مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 22:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
أسلوب جديد للسيطرة السياسية على العالم، من خلال ما تمارسه “مافيا” تهريب الأموال عبر الملاذات الضرائبية الآمنة أو ما يسمى بـ “الأوف شور” “offshore”، التي يمر من خلالها حوالي ثلثي إجراءات التجارة العالمية، وإذا كانت هناك قناعة لدى الملايين في العالم بأن ثمة ما هو فاسد في النظام الاقتصادي العالمي، فإن هذا الكتاب يبحث في المصدر الأصلي لهذه العلة.
الأوف شور
يطلق تعبير الـ”offshore” على بعض الجزر القريبة من الداخل الأوروبي، مثل جزر البهاما وجرسي والكايمان، التي كانت جزءا من مستعمرات سابقة، ورغم أنها تتمتع في غالبيتها باستقلال ظاهري عن البلد الأم، فإنها مرتبطة عن كثب بالعواصم المالية والسياسية الكبرى، وتعد هذه الأماكن ملاذات آمنة لإيداع أموال الكبار وأموال الجريمة والأموال المنهوبة، حيث تضمن سرية المودعين، ولا تكاد تخضع أموالهم لضرائب تذكر، وهذه الملاذات ليست مقصورة على تلك الجزر، بل هي موجودة في قلب العواصم الكبرى، ولذلك يستخدم تعبير “الأوف شور” للدلالة على تلك الملاذات الآمنة للأموال.
يحيطنا بنا عالم “الأوف شور” من كل جانب، ويمر أكثر من نصف التجارة العالمية، على الأوراق على الأقل، من خلال الملاذات الآمنة، وأكثر من نصف الأصول المصرفية، وثلث الاستثمارات الأجنبية للشركات متعددة الجنسية تمر عبر “الأوف شور”، وحوالي 85% من التعاملات المصرفية وإصدار السندات يحدث في مكان يسمى اليورو ماركت، وهي منطقة “أوف شور” غير تابعة لأية دولة، وفي العام 2010 قدر صندوق النقد الدولي أن الميزانيات العمومية لجزر المراكز المالية الصغيرة وحدها يبلغ مجموعها 18 تريليون دولار ما يعادل ثلث حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وذكر تقرير مكتب المساءلة الحكومي الأميركي في العام 2008 أن 83 من أكبر مائة شركة أميركية لها أفرع في الملاذات الآمنة، واكتشف بحث أجرته في 2009 شبكة “عدالة الضرائب” أن 99 من أكبر مائة شركة أوروبية كانت تستخدم أفرع “أوف شور”، وفي كل من تلك البلاد، كان أحد البنوك هو أكبر مستخدم لتلك الأفرع، ولا توفر أماكن “الأوف شور” فقط تهربا من الضرائب، بل أيضا توفر السرية، والهروب من القواعد المالية التنظيمية، وفرصة لتجاهل السلطات القضائية الأخرى، أي في البلاد التي يعيش فيها غالبية سكان العالم.
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟