أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - إليك قراءة أدبية تحليلية لقصيدة -صفعة الريح- للشاعرة فاطمة الفلاحي. بقلم: الدكتور عادل جوده















المزيد.....

إليك قراءة أدبية تحليلية لقصيدة -صفعة الريح- للشاعرة فاطمة الفلاحي. بقلم: الدكتور عادل جوده


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 8484 - 2025 / 10 / 3 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


صفعة الريح ~
هائمة، تعوي على،
قارعات الفراغ!


صفعةُ الريحِ ~
تبعثر ما في راحتي،فأصافح الأشياء
باسمك


صفعةُ الريحِ ~
ما زالت تمارس عبابه،
أغنية ومنفى!


صفعةُ الريحِ ~
تعزف على أوتار الخيال،
سمفونية المطر!


صفعةُ الريحِ ~
تندلق على جروح الناي،
شظايا احتضار!


صفعةُ الريحِ ~
تمنح الكون عباءة الشعر،
وشواطئ عناق!

هذه قصيدة تستحق القراءة والتأمل.

تمثل القصيدة لوحة انطباعية مكثفة، حيث تتحول "صفعة الريح" من مجرد ظاهرة طبيعية إلى استعارة مركزية (رمز) تحمل أبعاداً وجودية ونفسية عميقة.
تعتمد الشاعرة بنية تكرارية تبدأ بها كل مقطع مما يخلق إيقاعاً داخلياً أشبه بأنفاس متلاحقة أو موجات متتالية من التأمل.

أولاً: العنوان والاستعارة المركزية (صفعة الريح)

"الصفعة" فعل مفاجئ وقاسٍ يرتبط عادة بالإذلال أو اليقظة المفاجئة.
أما "الريح" فهي القوة الطبيعية غير المرئية التي ترمز للتغيير، العبور، الزمن
أو القدر.
بدمجهما تخلق الشاعرة استعارة قوية ترمز لـ:

-• صدمة الوجود: صفعة الواقع القاسي أو صفعة الغياب والفقد.
-• اليقظة القسرية: هبة مؤلمة توقظ الشاعرة (والقارئ) من سباتهم.
-• قوة خارجية طاغية: شيء لا يمكن مقاومته يقلب حياتها رأساً على عقب.

ثانياً: تحليل المقاطع وتطور الدلالات

١ المقطع الأول: العواء في الفراغ

صفعة الريح ~
هائمة، تعوي على،
قارعات الفراغ

-• "هائمة، تعوي": يضفي صفة الحيوان المتألم (العواء) على الصفعة، مما يعمق إحساس الألم والضياع. الريح ليست فقط قاصفة
بل هي أيضًا تائهة وحزينة.
-• "قارعات الفراغ": كلمة "قارعات" قوية وغير مألوفة، تشير إلى اللاعنات أو المسببات للخراب.
"الفراغ" هنا هو الخواء الوجودي أو فراغ الروح بعد الفقد. الصفعة/الريح "تعوي" على هذا الفراغ المدمر، مما يخلق صورة قوية للحداد على العدم.

٢ المقطع الثاني: التحول من الفقد إلى الامتلاء

صفعةُ الريحِ ~
تبعثر ما في راحتي فأصافح الأشياء
باسمك

-• هنا يحدث تحول جوهري. الصفعة التي "تبعثر" (تفرقِدُها كل ما في راحتها) هي نفسها التي تدفعها إلى فعل جديد. التبعثر ليس إلغاءً، بل تحريراً من التملك.
-• "فأصافح الأشياء باسمك": هذه العبارة جوهرية. فقدان الشيء المحدد (ما في راحتي) يقود إلى مصافحة الوجود كله (الأشياء). المصافحة بديل عن الامتلاك، وهي فعل حب وتقدير. الارتباط بـ "باسمك" يمنح العالم كله معنى جديداً، ويحوّل الفقد إلى حالة من الحضور الروحي الدائم للحبيب/المفقود.

٣ المقطع الثالث: استمرار حالة الشتات والألم

صفعةُ الريحِ ~
ما زالت تمارس عبابه،
أغنية ومنفى

-• "تمارس عبابه": "العباب" هو الاضطراب الشديد في البحر، استعارة رائعة لاستمرار حالة الاضطراب الداخلي وعدم الاستقرار.
-• "أغنية ومنفى": ثنائية متناقضة جميلة. الألم ينتج "أغنية" (الشعر) ولكنه في الوقت نفسه "منفى" عن حالة الطمأنينة والاستقرار. الإبداع مقترن بالمعاناة والاغتراب.

٤ المقطع الرابع: الانتقال إلى عالم الخيال والفن

صفعةُ الريحِ ~
تعزف على أوتار الخيال،
سمفونية المطر

-• تتحول الصفعة المؤلمة إلى قوة إبداعية. فهي "تعزف" على أوتار الخيال، محولة الألم إلى فن.
-• "سمفونية المطر": المطر يرمز للتطهير والنماء. الصفعة المؤلمة تتحول إلى عمل فني رائع (سمفونية) يمتزج فيه ألم الفراق (الريح) بأمل التطهير والنمو (المطر). هنا، الخيال هو الوسيط الذي يحول الآلام إلى جمال.

٥ المقطع الخامس: ذروة الألم والاحتضار

صفعةُ الريحِ ~
تندلق على جروح الناي،
شظايا احتضار

-• هذا أكثر المقاطع كآبة. "الناي" هو الآلة الموسيقية التي ترمز في الشعر الصوفي لشكوى الإنسان المغترب عن موطنه الأصلي. "جروح الناي" ترمز للألم الأصيل في الكينونة الإنسانية.
-• "تندلق على جروح الناي، شظايا احتضار": الصفعة/الريح تسكب المزيد من الألم ("شظايا احتضار") على الجرح الأصيل.
الصورة نهائية وقاسية توحي بموت أو انهيار داخلي.

٦ المقطع السادس: الخاتمة المتسامية - التحول إلى الشعر والعناق

صفعةُ الريحِ ~
تمنح الكون عباءة الشعر،
وشواطئ عناق

-• بعد رحلة المعاناة، تأتي الخلاصة.
الصفعة التي بدأت مدمرة، تتحول في النهاية إلى هبة.
-• "تمنح الكون عباءة الشعر": الألم يكسو الكون كله بجمال الشعر، يصبح الوجود كله قصيدة.
"العَباءة" ترمز للوقار والدفء والاحتواء مقابل "الصفعة" التي ترمز للصدمة.
-• "وشواطئ عناق": بدلاً من "المنفى" في المقطع الثالث، نصل إلى "شواطئ عناق" لا نهائية.
الشاطئ مكان لقاء البحر باليابسة، الرحلة بالاستقرار. العناق هو نقيض التبعثر، هو اللقاء والاحتضان. الصفعة المؤلمة قادت في النهاية إلى حالة من المصالحة مع الذات والكون.

ثالثاً: السمات الأسلوبية والفنية

١ الانزياحات (المجاز): القصيدة غنية بالانزياحات التي تخلق جمالية خاصة: الريح "تعوي"، "تمارس عبابه"، "تعزف"، "تمنح عباءة".
٢ المفارقة: استخدام ثنائيات متناقضة (أغنية/منفى، صفعة/عباءة، تبعثر/عناق) يخلق عمقاً درامياً ويظهر تناقض التجربة الإنسانية.
٣ الإيقاع: التكرار المتناغم لـ "صفعة الريح ~" يخلق إيقاعاً تأملياً، كأنها تفاعل في الأغنية، يربط أجزاء القصيدة ويوحد مشاعرها المتباينة.
٤ الاقتصاد اللغوي: تستخدم الشاعرة كلمات قليلة لكنها موحية جداً (كلمات-مفاتيح) مثل: الفراغ، المنفى، الاحتضار، العناق، مما يمنح القارئ مساحة للتأويل.
5- الرؤية الفلسفية:

النص يقدم رؤية للشعر والإبداع بوصفهما نتاجاً لألم وجودي. الإبداع لا ينبع من الراحة واليقين، بل من "الفراغ" و"المنفى" و"جروح الناي".
الريح، بقسوتها، هي التي تبعثر أوراق اليقين الزائف لتكشف عن جوهر أكثر صدقاً: التواصل مع العالم "باسم" الحبيب/الوطن/الفكرة، وتحويل الألم إلى "سمفونية" و"شعر".

الخلاصة

"صفعة الريح" هي رحلة شعرية من الصدمة والألم ("قارعات الفراغ"، "شظايا احتضار") نحو المصالحة والجمال ("سمفونية المطر"، "شواطئ عناق"). إنها تصور كيف يمكن للفقد والمعاناة، من خلال قوة الخيال والشعر، أن يتحولا من حالة تبعثر وضياع إلى مصافحة للوجود ومنحة جمالية تمنح الحياة معنى جديداً. القصيدة تأمل وجودي عميق في قوة التحول الإنساني، مكتوبة بلغة مجازية مكثفة وشاعرية عالية.

تحياتي واحترامي🌸🌺

#فاطمة_الفلاحي
#هايكو_عراقي



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة أدبية للناقد محـمد ابو الهيجاء في نص -صفعة الريح- للشا ...
- بلا ولا شيء -2 في مدار الشيئيات إضاءة كل من الناقد الجزائري ...
- قراءة أدبية في نصوص – تانكا 1 ، 2 للأديبة فاطمة الفلاحي بقلم ...
- بلا ولا شيء على مدار الشيئيات رقم 5 قراءة الدكتور أيمن دراوش ...
- قراءة أدبية في نص -هايبون - مجاهيل- للشاعرة فاطمة الفلاحي بق ...
- على أبواب الخريف نصوص هايكو- بصحبة الناقد الدكتور عادل جوده ...
- التحليل الأدبي والفني والفلسفي بمنهج أكاديمي لهيكوهات متتابع ...
- قراءة و تحليل أدبي وفني لومضة غطرسة - الناقد الجزائري إبراهي ...
- تانكا: بين الحقيقة والخيال؛ قراءة أولية وإضاءة بضيافة الأديب ...
- تانكا: بين الحقيقة والخيال.. بضيافة الناقد الجزائري الأستاذ ...
- قراءة فلسفية تفكيكية للنصين - زمن الأقنعة- بقلم: فاطمة الفلا ...
- من رسائل الحب المنسية؛ رسالة بائتة رقم 2 .. بضيافة الناقد ال ...
- بلا ولا شي هايكو: بضيافة الاديبة الناقدة رانية فؤاد مرجية وا ...
- بلا ولا شيء ! من اللاشيئيات بضيافة الدكتور الأديب أيمن دراوش ...
- هزة قلبية بضيافة الشاعر الناقد عادل جوده
- هايبون – أجنحة من رماد بضيافة الأستاذ الشاعر والناقد عادل جو ...
- هايكو روبوت يتلعثم - الذكاء الاصطناعي
- هايبون عربي بملامح يوتوبيا وجدانية، بعنوان - بساط الريح – بض ...
- هايبون «رسائلٌ منسيّة» بضيافة الأستاذة الناقدة رانية مرجية
- ومضة: غطرسة .. قراءة نقدية وارفة في ومضة “غطرسة” بقلم: رانية ...


المزيد.....




- محمد صلاح الحربي: -محتاج لحظة سلام- بين الفصحى واللهجة
- سياسات ترامب تلقي بظلالها على جوائز نوبل مع مخاوف على الحرية ...
- مئات المتاحف والمؤسسات الثقافية بهولندا وبلجيكا تعلن مقاطعة ...
- ساحة الاحتفالات تحتضن حفلاً فنياً وطنياً بمشاركة نجوم الغناء ...
- تهنئة بمناسبة صدور العدد الجديد من مجلة صوت الصعاليك
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- انطلاق معرض الرياض الدولي للكتاب 2025
- لا أسكن هذا العالم
- مزكين حسكو: القصيدة في دورتها الأبدية!
- بيان إطلاق مجلة سورياز الأدبية الثقافية


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - إليك قراءة أدبية تحليلية لقصيدة -صفعة الريح- للشاعرة فاطمة الفلاحي. بقلم: الدكتور عادل جوده