أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حامد الحمداني - مناهج ديمقراطية علمانية لا مناهج دينية طائفية أو تكفيرية















المزيد.....

مناهج ديمقراطية علمانية لا مناهج دينية طائفية أو تكفيرية


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 1826 - 2007 / 2 / 14 - 12:52
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


قبل ثلاثة أيام خرج علينا مدير عام التربية في النجف السيد [إسماعيل ماضي] بتصريح خطير للصحافيين جاء فيه: أن التغييرات التي ستطرأ على المناهج الدراسية في العراق لن تكون بعيدة عن توجيهات وأفكار المرجعية الرشيدة في النجف!!
ثم أضاف قائلاً : إن وزارة التربية طبعت مبادئ الفلسفة التربوية، ووزعتها على المديريات في المحافظات، وأوصلتُ شخصيا نسخا منها إلى مكاتب المرجعيات، ومجلس المحافظة، والإدارة المدنية، للإطلاع عليها، وتثبيت ما لديهم من أفكار من أجل تطويرها!!
وأضاف السيد ماضي قائلاً : لقد أوصيت إدارات المدارس في المحافظة بإعطاء كوادرها التدريسية الحرية فيما ترغب في إيصاله إلى التلاميذ من معلومات خارج نطاق منهج التاريخ الإسلامي والتربية الإسلامية والأدب العربي، بما يتماشى وعقيدة آل البيت!!، وختم ماضي تصريحه موضحا :
أن وزارة التربية شكلت لجانا تربوية، ووضعت ضوابط ومبادئ تحت عنوان [الفلسفة التربوية] يبت فيها أثناء التغيير القادم لمناهج التربية الإسلامية،والتاريخ الإسلإمي، والأدب العربي .
وتشير مصادر مطلعة إلى أن اللجنة التي شكلتها وزارة التربية لإعادة صياغة المناهج قد ضمت في الغالب عناصر من التربويين من الشيعة مع عدد محدود جدا من السنة، وأشارت تلك المعلومات إلى أن اثنين من العناصر السنية قد جرى اغتيالهما ، مما دفع باقي الأعضاء إلى الاستقالة من اللجنة خوفاً على حياتهم.
ولا شك أن هذه التصريحات الخطيرة ، وهذه الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية في تشكيل هذه اللجنة لوضع مبادئ الفلسفة التربوية لمدرس العراق تشير بوضوح إلى أن هذا التوجه لا يعني سوى إقحام المرجعية الدينية في النجف في تقرير الأساليب التربوية التي ستعمم على مدارس العراق كافة، حتى لكأنما باتت مدارسنا قد أصبحت عبارة عن مدارس دينية تابعة لهيمنة رجال الدين في الحوزة .
إن هذا التوجه في الاعتماد على رجال الدين الشيعة أم السنة يتنافى ومنطق العصر، ويهدد التربية في بلادنا بمستقبل مظلم ستمتد آثاره لعقود طويلة من التخلف والنكوص ، بدلاً من التوجه العلماني الهادف إلى مواكبة التطورات التربوية المعاصرة، و الهادفة إلى خلق أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة التي لا غنى لنا عنها إذا كنا ننشد حقاً بناء عراق ديمقراطي متطور، وخلق أجيال من الكفاءات العلمية التي ستقود العراق في السنوات والعقود القادمة.
إن عالمنا اليوم يشهد تطورات علمية هائلة، بل نستطيع القول أن ثورات علمية جبارة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والصحية التي جاءت بوتائر سريعة قد يقف الإنسان مذهولاً أمامها على الرغم من أنه هو الذي أوجدها وطورها، فالعالم اليوم قد انتقل من عصر الذرة والأقمار الصناعية إلى عصر الكومبيوتر والإنترنيت ، والاتصالات، وأجهزة الاستقبال التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، ومكنت الإنسان من الحصول على كل ما يحلم به من المعلومات بدقائق معدودة.

ولم يقتصر التطور العلمي على الاختراعات و الصناعات المختلفة، فقد كان لابد أن يحدث التطور في المجال التربوي والتعليمي جنباً إلى جنب، لأن المجالين يكمل بعضهما بعضاً، ولأن التطور التقني يتطلب قدرات متطورة وعالية لدى العاملين، لكي يستطيعوا مواكبة التطور التقني في العصر الحديث.
إن مدارسنا اليوم، وبعد أن تخلصت من سيطرة الفكر البعثي الفاشي، هي بأشد الحاجة لإجراء ثورة هائلة في أساليب التربية والتعليم ، وإعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية والأساليب التربوية التي تمكن المدرسة من مواكبة العصر، والسير بها إلى الأمام ، لا العودة إلى الوراء مئات السنين!
إن هذا الأمر يتطلب ضرورة ربط المدرسة بالمجتمع، فهي جزء لا يتجزأ منه، و ينبغي أن يكون مجتمعاً مصغراً خالياً من الشوائب التي نجدها في المجتمع الكبير، لكي تؤدي واجبها في تربية الأجيال، وتعريفها بالتراث بعد تخليصه من كل الشوائب التي تتنافى وطبيعة العصر، والسعي الحثيث لإدخال الأساليب التربوية الحديثة التي تعتبر التربية المدرسية عملية حياتية، وليست عملية إعداد للمستقبل، فلقد اعتبرت المدرسة القديمة أن العملية التربوية التي تتم في المدرسة هي من أجل إعداد التلاميذ للمستقبل، أي أنها ترتبط بالمستقبل أكثر مما ترتبط بالحاضر،وأنه بناءً على هذه النظرة يهون عمل أي شيء في الحاضر إذا كان يضمن قيمة أو فائدة .

ومن الضروري الاهتمام بالمواضيع العملية والمهنية عامة، والاهتمام بالأعمال اليدوية والمهنية في المنهج الدراسي ، وعدم الإقلال من شأنها، والتأكيد على مبدأ الفعالية في الحصول على الخبرة والتعلم ما دامت التجربة هي التي تظهر الخطأ أو الصواب في فرضياتنا وآراءنا، وأن تكون نظرتنا إلى المسائل النظرية والمهنية على قدم المساواة، وضرورة إدخال أنواع مختلفة من المهن إلى المدرسة حيث أن هذه المهن تجدد روح المدرسة، وتربطها بالحياة، وتجعل المدرسة بيئة صادقة للطفل، يتعلم منها العيش المباشر، بدلاً من أن تكون مجرد محل لتعليم دروس نظرية ذات صلة بعيدة ومجردة بحياة قد تقع في المستقبل ، وليكن معلوماً أن الهدف من إدخال المهن إلى المدرسة ليس من أجل القيمة الاقتصادية، ولكن من أجل تنمية القوة الاجتماعية، وبعد النظر، فالمهنة تجهز التلميذ بدافع حقيقي ، وتعطيه خبرة مباشرة ، وتمنحه الفرصة للاتصال بالأمور الواقعية .

ولكي تكن أساليبنا التربوية سليمة وناجحة فلا بد من ربط العملية التربوية بالديمقراطية ، ذلك لأن الديمقراطية أسلوب راقٍ في الحياة، وهي تعني المساواة بين الأفراد وتهيئة الفرص المتكافئة لهم دون تمييز، وتعني التكافل الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية، وحرية الاعتقاد، والقول والنشر، والاجتماع، وهي تعني كذلك إقامة علاقات إنسانية تتسم بالأخذ والعطاء، وتغليب العقل والخبرة في مجابهة وحل المشكلات التي تصادفنا .

إن المدرسة الديمقراطية التي نصبو إليها هي تلك البيئة التي يعيش فيها التلاميذ والمعلمون وسائر العاملين فيها زملاءً متعاونين من أجل تحقيق الهدف المشترك الذي يخدم العملية التربوية على الوجه الأكمل .
ولا شك أن المناهج التربوية الحاضرة في مدارسنا العراقية بوجه خاص والعالم العربي بوجه عام تتطلب إعادة النظر الجذرية فيها، وخاصة ما يخص مناهج التاريخ والتربية الاجتماعية والدينية ، واستئصال الفكر الفاشي والظلامي التكفيري ، والتأكيد على الجانب الإنساني في العلاقات الاجتماعية ، وإحلال الفكر الديمقراطي وثقافة حقوق الإنسان ، واحترام الرأي والرأي الآخر والكفاح الفعّال ضد أساليب القمع التي يتعرض لها الأطفال في البيت والمدرسة على حد سواء .
كما أن تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية تقتضي إعادة إعداد الجهاز التربوي أعداداً ديمقراطياً يمكّنه من القيام بالمهمات الجديدة الملقاة على عاتقه بعد تلك الحقبة السوداء التي دامت أربعة عقود، والتي تم خلالها تسخير الجهاز التربوي لخدمة النظام البعثي الشمولي ، واشباع أفكار التلاميذ بالفكر الفاشي ، وتقديس الدكتاتور، والطاعة العمياء .
كما إن إقحام الحوزة الدينية الشيعية، أو الأحزاب الدينية السنية في العملية التربوية ، وفي إعداد المناهج المدرسية لن توصل أجيالنا إلا إلى تأصيل الفكر الطائفي، والفكر التكفيري ، والتخلف والنكوص إلى الوراء مئات السنين.

إن وزارة التربية العراقية تتحمل المسؤولية الكبرى في إعداد المناهج التربوية الصحيحة ، وهذا يتطلب منها تكليف لجنة موسعة من العناصر التربوية الديمقراطية التي لم ترتبط فيما سبق بالنظام البعثي وفكره الفاشي ، ولا بالمراجع الدينية مهما كانت طائفتها أو توجهاتها ، فرجال الدين مكانهم وواجباتهم الدينية في الحسينيات والجوامع ، وليس في المدارس، لكي تنشأ أجيالنا بعيداً عن الفكر الطائفي والظلامي التكفيري المتخلف.



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنوات الجحيم كتاب جديد للباحث حامد الحمداني
- ماذا لو افلح الديمقراطيون في حملتهم لسحب القوات الأمريكية من ...
- هل يشعل حسن نصر الله شرارة الحرب في الشرق الأوسط؟
- خطة الرئيس بوش في العراق تفتقد أهم ركائز نجاحها
- متى يحتفل الشعب العراقي حقاً بأعياده؟
- الدرس الذي لم تتعلمه أحزاب الاسلام السياسي الشيعي من أحداث ع ...
- من ذاكرة التاريخ : في الذكرى الخمسين لانتفاضة الشعب العراقي ...
- من ذاكرة التاريخ خمسون عاماً على العدوان الثلاثي على مصر عا ...
- آمال ستذروها الرياح
- من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكرصدقي الق ...
- من ذاكرة التاريخ سبعون عاماً على انقلاب الفريق بكر صدقي ال ...
- الإسلام السياسي يشكل تهديدا خطيرا لمستقبل الديمقراطية في الع ...
- ميشيل عون متآمر على لبنان وحكومته الشرعية ومكانه السجن
- خياران لا ثالث لهما ، الوطنية العراقية أو الكارثة
- من أجل جبهة عريضة لقوى اليسار والديمقراطية والعلمانية واللبر ...
- محنة الطائفة المندائية ومسؤولية السلطة وقوات الاحتلال في حما ...
- ماذا سيقول وندل ولكي لو عاد اليوم إلى العراق من جديد ؟
- أمس بكى الرئيس السنيورا وأبكانا على لبنان والعراق
- فيدرالية الحكيم مدخل للحرب الأهلية وتمزيق العراق
- لبنان ضحية حرب إجرامية


المزيد.....




- بعد قانون ترحيل لاجئين إلى رواندا.. وزير داخلية بريطانيا يوج ...
- تقرير أممي مستقل: إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي دليل على ارتبا ...
- الأمم المتحدة تدعو بريطانيا إلى مراجعة قرار ترحيل المهاجرين ...
- إغلاقات واعتقالات في الجامعات الأميركية بسبب الحرب على غزة
- مراجعات وتوصيات تقرير عمل الأونروا في غزة
- كاريس بشار لـCNN: العنصرية ضد السوريين في لبنان موجودة لدى ا ...
- رئيس بعثة الجامعة العربية بالأمم المتحدة: العمل جار لضمان حص ...
- الأمم المتحدة: نزوح أكثر من 50 ألف شخص بسبب المعارك شمال إثي ...
- بعد تقرير -اللجنة المستقلة-.. الأونروا توجه رسالة للمانحين
- مراجعة مستقلة: إسرائيل لم تقدم أدلة بشأن ادعاءاتها لموظفي ال ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - حامد الحمداني - مناهج ديمقراطية علمانية لا مناهج دينية طائفية أو تكفيرية