أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد عمر النائلي - وهم الدلالة المعنوية في الاحصاء














المزيد.....

وهم الدلالة المعنوية في الاحصاء


أحمد عمر النائلي

الحوار المتمدن-العدد: 8480 - 2025 / 9 / 29 - 00:04
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


منذ عقود طويلة أصبح معيار الدلالة الاحصائية او ما يعرف بـ p-value المرجع الاساسي للحكم على صدقية الابحاث العلمية ، فإذا كانت النتيجة اقل من 0.05 اُعتبرت "مهمة" وإذا تجاوزتها صُنفت "غير مهمة"، هذا المقياس البسيط الذي ادخله عالم الاحصاء البريطاني رونالد فيشر في عشرينيات القرن الماضي تحول بمرور الوقت الى ما يشبه العقيدة التي لا تمس ، غير ان كتاباً صدر عن جامعة ميشيغان الامريكية عام 2008 بعنوان : " تقديس الدلالة الاحصائية: كيف يكلفنا الخطأ المعياري وظائفنا وعدالة حياتنا " (The Cult of Statistical Significance: How the Standard Error Costs Us Jobs, Justice, and Lives)، للباحثين ستيفن زيلياك وديردري ماكلوسكي غيّر هذه القناعة المستقرة وفتح الباب امام مراجعة نقدية واسعة في اوساط الاقتصاد والعلوم الاجتماعية وحتى في الطب.
يرى المؤلفان ان الاعتماد المفرط على قيمة p لا يكشف حقيقة ما اذا كانت النتيجة ذات معنى في الحياة الواقعية ، فربما يكون الاثر صغيراً للغاية لكنه يبدو "مهماً " احصائيا، وربما يكون الاثر كبيراً وملحوظاً لكنه لا يحقق الشرط الرقمي الصارم ، النتيجة هي اننا نُضيّع فرصاً اقتصادية ونُهدر سياسات عامة ونصدر احكاما قضائية، بل ونهمل ادوية وعلاجات قد تنقذ الارواح.
الكتاب يستعرض تاريخ تطور هذا المفهوم منذ "ويليام جوسيت" الذي ركز على حجم التأثير واهميته العملية، مرورا بـ"فيشر" الذي شجع على الدقة الرياضية، وصولاً الى الاستخدام المفرط الذي نراه اليوم في الأبحاث ، ويشير المؤلفان الى ان كثير من الباحثين يخلطون بين الدلالة الاحصائية والدلالة العملية، فيغيب السؤال الاهم: هل لهذا الاثر قيمة في الواقع؟
ومن بين الامثلة التي يوردها الكتاب حالات في الاقتصاد ، حيث تم تجاهل سياسات كان يمكن ان تحسن سوق العمل، فقط لان نتائج الدراسات لم تحقق معيار p المطلوب ، وفي الطب يوضح المؤلفان كيف تم اهمال ادوية ثبت ان لها اثراً ايجابياً ملموساً، لكنها لم تمر عبر "البوابة الصارمة" لاختبار الدلالة ، وفي القضاء يستشهد الكتاب بقضايا لم يتمْ انصاف اصحابها لان البيانات لم تقدم نتائج "مهمة" احصائياً رغم وضوح الاثر في الواقع.
لكن المؤلفين لا يكتفيان بالنقد، بل يقدمان بدائل عملية مثل التركيز على حجم الاثر الحقيقي و استخدام فترات الثقة والتقديرات، وتحليل النتائج ضمن سياقها الاجتماعي والاقتصادي بدلا من اختزالها في رقم وحيد ، كما يدعوان الى اعادة النظر في المناهج الجامعية التي تعلم الطلبة الاعتماد المطلق على قيمة p، والى تدريب الباحثين على التفكير النقدي وربط الارقام بالواقع.
مع ذلك لم يسلم الكتاب من النقد، اذ اعتبر بعض الباحثين ان المؤلفين يبالغان في التعميم ويغفلون ان الدلالة الاحصائية اداة مفيدة اذا استخدمت بحذر، وان البدائل المقترحة ليست دائما سهلة التطبيق خصوصاً في الدراسات التي تحتاج الى قرارات سريعة وواضحة.
ورغم هذا الجدل، تبقى رسالة الكتاب واضحة وهي:
لا يكفي ان تكون النتيجة "مهمة" احصائياً، بل يجب ان تكون ذات اهمية عملية تمس حياة الناس ، فالعلوم وجدت لخدمة الانسان، لا لخدمة الأرقام



#أحمد_عمر_النائلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل البشري وقدرته على التنبؤ
- الدكتور شعبان عوض : سيرة في مسيرة
- وهم الموضوعية
- محمد عبدالحميد المالكي ومشروعه : سيميائيات بيولوجيا الكوانتم ...
- قراءة في رواية - مرُ القدر - لمؤلفها د . محمد حسين محجوب
- الدراسات الاعلامية وافتقارها للدراسات الكيفية
- الدراسات البينيّة Interdisciplinary : مقاربة لتلوث ونجاسة ال ...
- عندما يكتب السجين قصائده : ابراهيم الزليتني إنموذجاً
- ميشيل فوكو : بين الذات المفكرة والذات المتلذذة
- فيزياء الكوانتم : من زمن الحقيقة الواحدة إلى زمن الحقائق الم ...
- فعل القراءة بين إدراك الجزء وإدراك الكل
- التطرف الديني : مقاربة سيميائية
- سيميائية جسد المرأة
- العالم بعد كورونا : قراءة في كتاب -ورقات من كورونا - لمؤلفه ...
- النص الأدبي بين الإستقلال والتأثر وفق نظرية هارولد بلوم
- عندما يكتب السجين روايته : إبراهيم الزليتني أنموذجاً
- الفلاسفة يتدبّرون جائحة كورونا : الشيوعية العالمية بديلاً لل ...
- قراءة في كتاب - دروس في الألسنية العامة
- الذعر الأخضر
- الإعلام وإمكانية صناعة القيم


المزيد.....




- عسكريون روس يُدربون الأطفال في مدرسة جديدة للتحكم بالطائرات ...
- كرسي تدليك ذكي يقرأ احتياجات الجسد
- تراجع أم تكتيك؟ نتنياهو يستبعد المضي في خطة ضمّ الضفة الغربي ...
- وسط ضغوط دولية .. ترامب ونتنياهو يبحثان خطة سلام في غزة
- فرانس24 تفوز بجائزة DIG عن تقرير -هايتي: القبضة الحديدية للع ...
- حادث تحطم طائرة في 2009.. إير باص وإير فرانس أمام المحكمة مج ...
- لا لحية ولا حجاب.. مطعم بفرنسا يثير غضب عامليه
- ضابط إسرائيلي متقاعد: على تل أبيب أن تضرب أساطيل غزة بيد من ...
- تمثيلية أميركا في أفريقيا
- نتنياهو: الوقت ليس ملائما لـ-بسط السيادة- على الضفة الغربية ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد عمر النائلي - وهم الدلالة المعنوية في الاحصاء