أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رؤى زهير شكر - -قصائدي جزء من جسدي-: الشاعرة الفلسطينية بتول أبو عقلين تتحدث عن الحياة في غزة















المزيد.....

-قصائدي جزء من جسدي-: الشاعرة الفلسطينية بتول أبو عقلين تتحدث عن الحياة في غزة


رؤى زهير شكر

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 22:12
المحور: الادب والفن
    


اعداد : كلير ارمستد
ترجمته عن الغارديان: رؤى زُهير شُكر

تُعد الشاعرة ابوعقلين من أبرز الشهود على الصراع الغزي ، تتحدث عن أحلامها في أكسفورد، ووفاة أصدقائها، وكيف شكّلت المأساة شخصيتها، وهي فقط في عمرها العشرين
كانت الشاعرة بتول أبو عقلين تتناول الغداء في الشقة الساحلية التي أصبحت أحدث ملجأ لعائلتها المكونة من سبعة افراد ، عندما ضرب صاروخ مقهىً قريب. حيث كان آخر يوم من حزيران ، وهو الاثنين العادي كما الايام الاخر في مدينة غزة. وتقول: "كنت أحمل غلاف الفلافل وأتطلع من النافذة ، وهزت النافذة". في غضون لحظة ، مات العشرات من الرجال والنساء والأطفال ، في مشهدٍ بشع تمت تغطيته عالميا .ودون مبالاةٍ لما يحدث كشخص خدرهُ الرُعب تُضيف ابو عقلين قائلةً : ( لا اشعر بالواقع احيانا)
الا ان هذا الانطباع مُضلِّلا. ففي العشرين من عمرها فقط، تُصبح أبو عقلين واحدة من أبرز معاصري حروب غزة وأكثرهم جرأة، فقد نالت مجموعتها الشعرية الأولى إشاداتٍ من الروائية آن مايكلز، والكاتبة المسرحية كاريل تشرشل، والشاعر حسيب حوراني، وغيرهم. لقد كرّست نفسها للبحث عن لغةٍ تصف ما لا يُقال، لغةً قادرةً على التعبير عن سريالية الواقع الغزي وعبثيته، فضلًا عن مآسيه اليومية.
في قصائدها، تُطلق صواريخ من مروحيات أباتشي، مُشيرةً بشكلٍ عابرٍ إلى دور الولايات المتحدة وتاريخها في الإبادة؛ بائعة آيس كريم تبيع جثثا مُجمدة للكلاب؛ امرأةٌ تتجول في الشوارع، تحمل المدينة المُحتضرة بين ذراعيها، مُحاولةً شراء هدنةٍ مُستعملة (لا تستطيع، لأن سعرها في ارتفاعٍ مُستمر). تحمل المجموعة نفسها عنوان "48 كغم". تُفسّر أبو عقلين ذلك كون المجموعة تتكون من 48 قصيدة، تُمثّل كلٌّ منها كيلوغراما من وزنها. حبث قالت : أعتبر قصائدي جزء من جسدي، لذلك جمعتُ جسدي، تحسبا لتعرضي للتهشيم المقسط وعدم وجود من يدفنني.
تم اجراء هذا الحوار عبر مكالمة فيديوية من مركز عمل قريب من منزلها. كانت أبو عقلين ترتدي ملابس أنيقة، بألوان سودٍ وبيض مُربعة، بخاتمين يتدحرجان في إصبعيها، وكانا دليلا على ذوقها الرفيع في الموضة، من جانبٍ اخر تحدثت عن حبها للخواتم متزامنا مع كارثة أخرى. فقد قُتلت إحدى صديقاتها المقرّبات، وهي المصورة الصحفية فاطمة حسونة، في قصفٍ ربيعي هذا العام، قبل شهر من العرض الأول لفيلمها الوثائقي "ضع روحك على يدك وامشِ" في مهرجان كان السينمائي. تقول أبو عقلين إن حسونة كانت تحب الخواتم. كانتا تتحدثان عنها وعن غروب الشمس في الليلة التي سبقت وفاتها. "الآن أتساءل: هل عليّ أن أتذكرها بارتداء خواتمي أم خلعها؟
أبو عقلين هي اكبر خمسة أطفال ولدوا في عائلة مثقفة في مدينة غزة. والدها محامي كما عملت والدتها كمهندسة معمارية. لقد بدأت في الكتابة عن عمر ناهز 10 سنوات "بدأت للتو" ، كما تقول. قبل مضي وقت طويل ، كانت المعلمة تخبر والديها أن ابنتهما لديها موهبة استثنائية يجب رعايتها. منذ ذلك الحين كانت والدتها أول قارئ ومحرر لها.
في الخامسة عشرة من عمرها ، فازت في مسابقة شعرية دولية وبدأت بكتابةِ قصائد فردية في المجلات والمختارات. الا انها لم تكن تكتب ، بل رسمت ايضا . فقد كانت "الطالب المثابر الذي يدرس كثيرا" ، فقد تفوقت في اللغة الانكليزية ، وهي تتحدث الآن بطلاقة بما يكفي لتتمكن من ترجمةِ عملها ، على الرغم من أنها لم تسافر أبدا خارج غزة. وتقول: "اعتدت أن أحلم كثيرا وكان أحد الاحلام هو الذهاب إلى أكسفورد". لتُحفز نفسها على مخاطبة مكتب اكسفورد فقرأت الرد : "أكسفورد في انتظاركِ".
سعا للحصول على شهادة في الأدب الأنكليزي والترجمة في الجامعة الإسلامية في غزة ، وكانت على وشك بدء عامها الثاني حينما شنت حماس هجومها في 7 تشرين الاول على إسرائيل.تقول ابو عقلين : قبل الإبادة الجماعية ، كنت مدللة واعتدت على الشكوى والتذمر من حياتي. بعدها وجدت نفسي أركض فقط محاولةً البقاء على قيد الحياة.." هذه السمات ،هي من منحت السلام امتيازات تم أخذها باعتبارها أمرا مفروغا منه ، وهو ما قد وِجِدَ في قصائد ابو عقلين من خلال ذكرها : "حافلة تستخدم لملئ شارعنا بالملل" ، كما يبدأ أحدهم ، والذي ينتهي ، يتسول ، "قد يعود إلى شوارعنا". تتذكر عبارة آخرى "موت المستشفى غير الرسمي" وهو تذُكرٌ لجدها ، الذي كان يعاني من الخرف ، التي أعربت عن أسفها فيما بعد لرحيله "في قصائد غير رسمية مثل موتك".
لم يكن مقتل جدتها، في غارة صاروخية على منزل عمها، أمرا عابرا بالنسبةِ لها. حيث تسأل الحفيدة في قصيدة: "لماذا لم تعلميني الخياطة؟"، طرحت السؤال لتتمكن من إعادة خياطة وجه جدتها وتقبيله مرة أخرى. كما يُعدّ تقطيع الأوصال موضوعا ثابتا في المجموعة، حيث الأطراف المبتورة تبكي بعضها البعض عبر الشوارع المليئة بالحفر.
حتى قررت عائلة أبو عقلين الانضمام إلى الجحافل الهاربة من مدينة غزة بعد أن أصيب أحد جيرانها بصاروخين في الشارع أمام منزلهم أثناء سيره من مبنى إلى آخر. "سمعنا صراخ امرأة، ولم يجرؤ أحد على النظر من النافذة ليرى ما حدث؛ لم تكن هناك إشارة للهاتف، ولا سيارة إسعاف. قالت أمي: "حسنا، سنغادر". ولكن إلى أين؟ لم يكن لدينا مكان نذهب إليه."
لمدة أشهر، مكث والدها في شمال غزة لحماية منزلهم من اللصوص، بينما انتقل باقي أفراد العائلة إلى مخيم للاجئين في الجنوب. "لم يكن هناك موقدا للغاز، فكنا نطهو كل شيء على نار الحطب"، تتذكر. "للأسف، كانت عينا أمي تعانيان من حساسية تجاه الدخان، فاعتدتُ خبز الخبز. كنتُ دائما غاضبة وأحرق أصابعي". تُصوّر قصيدة مستوحاة من تلك الفترة امرأةً تُذيب أصابعها واحدا تلو الآخر. "أرفع الإصبع الأوسط بين عينيّ / القنبلة التي لم تصلني بعد / وأُقرض البنصر للمرأة / التي فقدت يدها وزوجها / وسيُصالحني الإصبع الصغير / مع كل الطعام الذي كرهتُ أكله".
بعد نظمها عدة القصائد بالعربية، أعادت كتابة جميعها بالانكليزية باستثناء القليل منها. حيث تُقدّم النسختان جنبا إلى جنب. تقول: "إنها ليست تراجما، بل إعادة صياغة، مع تغيير بعض الكلمات". "النسخ العربية أثقل عليّ. كونها تحمل ألما أكثر. أما النسخة الانكليزية فانها اكثر ثقة: إنها نسخة أخرى مني - بل انها النسخة الأحدث".
في مقدمة كتابها، تُسهب أبو عقلين في الحديث عن نسختها الاحدث، فعندما كانت تتحدث العربية، كانت تفقد نفسها في خوفها من التمزق، ومن خلال الترجمة، تصالحت مع الموت. حيث تقول: "أعتقد أن الإبادة الجماعية ساهمت في بناء شخصيتي". "كما ان الانتقال من الشمال إلى الجنوب مع والدتي فقط جعلني أشعر وكأنني أحتضن عائلتي. أنا الآن أقل خجلا من قبل ".
على الرغم من تدمير منزلهم القديم، الا ان قررت العائلة خلال وقف إطلاق النار القصير في كانون الثاني من هذا العام العودة إلى مدينة غزة، واستئجار الشقة التي يعيشون فيها الآن، والمطلة على البحر. تحت نافذتهم، تستطيع أبو عقلين رؤية خيام من لم يحالفهم الحظ. قائلةً: أعيش ويسقط ألف شهيد / آكل ويجوع والدي / أكتب والقصف يُحطم يد جاري"، تكتب في قصيدة بعنوان "الخطيئة"، التي تُفاوض فيها شعورها بالذنب كناجية. حيث انها رُسمت في عمودين يُمكن قراءتهما أفقيا أو عموديا، مُجسّدةً الفجوة بين الشاعر الحيّ الكاتب الآكل والضحايا على الجانب الآخر من علامة العطف.

واصلت أبو عقلين الدراسة عبر الإنترنت مُتسلّحةً بحزمها الجديد ، وبدأت بتدريس الأطفال الصغار، بل وبدأت بالسفر قليلا بمفردها في غزة، التي كانت تُعتبر - بمنطق المجتمع المُدمّر المُعطّل - خطوةً بالغة الخطورة في الأيام الخوالي. وتقول أيضا وبشكلٍ مُفاجئ: "تعلّمتُ أن أكون وقحة، وهذا أمرٌ جيد. هذا يعني أنه يُمكنكِ استخدام ألفاظٍ سيئة مع الأشرار؛ ليس عليكِ أن تكوني ذلك الشخص المُهذّب طوال الوقت. لقد ساعدني ذلك كثيرا في أن أكون الشخص الذي أنا عليه اليوم".
في طفولتها، كان لا بدّ من إقناعها بالقراءة. ومع ذلك، تقول: "أقرأ العالم أكثر مما أقرأ الكتب". في صورها الشعرية، تُعيد الهول الذي شهدته إلى الأذهان الشابة كرأس هرم يقع على كتفين صغيرين. تقول: "هذا ما يحدث عندما يطاردك الموت". "تركضين في الحياة مسرعةً لتعيشي قدر استطاعتك، لأنكِ تعلمين أنكِ لن تتمتعي برفاهية الشباب وارتكاب الأخطاء."
يُذكر ان كتاب "48 كغم" للكاتبة بتول أبو عقلين، تمت ترجمته بالتعاون مع غراهام ليدل، ووئام التمامي، وكريستينا فيتي، وياسمين زاهر، وهو صادر عن دار تينمنت



#رؤى_زهير_شكر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيدا عن المرأة .. قريبا من عيدها
- قراءة في المجموعة القصصية القصيرة -مكان مشمس لأشخاص مظللين- ...
- شِعرية الذكاء الاصطناعي
- (حملة 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة بين الامال والواقع)
- تعريف متشابهٌ جدا
- ملحُ عمر وكافور
- نقطة النهاية
- حكاية حرب
- جثة -غودو-
- وماذا بعد؟
- مراثي النخيل
- جديلة


المزيد.....




- لقاءان للشعر العربي والمغربي في تطوان ومراكش
- فن المقامة في الثّقافة العربيّة.. مقامات الهمذاني أنموذجا
- استدعاء فنانين ومشاهير أتراك على خلفية تحقيقات مرتبطة بالمخد ...
- -ترحب بالفوضى-.. تايلور سويفت غير منزعجة من ردود الفعل المتب ...
- هيفاء وهبي بإطلالة جريئة على الطراز الكوري في ألبومها الجديد ...
- هل ألغت هامبورغ الألمانية دروس الموسيقى بالمدارس بسبب المسلم ...
- -معجم الدوحة التاريخي- يعيد رسم الأنساق اللغوية برؤية ثقافية ...
- عامان على حرب الإبادة في غزة: 67 ألف شهيد.. وانهيار منظومتي ...
- حكم نهائي بسجن المؤرخ محمد الأمين بلغيث بعد تصريحاته عن الثق ...
- مخرج «جريرة» لـ(المدى): الجائزة اعتراف بتجربة عراقية شابة.. ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رؤى زهير شكر - -قصائدي جزء من جسدي-: الشاعرة الفلسطينية بتول أبو عقلين تتحدث عن الحياة في غزة