أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد















المزيد.....

دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد


اسعد عبدالله عبدعلي

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكاتب/ اسعد عبدالله عبدعلي

في محاولة شخصية مني لتثقيف الأجيال الجديدة، جعلت من صفحتي على "فيسبوك" منبرًا لنشر فضائح حكم الطاغية صدام. لذلك، تجد في صفحتي منشورات يومية عن فضائح الطاغية صدام. ومع استمرار النشر حول أكاذيب وفضائح حكم صدام في العراق، أجد "البعض" يجادل ويرفض الحقائق المدعمة بوثائق تثبت سفاهة صدام، بل وسقوطه في بئر العمالة للأجنبي.
ومن هذه الخرافات البعثية التي جادلني بعض الإخوة فيها ورفضوا رواية غير الرواية التي يروِّج لها نظام صدام، باعتبارها الحقيقة المطلقة، هي خرافة صاروخ العابد. مع أن بعضهم أكاديميون متنورون، وبعضهم عانوا من حكم صدام وذاقوا مرارة الظلم والجوع والرعب.
لذلك، قررت أن أكتب سلسلة مقالات عن فترة حكم صدام والخرافات التي لا يزال البعض يؤمن بها. واليوم خصصتها لخرافة صاروخ العابد.


• المسرحية من البداية
في عام 1989، أعلن نظام الطاغية صدام عن إطلاق صاروخ أُطلق عليه اسم "العابد". كان وزن صاروخ العابد 48 طنًا، ويصل ارتفاعه إلى 17 مترًا، وكان يُفترض أن يكون قادرًا على إيصال أقمار صناعية تصل أوزانها إلى 300 كيلوجرام إلى المدار, وزعَم النظام أن هذا هو أول صاروخ عراقي وعربي يصل إلى الفضاء، وقد أثار هذا الإعلان ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والسياسية العالمية التي كانت داعمة لنظام صدام خلال عقد الثمانينيات، لكن سرعان ما تكشفت الحقائق التي أكدت أن "صاروخ العابد" لم يكن سوى خدعة دعائية كبرى من نظام صدام.
في يوم 5 كانون الأول من عام 1989، تم إطلاق صاروخ "العابد" من "قاعدة الأنبار الفضائية"، التي تبعد 230 كيلومترًا جنوب غرب بغداد، وذلك كخطوة تمهيدية لإرسال قمر صناعي إلى المدار. وعلى الرغم من أن هذا الصاروخ مصمم ليطير على ثلاث مراحل، إلا أن المرحلتين الثانية والثالثة في تلك التجربة كانتا عبارة عن نموذجين فولاذيين.
معلومات تحدثت في ذلك الوقت عن أن بغداد كانت في البداية مسرورة للتعاون مع عدة دول في مجال بناء الصواريخ وإطلاق الأقمار الصناعية، لكنها اعتمدت لاحقًا على مشروع خاص بخبرات عراقية وعربية، وبمشاركة بعض المتخصصين الأجانب الشهيرين، على رأسهم المهندس الكندي جيرالد بول، الذي يُرجح أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الموساد كان وراء اغتياله في بروكسل عام 1990.
بعض التقارير تنسب الفضل في إنجاز صاروخ "العابد" العراقي لهذا المهندس الكندي، ويُزعم أنه قام بصنع هذا الصاروخ الفضائي العراقي من خلال دمج خمسة صواريخ سكود سوفيتية.


• فشل الصاروخ بعد سبع ثوان
في كانون الأول من عام 1989، أعلن حسين كامل وزير التصنيع العسكري، نجاح العراق في إطلاق صاروخ العابد, ووصف الأخير بأنه بعيد المدى، عابر للقارات، ذو ثلاث مراحل، ويصل إلى إسرائيل إن شاء الله، وحتى قلب أوروبا، حسب تلك الادعاءات.
عرض التلفزيون العراقي ذلك الصاروخ ووصّفه بالنجاح، لكن العجيب أن جميع وكالات الأنباء العالمية والدول العظمى أبدت تصديقها لكل تلك الادعاءات، ولم يتشكك أحد في احتمال أن تكون التجربة في الحقيقة فاشلة! وكان هذا التصديق نابعًا من دعم الغرب لنظام صدام خلال عقد الثمانينيات.
لكن الملفت أن "فيديو الإطلاق" كان قصيرًا جدًا! يقتصر على الثواني السبعة الأولى فقط، حيث يعيد التلفزيون العراقي تلك الثواني للمشاهد مرارًا وتكرارًا.
وهنا نتساءل: لماذا لا يعرضون أكثر من ذلك؟ يا تُرى ماذا حدث في الثانية الثامنة؟ ولماذا لم يُتبع المصور التلفزيوني الصاروخ بالكاميرا خلال تلك اللحظة؟ فكلنا على اطلاع وقد شاهدنا أفلام إطلاق صواريخ لوكالة ناسا الأمريكية تتبع الصاروخ حتى يختفي عن الأنظار وعن الكاميرا، ثم يُظهر انفصال مراحل الصاروخ واحدة تلو الأخرى. وتستغرق تلك الأفلام عادة دقائق، وليس ثواني... لكن التلفزيون العراقي كان يعيد باستمرار الثواني السبعة الأولى فقط.
والجواب الأكيد هو أن شيئًا خطيرًا وجسيماً ومحرجًا حدث بعد الثانية السابعة، ويتمثل في انفجار العابد.
خبراء الفضاء والمحللون العسكريون شككوا بسرعة في صحة تلك الادعاءات، حيث تشير التقارير اللاحقة، وبعد سقوط النظام، إلى أن ما تم عرضه كان في الغالب مجرد صاروخ معدل من نوع سكود، أو هيكل لصاروخ بدون قدرات فضائية حقيقية، أُطلق على ارتفاع منخفض، ولم يصل أبدًا إلى الفضاء.
لا توجد أي سجلات دولية أو بيانات مستقلة تؤكد وصول صاروخ عراقي إلى المدار في تلك الفترة.


• تكهنات ومبالغات
لم يكن العراق يمتلك في نهاية الثمانينيات قدرات تصنيع صواريخ معدة لحمل الأقمار الصناعية، وربما كان هناك مشروع طموح في هذا الخصوص، لكنه لم يتجاوز مرحلة التخطيط والتجارب الأولية.
ولا يوجد دليل على نجاح تلك التجربة سوى فيلم استمر لسنوات يصور عملية إطلاق صاروخ تم عرضه على تلفزيون العراق، لكن السبب الحقيقي لمسرحية صاروخ العابد هو صدام الذي كان مهووسًا بتضخيم القدرات العسكرية التي يملكها لغرض تهديد الاخرين.
ومن الملاحظ أن هناك خلطًا واضحًا في الحديث عن هذا الصاروخ، فمرة يُوصف بأنه صاروخ حربي مداه 2000 كم، ومرة يُوصف بأنه أول صاروخ عربي يدشن غزو الفضاء. علمًا أن الصواريخ المخصصة لحمل الأقمار الصناعية لا تُقاس بمدى الصاروخ مثل الصواريخ الحربية؛ فهذه مقارنة غير صحيحة، وهذا الخلط دليلاً على أن المسرحية كانت مدبرة.


• الهدف من الكذبة
لم يكن الهدف من وراء "كذبة صاروخ العابد" علميًا أو فضائيًا بأي شكل من الأشكال، بل كان يخدم عدة أهداف سياسية ودعائية رئيسية لنظام صدام. ويمكن الإشارة إلى أهم دوافع الكذبة الصدامية:
أولًا: سعى صدام إلى تقديم نفسه كقائد قادر على تحقيق إنجازات تكنولوجية وعسكرية كبرى، مما يعزز شرعيته ويوحد الجبهة الداخلية في وجه التحديات الإقليمية والدولية. ولهذا جاء هذا الإنجاز المزعوم يهدف إلى بث روح الفخر الوطني والشعور بالقوة بين العراقيين، وحقيقته خرافة من نسج صدام.
ثانيًا: في سياق ما بعد حرب الخليج الأولى (الحرب العراقية الإيرانية)، كان نظام صدام يسعى لإظهار قدراته العسكرية والتكنولوجية المتقدمة لردع خصومه الإقليميين، وربما لإرسال رسالة إلى القوى الغربية بأنه قوي، وأن لديه من القدرة ما يخدمهم في أي مشروع عسكري غربي للمنطقة. وكان امتلاك القدرة على إطلاق الصواريخ إلى الفضاء يوحي بامتلاك تكنولوجيا متطورة يمكن تحويلها إلى أغراض عسكرية.
ثالثًا: ربما كان الإعلان عن "صاروخ العابد" بمثابة ستار دخاني لإخفاء طبيعة وحجم البرامج السرية لتطوير الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، خاصة بعد كارثة حلبجة. فمن خلال التركيز على "الإنجازات الفضائية"، يمكن صرف الانتباه عن الأنشطة الحقيقية والمثيرة للقلق في مجال التسلح.
رابعًا: قد يكون الهدف أيضًا إغراء بعض الدول أو الشركات لتقديم الدعم المالي أو التكنولوجي للعراق، بحجة تطوير برنامجه الفضائي السلمي، بينما الهدف الحقيقي كان الحصول على مكونات وتقنيات يمكن استخدامها في البرامج العسكرية.
خامسًا: كان الطاغية صدام مهووسًا بزعامة العرب، لذلك جاءت مسرحية صاروخ العابد لتضخيم صورة صدام في الإعلام العربي.



#اسعد_عبدالله_عبدعلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غريب ما حصل مع الرئيس!
- الأكراد وموقفهم من الانتخابات القادمة
- عدي صدام والفترة المظلمة للرياضيين العراقيين
- ترامب والرغبة بالسيطرة على قناة السويس
- التشابه بين نظام هتلر ونظام صدام -2-
- التشابه بين نظام هتلر ونظام صدام -1-
- حوار ايران وجريمة تكريت
- امريكا والامارات والصهاينة سرقوا آثار العراق
- الخطايا الثلاث لمرشح الانتخابات
- كيف يمكن ان تغير عقلك الى الابد ؟
- العقارات في بغداد اغلى من باريس
- كيف يمكن لكيان سياسي الفوز بالانتخابات؟
- سوريا الجديدة بين الاحتراق ومخاطر التقسيم
- مشاكل التعليم المحاسبي في العراق
- البنك المركزي العراقي والضغط على الشعب العراقي
- الكيان الصهيوني وإشعال نار الحرب السيبرانية
- العراقيون بحاجة لمخصصات بدل ايجار
- السفر الى الماضي: العالم قبل 26 عاما
- العراق والتحديات الكبيرة مع عودة ترامب
- ارتفاع اسعار ايجار السكن وغياب الدور الحكومي


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يعترض سفينة -حنظلة- المتجهة إلى غزة
- أستراليا وبريطانيا توقّعان معاهدة شراكة نووية تمتد لـ50 عاما ...
- تصعيد بالمسيرات بين روسيا وأوكرانيا وقتلى مدنيون من الطرفين ...
- حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت للاعتراف بدولة فلسطين
- بحثا عن الأطعمة الفاخرة والأرباح على ساحل غرب أفريقيا
- لقاء سوري-إسرائيلي رفيع بباريس: تهدئة مشروطة أم بداية تطبيع؟ ...
- حزب بريطاني يهدد ستارمر بطرح مشروع قانون للاعتراف بفلسطين
- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسعد عبدالله عبدعلي - دوافع انتاج مسرحية صاروخ العابد