هيثم أحمد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 8473 - 2025 / 9 / 22 - 00:10
المحور:
الصحافة والاعلام
بقلم: الإعلامي هيثم أحمد محمد الشمري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة
في زمن باتت فيه مواقع التواصل الاجتماعي جزءًا من الحياة اليومية للطلبة، تزايدت الحاجة إلى تنمية الوعي الإعلامي لديهم، ليس فقط في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، بل في آلية التعامل مع النشر الإلكتروني بصورة واعية ومسؤولة، ومن هنا تبرز ضرورة إدخال مادة التربية الإعلامية في المناهج الدراسية للمدارس الإعدادية، لتكون بمثابة حصانة معرفية تحمي الأجيال من مخاطر التضليل والشائعات والانجرار وراء المحتوى غير الرصين، وتتصدر منصات التواصل الاجتماعي مشهد حياة الشباب اليوم، حيث تصبح سرعة انتشار المحتوى وتنوعه سيف ذو حدين: من جهة يفتح آفاق التعلم والتواصل، ومن جهة أخرى يفتح أبواب الإشاعة، والتنمر الرقمي، والتشهير، في ظل هذا الواقع، يبرز مقترح إدراج مادة التربية الإعلامية في المنهاج الإعدادي كخطوة أساسية لبناء طالب ناقد ومسؤول، قادر على التمييز بين الخبر والرأي والمنشور المسئول وغير المسئول.
التربية الإعلامية ليست فقط مهارات إنتاج المحتوى، بل بناء وعي يحمي الطلبة من الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة والتنمّر الرقمي، خريجو الإعلام يمكن أن يكونوا روّاة ومنسقين للمحتوى المسؤول في المدرسة، مما يعزز الثقة بين الطالب والمدرسة، المعرفة الإعلامية تُمكّن الطالب من المشاركة بإيجابية ومسؤولية مع المجتمع الرقمي.
المشكلة والغاية
المشكلة الراهنة تتمثل في انتشار الأخبار الزائفة والتعليقات المسيئة والتشهير الإلكتروني بين الطلبة وشريحة الشباب، ما يؤثر في الثقة العامة ويخلق بيئة رقمية سامة في بعض الأحيان، وان القيمة المقترحةهي أدخال منهاج التربية الإعلامية كجسر يربط بين المهارات التقنية ووعي القيم الأخلاقية، ليصبح الطالب مشاركاً نقدياً ومسؤولاً اجتماعياً على المنصات الرقمية، والغايةمنه هي بناء مجتمع مدرسي يتبنّى النشر المسؤول ويقلل مخاطر النشر غير المدروس، مع تمكين الطلبة من حماية خصوصيتهم واحترام الآخرين.
المناهج الإعدادية ودور الإعلاميين
إدخال مادة التربية الإعلامية في المدارس الإعدادية لا يعني عبئًا إضافيًا على الطالب بقدر ما هو استثمار في وعيه وفكره، ويُقترح أن يتولى تدريس هذه المادة خريجو كليات الإعلام، فهم الأكثر دراية بأسس العمل الصحفي والإعلامي، وقادرون على نقل خبراتهم النظرية والعملية إلى الطلبة، بما يعزز من قدرة الجيل الجديد على الاستخدام الواعي لمواقع التواصل.
دور خريجي الإعلام في التدريس
• التجربة والقدرات: خريجو الإعلام يمتلكون خبرة في كتابة المحتوى، وفهم آليات الإعلام ومصادر الخبر، وطرق التحقق من المعلومات.
• النموذج الإرشادي: يمثلون قدوة في التعامل الأخلاقي مع المحتوى والتوعية الرقمية.
• دور منسقين تعليميين: تصميم مناهج بسيطة وملائمة لعمر الطلبة وتدريب المعلمين.
• التعاون مع الجامعات: شراكات لتوفير مواد ودروس عملية وورش عمل وتدريبات مستمرة.
لماذا المرحلة الإعدادية تحديداً؟
• التأثير المبكر: تكون العادات الرقمية للطالبين في هذه المرحلة طويلة الأمد، وبالتالي تعليمها مبكراً يعزز سلوكاً رقمياً صحياً مستقبلاً.
• المهارات الأساسية: تعزيز مهارات البحث والتحقق والتفكير النقدي قبل المشاركة أو النشر.
• الحماية الرقمية: تقليل مخاطر الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة والابتزاز والتشهير.
مفهوم التربية الإعلامية وأبعادها
• التعريف: تعليم الطلاب كيفية إنتاج وتقييم ونشر المحتوى الإعلامي بشكل مسؤول، وفهم آليات المنصات الرقمية وتأثير المحتوى على المجتمع.
• المكونات الأساسية: التفكير النقدي، التحقق من المصدر، أخلاقيات النشر، الخصوصية الرقمية، مكافحة التنمر الرقمي، والتمييز بين الرأي والخبر.
• الأهداف التعليمية: قدرة الطلاب على التحقق من المصادر، تقييم الاعتماد على الدليل، وصياغة منشورات مسؤولة.
الفوائد المتوقعة على الطلاب والمجتمع المدرسي
1. تقليل الشائعات: رفع مستوى وعي الطلبة يقلل من تداول الأخبار غير المعروفة المصدر.
2. تنمية الحس النقدي: تعليم الطلبة كيفية تحليل الخطاب الإعلامي وتمييز المصداقية.
3. تعزيز قيم المسؤولية: جعل النشر الإلكتروني فعلًا واعيًا لا ارتجاليًا.
4. إعداد جيل إعلامي واعٍ: تمهيد الطريق أمام طلبة الإعلام المستقبليين لبيئة معرفية أفضل.
5. الأخلاقيات والتعاون الرقمي: احترام الخصوصيات وتجنب التنمر وحماية الصورة الذهنية للأفراد.
6. تحسين صورة المدرسة: مؤسسة تعليمية تعزز الإعلام المسؤول وتدعم تعلماً رقمياً متوازناً.
خاتمة
إدخال مادة التربية الإعلامية إلى المدارس الإعدادية لم يعد ترفًا، بل ضرورة تمليها تحديات العصر الرقمي، إنها خطوة تضع الأساس لبناء جيل أكثر وعيًا، قادر على أن يكون صانعًا للمعلومة لا مجرد متلقٍ لها، فالطالب اليوم مستخدم نشط للسوشيال ميديا، ومتى ما تزوّد بالمعرفة الإعلامية الصحيحة، أصبح عنصرًا فاعلًا في نشر ثقافة الرصانة والمسؤولية.
تمثل التربية الإعلامية اليوم أحد أهم المواد التي تعزز وعي الطلبة وتحصينهم من سطوة الرسائل الإعلامية الموجهة، ومن أبرز عوامل نجاح هذه المادة اختيار معلم قادر على الجمع بين المعرفة النظرية والخبرة العملية في المجال الإعلامي، وهنا يظهر الدور المميز لخريجي كليات الإعلام.
إن اختيار خريجي كليات الإعلام لتدريس التربية الإعلامية ليس مجرد قرار إداري، بل هو استثمار في بناء جيل ناقد، واعٍ، وقادر على مواجهة التحديات الإعلامية بوعي وتحليل، فالمعلم الإعلامي لا يلقن المعلومة فقط، بل يفتح أمام الطالب نوافذ جديدة لفهم العالم وصناعة مستقبله. وهكذا تتحول التربية الإعلامية من مادة نظرية إلى رسالة حياة تعزز الحصانة الفكرية والثقافية للمجتمع.
فخريجو الإعلام يمتلكون قدرة فريدة على تفسير الخطاب الإعلامي وتحليل مضامينه بأسلوب علمي وعملي في آنٍ واحد، إضافة إلى تمكنهم من تدريب الطلبة على أدوات التحقق، وأساسيات إنتاج المحتوى، وفهم تقنيات الاتصال الحديثة. كما أنهم أقرب لفهم اللغة الإعلامية المعاصرة والتغيرات المستمرة في وسائل الإعلام، مما يجعل دروسهم أكثر تفاعلاً وواقعية، إلى جانب ذلك، يساهم وجود خريجي الإعلام في سلك التدريس في تعزيز الثقة بالمنهج، إذ ينقل المعلم خبراته الحية من التدريب الميداني أو العمل الصحفي أو الإعلامي إلى قاعة الدرس، فيشعر الطالب أنه يتعلم من متخصص مارس ما يدرّسه.
#هيثم_أحمد_محمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟