أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هيثم أحمد محمد - خطة ترامب لغزة... سلام أم إذلال؟














المزيد.....

خطة ترامب لغزة... سلام أم إذلال؟


هيثم أحمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 03:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


منطق الخطة الأميركيّة واضحٌ منذ بنودها الأولى: تحويل غزة إلى مساحة مُفكَّكة سياسياً وعسكرياً، تُدار مؤقتاً بيدٍ خارجية تُعيد تشكيل الواقع الفلسطيني من القاع إلى القمة، ليست مسألة "إعادة إعمار" فحسب، بل إعادة هندسةٍ للسيادة والذاكرة والمقاومة، البند الذي يفرض نزع السلاح وفرض إدارة «انتقالية» تُشكّلها تِقْنوقراط مُشرَّفة دولياً، ويترأس مجلسها رجل لا يملك أي قرار فلسطيني — كل هذا ليس سلاماً بقدر ما هو مشروع لإذلالٍ سياسي واقتصادي.
المقايضة المُعلنة واضحة: سلاحٌ مقابل خبز، كرامةٌ مقابل إعادة إعمار، وحقوقٌ مقابل مشاريع استثمارية ومناطق اقتصادية خاصة، لكن السؤال البسيط الذي لا يجيب عنه مروّجو الخطة: هل يُعالج الإذلال بالوظائف والمصانع؟ وهل الدفع بعجلة "التنمية" يمكن أن يعوّض شعبًا فقد أرضه وحقوقه وهويته؟ الإجابة التاريخية والسياسية هي لا — لا معنى لسلام تُبنى شروطه على إذلال طرف مهزوم وفرض وصاية دولية عليه.
وبعيداً عن بنود الخطة، ثمة مسؤولية مُعلَنة على طبقةٍ عربيةٍ دخلت مشهداً استعراضيّاً من نوعٍ آخر: قبولٌ سريع أو دعمٌ حذر لخطةٍ صاغتها واشنطن مع تلقي شكلٍ من الضمانات لإطفاء النار الإقليميّة، هذا التماهي ليس موقفاً شجاعاً ينقذ شعباً، بل هو إعلان عملي عن أن بعض العواصم فضّلت نهايةٍ سريعة للنزاع — حتى لو كانت نهايةً مُذلّة — على الاستمرار في دعم خيارٍ فلسطينيّ يُصعِّد المواجهة أو يطالب بالحقوق التاريخية، إن التخلي عن مطلب السيادة والكرامة الوطنيين مقابل استقرارٍ هشّ ومشروط هو خيانة بالمقياس الأخلاقي والسياسي.
حتى أصابع النقد يجب أن تُوجّه أيضاً إلى من وضعوا أسماءهم تحت وثيقة تشرعن لسحب القرار من الفلسطينيين: فكرة «مجلس سلام» عالمي يرأسه ترامب وتشارك فيه شخصيات بوزن سياسي كـ(توني) بلير، ليست بريئة، بلير نفسه واجه انتقادات واسعة حول رؤيته لملفات الشرق الأوسط، وانتقاده يدلُّ على قصور الرؤية هذه؛ فمن يزرع إطاراً أمنياً بحتاً لتجريد شعبٍ من أسلحته، ويضع مستقبلَه تحت إشراف مؤسسات دولية مُشكَّلة من معنيين خارجيين، لا يسعى إلى سلامٍ عادل بقدر ما يسعى إلى ترتيبٍ يضمن مصالح طرفٍ واحد ويُقفل الملف بلغةٍ إدارية.
ومن جهة أخرى، لا يمكن تجاهل عامل الضغط الزمني والسياسي: الإعلان عن بنود تبادل الرهائن وإطلاق سراح الأسرى والقيود على إعادة بناء البُنى العسكرية يُقدَّم كطُعمٍ إنساني، لكنّه عملياً يُستخدم أوراق ضغط على المقاومة وعلى جموع أهل غزة لقبول شروطٍ تُنهك كرامتهم، التهديدات الرسمية بمهلة زمنية ذهبية لقبول الخطة تُظهر أن الخطة ليست مجرد اقتراح تفاوضي، بل إنذارٌ سياسي — من يقاومه قد يواجه "نهاية حزينة" كما صرّح صانعو الخطة، وهي لغة تستغل حالة الضعف والضغط الإنساني.
أما عن الدور العربي الذي ارتضى أو رحّب أو تموّج للخطة — فهو دورٌ مخيب ومُذلّ: قبولٌ مبطن أم صمتٌ مدفوع بالخوف من تبعاتٍ إقليمية أو من حسابات مصلحيّة اقتصادية وسياسية؟ المهمّ أن الشعب الفلسطيني لا يحتاج إلى «بكاء إقليميٍ مُعلن» أو بياناتٍ دبلوماسيةٍ شفّافة أمام الكاميرات؛ يحتاج إلى وقفةٍ تحمي حقّه في تقرير المصير وتناصر كرامته، لا إلى أن تُستبدل هذه الكرامة بتقاسم أدوار إعادة الإعمار بشروط تُقصي ممثلي الشعب الأصليين.
الخلاصة
خطة ترامب ليست "خطة سلام" بالمعنى الأخلاقي والسياسي، بل هي محاولة ضبطٍ لإعادة تركيب غزة على قياسٍ إقليميّ ودوليّ يخدم مصالحاً معروفة، مع ثمن بشري وسيادي على الفلسطينيين، والقبول الجزئي أو الكامل من بعض العواصم العربية، مهما تذرعت بالمصلحة أو بالضغط على حركة مقاومة مُستنزفة، لا يُشرّع لنزع الحقوق أو تسويق وصايةٍ مُقنّعة، على العرب أولاً، وعلى المجتمع الدولي ثانياً، أن يختاروا بين دعم كرامة شعبٍ مضطهد وبين المشاركة في مشروع إعادة تركيب سياسي واقتصادي يخنق حقه في الحرية والاستقلال.



#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فن اختيار العينة: مفتاح المصداقية في البحوث الإعلامية
- التزييف العميق في الإنترنت المظلم… سلاح رقمي يهدد الحقيقة
- التربية الإعلامية… حصانة معرفية لطلبة الإعدادية
- الإدمان الإلكتروني.. قيدٌ ناعم يسرق المراهقين ويزجّهم في دها ...
- شرق أوسط على المقاس الأمريكي–الإسرائيلي: خريطة نتنياهو.. وتو ...
- الماركسية بين النظرية والتطبيق في البلاد العربية: مقاربة إعل ...
- القنوات الفضائية الموجّهة… سلاح الدعاية المضللة وصراع العقول
- الإعلام الرقمي: فضاء مفتوح بين التثقيف والتضليل
- الإرهاب الإلكتروني.. قنابل فكرية موقوتة في فضاء السوشيال ميد ...


المزيد.....




- زينب شفيق… زهرة القمر التي عادت إلى حلمها الأول في الثمانين ...
- علماء يصنعون أجنة من الحمض النووي لجلد الإنسان لأول مرّة
- من هم شباب حركة جيل زد 212 المغربية.. وما الذي يميزهم؟
- ألمانيا: إغلاق مهرجان أكتوبر مؤقتا في ميونخ بعد إبطال قنبلة ...
- التحدي والاستجابة الأردنية
- راتب.. طفل غزّي يحاول تعويض ساقه المبتورة بأنبوب بلاستيكي
- الاحتلال يقتحم طوباس وبلدة عقابا ويعتقل فلسطينيين بمخيم الفا ...
- لا تستهن بلغة العيون.. ماذا نخسر من إهمال التواصل البصري؟
- هل توغل الجيش الإسرائيلي داخل درعا واعتقل عناصر أمن سوريين؟ ...
- الحرس الثوري يلوح بزيادة مدى الصواريخ الإيرانية


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - هيثم أحمد محمد - خطة ترامب لغزة... سلام أم إذلال؟