أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - اسعد عبدالله عبدعلي - الموناليزا في باب المعظم














المزيد.....

الموناليزا في باب المعظم


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 11:06
المحور: قضايا ثقافية
    


صباحا.. كانت اتجول في سوق باب المعظم للاغراض المنزلية المستعملة (البالة), بحثا عن شيء ما, حيث هناك يتجمع منذ الصباح الموظفين والموظفات, والطلاب الجامعيين, والمارين مصادفة, بحثت وسط التزاحم عن شي ينفعهم, وباسعار زهيدة جدا, وتتوزع الاغراض على منضدات (جنابر) وتتجمع حولها الزبائن, وأين ما تقف تجد تسابق كبير نحو الاشياء المعروضة, وانا اراقب ما يجري وما معروض من بضائع غريبة, واعترف ان خلال سنوات عملي في منطقة باب المعظم تعلمت اشياء كثيرة, لم اعرفها سابقا, ومنها الأفكار العميقة حول هذا السوق, فالأفكار مثل الطيور، لا يمكنك منعها من التحليق فوق رأسك, هذا السوق ضارب في التاريخ, فهو ليس وليد اليوم, وله أثر سحري بطريقة ما.
عندها شاهدت لوحة صغيرة مرسومة بقلم الرصاص, الحقيقة اعجبتني جدا, فقررت شرائها, وما ان مددت اليها يدي حتى سبقتني يد فتاة لها, اخذتها قبلي وهي تبتسم لأنها سبقتني وغنمت بها, كانت ترتدي قميصا ابيض وبيدها حقيبة كبيرة, بقيت عيني على اللوحة, اما الفتاة فقد دفعت ثمنها وكان فقط ألف دينار, ثم التفت نحوي وقالت بضحكة المنتصر: يا استاذ السابقون هم الفائزون, لكن اطمئن هناك الكثير, وستجد ما تبحث عنه, فقد كن اسرع, فكما قيل سابقا الفرص كالغيوم تمر مسرعة.
كنت غاضب جدا لحظتها, لكن ادرك جيدا ان مشاعر الإنسان هشة جدا، لدرجة أن يومه الكامل قادر أن يتعكر بسبب كلمة، أو نبرة صوت حادة أو حتى نظرة.. لذلك تنفست بعمق لأمتص غضبي.. ثم قلت لها: "نعم انتِ كنتِ سريعة لاغتنام الفرصة, قد لاحظت ذلك, وهذه اللوحة هي من الاقدار, وكانت قدركِ لا يفوز بها غيركِ... ثم باركت لها غنيمتها وشكرتها على دعمها.
هذه هي طبيعة الإنسان في كل زمان ومكان، فهو يطلب العدل كل حين, وكان علي ان اقبل بهزيمتي أمام سرعتها في خطف اللوحة, واقبل بالعدل في ان تفوز هي بها.
استمريت بالبحث بين المنضدات (الجنابر), كان صاحب احد المنضدات يصيح: "على عناد الحكومة نبيع المستورد الثمين بألف دينار فقط", كانت هنالك الكثير من التحفيات, والاواني, والاكسسوارت, ولوحات صغيرة, والعاب الاطفال, وفجأة وجدت بينها لوحة الموناليزا (تقليد) بقطع صغير, وقد تعلمت من تلك الفتاة اهمية اقتناص الفرصة, فان أيُّ شخص يتوقّف عن التَّعلم هُوَ عجُوز سواء كان في العِشرين أو الثّمانين, أسرعت نحو موناليزا وخطفتها قبل ان تخطفها يد اخرى, كانت هنالك مجموعة ايادي تسعى نحوها, لكن عملت بنصيحة تلك الفتاة الغريبة, وفزت بالفرصة, دفعت ثمنها فورا, كان فقط ألف دينار, وضعتها في الكيس, وفكرت هل ابحث عن فرصة اخرى اغتنمها, ام اكتفي بفرصة واحدة اليوم.. واخيرا وجدت في داخلي صوت يدفعني للخروج من السوق.
عند ممر الخروج من السوق صادفتني نفس تلك الفتاة.. وقد جلب الكيس الذي في يدي انتباهها.. عندما اقتربت منها قالت لي: يبدو انك نجحت في اصطياد شيء مهم؟ يا ترى ما هو؟ فأخرجت اللوحة من الكيس.. وقلت لها: "انظري ماذا وجدت؟".. دهشت الفتاة عندما شاهدت لوحتي.. ثم قالت لي: "انظر كيف انصفك الله سبحانه, يا استاذ انظر لحكمة الباري, انت غضبت وتحسرت على لوحة بسيطة, لكن كان ما أخفاه الله عنك عظيما, انها جميلة جدا, مبارك لك هذه الغنيمة".
كانت تنظر بانبهار شديد للوحة الموناليزا, ارجعت غنيمتي للكيس خوفا من الحسد المحبين للفن, وقلت لها: نعم ان المديح الزائد يصبح نفاقًا، لكن الحقيقة في ان ما تقولين هو فلسفة كبيرة عن العيش بطمأنينة مع انتظار عطاء السماء, او هي تفسير منطقي لقانون الجذب, انتِ جعلتني افكر بشكل ايجابي, فكان الناتج هذه اللوحة".
سكتت قليلا.. ثم كأنها تستجمع قوتها لتقول شيئا مهما.. فقالت: الحوار يكشف سر العقول والغضب يكشف الأخلاق, وفي الحالتين كنت جميلا, نعم اقول لك شكرا على هذا الكلام الذي يطيب الخاطر, اني على يقين سيكون يومي مختلفا عن ما سبقه, بسبب ..بسبب هذه المصادفة العجيبة.. ثم سكتت كأنها تنتظر ما اقول.
كانت لحظة زمنية من الصمت... رغم سهولة الصمت إلا أنه أشد ثقلاً من الكلام، حيث الغرق في التفكير.. فإن أسوأ ما قد يواجه الأنسان في حياته هو كثرة التفكير, لكن تذكرت حديثها عن الغيمة والفرصة, واهمية الاقدام.. وقد يكون كل هذا قدرا لنا.. فقلت لها: اذن بهذه المناسبة وبما كسبنا من غنائم مهمة, اعزمك على عصير من دكان حجي زبالة, احتفالا بما وجدنا...
انتظرت ردها.. مرة برهة من الزمن.. ابتسمت لتعلن تلك الابتسامة عن موافقتها, وقالت: بشرط ان نذهب الى تمثال المتنبي, فقد مر زمن طويل لم اذهب هناك.
فأشرت بيدي لعجلة التكتوك.. وقلت له: الى شارع الرشيد.
فقال: ألفان دينار.... وطارت بنا عجلة التكتوك نحو شارع الرشيد...



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوتك يبني .. المشاركة بالانتخابات هي الحل
- قمة الدوحة والتحديات الكبيرة
- فريقنا الكروي نحو مشنقة الثورة
- لماذا الحكومة اللبنانية تسعى لنزع سلاح حزب الله ؟
- ضرورة خط باص حكومي -المصلحة- الى باب المعظم
- دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد
- غريب ما حصل مع الرئيس!
- الأكراد وموقفهم من الانتخابات القادمة
- عدي صدام والفترة المظلمة للرياضيين العراقيين
- ترامب والرغبة بالسيطرة على قناة السويس
- التشابه بين نظام هتلر ونظام صدام -2-
- التشابه بين نظام هتلر ونظام صدام -1-
- حوار ايران وجريمة تكريت
- امريكا والامارات والصهاينة سرقوا آثار العراق
- الخطايا الثلاث لمرشح الانتخابات
- كيف يمكن ان تغير عقلك الى الابد ؟
- العقارات في بغداد اغلى من باريس
- كيف يمكن لكيان سياسي الفوز بالانتخابات؟
- سوريا الجديدة بين الاحتراق ومخاطر التقسيم
- مشاكل التعليم المحاسبي في العراق


المزيد.....




- عائلة شون -ديدي- كومز يناشدون إطلاق سراحه قبل النطق بالحكم
- ما هي المطارات الأمريكية الأكثر إرضاء للمسافرين للعام 2025؟ ...
- -مفاجأة كبرى-.. محكمة فرنسية تُعلن حكمها على ساركوزي بقضية - ...
- شاهد كيف علق رياض منصور على رفض منح الرئيس الفلسطيني تأشيرة ...
- -أسرار ديمونا في طهران-.. إيران تعرض وثائق نووية إسرائيلية و ...
- من اليمن إلى إيلات.. مسيّرات الحوثيين تحرج أنظمة إسرائيل الم ...
- بعد إطلاق عدد من محتجزي -برج مغيزل-..على النائب العام إخلاء ...
- -هند رجب الجديدة-: ما الذي حدث للمعلمة غادة رباح التي استنجد ...
- التحقيق مع مسؤولين فرنسيين بسبب بيع برامج مراقبة لليبيا ومصر ...
- رئيس المجلس الرئاسي الليبي: ليبيا تمر بـ-مرحلة مفصلية-


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - اسعد عبدالله عبدعلي - الموناليزا في باب المعظم