أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - فايسبوك -تانعيمالت-














المزيد.....

فايسبوك -تانعيمالت-


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 23:37
المحور: الادب والفن
    


أحيانا تطلع لك بعض الأسماء في الفايسبوك تذكرك بماض سحيق، في هذا السياق سأذكر صديقين بدون ذكر الاسم حفاظا على علاقة الود القائم من جهتي على الأقل...
مرة طلع لي اسم ذكرني بالطفولة المبكرة، أيام زمان! تلك الأيام التي ينطبق عليها وصال الشاعر الأندلسي الملقب بذي الوزارتين لسان الدين ابن الخطيب، فترة جميلة رغم التناقضات فيها، تناقضات بين واقع كنت فيه وواقع تحولت إليه، كان سبب الهجرة هو قصد التعلم وكانت البداية في كتاب: جامع عادي، في البداية كان عبارة عن بيتين الأول مسقف بالتراب والثاني بالزنك، الأول لتعليم الصبيان القراءة وحفظ القرآن والثاني للصلاة ولما كثر عباد الله أضافوا قاعة أخرى أكبر للصلاة، في هذه المعلمة تعلمنا بدئيا القراءة والكتابة العربية المغربية، لازلت أتذكر على سبيل المثال أن الفاء بنقطة تحت حرف الفاء والقاف بنقطة فوق وكانت القراءة الأمازيغية الأولى كالتالي: الليف أورينقيظ (الألف بدون نقطة) والباء إشث سكوادا (الباء نقطة من تحت) والتاء اسناث سكوافلا (التاء نقطتين فوق) وهكذا دواليك وهي قراءة أعقل بكثير من القراءة في المدرسة الابتدائية التي تعتمد على تكرار التهجي والحفظ دون هذا النوع من التمييز بين الحروف من خلال وضع النقط إضافة طبعا إلى الحركة، كان الفقيه رجل في الأربعينات او أقل لا أتذكر جيد، كان إنسانا طيبا برغم أن نظرتي الطفولية له تختلف إذ لا ترى هذه الطيبوبة إطلاقا، كان عدوا للأطفال، كان عنيفا معنا حين نحدث ضجيجا أو حين نستظهر ما يفترض أننا حفظناه، وكان الضرب أحيانا يحدث جروحا فوق رؤوسنا ورغم ذلك لا يعتبر أهلنا ذالك إثما إذ يقال، ضرب الفقيه كضرب الأبوين رحيم في الآخرة، وكان أحد أبنائه يدرس معنا وغالبا، بسبب حنو الأبوة لا ينال من العقاب مثل ما نناله نحن وكان سلوكنا نحوه، وبشكل من الأشكال، أشبه بالاستعطاف من أبيه، وهذا أيضا بشكل من الأشكال، بقي موروثا حتى عندما استقلنا من الكُتَّاب ودخلنا المدرسة الابتدائية، بقي كسيرورة وراثية في نفسية بعضنا، لم نكن يوما أصدقاء بالمعنى الحقيقي، في المدرسة تغيرت علاقة الاستعطاف، نتخاصم متى فرضتها عقلية اللعب الطفولي كما في لعبة كرة القدم مثلا، في الإعدادي والثانوي قلت لقاءاتنا بشكل تغيرت العلاقة نسبيا، فيها نوع من الاحترام والتقدير، بعد ذلك فرقتنا الظروف إلى أن طلع لي اسمه يوما في نحس الفايسبوك (بالمناسبة "تانعيمالت" في الأمازيغية توظف بمعنى المنحوس وتوظف أيضا حسب موقعها في التعبير بمعنى المسكين، المغلوب وغيرها من المترادفات). في الفايسبوك طلبت منه إضافتي كصديق طفولة ولم يرد، كتبت له رسالة أعرفه بنفسي: أنا "كريظ" الذي درس معك في الطفولة، رغم ذلك لم يرد علي ولم يقبلني في لائحة أصدقائه برغم أني تابعت بعض منشوراته (يفترض أنه قرأ رسالتي ماعدا إذا كان لا يطل أحيانا على الرسائل والله أعلم!)، رغم ذلك يبقى بالنسبة لي واحدا من الذين لم تنفيهم ذاكرتي من محيطها الجميل، محيط زمن الوصل الطفولي.
في نفس السياق، صديق آخر، كان يكبرني بسنة، لكنه لم يكن يوما معنا في الكُتَّاب، كان ينتمي إلى الأسر العصرية حسب انطباعي الطفولي، كان اول من أشبعني لكما في طفولتي، وكان يسميني ب"الشلح لقروفي" (لا ادري حتى الآن ماذا يعني هذا التعبير القدحي)، عند هجرتي إلى القرية المتحضرة نسبيا (قلعة جبل عوام المعروفة بالنضال المنجمي) لم أكن أعرف من الدارجة المغربية إلا كلمة "الدواز والفوطة"، الدواز هو التعبير الآخر لأكل مغربي معروف الآن بالطاجين، "الفوطة" هي منشفة غسيل اليدين أو الحمام بشكل عام، لكن هنا مرتبطة بالأكل وغسل اليدين عند الأكل، وحتى عندما أعود إلى أهلي المجاورين لقبيلة القردة بغابات الأطلس المتوسط، حين يسألوني عما تعلمته من العربية أقول لهم "الدواز والفوطة" بغض النظر عما تعنيه الكلمتين الآن في قاموسي المعرفي، ففعل دوزن بالعربية هو عملية ضبط إقاعات الآلة الموسيقية لكن في الدارجة المغربية تعني أمرا آخر، تعني تهذيب الأكل بخلطة معينة، "دوز الخبز بالزيت" طلي الخبز بالزيت لأكله، "دوز لقدام"، مر إلى الأمام، وبشكل عام هو عملية تمرير الشيء بشكل مهذب ومنه كلمة الدواز الشعبية التي تعني في آخر المطاف ما به يمرر الخبز ومنه الطاجين في المغرب. في طفولتي كنت مغرورا بقامتي، كنت الأطول بين أقراني بفضل خبز القمح الصلب الذي نتناوله في منطقتي والله أعلم (أقول هذا من باب الاستئناس فقط)، كنا نسمي خبز جبل وعوام وطحينه بالخبز الرومي (الفرنسي بمعنى آخر) بينما خبزنا من القمح المزروع في مزارعنا بالخبز الحقيقي (البَلْدي)، في صراع على خلفية عربيتي البدائية وقعت خصومة مع صديقي هذا فأشبعني لكما فيها لأن الخصام عندنا في البلدة حيث نجاور قرود الأطلس كان الخصام هو المصارعة: الإسقاط بالمصارعة والضرب حين يكون الخصم تحتك، وصديق الطفولة هذا لم يترك لي فرصة الإمساك به لإسقاطه، فيما بعد، بقي الخوف منه تجليا موضوعيا إلى أن تعلمت أنا أيضا الخصام العصري الذي تبلور مع ظهور التلفزة التي كانت تنقل لنا مباراة الملاكمة لمحمد علي وبعده ظهرت أفلام بروسلي في السينما وطبعا العنف الأمريكي بشكل عام، في الثانوي كانت لنا خصومات رياضية في كرة القدم لا ترقى طبعا إلى أن نكون أعداء، لكن ظهرت تناقضات أخرى مع تبلور الوعي الطبقي، كنت أميل إلى الماركسية وهو كان يميل إلى الليبيرالية بشكل لم يرق الأمر إلى أن نكون أعداء في فهمي على الأقل إذ بمجرد ما طلع لي اسمه في "تانعيمالت" الفايسبوك سارعت إلى طلب إضافتي إلى لائحة أصدقائه وتجاهلني رغم مراسلتي له.. لم يكن بيننا حقد موضوعي، لم نكن أصدقاء أوفياء في الطفولة بمعنى لم نكن نشارك أسرار ومغامرات وغير ذلك لكن بالتأكيد لم نكن أعداء، لكن الجميل في تذكره هو هذا الحنين من وصل الشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب رغم المفارقة.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس وجودية
- السخرية حين ترقص تلقائيا
- المهرولون
- الغباء الاستراتيجي
- طريق الحرير الصيني الماركسي
- معنى أن تكون شيوعيا في المهجر
- ذو المعاشين
- الجيل المهذب
- تيوولين! (قلبيات أوالقلب بالقلب)
- سجن في سبيل الله!
- روميو وجولييت الأمازيغيين: -إيسلي- و-تيسليت-
- الإضراب!
- في فلسفة الألوان: ضد -تزميل- المجتمعات الإنسانية
- هل يمكن ان تنجح وساطة عربية أو دولية في حقن العلاقات المغربي ...
- مشكلة الهوية داخلية
- هنيئا للطبقة العاملة في يومها العالمي برغم افتراس وحدتها
- مو عنذا بوالحوب اوا
- ثورة البقر في الرباط
- عيشة قنديشة (كل الثائرات متشابهة)
- فارس اليانصيب


المزيد.....




- هيام عباس تحصد -الهرم الذهبي-.. مهرجان القاهرة السينمائي يكش ...
- صورة من غزة.. نزوح بعد إخلاء
- نظرية الفوضى في الشعر العباسي.. مقاربة نصيّة في شعر أبي نواس ...
- من بينهم الفنّان خالد النبوي.. مهرجان -القاهرة السينمائي- ال ...
- شاركت في -العراب- وتألقـت في أفلام وودي آلن .. نجوم هوليوود ...
- -تانيت إكس آر-: منصة غير ربحية توثق التراث التونسي رقميا
- اكتشاف قلعة عسكرية على طريق حورس الحربي في شمال سيناء
- انطلاق الدورة السادسة لمهرجان بغداد الدولي للمسرح
- ظهرت في أكثر من 60 فيلما..وفاة الممثلة ديان كيتون عن 79 عاما ...
- حربٌ هزمت المجتمعَين وأسقطت كذبة وحدة اللغة والتاريخ المشترك ...


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - فايسبوك -تانعيمالت-