوية الفلسطينية وتحويل مواطني غزة الى مجرد مجموعات سكانية بإدارة لوسيفرية “عالمية” (مجلس سلام/وصاية دولي بقيادة صهيوأمريكية) .. وهنا نستحضر فيلسوف التاريخ البريطاني آرنولد توينبي اذ أفصح عن حيرته ما اذا كان التاريخ هو الذي يمتطي ظهر الشيطان أم أن الشيطان هو الذي يمتطي ظهره. هل كانت حيرته لتزول لو تسنّت له رؤية ترامب يمتطي ظهر التاريخ!؟
وهل يلتقي اعلان ترامب حول ال3,000 سنة ويهودا والسامرة وجبل الهيكل (ترداداً بَبَّغائياً او بِغائياً!) مع سعيه لانتقال الدولة العميقة من الحكم الشيطاني المباشر عبر الديانات السماوية اليه شخصياً/ترامبياً (بين يديه) فينتقل حكم الشعوب شيطانياً لوسيفرياً عبر الديانات السماوية الى ترامب بتأليه بشري ليكون هو نصف الاله على الارض .. وهكذا يقوم ترامب بتغيير القَدَر بالقُدْرَة اذ اعاد استخدام “ارض الميعاد” وحتى “القدس الجديدة” (في كلٍ من امريكا وفلسطين ليذكرنا بإبادة السكان الأصليين في البلدين)!؟
فهل ننتزع عظامناً من أميركا قبل أن تخرج من أراضينا!؟ اميركا هنا وهناك في كل بلد عربي وفي كل رأس عربي .. صحيح اننا نؤمن ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لكن الوقائع – وهي أمضى من النصوص وأشد وقعاً – تكشف أننا نرفع صلواتنا وأدعيتنا أيضاً للاله الأميركي، ليظللنا (او يضللنا) شعوباً وأنظمةً فنبقى نراوح في زوايا القرون الوسطى .. أما الاله الآخر فتنحصر صلاحيته في تأمين الطريق الى العالم الآخر…
وهذا كنيست روتشيلد يستقبل ترامب بمهرجانات الميثولوجيا العتيقة لكأنه “يهوة” وقد اصطحب معه صقور “التوراة” من أميركا: جاريد كوشنر وزوجته ايفانكا، ماركو روبيو، وميريام ادلسون، أرملة أمبراطور صالات القمار التي تكاد تحسب أنها أكثر أهمة من راحيل زوجة يعقوب، أو من غولدا مئير، الابنة غير الشرعية ليهوذا .. واذ تُعتبر كبيرة الممولين لحملتي ترامب، فقد فرضت عليه نقل السفارة من “تل أبيب” الى “أورشليم”، والاعتراف بمرتفعات الجولان أرضاً اسرائيلية.
حاول ترامب ترميم المشهد بتوظيف هندسة العقل الجمعية والبرمجة المجتمعية .. حاول تظهير اسرائيل كدولة قوية موحدة ومتماسكة وبالطبع ديموقراطية (لكن ماذا عن طرد النائبين أيمن عودة وعوفر كسيف من الكنيست الإسرائيلي خلال كلمة الرئيس الأمريكي “لمجرد أنني طرحتُ أبسط مطلب، مطلبا يتفق عليه المجتمع الدولي بأسره: الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، كما قال أيمن عودة!؟) .. “اسرائيل” – كما اعلن – الآن أعظم، ونتنياهو يستحق أن يكون ملكاً على الشرق الأوسط (وَهُو أفضل من صنع المقابر) ما دام ترامب الهاً على العالم .. ولا داعي لتغيير الخرائط أو الأنظمة، فقد وقّع قطبا الشرق الأوسط (مصر وتركيا) على ورقة السلام خلال احتفالية وكرنفال شرم الشيخ لكأننا بتنا عكازات للسفيه المطاع/الحاخام الأكبر!
نعم، هذة ليست اتفاقية سلام بل صفقة لمحاولة بناء جسر يعبر بإسرائيل من العزلة الدولية والانهيار الكاسح معنوياً ونفسياً واستراتيجياً .. هي تلميعٌ للصورة سيما ان ترامب اتخذ البرلمان الاسرائيلي منصةً ومنبراً لإعادة صياغة اسرائيل في عيون العالم بوصفها دولة ديموقراطية تستحق ان تُدمج مجدداً في المجتمع الدولي .. وكما هو معروف، لم يزر ترامب برلمان اي دولة عربية او إسلامية ولم يُشر لذلك أبداً، فاسرائيل هي واحة الديموقراطية الفريدة في صحراء الجهل والتخلف العربي والإسلامي!
لكن رئيس الكنيست يعترف بالهزيمة من حيث أراد كيل المديح لترامب بقوله:
“انت افضل رئيس بالنسبة لإسرائيل، وانت الوحيد الذي شرّع سيطرة إسرائيل على القدس، ومنع ايران من تنفيذ محرقة نووية ضدنا .. كل توصيف آخر للرئيس ترامب هو من باب الأوهام والأحلام. فترامب قدم لإسرائيل ما لم يقدمه اي رئيس او زعيم غيره ، ولم يوقف الحرب إلا حين شعر بان العالم صار ضد اسرائيل وان صورتها تتقهقر وان خطرا وجوديًّا صار يواجهها”، فوقف كل اعضاء الكنيست يصفقون له طويلاً.
كذلك أعلن الكاتب الاسرائيلي كوبي نيف (Kobi Niv) فشل العدوان الاسرائيلي ومخططات نتنياهو: انتهت الحرب ولا شيء تغير؛ العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر، واليهود هم نفس الحمقى رغم التوحش والتغول والتوغل حيث تجاوز ما ألقوه على غزة ما أُلقي على هيروشيما وناجازاكي باضعاف مضاعفة! ومع ذلك الفلسطينيون ما زالو هنا، وحلم “غزة بلا عرب” تحطم على صخرة الواقع!
نعم اطاح السابع من الازل والخلود بحلم “غزة بلا عرب” — حلمٌ تتمثل آليته التنفيذية بالعرقبادة والتهجير نحو توازن ديموغرافي وصولاً الى الغالبية اليهودية .. ولطالما شكّلت القنبلة الديموغرافية التهديد الوجودي لإسرائيل سواء في حل الدولتين او الدولة الواحدة .. تحقيق الحلم بهذه الالية مكلف وشكّل عبئاً استراتيجياً اجتماعياً معنوياً عالمياً وعسكرياً اقتصادياً مالياً فجاءهم الطاغوت لوسيفر بمشروع “الهفلبادة” والعولمة بإبادة الهوية الفلسطينية وشطبها وتحويل مواطني غزة الى مجرد مجموعات سكانية بإدارة شيطانية “عالمية” (مجلس سلام/وصاية دولي بقيادة صهيوأمريكية يذكرنا بالانتداب البريطاني) وإغراءات بناء غزة الجديدة جنّةً على الارض — لكأنها العودة الى المشروع العقاري ريفيرا الشرق الأوسط؟!
بعيدا عن نرجسيتة واناه المتضخمة كما تبدّت خلال زيارته الى لندن، وفي اجتماعات الناتو كما مؤخراً في شرم الشيخ الذي شهدت احتفاءً كرنفالياً بنصف الاله، فقد اعترف ترامب بدوره المباشر في الإبادة في فلسطين وعزة — شريك في العرقبادة، كما ثبّت التهم على نتنياهو بطلب العفو عنه .. أَخِصّائي السلام ام إخْصائي السلام وأَخِصّائي الحروب ومُشعلها (حروب الممرات والمضائق) من غزة إلى القطب الشمالي، ومن آسيا إلى أوروبا (الصين: من تايوان إلى ممر زنغزور ومضيق هرمز — إيران: من مضيق هرمز إلى باب المندب — روسيا: من ممر سوالكي إلى القطب الشمالي) .. لعلها إمارة السفهاء وبيع الحكم العالمية واتخاذ الكتاب مزامير وترانيم!
وللرد على لوسيفر وجوقة المزمرين المطبلين اعود الى رأي المفكر اللبناني الالمعي ميشال شيحا: “ان قرار تقسيم فلسطين لانشاء الدولة اليهودية لمن أهم الأخطاء في السياسة المعاصرة… وليس من باب امتحان العقل اذا قلنا أن هذا الحدث االصغير سيسهم في زعزعة أسس العالم”، معتبراً “أن المقاومة العربية ليست لزاماً فحسب. انها لأمر حيوي، ولسوف تغدو مع الزمن بالنسبة الى الشرق الأدنى، من اليابسة الآسيوية الى مصر، قضية موت أو حياة حقاً وواقعاً…”.
الله (ﷻ) هو المقاوم الاول بحسنى أسمائه وكمال افعاله وله حزبه وانصاره ..
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين بغزتها وقدسها و”الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” ..
سلام الأقصى والمهد والقيامة والقدس لكم وعليكم تصحبه انحناءة إكبار وتوقير لغزة واهلها – نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
كاتب عربي أردني
#الياس_فاخوري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟