أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف















المزيد.....

الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 10:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أفرغت الوثنية الإسرائيلية مجتمعها من وحدانية الخالق ، مستبدلة أيها بأنداد من دون الله وشركاء تحت مسميات مختلفة ، أحلت المعاصي والموبقات بفتاوى دينية سياسية ، ينتفع منها رجال الدين والكهنة والأحبار والرهبان أموالا ومناصب سلطوية ، مما أدى الى غياب عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر ، وبروز تيارات الحادية وجودية أوغلت بالملذات دون قيود ، منتجة اعتقاد وجودي أزلي رافض للبعث والنشور وداعم للتكالب الدنيوي على المال والأهواء ، فعملية انتزاعه بالإيمان والدعوة الاخروية أمرا صعبا ، فأي فكر عقائدي جديد يحد ويقيض من رغبات وملذات الوجودية الأزلية يتهم ، إما بعدم النفعية لخلوه من المصالح الشخصية والسياسية ، وإما بأكاذيب الماضي ، أثمرت دعوة شاهد بني إسرائيل في قومه عن إيمان البعض منهم ، أما الرافضين للبعث والنشور فكان ردهم كالآتي، قال الله وقال الذين كفروا للذين امنوا لو كان خيرا ما سبقونا أليه ، ما سبقونا إليه عدم نفعيته المادية ، وإذا لم يهتدوا به فسيقولون هذا أفك قديم ، أكاذيب من الماضي

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ{11}

غيب الدين السياسي الوثني الإسرائيلي الدعوات الدينية الصحيحة عن وعي مجتمعه ، حتى بات لا يعلم شيء عن تاريخ أسلافه الحافل بالأنبياء والرسل والكتب المنزلة ، الممتد من قبل الميلاد وحتى القرن السادس الميلادي ، الى حالة ان المجتمع استغرب من دعوة محمد ، والكيفية التي أصبح بها رسولا ، وما هي ماهية الكتاب الذي انزل معه ، وبناءا على شهادة شاهد بني إسرائيل في قومه ، المتضمنة صدق رسالة محمد ، وان ما جاء به من كتاب لا يختلف عن كتابي موسى والتوراة ، توجه التنزيل الى القاعدة الجماهيرية الإسرائيلية لتحفيز الوعي العقائدي ، معيدا لذاكرة أسلاف بني إسرائيل الكتب التي نزلت على أنبيائهم ورسلهم قال الله ، ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، وهذا كتابا أي القران مصدقا ، مصدق لكتابي موسى والتوراة ، لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين

وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ{12}

أدت شهادة شاهد بني إسرائيل في قومه الى استقطاب البعض منهم الى عقيدة الإيمان بالله واليوم الأخر ، وعلى أثرها تعرض الى مقاطعة أسرية وتأفف وتوبيخ من قبل احد أبنائه ، لما دعاه الى تصديق القران المُصدق لكتابي موسى والتوراة ، ولقد أثمر صمود المؤمنين بالله واليوم الأخر من بني إسرائيل أمام التحديات والوثنية والوجودية الأزلية عن رضا الله ، مطمئنا إياهم بان لا خوف عليهم من العواقب الاخروية ، قال الله ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم لا هم يحزنون ، أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{13} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{14}

لم يقتصر التعصب الوثني الإسرائيلي على المصالح السياسية والاقتصادية للطائفة ، إنما امتد الى الأسرة ، حيث تعرض شاهد بني إسرائيل وزوجه الى مقاطعة عاقة من قبل احد أبنائهما ، ناكرا عليهما رعايتهما وفضلهما في تربيته منذ الطفولة وحتى البلوغ ، أسباب المقاطعة هي ، ان الوجودية الأزلية أعطت انطباع اعتقادي بان الوالدين ليس لها دور في دعوة الإنسان الى الإيمان بالله واليوم الأخر ، كما ان دورهما في الحياة دورا وجوديا كباقي الكائنات الحية التي ترعى ولاداتها من الصغر وحتى البلوغ ، صحح التنزيل اعتقاده ناقلا إليه وصايا الله في بر الوالدين المنصوص عليها في الكتب ، ودعوات الأنبياء والرسل ، ليقدم لنا أنموذج حافل بالقيم الإنسانية الداعية الى بر الوالدين ، قال الله ووصينا الإنسان بوالديه أحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها ، وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ، قال رب أوزعني ان اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، وان اعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي ، إني تبت إليك ، واني من المسلمين

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ{15}

عرض التنزيل على الوجودية الأزلية المصير الأخروي المشرف ، لكل من تعامل بجدية وصدق مع القيم الإنسانية الداعية الى بر الوالدين ، قائلا

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ{16}

من باب المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق الوالدين ، دعوة أبنائهم الى الإيمان بالله واليوم الأخر، خوفا عليهم من عواقب المصير الأخروي ، ذلك مما دفع شاهد بني إسرائيل الى دعوة أبنائه الى الإيمان بالله واليوم الأخر ، إلا ان احدهم قابله بالتأفف والغضب رافضا غيبية البعث والنشور لاعتقاده بالوجودية الأزلية قال الله ، والذي قال لوالديه أف لكما ، أتعدانني ان اخرج ، أي اخرج يوم القيامة ، وقد خلت القرون من قبلي ، وهما يستغيثان الله ، ويلك امن ان وعد الله حق ، فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين

وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{17}

عرض التنزيل على الوثنية الإسرائيلية المصير الأخروي ، لرافضي البعث والنشور، وعاقي الوالدين للاطلاع على حالة الخسارة الأخروي ، عند جمعهم في أمم على شاكلتهم من عالمي الجن والإنس ، قال الله

أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ{18}وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{19}

يبني شياطين الاعتقادات الوثنية والأديان السياسية مصالحهم الدنيوية على الأهواء والرغبات والحريات الشخصية ، مسخرين السماوات والأرض لمصالحهم السياسية والاقتصادية ، فهم لا يشيرون في اعتقاداتهم الى خالقهن ، إنما الى الشريك مع الله ، على اعتقاد ان الله اتخذ شركاء من خلقه ، أعانوه على خلق السماوات والأرض ، وتحت اسم الشريك تستغل مفاصل الحياة لصالح الوثنية والدين السياسي ، ان الشراكة في خلق السماوات والأرض تخفي غيبية البعث والنشور عن وعي المجتمع ، كما تعطي انطباعا أزليا للحياة بان لا نهاية للعالم المرئي ، وهذا ما يحقق اعتقاد الوجودية الأزلية الداعمة للتكالب الدنيوي على الأهواء الرغبات والحريات الشخصية ، ان التكالب على الملذات والرغبات الدنيوية يغلق أفق الوعي لدى الفرد ، الى حالة انه لا يعطي لنفسه فرصة للتفكير بمصيره الأخروي ، قال الله ويوم يعرض الذين كفروا على النار، أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ، واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون ، بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق ، وبما كنتم تفسقون

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ{20}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام الأمل
- أولياء الله بين الوثنية والدين السياسي - الاحقاف
- المصير الأخروي للوجودية اللادينية - الجاثية
- الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية
- الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية
- الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
- الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
- المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
- التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
- الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
- الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية وفيلولوجيا النصوص - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية ولاعتقاد الأركيولوجي- الزخرف
- الرأسمالية بين الراديكالية ودوغمائية البنات - الزخرف
- الرأسمالية وميثولوجيا بنات الرحمن - الزخرف
- ميثولوجيا بنات الرحمن- الزخرف
- لماذا قرأنا عربيا - الزخرف
- الظلم والاستبداد الطبقي الرأسمالي - الشورى
- الكادحون بين الرأسمالية والتنزيل - الشورى
- الله والمال والشريعة - الشورى


المزيد.....




- السعودية تدين اقتحام مستوطنين المسجد الأقصى وتطالب بمحاسبة إ ...
- منها السعودية.. دول عربية تُدين صلاة بن غفير في المسجد الأقص ...
- حماس عن إغلاق سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي: استفزاز لمشا ...
- مشاهد صاخبة وخرق فاضح.. ماذا جرى في المسجد الأقصى اليوم؟
- حماس تدعو إلى تكثيف الرباط في الأقصى وتؤكد أن المسجد خط أحمر ...
- ناشطة سويدية تكشف حقائق مروعة عن اعتقالها في سجن إسرائيلي
- حماس: اقتحام بن غفير الأقصى في الذكرى 35 لمجزرة المسجد ليس ح ...
- مجددا.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- بحجة -الأعياد اليهودية-.. الاحتلال يمنع المسلمين من الصلاة ف ...
- بن عفير يقتحم المسجد الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال


المزيد.....

- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية الأزلية وعقوق الوالدين - الاحقاف