المرأة إنسان محاصر

جمانة زريق
كاتبة سورية
(Jumana Zuriek)

الحوار المتمدن-العدد: 5453 - 2017 / 3 / 7 - 21:54
المحور: ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة
    

تولد البنت في مجتمعنا الشرقي بكل مكوناته الدينية و العرقية محاصرة من كل جهات المجتمع. ففي لحظة ولادتها تكفهر وجوه الكثيرين من الآباء الذين يرغبون بالذكور من الأولاد. ومنذ لحظة الولادة تلك يبدأ المجتمع بمحاصرة الطفلة و تبدأ أولى سنوات حياتها و هي تشعر أنها إنسان من الدرجة الثانية لأن الذكور احتلوا المرتبة الأولى. ومع مرور الوقت تدرك هذه البنت أنها محاصرة في دائرة مغلقة لن تستطيع الخروج منها إلا بمعجزة حقيقية. وهذا الإدراك غالباً ما يكون في مرحلة الشباب,عندما تعرف أن مصيرها كله متعلق بأراء رجل البيت سواء كان أخاها أو أباها. وهنا يبدأ الصراع من أجل أن تنال حقوقها الأساسية من تعليم أو القليل من الحرية لتعبر فيها عن نفسها. وغالباً لا تنال ذلك إلا بشق الأنفس. فالحصار يبدأ هنا بمقولة أن الزواج هو ستر المرأة و مبتغاها الأساسي. فيبدأ المجتمع بممارسة أبشع صور الحصار ضد هذه الفتاة مستخدماً وسائله الوضيعة, فمرة يجعلون من عمرها وسيلة لتخويفها من ضياع الفرص ومرة يجعلون سمعتها و شرفها وسيلة لقتل العواطف لديها, فتقبل بالزواج من أول فرصة تتاح لها. وتبدأ بعدها بتقديم فروض الطاعة للزوج, فإن هي خالفته و جادلته حاصرها المجتمع مرة أخرى فهي مهددة بالطلاق و التشرد, وفي أحسن الأحوال عالة في بيت أبيها أو أخيها,وعندما تجد المرأة الشرقية نفسها أمام هذين الخيارين غالباً ما تستسلم للبقاء في بيت زوجها أمام ضغوطات المجتمع. أما اللاتي اخترن محاربة المجتمع و عاداته المتخلفة فقد تم عزلهن واعتبارهن قد خرجن عن نطاق الأنوثة و أصبحن رجالاً بهيئة نساء, وطبعا هذا هو سيف المجتمع الذي يقطع به رأس كل امرأة تريد تغيير واقع المرأة المزري في مجتمعنا المتخلف. بعد كل ذلك, يأتينا من يقول لماذا هذه الأمة أمة ضعيفة ليس لها كلمة بين الأمم,ولم يدركوا بعد أنهم سيبقون كذلك طالما هم كانوا ومازالوا يحاصرون المرأة و يجعلونها عبدة لعادات المجتمع. فالمرأة هي كل المجتمع مادامت هي التي تربي أبناءه. ولن تقوم لهذه الأمة قائمة الا عندما تدرك قيمة المرأة, وأنها هي العمود الأساس في أي بناء, فإن كان هذا العمود هشاً و ضعيفاً, سيأتي اليوم الذي يتهدم فيه هذا البناء بالكامل ولن تنقذه كل دعامات العالم وقتها.

#جمانة_زريق (هاشتاغ)       Jumana_Zuriek#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل