مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 22:40
المحور:
الادارة و الاقتصاد
كانت المقايضة (مبادلة منتج مقابل منتج آخر) هي السائدة قبل ظهور النقود، وتعني عملية المقايضة استبدال منتج معين بمنتج آخر. وتتناقض المبادلة عن طريق المقايضة مع المبادلة بالنقود، ذلك لأنَّ المنتجات (الملابس والأحذية والماشية والدواجن والخضروات) لا تعد نقودًا مقبولة بصفة عامة، بحيث يمكننا استخدامها فـي شراء السلع والخدمات التي نحتاج إليها. ومع أن عملية المبادلة بالمقايضة تعد أفضل نسبيًا من عدم الاتجار أو التبادل التجاري على الإطلاق، إلاَّ أنها تظل محفوفة بالعديد من المساوئ والمخاطر، وذلك لأنَّه من المستحيل تقسيم العمل بطريقة محكمة بدون وضع الاكتشاف الاجتماعي العظيم للنقود فـي الحسبان.
وبتطور الاقتصاد وزيادة عدد المنتجات المخصصة للمبادلة، لم يعد الناس يقومون بالمقايضة. فبدلاً من ذلك، أصبحوا يقومون ببيع السلع مقابل النقود، ثم يستخدمون النقود لشراء سلع أخرى يحتاجون إليها ويرغبون فيها. وللوهلة الأولى، (قد يبدو أن ذلك من شأنه تعقيد الأمور بدلاً من تبسيطها، حيث إن هذا النظام يستعيض عن عملية تجارية واحدة باثنتين. فإذا كان لديك تفاح وتريد شراء ثمرات الجوز، أليس من الأفضل أن تستبدل التفاح بالجوز مباشرة بدلاً من أن تبيع التفاح أولاً مقابل النقود، ثم تقوم بدفع تلك النقود لشراء الجوز؟).
هل يعد إجراء عمليتين تجاريتين نقديتين أبسط من عملية مقايضة واحدة؟ أجل، فمثلاً: قد يرغب بعض الأفراد فـي شراء منتج، بينما يود البعض الآخر بيع منتج آخر، فمن الصعوبة بمكان أن نجد شخصاً تتوافق رغباته تماماً مع رغبات الشخص الآخر.
وبعبارة اقتصادية تقليدية، فبدلاً من وجود (توافق مشترك فـي الرغبات)، تظهر (رغبة مشتركة فـي التوافق). وبنفس المنطق، وفـي ظل نظام التبادل بالمقايضة – يتحتم على مربي المواشي الذي يحتاج للحبوب أن يتقابل مصادفة مع أحد المزارعين المنتجين للحبوب ويحتاج المزارع لشراء رأس الماشية، وإلاَّ فلن يتمكن أي منهما من إجراء تجارة مباشرة.
المجتمعات التي قامت بعمليات تجارية على نطاق واسع، لم تتمكن من اجتياز معوقات هيمنة المقايضة بسهولة. لكن النقود، كوسيلة مباشرة مقبولة بصفة عامة، سمحت للمزارع بشراء رأس الماشية من مربي المواشي، الذي تمكن من شراء الحذاء من الإسكافي، الذي يمكنه بدوره شراء الفاكهة من المزارع.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟