أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية















المزيد.....

الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 8471 - 2025 / 9 / 20 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لكل اعتقاد طقوس وتعاليم تحدد ماهية العبادة ، مثلا الوثنية لها طقوس تقام في المعابد أو في كرنفال سنوي فيه يحمل المحتفلون رموز آلهتهم ، أما عبادة الكواكب والشمس والنجوم فيرمز لها بالرسوم والمنحوتات ، أما عبادة العباد كالأنبياء والرسل الصالحين ورجال الدين ، فيرمز لها بالرايات والإشارات والصور والمقام والأضرحة ، أما الوجودية أو الإلحادية أو اللادينية ، فليس لها أدلة مادية ميدانية على العبادة ، لأنها تتخذ من أهوائها وملذاتها وشهوتها آلهة لها ، وهي اخطر أنواع الاعتقادات لأنها تتميز بالغموض وعدم الاستقرار، ويعتمد نشاطها الفكري والسياسي على إثارة الخلافات الأسطورية بين الأديان السياسية والاعتقادات الوثنية ، لاستقطاب الأفراد الى ما يسمى بالتنوير والحداثة ، قال الله أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ، وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه ، وجعل على بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون

أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{23}

برز على ساحة الحوار العقائدي مصطلح جديد يحمل اسم العبادة الوجودية ، وهي عبادة تتخذ من ملذاتها وأهوائها الدنيوية آلهة لها ، من جملة أفكارها عدمية الوجود ، وتعتقد ان تجدد الكائن الحي بالتكاثر أمر وجودي طبيعي فالإنسان قادر على إنتاج نفسه بنفسه دون تدخل الهي كباقي الكائنات الحية ، وان كل كائن حي مصيره العدم والفناء ، قالت الوجودية اللادينية ردا على آيات وقوانين الطبيعة والظواهر المتجددة الدالة على البعث والنشور ، ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر، والدهر يعني العمر المستنفذ زمنه بالفناء ، نموت نحن الأحياء بالفناء ، ويحيا غيرنا للوجود ، بما ان الوجودية اللادينية لم تقدم دليلا ماديا على عدمية الماضي ولا على عدمية الوجود ، إذن ما طرحته مجرد ظن ، قال الله وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ، وما لهم بذلك من علم ان هم إلا يظنون

وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ{24}

قلنا سابقا ، ظهرت الوجودية اللادينية في المجتمع الإسرائيلي في القرن السادس الميلادي ، كفكر سياسي بعد غياب الإيمان بالله واليوم الأخر عن الوعي المجتمعي ، غيبه الدين السياسي مبلورا البراغماتية اللادينية لرفض نظرية النص الديني ، إلا بمشاهدة النتائج العملية على ارض الواقع ، فمن أفكارها السياسية التي جابهت بها الدعوة القرآنية في تلك الفترة عدمية الماضي ، مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ، طبعا لا يمكن إعادة الماضي ، ولكن يمكن تقديم أدلة مادية لبعض الظواهر المتجددة فناها الماضي كالآباء ، وجددها الحاضر كالأبناء ، وكذلك بث الدواب بالتكاثر على الأرض ، قال الله وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون ، ولكي تحافظ الوجودية اللادينية على ثقافة البراغماتية اللادينية ، تصدت للآيات الدالة على البعث والنشور الأخروي بعدمية الماضي ، قال الله وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ، ما كان حجتهم إلا ان قالوا ائتوا بآبائنا ان كنتم صادقين

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{25}

يفقد المجتمع ثقافة الأنبياء والرسل والكتب المنزلة تدريجيا ، حتى يستقر فكريا وثقافيا وتراثيا على اعتقادات ، إما وثنية ، وإما دين سياسي ، فمن هو المسئول عن غياب الإيمان بالله واليوم الأخر عن وعي المجتمع لصالح شياطين الأديان السياسية والاعتقادات الوثنية ، الظهر هو المسئول ، والظهر هو الأب وما ينحدر من نسله من أبناء مشكلين عائلات تنضوي في قبيلة تحمل اسمه ، وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ، فعندما يتخلى رب الأسرة عن دوره التاريخية في إيصال كلمة الحق لأبنائه ، سيفقد المجتمع دعوة الحق ، ذلك مما يفسح المجال لتيارات سياسية واعتقاديه مختلفة بملء الفراغ الفكري والثقافي ، وبدعم وتوجيه من الأديان السياسية اتبعت الوجودية اللادينية إستراتيجية تغيب وجود الله والبعث والنشور عن وعي المجتمع بإحداث تغير ديموغرافي في الجيوعقائدية ، بتوطين أكثر من اعتقاد وأكثر من دين سياسي داخل المجتمع الواحد ، مغلبين ثقافة الأهواء والملذات السياسية على ثقافة البعث والنشور ، ولكي يعيد التنزيل علمية البعث والنشور المغيبة عن علمية المجتمع ، قال الله ، قل يا محمد الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون

قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{26}

اطلع التنزيل الوجودية اللادينية على مسرح إحداث يوم القيامة ، للإلمام بالمراحل التي سيمر بها الفرد ميدانيا قبل الفصل المصيري ، مقسما إياه الى مرحلتين الأولى ، القيام من الأجداث ، والثانية والوقوف للحساب ، فما لا يقبل الشك ، ان كل فرد سيترك الدنيا لغيره ، وفي النهاية سيترك العالم وجوده لعالم الخلود ، كما ان جمع السماوات والأرض والناس على ارض الحشر يدل على عائدية كل شيء للمالك الأصلي وحده ، حينئذ سيضع الله الآلهة التي كان يعبدونها من دونه في خانة اللاوجود ، عندما يكون هو موجود ، قال الله ولله ملك السماوات والأرض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون ، المبطلون المراهنون على عدم وجود الله المبطلون لغيبية البعث والنشور الأخروي

وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ{27}

بعد القيام من الأجداث ، تبدأ عملية حشر الأمم استعدادا للحساب القائم على نتائج العمل الدنيوي المستنسخ في كتاب ، فالكتاب بمثابة شاهد مادي على الأعمال الدنيوية في حالة إنكار منكرو البعث والنشور لإعمالهم ، الجزاء سيكون من جنس العمل ، قال الله وترى كل امة جاثية ، جاثية آخذة وضع الجلوس تدعى الى كتابها ، اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ، أنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون

وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{28} هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{29}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية
- الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
- الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
- المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
- التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
- الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
- الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية وفيلولوجيا النصوص - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية ولاعتقاد الأركيولوجي- الزخرف
- الرأسمالية بين الراديكالية ودوغمائية البنات - الزخرف
- الرأسمالية وميثولوجيا بنات الرحمن - الزخرف
- ميثولوجيا بنات الرحمن- الزخرف
- لماذا قرأنا عربيا - الزخرف
- الظلم والاستبداد الطبقي الرأسمالي - الشورى
- الكادحون بين الرأسمالية والتنزيل - الشورى
- الله والمال والشريعة - الشورى
- الاستاتيكية وعلمية الماضي الغيبي - الشورى
- الوجودية بين التراجيديا والرفاهية - فُصِّلَتْ
- النشأة التاريخية للإلحاد الوجودي - فُصِّلَتْ
- الكون بين الوجودية والدين - فُصِّلَتْ


المزيد.....




- اليهودية الأمريكية روت فايس: حياة في خدمة الإنسانية
- لغات على حافة النسيان.. معركة المصريين الأخيرة لإنقاذ السيوي ...
- تثبيت تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد 2025 TOYOUR EL JAN ...
- تركيا ترفض تسليم إسرائيل نقشا -يثبت الوجود اليهودي في القدس- ...
- فوق السلطة.. وزير فرنسي سابق: الإسلام الدين الأكثر اعتناقا و ...
- كل ما تريد معرفته عن دورة العاب التضامن الاسلامي واماكن إقام ...
- ترامب يشتم النائبة المسلمة إلهان عمر ويدعو لعزلها.. فما الأس ...
- إنتخابات الكنيسة السويدية الأحد - ممارسة ديمقراطية في مؤسسة ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...
- عرض كتاب.. التهديدات الإسرائيلية للمقدسات الإسلامية والمسيحي ...


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الوجودية وديموغرافيا الجيوعقائدية - الجاثية