أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام موسي - أين ذهبت الجمل المضيئة في المسرح العربي؟














المزيد.....

أين ذهبت الجمل المضيئة في المسرح العربي؟


حسام موسي
كاتب وباحث وناقد ومؤلف مسرحي مصري


الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 16:47
المحور: الادب والفن
    


بخلاف الشعر والرواية، نادرًا ما يجد القارئ في النصوص المسرحية العربية الحديثة جملةً تُغويه بالاقتباس، أو مقطعًا يتجاوز زمن العرض ليعيش كحكمة أو شذرة في الذاكرة. فبينما امتلأت قصائد نزار قباني ومحمود درويش بعبارات أصبحت أيقونات ثقافية، وامتلأت روايات نجيب محفوظ وغسان كنفاني بسطور تتداولها الأجيال، تبدو كثير من النصوص المسرحية المعاصرة خالية من ذلك الوميض اللغوي الذي يشعل الخيال ويستفز الفكر.

وربما تكمن أهمية "الجملة المضيئة" في المسرح في قدرتها على تخليد لحظة درامية، وتكثيف معنى إنساني يتجاوز حدود العرض إلى فضاء الوعي الجمعي. فهي ليست مجرد عبارة جميلة، إنما ومضة فكرية تلتقط جوهر الصراع الإنساني، وتربط بين المتفرج والحدث بلغةٍ تجمع الشعر بالفكر، والعاطفة بالتأمل. إنها تلك الجملة التي تُقال على الخشبة، فتصبح مرجعًا يُستعاد كلما تكررت الأسئلة نفسها في الحياة.

ربما يرتبط غياب هذا اللمعان اللغوي بطبيعة الفن المسرحي ذاته؛ فالمسرح، بخلاف الشعر أو الرواية، يعتمد على الحدث والصراع والموقف أكثر من اعتماده على الجملة اللامعة. غير أن هذا لا يفسّر وحده التراجع اللغوي والفكري الذي أصاب كثيرًا من الكتابات الجديدة، حيث باتت اللغة اليومية البسيطة، التي تقترب أحيانًا من حدود التكرار والاعتياد، تطغى أحيانًا على عمق الفكرة وجمال التعبير، في سعيٍ نحو الواقعية قد يبتعد عن الوهج الفني. وربما ساهمت في ذلك سياقات الإنتاج المسرحي السريع وضغوطه، التي تدفع أحيانًا لتبنّي لغة مباشرة وسريعة على حساب البعد الجمالي والتأملي.

ومع ذلك، فإن غياب الجملة المضيئة لا يعني أن المسرح العربي لم يعرفها من قبل، وإنما إن تاريخه زاخر بها في مراحل ازدهاره. ففي مسرح سعد الله ونوس نجد جُملاً مثل قوله في الملك هو الملك: «الناس لا يرون إلا ما يُقال لهم أن يروه»، وهي جملة تختصر رؤية فلسفية عن السلطة والتزييف. وفي مسرح محفوظ عبد الرحمن، وتحديدًا في ليالي الحصاد أو حفل للمجنون، نجد لغة تفيض بالحكمة والرمز، حيث تتجاور الجملة الشعرية بالفكرة العميقة دون أن تفقد المسرحية نبضها الدرامي. كذلك كتب ألفريد فرج في الزير سالم: «الدم لا يغسل بالدم، لكنه يجرّ إليه»، وهي جملة تلخّص مأساة الانتقام في عبارة خالدة.

غير أن هذا البعد الفلسفي والبلاغي أخذ يتراجع مع صعود المسرح التجريبي والواقعي الجديد، الذي فضّل أن يتحدث بلسان الشارع لا بلسان الشعر، ففقدت النصوص جزءًا من بريقها اللغوي. لقد انتصر التعبير المباشر على المجاز، والفكرة العاجلة على التأمل البعيد. ومع أن هناك محاولات معاصرة لتجديد اللغة المسرحية والحفاظ على وهجها – كما في بعض أعمال كتاب مثل ليلى سليمان أو وليد علاء الدين – إلا أنها تبقى استثناءً في مشهد عام تطغى عليه الواقعية المفرطة، والتواصل السريع على حساب الكلمة الخالدة.

ولعل السؤال الذي يبقى مطروحًا اليوم:
هل يمكن للمسرح العربي أن يستعيد تلك "الجملة المضيئة" التي تُقال على الخشبة وتبقى في الذاكرة بعد انطفاء الأضواء؟ أم أن زمن البلاغة المسرحية قد انقضى إلى غير رجعة؟



#حسام_موسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرح الشارع .. حين تتحول الساحات العامة إلى منصة للتغيير
- فن الاختفاء: حين يذوب الممثل في بوتقة الشخصية
- الخصوصية المحلية والمعنى الكوني في مسرح الشارع
- مسرح الشارع بين اللحظة العابرة وصناعة المعنى
- مهزلة النهاية: مسرحية تحاكم فكرة النهاية بين العبث والفلسفة ...
- مهزلة النهاية: مسرحية تحاكم فكرة النهاية بين العبث والفلسفة
- عزلة.. حشرات.. خروج
- كارمن: تراجيديا العشق والتمرد في رؤية مسرحية جديدة
- التلقائية في التمثيل
- مسرحية -بلاي- كنموذج لاستخدام مصطلح Teatrum Mundi في المسرح ...
- فن التمثيل بين الرسالة والانحراف
- الناقد المسرحي: نظرة معمقة في قلب العرض
- كيف يمكن للمسرح أن يستعيد جمهوره؟
- تقليص مدد مهرجانات المسرح: أزمة استخفاف أم تحديات معقدة؟
- دنيس ديدرو: المؤلف الموسوعي ورائد الدراما البرجوازية
- رؤية الواقع وثقافة العلوم الإنسانية: أسس النقد والمسرح الحقي ...
- لعبة النهاية: عبثية الوجود بين النص والعرض
- مسرحية الحياة حلم: الباروك وتجلّياته في أدب العصر الذهبي الإ ...
- لغة الوجوه والعينين: نافذة الروح في فن التمثيل
- الفعل التمثيلي بين المراقبة والتفسير: دراسة فلسفية وثقافية


المزيد.....




- لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب- ...
- محمد المعزوز يوقع روايته -أول النسيان- في أصيلة
- مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين ...
- مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين ...
- الوجه المظلم لـ-كريستوفر كولومبوس- و-عالمه الجديد-
- قناطر: لا آباء للثقافة العراقية!
- المخرج الايراني ناصر تقوائي يودَّع -خاله العزيز نابليون-
- إنجاز جديد للسينما الفلسطينية.. -فلسطين 36- بين الأفلام المر ...
- وليد سيف يسدل الستار على آخر فصول المشهد الأندلسي في رواية - ...
- موسم أصيلة الـ 46 يكرم أهالي المدينة في ختام فعاليات دورته ا ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام موسي - أين ذهبت الجمل المضيئة في المسرح العربي؟