أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - اتفاق غزة: نهاية المشاغبة على الرأسمالية















المزيد.....

اتفاق غزة: نهاية المشاغبة على الرأسمالية


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 8500 - 2025 / 10 / 19 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين طرحت الأممية على الأحزاب الشيوعية مهمة التحرر الوطني من الاستعمار كانت تقصد محاصرة الرأسمالية في أعلى مراحلها وفي عقر دارها من بلاد الإمبريالية، فيما كان الاستعمار، بصيغته الاحتلالية، يمر في مرحلة التلاشي، إذ كاد ينحصر نطاقه في فلسطين، ما جعلها قبلة المناضلين والمجاهدين في العالم.
غير أن الأممية أساءت تقدير قوة الرأسمالية التي اعتمدت، في مرحلة توسعها الأفقي، أسلوباً جديداً للسيطرة، فلم يجد شعار لينين عن الشعوب المضطهدة مكاناً له على حلبة الصراع العالمي، لأن الاستبداد السياسي المحلي كان مصدراً لاضطهاد الشعوب أكثر مما كانته وحشية رأس المال، ولأن تجربة الأممية لم تقدم لتلك الشعوب، خلال العقود الخمسة بعد لينين، نموذجاً مقنعاً تقتدي به وتحارب من أجله.
كما أنها أساءت تقدير قوة أنصارها من القوى القومية واليسارية الذين توسلوا الانقلابات العسكرية للاستيلاء على السلطة، واستخفوا بدور إسلام سياسي لم يصدق فحسب أن الرأسمالية شكلت منعطفاً في التاريخ انطوت معه صفحة الحضارات الدينية، بل توهم سير التاريخ القهقرى وعودة أيام الخلافة والصحابة على أنقاض "جاهلية القرن العشرين"
بعد هزيمة الاستعمار الفرنسي في الجزائر والأميركي في فيتنام احتشدت على حدود القضية الفلسطينية، الساحة الوحيدة المتبقية من تركة الاستعمار، قوات من اليسار الأممي بقيادة كارلوس والألوية الحمراء والجيش الأحمر الياباني وغيرها، واعتمدت خطف الطائرات والرهائن والاغتيالات أسلوباً، فيما كان الإسلام السياسي ينتظر على حافة القضية ليستأنف نشاطه ويحمل رايته في حلبة سباق البدل، "الأممية" هي الأخرى، غداة انقلاب قاده المعممون في إيران وبعد انهيار المشروع الاشتراكي ومنظومته السوفياتية وجناحه العسكري المصنف في خانة "الإرهاب الدولي". غير أن حلبة الطوفان والإسناد انهارت على المشاركين في السباق من أهل الممانعة عندما تحولت إلى بهورة خطابية وسوقٍ في مزاد الإعلام.
يصعب تحديد المنتصر في حرب غزة. حتى رئيس أميركا، عراب الاتفاق، ظهرت مواقفه وتصريحاته غير متوازنة ولا متزنة ولا متناسقة. من تهجير الفلسطينيين وتحويل قطاعهم إلى ريفييرا إلى التعهد بالمشاركة "شخصياً" بإعادة الإعمار، ومن صورة صانع للسلام ونيل جائزته إلى كاوبوي يهدد بقتل من يخالفه الرأي، كانت صورته تتأرجح بين قائد ومهرج. التطرف الديني بجناحيه الإسلامي واليهودي سيخرج من الحربين مهزوماً.
هزيمة حماس وحزب الله مدوية. أما المتضامنون فخسارتهم أكثر فداحة لأنها مزدوجة. اليسار العربي، الفلسطيني منه في الطليعة، كان قبل هزيمتهما قد عاد من سفينة التحرر الوطني بقوارب النجاة. صورة الإسلام السياسي تلطخت بوحشية داعش وأخواتها، وتشوهت بوعود عرقوبية أطلقها حكم الملالي لشعبه في طهران ولشعوب الهلال الشيعي المكسوف في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
على قاعدة، رب ضارة نافعة، تقدمت القضية الفلسطينية خطوة نحو حل الدولتين وحظيت بمزيد من التعاطف، غير أن الإنجاز الأكبر تمثل ب"بطلان موضة التنظيمات المسلحة" بحسب تعبير الصحافي عارف العبد، الموضة المولودة من رحم التحرر الوطني والانقلابات العسكرية التي لم تستول على السلطات فحسب بل على اللغة أيضاً فصادرت إسم الثورة وشوهت معناها.
نتائج حرب غزة منعطف كبير في تاريخ البشرية ستظهر آثاره في المديين القريب والبعيد، بما يملي على الصادقين في نضالهم من أجل قضية فلسطين ومن أجل التقدم والتحرر في العالم، أن يعيدوا قراءة تجاربهم ويستفيدوا من أخطاء لم يكن لهم مفر من ارتكابها ومن أخرى كان بإمكانهم تفاديها.
أول الدروس المستفادة هو أن الاستبداد الداخلي السياسي والديني والحزبي أشد خطراً من أي عدو خارجي. هو التربة التي ينمو فيها الجنوح إلى اختصار دور السلطات بالتجسس على المواطنين وجنوح معارضيها إلى سلوك درب الفتنة والشرذمة وتعريض الوحدة الوطنية للخطر. ولا حل لهذه المعضلة إلا بالديمقراطية، ولا معالجة لنواقص الديمقراطية إلا بالمزيد من الديمقراطية.
إذا كان من الضروري أن يتعلم الفلسطينيون هذا الدرس، فعلى سواهم الإقرار بأن القضية الفلسطينية لا تخص الفلسطينيين وحدهم، فهي ذات أبعاد عربية ودولية وإنسانية في آن معاً، لكنها قضيتهم هم قبل سواهم، وبالتالي فإن على المتضامنين ألا يحلوا محلهم وألا ينوبوا عنهم بل أن يقفوا خلفهم ويدعموا وحدتهم وقرارهم المستقل.
الذين اعترضوا على الرأسمالية لم يروا فيها إلا بعدًا واحداً. اليسار الماركسي والقومي رأى وجهها الاستعماري ولم يقرأ ما قاله ماركس عنها في البيان الشيوعي حين لم يتردد في تسميتها ثورة وحضارة. الإسلام السياسي اتهم علمانيتها بتدمير السلطنة ونظام الخلافة، لأنه لم يقرأ في كتاب الإصلاح الديني في أوروبا عن أهمية خروج الدين من بطن السياسة، وعن دور لوثر وأتباعه في نقل أوروبا من العقل الغيبي إلى الأكاديميات ومن حضارة الأرض إلى المصنع ومن الأنظمة الملكية إلى الجمهورية.
أنظمة الاستبداد والجمهوريات الوراثية والانقلابات ومولودها "الكفاح المسلح" و"العنف الثوري" وضعت بلدانها في طريق مسدود وأمام أبواب موصدة حين رفضت الدخول إلى الحضارة الرأسمالية من بابها السياسي، أي الديمقراطية، ولم تجد غير الشعب اعتراضاً على الجانب الوحشي من تلك الحضارة أي على ما كان يسميه اليساريون "العنف الرجعي".
في الرأسمالية، كما في كل حضارة، جانب وحشي وربما أكثر، الاستعمار والحروب أشد تعبيراته ضراوة، والصراعات القومية أسوأ لحظاته. خلالها انفجرت الحربان العالميتان، وخلالها اندلعت في العالم العربي نزاعات دامية بين دوله أو بين أحزابه أو داخل الحزب الواحد. كما أن فيها جوانب مضيئة ليس أقلها أنها صنعت أوطاناً ووحدت شعوباً وحررت عقولاً وحققت وفرة ورفاهية على البشرية أن تحسن التصرف بها وتوزيعها بعدالة.
غير أن رافضيها لم يعترضوا على الجانب الوحشي منها. تصفية المعارضين لانفصال غزة برميهم من الشرفات العالية أو المعترضين على حرب غزة بإعدامهم في الساحات، ودهس الأبرياء على أرصفة المدن الأوروبية. لا مشاهد الذبح الداعشية ولا المقابر الجماعية في سوريا أقل وحشية مما ارتكبته الصهيونية من تهجير الشعب الفلسطيني وتشريده ومصادرة أملاكه إلى آخر جرائم الإبادة والتدمير في غزة.
التوحش واحد في الرأسمالية ولدى خصومها، وما الفرق بينهما إلا كالفرق بين الضبع والذئب، على ما قال جبران خليل جبران عن الشرق والغرب. فلعل ضوءاً في نهاية حرب غزة يشكل نافذة أمل تساعد البشرية على مواجهة مخاطر الأصوليات الدينية المتقاتلة بإسم قضية فلسطين وعلى أرضها، أو الأصوليات السياسية المعششة في أنظمة الاستبداد.
لعل من الدروس المستفادة من حرب غزة أن مواجهة ناجحة ضد الجانب الوحشي من الرأسمالية تحتاج إلى غير الشغب عليها بوحشية مماثلة أو بعنف "ثوري" مقابل عنف رجعي، أو بالهروب منها إلى طوبى العدالة السماوية أو بالقفز فوقها نحو طوبى الاشتراكية، بل بالدخول إليها ومجابهتها من داخلها والاستفادة من إنجازات لم يتوقف عقل البشر عن صنعها بينما لا يكف عقل رأس المال وصراع المصالح والتنافس على السلطة عن تخريبها.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماس وحزب الله: تكفير النقد ورفض النصائح
- زنادقة في البرلمان
- وسام في غير أوانه
- الطريق إلى الدولة
- لماذا توقفت عن الكتابة في جريدة المدن
- الرئيس بري يتذاكى أم يلعب بالنار؟
- المسكوت عنه في الغارة على الدوحة
- نهاية الحروب والسلاح للصدأ
- في نقد خطاب سمير جعجع
- ما سها عن بال الخطاب
- مسيحيو الشرق
- حوار عقيم مع الشيخ نعيم
- الثنائي: فات عهد المماطلة
- ممثلو الثنائي المساكين
- العهد والحكومة ينتهكان الدستور
- هل تطالبوننا باستئناف الحرب الأهلية؟
- كلنا مع الدولة. نقاش في المنهج
- المنهج الطائفي في كتابة تاريخ لبنان
- البلديات اللبنانية: فاز الاستبداد الحزبي
- التلميح المشبوه يفسد الود


المزيد.....




- مقتل شخصين بحادث اصطدام طائرة أثناء هبوطها في مطار هونغ كونغ ...
- كولومبيا: الولايات المتحدة تسحب دعمها المالي لمكافحة تهريب ا ...
- المغرب يزيد الإنفاق على الصحة والتعليم إلى 15 مليار دولار في ...
- زعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار المدعوم من إردوغان هُزم في ...
- زوجة حفيد نابوليون تُدلي بشهادتها بعد سرقة مجوهرات تعود إلى ...
- صلاحيات استثنائية للجيش البريطاني لمواجهة -تهديد المسيرات-
- بيان من الخارجية السورية بعد فيديو قنصلها السابق في دبي
- -انشقاق نادر-.. جندي كوري شمالي يعبر إلى الجنوب
- ترامب يحذر زيلينسكي من -الدمار- إذا لم يبرم اتفاقا مع بوتين ...
- اللوفر.. فرنسا تكشف سرقة -حُليّ لا تقدر بثمن- وتحدد عددها


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - اتفاق غزة: نهاية المشاغبة على الرأسمالية