أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمانة زريق - العنصرية: مرآة تعكس قبح أصحابها














المزيد.....

العنصرية: مرآة تعكس قبح أصحابها


جمانة زريق
كاتبة سورية

(Jumana Zuriek)


الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 16:18
المحور: المجتمع المدني
    


لعلّ السؤال الذي حيّرني وما زال هو: كيف يرى العنصريون أنفسهم في المرآة؟
هل يحبّون صورتهم حين ينظرون إليها؟ هل يرونها كما رأى نرسيس نفسه فأُعجب بها حتى سقط في الماء ومات؟ أم أنّهم يكرهونها في أعماقهم، ويرون كم هي قميئة من الداخل، فتزداد كراهيتهم لها كلّما رأوا أشخاصًا يختلفون عنهم في اللون، أو الزيّ، أو طريقة العيش، أو المعتقدات الروحية والاجتماعية؟

والسؤال الذي يطرح نفسه دومًا: هل يدرك هؤلاء، ولو للحظة، ضخامة هذا الكون وعظمة التنوع المذهل الذي شكّله؟ أم أنّهم أغلقوا عقولهم تمامًا وعاشوا في بيئة ضيقة، اعتبروها كونهم الوحيد، غير مدركين لما يحيط بهم؟ وهذا يقودنا إلى سؤال جوهري: هل مستوى الذكاء عند كل شخص عنصري، يرى أن لونه ولغته ودينه هي الأفضل على الإطلاق، مرتفع أم منخفض؟

يقول راي هربرت، الكاتب في علم النفس والسلوك البشري، في مقال بعنوان هل العنصرية مجرد شكل من أشكال الغباء؟ إن هناك ارتباطًا بين العنصرية وانخفاض مستوى الإدراك عند الإنسان. فقد قدّم مثالًا عن مجموعة من الأطفال لم يستطيعوا إدراك أن الكوب العريض يحتوي على نفس كمية الماء التي يحتويها كوب رفيع. ووجدت الدراسات أنّ هؤلاء الأطفال أنفسهم كانوا ينظرون إلى ذوي البشرة السوداء باعتبارهم أقل شأنًا منهم. وهكذا ربط هربرت بين محدودية الإدراك وبين العنصرية والتحيّز.

والحقيقة أنّنا إذا تتبعنا تاريخ العلماء والعباقرة في العلوم والفنون واللغات، فلن نجد بينهم عنصريين إلا نادرًا. فأغلب من امتلكوا مواهب وقدرات عقلية عالية كانوا بطبيعتهم بعيدين عن العنصرية. ومن هؤلاء ألبرت أينشتاين الذي قال: "العنصرية مرض اجتماعي"، وكارل ساغان الذي دعا إلى رؤية البشر كعائلة واحدة تعيش على "نقطة زرقاء باهتة" في هذا الكون.

أما روزاليند فرانكلين، فقد واجهت التمييز بنفسها ودافعت عن النساء والعلماء المهمشين، وساهمت في اكتشاف بنية DNA الذي يثبت أننا جميعًا متشابهون بيولوجيًا. وكذلك المفكر الجزائري مالك بن نبي الذي انتقد العنصرية الاستعمارية ودعا إلى تحرير الإنسان من الشعور بالدونية.

في المقابل، كان هتلر مثالًا صارخًا للعنصرية حين رأى أن اليهود شعب أدنى شأنًا، فقرّر إبادتهم جميعًا في المحرقة، محاولًا طمس عاداتهم وتقاليدهم ولغتهم التي لم يطق سماعها. وقد جسّد هتلر حقيقة شخصية نرسيس الذي انتهى نهاية مذلّة بعد هزيمته وجيشه الذي كان يتباهى به. وهذه هي النهاية الحتمية لكل عنصري متغطرس يرى نفسه وشعبه أفضل من الآخرين.

إنّ العنصرية ليست مرضًا اجتماعيًا فحسب، بل هي أيضًا مرض روحي وعقلي، تحجب عن صاحبها رؤية الجمال الكامن في اختلاف العالم من حوله. فكيف يمكن للكون أن يكون جميلًا لو كنا الكوكب الوحيد فيه؟ ألن يكون الأمر مخيفًا ومملًا؟ وكيف للأرض أن تكون مبهرة لو لم تحتوِ جبالًا وسهولًا وبحارًا ومحيطات؟ إنّ جمال هذا الكون يتجلّى في تنوّعه لا في تشابهه، وفي اختلاف مكوّناته لا في تماثلها. ذلك سرّ إلهي عظيم، لا يراه إلا من وسّع أفقه وفتح قلبه وعقله ليتأمل روعة العالم من حوله.



#جمانة_زريق (هاشتاغ)       Jumana_Zuriek#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجّار الشعارات… حين يسقط الحق أمام القرابة
- التعليم عن بعد
- من نحن؟
- سنة غير قابلة للنسيان
- أين الله
- المرأة إنسان محاصر
- الدّين الاجتماعي
- عام جديد
- فلسطين و أمي
- التطرف الفكري
- هيلاري كلينتون, أنجلينا ميركل,وعائشة الحرة
- الثورة الفكرية ضرورة إنسانية
- لماذا اضطهدت المرأة عبر العصور
- ارفعوا أيديكم عن الدين


المزيد.....




- احتجاجات ضد وكالة الهجرة تتحول لمواجهات واعتقالات.. ماذا يجر ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين: نتنياهو قرر التضحية بأبنائنا لحم ...
- الولايات المتحدة ستنهي وضع الحماية من الترحيل للمهاجرين السو ...
- الأمين العام للأمم المتحدة: العالم يجب ألا -يخشى- ردود فعل إ ...
- الاحتلال يفرض تصاريح لدخول قرى فلسطينية ويواصل الدهم والاعتق ...
- الاحتلال يفرض تصاريح لدخول قرى فلسطينية ويواصل الدهم والاعتق ...
- من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟
- من سيتحدث في الأمم المتحدة وما جدول الأعمال؟
- كالامارد: الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لم تبذل أي جهد لوقف ...
- عائلات الأسرى الإسرائيليين تدعو لاعتصامات مساء اليوم من أجل ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمانة زريق - العنصرية: مرآة تعكس قبح أصحابها