حسام موسي
كاتب وباحث وناقد ومؤلف مسرحي مصري
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 18:14
المحور:
الادب والفن
يقدّم الكاتب مسعد الدين حسام في نصه المسرحي «مهزلة النهاية» تجربة تجريبية جريئة تضع القارئ والمشاهد أمام أسئلة وجودية كبرى مفادها هل النهاية حتمية أم مجرد عبث؟ هل الخلود نعمة أم لعنة؟ وهل يستطيع المسرح أن يكتب النهاية فعلًا أم يظل في بروفة أبدية؟
إن النص لا يقوم على حبكة تقليدية بقدر ما يعتمد على مشاهد متتابعة أقرب إلى اللوحات الفكرية. في كل مشهد تُستدعى شخصية من رموز الفلسفة والفن فهناك هيباتيا التي ترمز إلى الفلسفة الممزقة وكانط الذي يجسد العقل الأخلاقي أما بيكيت ممثل العبث والانتظار، إلى جانب شخصيات أخرى مثل المؤول والرائي الذين يضيفون بعدًا ميتافيزيقيًا للنص. وفي قلب كل ذلك يقف المؤلف/عمر، ممزقًا بين رغبته في الكتابة وخوفه من العبث.
أما بخصوص لغة النص فتتنوع من الجمل الشعرية المكثفة إلى الحوار الفلسفي الجاف، ومن السخرية البيكيتية إلى التدخل المباشر للمخرجة التي تذكر الجميع بأن ما يحدث ليس سوى بروفة. هذا التنوع اللغوي يخلق ثراءً لكنه قد يربك المتلقي غير الملمّ بالمرجعيات الفلسفية، وهو ما يجعل النص أقرب إلى حوار مفتوح مع القارئ/المشاهد أكثر من كونه حكاية تروى.
أما على المستوى الفني فالنص مليء بالرموز البصرية فهناك الطاولة الطويلة، الكراسي المغطاة، المخطوطات، الأوراق المتطايرة، الضوء الأبيض في النهاية، موسيقى موتسارت (ريكويم). كلها عناصر تمنح أي مخرج فرصة كبيرة لبناء عرض بصري قوي ولكن طول الحوارات وكثافتها يحتاج إلى معالجة إخراجية دقيقة لضبط الإيقاع والحفاظ على انتباه الجمهور.
تأتي قيمة النص في أنه يواجه المتلقي بحقيقة أن النهاية ليست لحظة واحدة بل مهزلة متكررة، وأن كل محاولة لفهمها تتحول إلى بداية جديدة للسؤال. بهذا المعنى فان مسرحية «مهزلة النهاية» لا تقدم أجوبة، وإنما تضاعف الأسئلة وتعيد طرحها في شكل حوار فلسفي مفتوح.
إنها تجربة مسرحية تستحق الالتفات، لأنها تكشف قدرة المسرح على أن يكون مساحة تفكير وجدل وليس مجرد حكاية أو تسلية. نص ربما يثير الحيرة أكثر مما يمنح الطمأنينة وبهذا يحقق غايته في إيقاظ الوعي أمام مأساة وعبث الإنسان في بحثه الدائم عن معنى لنهايته.
---
#حسام_موسي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟