أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمانة زريق - الثورة الفكرية ضرورة إنسانية















المزيد.....

الثورة الفكرية ضرورة إنسانية


جمانة زريق
كاتبة سورية

(Jumana Zuriek)


الحوار المتمدن-العدد: 5119 - 2016 / 3 / 31 - 22:07
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


تعتبر الثورات السياسية ضد نظام حكم معين أو الثورات ضد الاستعمار هي الثورات الأكثر شهرة في التاريخ القديم والحديث. لأن هذه الأنواع من الثورات تسطحب معها ضجة إعلامية و سياسية كبيرة. أما الثورات الفكرية غالبا ما تكون هادئة,وعلى الرغم من الأثر العميق لثورات الفكر إلا أنها غالبا لا تذكر بمصطلح الثورة وإنما يعبر عنها غالبا بمصطلح الصحوة أو النهضة كما في العالم العربي حيث أطلق مصطلح النهضة العربية على الفترة التي برزفيها مفكرون أيام الحكم العثماني سعوا من خلال كتاباتهم لنهضة الأمة وترك أسباب التخلف,كما أطلق مصطلح عصر التنوير على الفترة التي برز فيها مفكرون كبار في القرنيين الثامن و التاسع عشر في أوروبا. ويمكن القول أن هؤلاء المفكرين العرب أو الأوروبيين كانوا حقيقة قادة ثوريين لثورات فكرية مهدت للثورات السياسية فيما بعد. والحقيقة هي أن المثقف أو المفكر إذا لم يكن أحد قادة الثورات الفكرية,فهوليس أكثر من هاو للكتابة يكتب لنفسه ولن يعترف به التاريخ كمفكر طالما أنه لا يعنى بتغيير المجتمع للأفضل.
فعلى سبيل المثال برز في فترة القرن التاسع عشر عدد كبير من المفكرين العرب وغيرالعرب الذين ينتمون للأمة العربية, وكان هم هؤلاء هو محاربة الجهل والتخلف الذي حل بالأمة, ورفع مستوى الإنسان الفكري في ذلك الزمن. ومن هؤلاء المفكرين كان عبدالرحمن الكواكبي . لقد كان لعبدالرجمن الكواكبي هدفا واضحا ألا وهو تثقيف أبناء أمته و النهوض بهم من خلال نقد الاستبداد بكل أنواعه الديني والسياسي كما رأى أن استبداد الجهل هو أشد أنواع الاستبداد حيث يقول الكواكبي"أقبح أنواع الاستبداد هواستبداد الجهل على العلم" و اعتبرأن الاستبداد يضعف و يقل كلما ازدادت الشعوب معرفة. ففي كتابه طبائع الاستبداد و مصارع الاستعباد,اعتمد عبدالرحمن الكواكبي على الوضوح والمباشرة في شرح الاستبداد السياسي فبدأ بشرح معاني الاستبداد ثم صفات المستبد حيث أطال الحديث في ذلك لهدف واضح أيضا وهوتثبيت هذه المعاني في ذهن القارىء,فالكاتب كان يخاطب كل ابناء المجتمع وهدفه هو إيصال الفكرة للناس بكافة طبقاتهم,ولم يك همه فقط طبقة المفكرين أمثاله ليستعرض عليهم كل أساليب اللغة المتاحة له كما يفعل الكثيرون من مفكري عصرنا,. فالمجتمع هو هدف الكواكبي بكل فئاته و طبقاته وهذا هو المثقف الثوري الحقيقي الذي يحاول رفع مستوى المجتمع الفكري أولا وقبل أي هدف اخر. وهنا يمكننا القول أن أهم التغييرات السياسية الكبيرة للمنطقة في ذلك الوقت مهد لها مفكرون عظماء بثورة فكرية حيقيقية قادها قادة فكر حقيقين سعوا لتغيير وضع المجتمع نحو الأفضل و فتحوا الأبواب للتغييرات الجديدة. والشيء الذي تنحني له الهامات إجلالا هو أن البعض من هؤلاء المثقفين والمفكرين لم يكونوا عربا ولا مسلمين في الأصل, ولكن شعروا أن الثقافة العربية الإسلامية هي الهوية التي يجب الحفاظ عليها , فكانوا حقا مثالا يحتذى لكل مثقف صاحب ضمير ووجدان.
أيضا مثال اخر وهو فولتير ,فولتير و هو من مفكري عصر التنوير في فرنسا يمكن اعتباره مع غيره من المفكريين الفرنسيين مثل جان جاك روسو قادة للثورة الفكرية التي مهدت و فتحت الأبواب أمام الثورة الفرنسية. فولتيركان همه الأول هو تنوير الشعب الفرنسي, ورفع مستواه الفكري. لذلك نجد أنه كان يحاول في بعض كتبه وأهمها تبسيط الخطاب ليتناسب مع أفهام الناس على مختلف مستوياتهم الفكرية.ففي كتابه رسالة في التسامح وهو أحد أهم كتب فولتير, يحاول فولتير في هذا الكتاب أن يشرح للقارئ أن العنف والانقسام الديني السائد في فرنسا في ذلك الوقت هو انحراف عن الدين الأصل وليس للعنف والكراهية وجود في الأديان بل على العكس, أن الاديان وجدت من أجل المحبة والسلام في العالم. ويقدم فولتير الكثير الكثير من الأمثلة والأدلة من الدايانات المختلفة لتبرئة الأديان من تهمة العنف وأن هذا العنف ماهو الا نتيجة التخلف والجهل يقول فولتير في كتابه " لقد وجد الدين ليجعلنا سعداء في هذه الحياة الدنيا و في الآخرة, ماالمطلوب لكي نكون سعداء في الآخرة؟ أن نكون صالحين, و مالعمل لكي نكون سعداء في الدنيا في حدود ما تسمح به بؤس طبيعتنا؟ أن نكون متسامحين." .اذا فالمفكرون الأذكياء يدركون تماما أن المهمة الأصعب و الأولى في أي مجتمع متخلف هو توعية الشعب ورفع مستواه الفكري, فالثورات الفكرية هي التي تمهد الطريق لأي تغيير سياسي كان أم إنساني وتجعل هذه التغييرات أقل كلفة مادية و بشرية, أما في حال أنه لم تسبق هذه الحركات الساعية للتغيير ثورات فكرية فإن هذه الجماهير الهادفة و المستهدفة ستصبح عرضة للاستغلال و سيتحولون الى وسائل لتحقيق غايات الاخرين. وفي حال نجحت الجماهير في تحقيق الهدف الأساسي لها كالتحرر كما في الثورات ضد نظام العبودية فهي لن تستطيع أن تصل بالفرد للمستوى الثقافي و الاجتماعي المنشود طالما أن الجماهير لم تسع لثورة فكرية. و ثورة السود في أميركا هي خير مثال على ذلك, فقد كانت ثورة السود من أعظم الثورات من أجل التحرر وترك نظام العبودية, ولكن وللأسف الشديد لم تكن لهذه الثورات بنية فكرية و فلسفية سابقة لها, استطاع الإنسان أن يتحرر من عبوديته ولكن لم يستطع أن يحقق التقدم الفكري والاجتماعي المنشود, لذلك من يذهب للعيش في أميركا يكتشف أن هؤلاء الأفارقة مازالوا غالبا في قاع المجتمع, و أظن أن السبب كان و مازال هوغياب الثورة الفكرية التي يمكنها أن تنهض بهم جميعا للأفضل.
وإذا أردنا أن ندقق في وضع المثقف العربي في الوقت الراهن نجد أنه منفصل عن الواقع الحقيقي للمجتمع العربي الا من رحم ربي, فالمثقف العربي غارق في استعاراته ومجازاته و رموزه الأسطورية التي يحتاج فيها المواطن العربي الى معجم خاص يشرح لنا معاني الأساطير المستخدمة في شعره مرة و في نثره مرة أخرى, فتراه بعيدا كل البعد عن مستوى الجماهير, فغالبا لا يحاول المثقف العربي النزول قليلا لمستوى الجماهير و معالجة مشاكلهم الكبيرة, فتراه يتأثر فقط بالأحداث الجارية ولم يكن في وقت من الأوقات صانعا لها.
فعلى الرغم من أن المجتمج العربي يعاني من مشكلات تهدد وجوده و استمراره, نجد أن فلاسفتنا ومفكرينا لا يعيرونها اهتماما,ومن أهم هذه المشكلات هي الفكر الطائفي الذي يهدد الأمة,ومع ذلك لا نجد كتابا مهما في هذا الموضوع يوصف الحالة و يقترح حلولا لها كما فعل فولتير في كتابه رسالة في التسامح أيام الصراع الديني في أوروبا. وقد يدعي البعض أن الشعب العربي لا يقرأ,وهنا يمكن القول ان مواقع التواصل الاجتماعي ما هي إلا فرصة ذهبية يمكن استغلالها لتثقيف الأمة و البدء بثورة فكرية من خلالها , فمن لم يكن لديه الصبر أن يقرأ كتابا كاملا دفعة واحدة, فمن السهل نشر الكتاب على شكل منشورات قصيرة و متتالية على مواقع التواصل هذه و إن كان الكتاب ذو قيمة حقيقية فلا شك أنه سينتشر وسيقرأ.
وختاما للموضوع أقول أن الثورة الفكرية هي حاجة إنسانية ملحة يفرضها الواقع الاجتماعي السيء للأمة العربية, ولن يجدي نفعا أن نهدم بناءا مالم يكن لدينا الأساس الصحيح و البنية الفكرية التي تجعلنا نعتمد على أنفسنا في عملية البناء الجديدة. لذلك يمكن القول أن المثقف العربي أو المثقف الذي ينتمي للأمة العربية بشكل أو بآخر هو المطالب بقيادة هذه الثورة التي يمكن أن تعيد بناء ماهدم و إنقاذ ما يمكن إنقاذه.



#جمانة_زريق (هاشتاغ)       Jumana_Zuriek#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا اضطهدت المرأة عبر العصور
- ارفعوا أيديكم عن الدين


المزيد.....




- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - جمانة زريق - الثورة الفكرية ضرورة إنسانية