هيثم أحمد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8485 - 2025 / 10 / 4 - 19:10
المحور:
الصحافة والاعلام
الملخص
يُعدّ المنهج المسحي من أكثر المناهج استخداماً في البحوث الإعلامية والاتصالية، لما يقدمه من إمكانات كمية ووصفية لتحليل الظواهر الإعلامية في أبعادها المختلفة، يسعى هذا المقال إلى عرض الإطار المفاهيمي للمنهج المسحي، وتوضيح أهميته وأبرز أنواعه، وطرق استخدامه في البحوث الإعلامية، مع بيان المجالات التي يُفضَّل توظيفه فيها على مستوى رسائل الماجستير والدكتوراه.
The survey method is one of the most widely used methods in media and communication research, due to its quantitative and de-script-ive capabilities for analyzing media phenomena in their various dimensions. This article seeks to present the conceptual framework of the survey method, clarify its importance and highlight its most prominent types, and methods of its use in media research, while clarifying the areas in which it is preferred to employ it at the level of master s and doctoral theses.
الكلمات المفتاحية: المنهج المسحي، البحوث الإعلامية، المسح الوصفي، المسح التحليلي، تحليل المضمون، دراسات الجمهور.
أولاً: مفهوم المنهج المسحي في البحوث الإعلامية
يُعرَّف المنهج المسحي بأنه أحد المناهج الكمية التي تهدف إلى جمع بيانات ممنهجة من عينة أو مجتمع معين من أجل وصف ظاهرة أو تحليلها إحصائياً (الشرقاوي، 2019).
وفي مجال الإعلام، يُستخدم المنهج المسحي لدراسة الاتجاهات والرأي العام وسلوكيات الجمهور وخصائص المضامين الإعلامية، بما يتيح فهماً دقيقاً للعلاقات بين المتغيرات الاتصالية والاجتماعية (Wimmer & Dominick, 2014).
ويمتاز المنهج المسحي بقدرته على تعميم النتائج على مجتمعات واسعة، خصوصاً عند تطبيق أدوات دقيقة مثل الاستبيان والمقابلة وتحليل المضمون.
ثانياً: أهمية المنهج المسحي في الدراسات الإعلامية
تبرز أهمية المنهج المسحي في كونه أداةً رئيسةً لفهم الواقع الاتصالي كما هو قائم فعلاً، إذ يمكّن الباحث من:
1. تحديد أنماط استخدام وسائل الإعلام لدى الجمهور.
2. قياس مستوى الوعي والاتجاهات نحو قضايا اجتماعية أو سياسية.
3. تحليل العلاقات بين المتغيرات الإعلامية والديموغرافية.
4. تقييم مضامين الرسائل الإعلامية وتوجهاتها.
فهو يزوّد الباحث ببيانات كمية يمكن استخدامها لصياغة السياسات الإعلامية أو تطوير الممارسات الاتصالية في المؤسسات الإعلامية. (حمدي، 2021)
ثالثاً: أنواع المنهج المسحي في البحوث الإعلامية
توجد عدة أشكال للمنهج المسحي، تختلف باختلاف الهدف وطبيعة البيانات المطلوبة، ومن أبرزها:
1. المسح الوصفي (De-script-ive Survey):
يهدف إلى وصف الظواهر الإعلامية كما هي، مثل تحديد معدلات مشاهدة قناة فضائية أو متابعة موقع إخباري.
2. المسح التحليلي (Analytical Survey):
يتجاوز الوصف إلى تحليل العلاقات بين المتغيرات، مثل العلاقة بين المستوى التعليمي واختيار نوع المحتوى الإعلامي.
3. مسح الجمهور (Audience Survey):
يركّز على دراسة خصائص واتجاهات الجمهور تجاه وسيلة أو مضمون إعلامي محدد.
4. مسح المضمون (Content Survey):
يُعنى بتحليل المحتوى الإعلامي ذاته، ويُستخدم في دراسة القوالب الخطابية والإطارات الإعلامية.
5. مسح المؤسسات الإعلامية (Media Organization Survey):
يتناول الهياكل التنظيمية والسياسات التحريرية وآليات صنع القرار داخل المؤسسات الإعلامية (Riffe, Lacy & Fico, 2019).
رابعاً: أدوات جمع البيانات في المنهج المسحي
تتنوع الأدوات البحثية في هذا المنهج وفق طبيعة الدراسة، ومن أبرزها:
• الاستبيان: الأداة الأكثر شيوعاً، تُستخدم لجمع البيانات الكمية من عينات واسعة.
• المقابلة: أداة مكملة تساعد على تعميق الفهم وتفسير النتائج.
• تحليل المضمون: يُستخدم في الدراسات التي تركز على النصوص أو الرسائل الإعلامية نفسها.
وينبغي للباحث أن يراعي صدق وثبات الأدوات قبل الشروع في جمع البيانات، لضمان جودة النتائج (Creswell, 2018).
خامساً: تطبيقات المنهج المسحي في الرسائل الجامعية (الماجستير والدكتوراه)
يُعد المنهج المسحي من أكثر المناهج حضوراً في الدراسات العليا، خاصة في التخصصات الإعلامية، إذ يُستخدم عندما يكون هدف البحث قياساً كمياً أو وصفاً شاملاً لظاهرة ميدانية.
ومن الأمثلة التطبيقية على الرسائل التي اعتمدت هذا المنهج:
• اتجاهات الجمهور العراقي نحو القنوات الفضائية العربية في تغطية الأزمات السياسية.
• استخدام الصحفيين العراقيين لمواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار.
• صورة المرأة في الدراما العربية من منظور تحليل المضمون.
ويُفضل توظيف المنهج المسحي في الدراسات التي تهدف إلى الوصف والتفسير الإحصائي أكثر من الدراسات التي تسعى إلى الفهم الكيفي المتعمق.
سادساً: مزايا المنهج المسحي وحدوده
أولاً – المزايا:
• إمكانية تعميم النتائج على المجتمع الأصلي.
• القدرة على جمع بيانات ضخمة خلال وقت محدد.
• يوفر قاعدة كمية يمكن تحليلها إحصائياً بدقة.
ثانياً – الحدود:
• يعتمد على صدق إجابات المبحوثين.
• يتطلب تصميماً دقيقاً للعينة والأداة.
• لا يكشف الدوافع العميقة للسلوك كما تفعل المناهج الكيفية.
• يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين في إعداد الأدوات الميدانية.
سابعاً: الخاتمة
إن المنهج المسحي يمثل أحد الأعمدة الرئيسة للبحث الإعلامي الحديث، إذ يتيح للباحث فهم اتجاهات الجمهور، وتحليل مضامين وسائل الإعلام، واستكشاف العلاقة بين الاتصال والمجتمع بموضوعية ودقة، ويساعد على تطوير النظريات الاتصالية من خلال بيانات ميدانية كمية، وتبقى أهمية هذا المنهج في مرونته وقدرته على خدمة مختلف فروع الإعلام، من دراسات الجمهور إلى تحليل المضمون والمؤسسات، ولذلك فإن اختياره في رسائل الماجستير والدكتوراه يُعبر عن وعي علمي بمنهجية البحث وقدرته على الربط بين النظرية والتطبيق الميداني.
قائمة المراجع
🔸 المراجع العربية
1. الشرقاوي، محمد (2019). مناهج البحث في علوم الإعلام والاتصال. القاهرة: دار العالم العربي.
2. حمدي، نوال (2021). المدخل المنهجي في البحوث الإعلامية: المفاهيم والتطبيقات. عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
3. السامرائي، أحمد (2018). مناهج البحث في الإعلام: دراسة تطبيقية. بغداد: جامعة بغداد – كلية الإعلام.
4. عبد الرحمن، سامي (2020). تحليل المضمون في الدراسات الإعلامية. القاهرة: دار الفكر العربي.
🔸 المراجع الأجنبية
1. Wimmer, R. D., & Dominick, J. R. (2014). Mass Media Research: An Introduction (10th ed.). Boston: Cengage Learning.
2. Riffe, D., Lacy, S., & Fico, F. (2019). Analyzing Media Messages: Using Quantitative Content Analysis in Research (4th ed.). New York: Routledge.
3. Creswell, J. W. (2018). Research Design: Qualitative, Quantitative, and Mixed Methods Approaches (5th ed.). Los Angeles: SAGE Publications.
4. DeFleur, M. L., & Ball-Rokeach, S. (2016). Theories of Mass Communication (7th ed.). New York: Routledge.
#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟