أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - كرم الدين حسين - جيل Z وإشكالية السلطة التنفيذية في المغرب: من يحكم فعليًا؟














المزيد.....

جيل Z وإشكالية السلطة التنفيذية في المغرب: من يحكم فعليًا؟


كرم الدين حسين
صحفي باحث وكاتب

(Karameddine Hcine)


الحوار المتمدن-العدد: 8491 - 2025 / 10 / 10 - 22:41
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


شهد المغرب في الأسابيع الأخيرة احتجاجات واسعة قادها جيل Z، الجيل الذي وُلد في ظل الانفتاح الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، والذي كثيرًا ما وُصف بأنه جيل غير مبالٍ بالشأن السياسي. لكن المفاجأة أن هذا الجيل فجّر موجة من الغضب الاجتماعي والسياسي أربكت الدولة والنخب معًا. فالمطالب المرفوعة لم تقتصر على الأوضاع المعيشية أو الاقتصادية، بل فتحت النقاش من جديد حول سؤال أعمق: من يقود فعليًا السلطة التنفيذية في المغرب؟ هل هو الملك أم رئيس الحكومة؟

هذا السؤال ليس وليد اللحظة، بل هو تراكمٌ لإشكالية دستورية وسياسية عمرها عقود. غير أن احتجاجات جيل Z أعادت طرحه بحدة، لأنها كشفت هشاشة فكرة المسؤولية السياسية في المغرب، وأبرزت الغموض الذي يكتنف توزيع السلطة التنفيذية بين رأس الدولة ورئيس الحكومة.

ازدواجية السلطة التنفيذية: نصوص دستورية غامضة وممارسة واقعية

ينص دستور 2011 على أن "الملك هو رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، وضامن دوام الدولة واستمرارها"، كما ينص على أن "رئيس الحكومة يمارس السلطة التنفيذية". هذا التقسيم النظري يبدو في ظاهره متوازنًا، لكنه في الممارسة اليومية يكشف عن إشكالية كبيرة. فالملك يترأس المجلس الوزاري، ويعين الوزراء الاستراتيجيين، ويتحكم في ملفات السيادة والأمن والدين والسياسة الخارجية، فيما يظل رئيس الحكومة في كثير من الأحيان مجرد "منسق" للسياسات الحكومية، أكثر منه صاحب القرار النهائي.

هذه الازدواجية تجعل المسؤولية السياسية مائعة: حين تُحقق إنجازات تنموية تُنسب للملك، وحين تتعثر الحكومة في مواجهة أزمات اقتصادية أو اجتماعية، يُلقى باللوم على رئيس الحكومة. النتيجة أن المواطن يجد نفسه أمام معادلة غامضة: من يحكم حقًا؟ ومن يُحاسب؟

احتجاجات جيل Z كمرآة للأزمة السياسية

جيل Z، بحراكه المفاجئ والقوي، لم يكن فقط يعبر عن غضب اجتماعي مرتبط بالبطالة وغلاء الأسعار وغياب العدالة الاجتماعية، بل جسّد أيضًا أزمة ثقة عميقة في البنية السياسية.
فشعاراته وأسئلته الضمنية أظهرت وعيًا بأن تحميل المسؤولية لرئيس الحكومة وحده غير منطقي، ما دام الدستور نفسه يضع حدودًا غامضة لصلاحياته. كما أن غياب آليات واضحة للمحاسبة السياسية جعل الشباب يشعر أن كل مؤسسات الوساطة – من أحزاب ونقابات – مجرد واجهات شكلية، وأن القرار السياسي الحقيقي يظل في مكان آخر غير قابل للنقد أو المساءلة.

هذا ما يفسر أن الحراك الاجتماعي سرعان ما تحوّل إلى نقاش سياسي ودستوري: فبدل أن يتوجه الغضب نحو شخص رئيس الحكومة وحده، بدأ يُطرح السؤال عن طبيعة النظام السياسي نفسه وعن الحاجة إلى إصلاح دستوري يحدد بوضوح من يحكم ومن يتحمل المسؤولية.

دستور 2011: إصلاح مؤجل أم نصف ثورة دستورية؟

عندما جاء دستور 2011 في سياق الربيع العربي، رُوّج له باعتباره نقلة نوعية نحو "ملكية برلمانية" تضع الحكومة في قلب السلطة التنفيذية. غير أن التجربة أثبتت أن النصوص تركت هوامش واسعة لتأويلات تُبقي القرار الاستراتيجي بيد المؤسسة الملكية.
بعبارة أخرى، كان دستور 2011 نصف ثورة دستورية: قدّم واجهة إصلاحية حديثة، لكنه لم يحسم في مسألة من يقود فعليًا السلطة التنفيذية. اليوم، ومع احتجاجات جيل Z، يبدو أن هذا الغموض لم يعد مقبولًا، لأن الشارع يطالب ليس فقط بتحسين معيشته، بل أيضًا بمعرفة الجهة التي تُحاسب على القرارات الكبرى.

الحاجة إلى تعديل دستوري جديد

السؤال الآن: هل يحتاج المغرب إلى تعديل دستوري جديد يوضح الاختصاصات بشكل نهائي؟
الجواب يبدو أقرب إلى الإيجاب. فالممارسة السياسية خلال العقد الأخير أظهرت أن:

1. ازدواجية السلطة التنفيذية تعطل فعالية القرار.


2. غياب وضوح الاختصاصات يضعف مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.


3. أي إصلاح سياسي حقيقي لن ينجح إذا لم يكن هناك وضوح في من يحكم ومن يُحاسب.



المطلوب ليس بالضرورة تقليص صلاحيات الملك أو توسيع صلاحيات رئيس الحكومة بشكل مطلق، بل إعادة تعريف العلاقة بين المؤسستين في اتجاه يضمن:

وضوح المسؤولية السياسية.

انسجام القرار التنفيذي.

إنهاء لعبة "إلقاء اللوم" التي تُستخدم عند كل أزمة.


دروس من الشارع إلى الدستور

احتجاجات جيل Z كانت بمثابة جرس إنذار. صحيح أن دوافعها اجتماعية في الأساس، لكنها أماطت اللثام عن أزمة أعمق في النظام السياسي المغربي: أزمة وضوح السلطة التنفيذية.
لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب، وخاصة الشباب، لم يعد يقبل بالغموض في من يقود مصيره، ولم يعد يرضى بأن يُقدّم له رئيس حكومة محدود الصلاحيات ككبش فداء لكل أزمة.

إذا كان المغرب يريد فعلاً أن يبني مستقبلًا ديمقراطيًا مستقرًا، فإن الطريق يمر عبر إصلاح دستوري شجاع، يحدد بوضوح من يقود السلطة التنفيذية: هل هو الملك، أم رئيس الحكومة؟ ودون هذا الوضوح، ستظل الثقة مهزوزة، وستظل كل احتجاجات جديدة مرآة تكشف عجز النظام السياسي عن تقديم أجوبة مقنعة.



#كرم_الدين_حسين (هاشتاغ)       Karameddine_Hcine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنوان المقال: احتجاجات -جيل Z- في المغرب: احتجاج غير مؤطر أم ...
- الحالم المحطم
- هي الحكاية
- احتمالية إطاحة بالنظام الإيراني على غرار العراق هل التاريخ ي ...
- لعبة الأقدار
- الساحل الإفريقي.. المسرح الحقيقي لصراع النفوذ بين المغرب وال ...
- الروح و جراح
- منتصف الاشياء
- تحولات الفكر والمسار-- مقارنة بين أحمد الشرع (الجولاني) وسيد ...
- في حضن الشوق
- هل تحررت سوريا بعد سقوط النظام البعثي؟
- صراع الآراء في المغرب: الإسلاميون والعلمانيون على وقع عدوان ...
- زيارة ماكرون للمغرب: مكاسب دبلوماسية بمواجهة مأزق تصريحات ال ...
- سكوت الأمم المتحدة عن قصف إسرائيل لمراكز الأونروا في لبنان: ...
- حرية التعبير في الدفاع عن القضايا العادلة: بين قضية الصحراء ...
- تدبير الأزمات السياسية في العالم العربي: الأزمة الحالية في ف ...
- اغتيال البطل، ولادة الأسطورة
- المغرب اليوم: الوطن الذي يبكي شبابه
- عبادة عشق
- هل حان وقت وفاة الأمم المتحدة؟


المزيد.....




- بيان المكتب الجهوي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة الجنوب ...
- بيان صحفي صادر عن القوى الثلاث – الجبهة الشعبية وحماس والجها ...
- حماس والفصائل الفلسطينية: مساع لعقد اجتماع وطني بدعم مصري لت ...
- اجتماع حاسم لليسار مع ماكرون وترقب لاختيار رئيس جديد للوزراء ...
- حرمان ابو الديار من الترشح للانتخابات.. النظام ينكل بالمعارض ...
- فرنسا: قادة أحزاب استقبلهم ماكرون يؤكدون أن رئيس الوزراء الم ...
- تركيا ترفع حظر الطيران على مطار في إقليم كردستان العراق بعد ...
- إتصال هاتفي بين الجبهة الديمقراطية وحزب النهج الديمقراطي الع ...
- سفيان كرت، الوجه الأبرز لحراك الصحة باكادير يزج في السجن بته ...
- يوسف الكواري عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية : قا ...


المزيد.....

- ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا ... / بن حلمي حاليم
- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - كرم الدين حسين - جيل Z وإشكالية السلطة التنفيذية في المغرب: من يحكم فعليًا؟