مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 8418 - 2025 / 7 / 29 - 23:24
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مع ظهور المقايضة في عملية التبادل واجهت المجتمعات الكثير من الصعوبات، أمام عملية تبادل لسلعة مقابل سلعة، وفي ظل التخصص وتقسيم العمل واتساع نطاق المبادلة، بدأت المجتمعات الإنسانية بالبحث عن أفضل السبل للقضاء على هذه الصعوبات، فاختارت المجتمعات بعض السلع كالقمح والشعير، الملح، البن، الشاي، التبغ، السكر، الذهب، الفضة، النحاس، البرونز، رؤوس الماشية إلخ، وقد حظيت هذه السلع بالقبول العام لتقدير قيمة السلع والخدمات ووسيط في التبادل وأداة للدفع.
كانت الصفة المشتركة التي تجمع بين هذه السلع استخدامها استخداماً مزدوجاً، الأول قدرتها على تلبية حاجات الإنسان، والثاني استخدامها كوسيط للمبادلة، لذلك كان الشرط الأساسي لكي تؤدي هذه السلع دورها أن تكون قيمتها النقدية مساوية لقيمتها كسلعة.
مع مرور الوقت بدأت المجتمعات البشرية تكتشف عيوب استخدام هذه السلع في عملية المبادلة منها:
• مشكلة عدم قابليتها للتجزئة، وصعوبة حملها،
• وعدم ثبات قيمتها،
• تعرضها للتلف والضياع بفعل الاستعمال المتكرر.
وأصبح التوجه نحو المفاضلة بين السلع النقدية للوصول إلى سلعة أكفأ لأداء وظيفة النقود في عملية المبادلة، فكان التوجه نحو اختيار النقود السلعية المعدنية.
تم استخدام العديد من المعادن كالحديد والنيكل والنحاس والذهب والفضة والرصاص والبرونز تشترك جميعها في أنها قادرة على القضاء على عيوب السلعة النقدية غير المعدنية، وتشترك في قابليتها للتجزئة وتجانسها وندرتها وعدم تعرضها للتلف بسرعة والديمومة. فرأس الماشية غير متجانس مع مثيلاتها من الماشية، فمنها صغير الحجم ومنها كبير الحجم... إلخ، لكن بمجرد اكتشاف مناجم للعديد من هذه المعادن زالت فكرة ندرتها وزاد المعروض منها بدرجة كبيرة تسببت في حدوث تدهور كبير في قيمتها، وهذا أمر يفقدها واحداً من أهم خصائص النقود "الاستقرار النسبي في القيمة"، لذلك بدأ التوجه لاستبعاد بعض المعادن عن أداء دورها كنقود، واقتصر الأمر على المعدنين الثمينين (الذهب، الفضة ) فقط.
ثم برزت فكرة سيادة الدولة على إصدار العملة من خلال قيامها بعملية سك النقود، وفيها يتم تحديد ما تحويه الوحدة النقدية في وزنها ذهبا أو فضة بدرجة عينة من النقاوة (العيار)، وتطبع عليها شعار الدولة لإعفاء الناس من متاعب التحقق من الوزن في كل معاملة، وكان تداول هذه المسكوكات متعلق بتحقق التعادل بين قيمة المعدن كسلعة وقيمته كنقـد ( وحدة نقدية)، فمثلاً كانت القيمة القانونية (الرسمية) للباوند الذهبي الإنكليزي عام 1914 تساوي 20 شلن، فعندما يتم صهر الباوند يستطيع حامله أن يحصل لقاء ما أجتمع لديه من الذهب على عشرين شلناً.
استمر التعامل بالمسكوكات كنقود إلى أن ظهرت مشاكل جديدة عديدة كمحاولات الغش في الوزن، وعملية السرقة التي كان يتعرض لها التجار بعد تطور التجارة ونموها وزيادة حجم المعاملات في عمليات المبادلة. دفعت هذه الظروف إلى ابتكارات جديدة لحل المشاكل العالقة باستخدام النقود في عملية المبادلة، فظهرت النقود الائتمانية.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟