فلسطين وكردستان ... قراءة في مفارقة العلاقات والتحالفات

حجي قادو

الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 20:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

فلسطين وكردستان... قراءة في مفارقة العلاقات والتحالفات

لا بد أن أتطرق اليوم إلى موضوعٍ يتجاوز الخطابات العاطفية والمواقف التقليدية، لأتحدث عن المفارقة الكبرى التي تشوب العلاقة بين الحركات الفلسطينية وبعض المواقف السياسية تجاه القضية الكردية، رغم ما أظهره الشعب الكردي وما زال من تعاطف صادق وثابت مع معاناة الشعب الفلسطيني في كل المنعطفات التاريخية.

من المؤسف أن تُقابل هذه المواقف الأخوية المتضامنة من الأكراد، بردود سياسية مناقضة، بل ومعادية أحيانًا، من قِبل قيادات فلسطينية تجاه تطلعات الشعب الكردي المشروعة.

نستذكر هنا أن أول من حرر القدس من الصليبيين كان القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي، الذي يفتخر به الكرد إلى اليوم، رغم أنهم وبشكلٍ من المفارقة التاريخية ما زالوا يدفعون ثمن إنجازه ،إذ لم تنقطع سياسات العداء والاستهداف التي تُمارَس ضد الكرد، أحيانًا بذريعة ذلك الماضي الذي سُجل ضمن ملاحم الأمة الإسلامية.

مواقف فلسطينية ضد القضية الكردية: أمثلة وشواهد

1. ياسر عرفات وقصف حلبجة (1988):
حينما ارتكب النظام العراقي جريمة العصر بحق المدنيين الأكراد في مدينة حلبجة باستخدام السلاح الكيماوي، لم يُدن الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ذلك الهجوم، بل قال مستهزئًا:
"ليس من المعقول أن صدام حسين يمطر الورود على الكرد."
كما أُقيم تمثال لصدام حسين في مدينة قلقيلية الفلسطينية، تخليدًا له رغم ما اقترفه من مجازر بحق الكرد وغيرهم.

2. احتلال عفرين (2018):
عندما اجتاحت القوات التركية مدينة عفرين الكردية (چيايى كورمينج)، خرج علينا القيادي الفلسطيني خالد مشعل ليُبارك العملية العسكرية التركية التي شردت عشرات الآلاف من المدنيين الكرد، وهنّأ تركيا على ما وصفه بـ"الإنجاز"، مُتجاهلًا عمليات التهجير والتغيير الديموغرافي التي طالت المدينة.

3. تصريحات صائب عريقات حول استفتاء كردستان (2017):
في موقف واضح ضد تطلعات الكرد السلمية لتقرير مصيرهم عبر استفتاء ديمقراطي، صرّح الراحل صائب عريقات بأن إنشاء دولة كردية في العراق قد يؤدي إلى "ظهور إسرائيل ثانية"، واصفًا إياها بأنها "خنجر مسموم في خاصرة العرب".

4. إسماعيل هنية وعمليات تركيا في سوريا:
صرّح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في مقابلة تلفزيونية، بأن ما تقوم به تركيا في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون هو "محاربة للإرهاب"، في إشارة إلى المقاتلين الكرد الذين يدافعون عن أرضهم، متهمًا إياهم بلا أدلة بالإرهاب.
وأضاف هنية بأن تركيا "لم تقتل أحدًا إلا إن كان مذنبًا أو إرهابيًا"، متجاهلًا التقارير الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان والتغيير الديمغرافي القسري، وكذلك بناء المستوطنات للفلسطينيين في مدينة عفرين، على أراضٍ كردية بعد تهجير سكانها الأصليين.

ازدواجية المعايير: استيطان مرفوض في فلسطين... مرحب به في كردستان؟

من اللافت أن الحركات الفلسطينية التي ترفض رفضًا قاطعًا إقامة المستوطنات الإسرائيلية على أراضي الفلسطينيين، لم تعترض، بل باركت بناء مستوطنات للفلسطينيين أنفسهم على أراضٍ كردية في عفرين، بعد تهجير سكانها الكرد، في مفارقة أخلاقية وسياسية لا يمكن تجاهلها.

غياب التمثيل الكردي في المحافل الدولية

من المهم التذكير أن فلسطين تمتلك مقعدًا في الأمم المتحدة بصفة "دولة مراقب"، بينما لا يملك الشعب الكردي رغم عدده الكبير وامتداده الجغرافي في أربع دول أي تمثيل رسمي في الأمم المتحدة، ولا حتى مكاتب دبلوماسية تمثله في أغلب دول العالم.

نداء إلى إخوتنا الكرد

على الشعب الكردي في أجزاء كردستان الأربعة أن يعيد النظر في مواقفه العاطفية، وأن يُدرك أن المواقف السياسية لا تُبنى على المجاملات، بل على المبادئ المتبادلة.
نحن تعاطفنا مع الشعب الفلسطيني في كل محنة، لكننا لم نلقَ منهم إلا التهميش والعداء في كل لحظة فارقة من نضالنا.

الخاتمة: مفارقة لا بد من إعادة قراءتها

إن العلاقة بين القضيتين الفلسطينية والكردية تستحق مراجعة عميقة وموضوعية، تنطلق من مبادئ العدالة والحقوق، لا من شعارات التضامن العابر.
ففي الوقت الذي يستمر الكرد في الدفاع عن فلسطين، نجد قيادات فلسطينية تصطف سياسيًا مع من ينكر حقوق الكرد ويُمعن في قمعهم.

يا للمفارقة...

#حجي_قادو (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل