أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمانة زريق - التطرف الفكري














المزيد.....

التطرف الفكري


جمانة زريق
كاتبة سورية

(Jumana Zuriek)


الحوار المتمدن-العدد: 5299 - 2016 / 9 / 29 - 02:53
المحور: المجتمع المدني
    


يعرف التطرف اصطلاحاً بأنه تجاوز لحد الاعتدال والحدود المعقولة, و التطرف الفكري هو المبالغة في تبني الآراء, سواء كانت هذه الآراء سياسية, دينية, أم اجتماعية. و بناء على ذلك, يمكننا طرح السؤال التالي: هل نحن كأمة بمختلف مكوناتها العرقية والدينية متطرفة فكرياً؟ والجواب و للأسف الشديد نعم, نحن أمة يغلب عليها طابع التطرف الفكري, ففكرة تقبل الآخر بفكره المختلف هي فكرة غير واردة كثيراً في مجتمعنا,بل على العكس,الكل في هذا المجتمع يحاول قمع الكل.
ولعل هذه السمة لم تكن بارزة بشكل واضح من قبل مع أنها كانت ولازالت موجودة عند أغلب فئات المجتمع. لكن ثورات الربيع العربي كشفت كثيراً من عيوب الأمة الفكرية, ويمكن القول أن أهم هذه العيوب هو عدم تقبل الرأي المخالف و محاولة قمع الآخر بكل الطرق الممكنة حتى وإن كان هذا الطريق يؤدي الى الإيذاء النفسي و المعنوي وقد يصل الى القتل والحرق والتنكيل.
وهنا يجب أن نبدأ من خلية هذا المجتمع الأولى ألا وهي الأسرة, ففي كل أسرة في مجتمعنا هنالك من يعتبر نفسه رب الأسرة الذي يجب أن تكون كلمته مطاعة,فلا يقبل أن يعترض على كلامه أحد في البيت, وإن حدث واعترض على أفعاله زوجته أوأبناءه, نجد أن البيت يتحول الى جحيم, لغياب لغة الحوار وفرض مبدأ الأقوى. وهذا الأمر امتد ليشمل النظام التعليمي والوظيفي, فلا يستطيع الطالب أن يدلي برأيه, أوأن يعترض الموظف على ألية العمل. فالحوار في مجتمعنا شبه معدوم والرأي الآخر شيء غير مقبول.
ولهذا السبب,وجدنا,أنه عنما قامت الثورات العربية أخذ الناس يتحاربون في البيت الواحد,ويحللون دماء بعضهم لعدم قدرتهم على تحمل فكرة أن الآخر له رأي مختلف عن رأيي. فمنهم من أيد الأنظمة العربية و حلل دم كل من يطالب بالإصلاح, و منهم من وقف بصف الثورات و أيدها و أيد معها حق القتل لكل من يقف الى جانب الأنظمة حتى ولو بكلمة. فأصبحت الدماء رخيصة جداً, فالكل يؤيد قتل الكل,والرصاص هو وحده من يحكم بينهم.
ولعل أكثر من تهيأت له الفرصة المناسبة هم أولئك الذين يحملون لواء الأديان, و يعتقدون أن الله ينتظرهم لينتقموا له ممن أساء الى ذاته الالهية. فأباحوا لأنفسهم قتل النفس التي حرمها الله عليهم, لا سيما أن الفرصة متاحة لهم بسبب حالات الفلتان الأمني إبان الثورات ليعبروا عن مغالاتهم في تبني آراءاً فقهية أباحت لهم قتل المرتد والملحد بنظرهم,متناسين أن الله وحده هوالعالم بما في القلوب.
ولكن بالمقابل, لم يكن الملحدون و سواهم أقل تطرفاً من هؤلاء, بل على العكس, فالملحدون هم أيضاً لم يوفروا أي كلمة ضمن ما يندرج تحت مسمى "الكراهية" إلا و عبروا فيها عن كراهيتهم لأصحاب الأديان والمسلمين بشكل خاص. وهم متناسين أو غافلين عن أن ما يقولونه يندرج ضمن جريمة الكراهية المعترف فيها دولياً. فأي شخص يعبر للآخر عن كراهيته له سواء بسبب لونه أو دينه أو جنسه يعتبر مجرماً تحت بند جريمة الكراهية التي تحفز على العنف في المجتمعات.
طبعاً هذا يعني أن الكلمة التي تحتقر الآخر مدانة فما بالكم بالجريمة التي تنهي حياة إنسان فقط لأنه يحمل فكراً مختلفاً. إذا فالإدانة يجب أن تكون ضد أفكار هذا المجتمع الذي يحمل أبناءه فكراً متطرفاً لا يعترفون فيه بوجود آراء مختلفة لدى بعضهم البعض, وكل فرد فيه يريد أن يجعل من الآخر نسخة طبق الأصل عنه و عن أفكاره هو. فالقاعدة هي أنك صديقي و حبيبي طالما أنك تهز رأسك و توافقني على كل ما أقول, و إن لم تفعل فأنت عدوي اللدود ولا بأس أن تموت أو أن تنبذ و تخرج من المجموعة. ويمكن القول أنه ليست الفاجعة الوحيدة هي أن يقتل شخص من أجل فكرة, و إنما الفاجعة أن يصبح هذا التطرف هو السمة التي ستهلك هذا المجتمع و تحول أبناءه الى أداة رخيصة و سهلة لكل من أراد فناء هذا المجتمع من أعداءه الخارجيين.



#جمانة_زريق (هاشتاغ)       Jumana_Zuriek#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيلاري كلينتون, أنجلينا ميركل,وعائشة الحرة
- الثورة الفكرية ضرورة إنسانية
- لماذا اضطهدت المرأة عبر العصور
- ارفعوا أيديكم عن الدين


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جمانة زريق - التطرف الفكري