الياس فاخوري
الحوار المتمدن-العدد: 8481 - 2025 / 9 / 30 - 09:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النجاشي هو الملك الصالح أصحمة بن أبجر الذي اشتهر بالعدل والإنصاف وقداستضاف الصحابة المهاجرين إليه من مكة في عهد النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – ووفر لهم الأمان والحماية .. وقد عُرفت الحبشة في عهده بأنها “أرض لا يُظلم فيها أحد” .. “لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه” .. وقد روى الإمام أحمد في المسند من حديث أم سلمة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – أنها قالت: “لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار فآمننا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه”.
وقد استشاطت قريش غضباً عندما بلغها أمر استقرار المسلمين في الحبشة، فأرسلت في أثرهم عمرو بن العاص لمعرفته السابقة بالنجاشي، ولفصاحته وقوة بيانه، فطلب من الملك أن يردهم معه دون أن يكلمهم أو يسمع منهم، لكن النجاشي رفض ذلك، وقال: لا أسلمهم حتى أسمع منهم.
ثم أرسل إلى الصحابة وأذن لهم بالكلام في مجلسه. فقام جعفر بن ابي طالب متحدثا باسم المهاجرين: “أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه، وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ” – إلى آخر خطبته بين يدي الملك. فردّ النجاشي: إن الذي جاء به نبيكم والذي جاء به عيسى بن مريم ليخرج من مشكاة واحدة، انطلِقوا، فوالله يا عمرو لا أسلمك إياهم أبدا.
وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم – نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه بأربع تكبيرات، ودعا المسلمين للصلاة عليه قائلا: “مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة”!
وكانت قد نشأت علاقة متميزة على جانبي البحر الأحمر بين مملكة أكسوم/الحبشة وعرب الجزيرة لقرب المسافة (يومين بالقوارب والسفن)، وكانت تجارة العبيد من أهم مظاهر هذه العلاقة .. ومن أشهر أتباع النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – كان بلال مؤذنه ومن أقرب الناس إليه، وكذلك الصحابية أم أيمن، وكثر غيرهم من أجلّاء الصحابة الذين قدموا من الحبشة، وكان لهم فضل السبق إلى الإسلام، فتقلدوا مناصب مهمة في الدولة الإسلامية لاحقا.
■ وكنا، في الأسبوع الماضي، قد شاهدنا وسمعنا غوستافو بيدرو، رئيس كولومبيا، يرتدي كوفية ويعلن (داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك) عن فتح قائمة بأسماء المواطنين الكولومبيين المتطوّعين للقتال في غزة من أجل تحرير فلسطين، وقال انه سينضم اليهم سيّما وانه كان قد قاتل في أماكن أخرى من قبل .. واستقطب الانتباه على نطاق واسع، حين وجّه انتقادات حادة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ودعا دول العالم إلى “توحيد الجيوش من اجل تحرير فلسطين” مستذكراً في كلمته رموز التحرر في أمريكا الجنوبية امثال سيمون بوليفار، قائد استقلال أمريكا الجنوبية عن إسبانيا، وجوزيبي غاريبالدي، المناضل لتوحيد إيطاليا، وخوسيه دي سان مارتن، الزعيم الأرجنتيني الثوري، وخوسيه خيرفاسيو أرتيغاس، مؤسس الهوية الوطنية في الأوروغواي، وأندريس دي سانتا كروز، الزعيم العسكري البوليفي.
كمااهاب بيدرو بشعوب العالم ودعاهم “للانضمام إلى الجيوش وحمل السلاح”، قائلاً: “يجب أن نحرر فلسطين” مضيفاً: “أدعو جيوش آسيا وشعوب السلاف الذين هزموا هتلر ببسالة، وجيوش أمريكا اللاتينية – جيوش بوليفار وغاريبالدي (الذي قاد جيشاً أيضاً في إيطاليا)، وسان مارتن، وأرتيغاس، وسانتا كروز. لقد اكتفينا من الأقوال”.
وذكّر بكلمات بوليفار: “الحرية أو الموت”، معتبراً أن “القصف لا يستهدف غزة وحدها، ولا الكاريبي فقط كما يحدث الآن، بل الإنسانية التي تنادي بالحرية” مضيفاً: “لا يوجد عِرق متفوق ولا شعب مختار من قبل الرب، فالشعب المختار لدى الرب هو كل البشرية، وعلى الأمم المتحدة، وبطريقة مختلفة وإنسانية، أن توقف أولاً وقبل كل شيء الإبادة في غزة” .. وشدد بيدرو أنه مُصِرٌّ على الاستمرار في النضال، ما دامت “الصواريخ التي تمزّق أجساد الأطفال والرضّع الأبرياء في فلسطين تسقط كل ثانية”.كما أكّد أن “الولايات المتحدة لم تعد تُعلّم الديمقراطية بل تقتلها عبر سياساتها تجاه المهاجرين وجشعها، فهي اليوم تُعلّم الطغيان”. ودعا الأمم المتحدة إلى “البدء بتغيير جذري عبر وقف الإبادة في غزة والعمل بفعالية تشبه فعالية جيش من أجل خلاص العالم” .. وتابع: “من واشنطن ومن حلف الناتو تُقتَل الديمقراطية وتُصنع تيارات استبدادية وشمولية على مستوى عالمي. علينا أن نرفع العلم الأحمر والأسود للحرية أو الموت الذي رفعه بوليفار، إلى جانب اللون الأبيض رمز السلام والأمل، حتى يبقى هناك رجاء للحياة على الأرض وفي قلوب البشر”. وانتقد السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلاً إن “ترامب لا يسمح فقط بسقوط الصواريخ على الشباب في منطقة البحر الكاريبي، ولا يسجن المهاجرين ويقيدهم بالسلاسل فحسب، بل يغض الطرف أيضاً عن إطلاق الصواريخ على النساء والأطفال والشباب وكبار السن في غزة، وبذلك يكون شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية”!
■ اذن هي الحرية والعدالة مشبعة بالامل، او الموت .. ولتتوحد الجيوش، ولتحمل شعوب العالم السلاح (الاقوال لا تكفي) من اجل تحرير فلسطين وخلاص العالم وكل البشرية!
قالتها الكاتبة العربية الاردنية المفكرة ديانا فاخوري منذ نيف وعقد من الزمان: “اسرائيل” الى زوال – كما على ثرى فلسطين، كذلك في السماء: لا “اسرائيل” التلمودية/التوراتية، ولا “اسرائيل” الكبرى او الكبيرة، ولا “اسرائيل” العظمى او العظيمة، ولا “يهودا والسامرة”، ولا 78% من فلسطين التاريخية .. ولا “اسرائيل” المقدسة ولا امريكا المقدسة .. والمقاومة هم شعب الله المختار .. وهم اصحاب القرار على ارضهم .. فلتقبل دولة الكيان بإعلان “الجمهورية العربية الفلسطينية” المستقلة على 46 % من مساحة فلسطين التاريخية بعاصمتها القدس الشريف على أساس حل الدولتين والعودة الواحدة تنفيذاً للقرارين الأمميين 181 و194 (وهما شرط قبول عضوية “اسرائيل” في الأمم المتحدة أصلاً) .. وعليه، لا تتعدى مساحة دولة الكيان (”اسرائيل الصغرى”) 54% من مجموع مساحة فلسطين البالغة 27027 كم2 — وإلّا، فالحل بالعودتين والدولة الواحدة!
باختصار أُكرر، هو حل الدولتين والعودة الواحدة (تكتيكياً)، وحل العودتين والدولة الواحدة (استراتيجياً) وكان يوم القدس قد التقى ويوم الارض حول ليلة القدر هذة السنة، فقل لي كيف تُقهرْ .. هذي الأقانيم الثلاثة (القدس والأرض والقدر) .. كيف تُقهرْ!؟ كيف تُقهرْ وقد أنشأ الاحتلال مقاومة حتى التحرير من النجاشي الى غوستافو بيدرو وبينهم سعادة وكاسترو وجيفارا (مثلاً) — فالعدل والتحرير وفلسطين بوصلتنا! !؟
الدائم هو الله، ودائم هو الأردن العربي، ودائمة هي فلسطين بغزتها وقدسها و”الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ” ..
الله (ﷻ) هو المقاوم الاول بحسنى أسمائه وكمال افعاله وله حزبه وانصاره ..
سلام الأقصى والمهد والقيامة والقدس لكم وعليكم تصحبه انحناءة إكبار وتوقير لغزة واهلها – نصركم دائم .. الا أنكم أنتم المفلحون الغالبون ..
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟