أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - حينما يؤمن الانسان بالانسان














المزيد.....

حينما يؤمن الانسان بالانسان


زيتوني ع القادر

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


🕊️ حين يؤمن الإنسان بالإنسان

ليس في التاريخ ما هو أنبل من أن يهبّ الإنسان للدفاع عن أخيه الإنسان، دون أن يسأله عن دينه أو لونه أو لغته. هناك لحظة تتجاوز كل الانتماءات، يصبح فيها الضمير هو البوصلة الوحيدة، والعدالة هي الوطن الأكبر. في تلك اللحظة وُلدت بطولات (راشيل كوري،) و(محمد بودية)، و(توم هرندل)، و(فرانسواز هنري كاستيمان)، ورفيقهم( كارلوس)، وشهداء سفينة مرمرة.(

محمد بودية،) المناضل الجزائري الذي خرج من رحم الثورة إلى فضاء الإنسانية الرحب، لم يقف نضاله عند حدود وطنه، بل حمل القضية الفلسطينية في قلبه كأنها امتداد لثورة الجزائر. لم يبحث عن مجدٍ شخصي ولا عن منصب، بل عن معنى للحرية يتجاوز الحدود. اغتاله “الموساد” في باريس، لكن صوته ظل يعلو في ذاكرة كل الأحرار: أن العدل لا وطن له إلا القلوب الشجاعة.

وبجواره، كان كارلوس، ذاك الذي دفع حريته ثمناً لقناعته بأنّ الصمت جريمة، وبأن مقاومة الظلم واجب مهما كانت الكلفة. لم يكن يحمل شعاراً دينياً ولا أيديولوجياً ضيقاً، بل التزم بإنسانيته التي لا تقبل أن يرى القهر ويصمت.

ثم جاءت الفرنسية (فرانسواز هنري كاستيمان،) التي تركت دفء أوروبا لتنزل إلى لبنان بعد عام 1980، تحمل حقيبة علمها وقلبها، تبحث عن علاج للفقراء، فوجدت نفسها وسط المعركة تدافع عنهم بالسلاح وبالضمير. تلك النحيلة التي وصفها روجيه غارودي، كانت تجسيداً لإنسانية لا تعرف إلا لغة الرحمة والمقاومة في آنٍ واحد.

وفي بدايات القرن الجديد، أشرقت شمس أخرى على غزة باسم (راشيل كوري،) الشقراء الأمريكية التي لم تعرف العربية، لكنها فهمت لغة المظلومين. وقفت أمام جرافة الاحتلال بجسدها الصغير، كأنها تقول للعالم: "كفى". سُحقت تحت الفولاذ، لكن كلماتها ظلت تصرخ في وجه التاريخ: «احموا الطفولة من الخراب».

بعد عامٍ واحد فقط، سار على خطاها( توم هرندل،) الشاب البريطاني الذي حمل طفلة فلسطينية بين ذراعيه ليحميها من الرصاص، فاخترقت الرصاصة جسده وجسدها معاً، كأن الموت اختار أن يجمع بين من أحبّوا الحياة من أجل غيرهم.

ثم جاء عام 2010 ليشهد ملحمة أخرى على مياه المتوسط، حين أبحرت سفينة مرمرة محملة بالإنسانيين من شتى الأجناس، رافعين راية واحدة: كسر الحصار عن غزة. لم يسأل أحدهم الآخر عن عقيدته أو لغته، لأن الموج كان يوحّدهم والكرامة كانت مقصدهم. سقط أكثر من ثلاثة عشر شهيداً، لكن البحر احتضن أجسادهم كمن يحتفظ بأجمل أسراره.

هؤلاء لم يكونوا قديسين ولا أنبياء، بل بشراً عاديين أدركوا أن الإنسانية لا تكتمل إلا بالفعل. لم تجمعهم أيديولوجيا ولا حزب ولا طائفة، بل إحساسٌ فطري بأن الظلم عار، وأن الدفاع عن المقهورين شرف لا يزول. لقد علمونا أن البطولة ليست في حمل السلاح فقط، بل في حمل الوجع، في الإصرار على قول “لا” حين يصمت الجميع.

واليوم، حين تمتلئ شوارع العواصم الأوروبية والعالمية بآلاف المتظاهرين الرافعين أعلام فلسطين، نرى في وجوههم صدى تلك الأرواح الخالدة. لم تمت راشيل كوري، ولا توم هرندل، ولا محمد بودية؛ بل تحوّلوا إلى نبضٍ في كل خطوة تسير في ميادين لندن وباريس وبرلين ومدريد.
تلك المظاهرات العالمية ليست مجرّد احتجاجات سياسية، بل استمرارٌ لرسالةٍ إنسانية واحدة: أن الضمير لا جنسية له، وأن الإيمان بالحق لا يحتاج إلى دينٍ أو أيديولوجيا، بل إلى قلبٍ يرى في الظلم جريمةً ضدّ الإنسانية جمعاء.
هكذا، تمتد تضحيات الأحرار عبر الزمن، لتُذكّرنا بأن الإنسان، ما دام يؤمن بالإنسان، سيبقى قادراً على أن يواجه الفولاذ بالضمير، والرصاص بالموقف، والصمت بالصرخة التي لا تموت
معلومات منتقاة من مقال
هذا يكفي عن مقري
ل Djalal haider



#زيتوني_ع_القادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تكون هنا عندما انادي عابك
- لن تكون هنا عندما انادي عليك
- البيضة والدجاجة
- حياتنا في خطر
- ثائر يزرع الامل
- بشير : مقطف من : ونست السماء ان تمطر
- سفر ميمون دونكيشوط
- سفر ميمون دون كيشوط
- الو...فلسطين بتحكي
- حلم مزعج
- الساق فوق الساق في ثبوت رؤية هلال العشاق : الزاوي امين الصدق ...
- ضربات
- قصص قصيرة جدا
- ماذا حدث ويحدث بعد:
- ما حدث ويحدث بعد
- قبل الحب بقليل
- الجميلة والوحش
- كيف ينظر الاخر للادب العربي
- سوق الامل
- flashs


المزيد.....




- مهرجان الدوحة السينمائي ينطلق بتكريم جمال سليمان ورسائل هند ...
- 200 شخصية سينمائية أجنبية تحضر فعاليات مهرجان فجر الدولي
- كتابة الذات وشعرية النثر في تجربة أمجد ناصر
- الكلمة بين الإنسان والآلة
- الفنان الأمريكي الراحل تشادويك بوسمان ينال نجمة على ممشى الم ...
- مصر.. الأفلام الفائزة بجوائز مهرجان -القاهرة السينمائي- الـ4 ...
- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيتوني ع القادر - حينما يؤمن الانسان بالانسان