أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - العلاوية مصطفى - الحقوق وحرية التعبير بمدرسة الحرية.














المزيد.....

الحقوق وحرية التعبير بمدرسة الحرية.


العلاوية مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 15:32
المحور: كتابات ساخرة
    


لن ننسى ذلك اليوم ، يومٌ تم التحضير له لأسبوعين متواصلين، كان يوماً مشهوداً في مدرسة الحرية ،إنه يوم الحريات والحقوق - حقوق الطفل - حقوق الانسان-. كان هذا النشاط تقوم به مؤسسة فرنسية بشراكة مع جمعية التعبير والديمقراطية بحي الحرية, فقررا أن تقوما بنشاط "حضاري" على حد تعبيرهما، وبحكم أن مدرستنا كانت بحاجة للأمرواسمها على مسمى الموضوع، وافق مديرنا على الموضوع دون أي مناقشة، وعلق قائلا "إذا كانوا يريدون تعريفنا بالحريات والحقوق، فلدينا منها الكثير".
وقفنا في باحة المدرسة، في ذلك الصباح المشرق، ووقف مديرنا بجلبابه، وبجواره وقفت تلك الفتاة الفرنسية التي أوحى شكلها للمدير بأنها في الرابعة عشر من العمر، إلا أنه ولجهله بأشكال الأوروبيين، لم يعرف أبداً بأنها في أواخر الثلاثينات من العمر. كان لونها الأحمر وشعرها - أو كلها- الأشقر يلفتان النظر إليها كثيراً، حتى أن " المدير الحاج علي كرتي "المشهور بهدوءه وصمته ظل يصلح نظاراته طوال الوقت، منظفاً إياها بشكل بشكلٍ دائم. كان المدير يحدثنا على أن هؤلاء الضيوف بانهم قد أتوا من بلادٍ بعيدة تسمى فرنسا، وبأنهم قد
أتوا ليحدثونا عن الحقوق وحرية الرأي وحرية التعبير والديمقراطية وما إلى هنالك من تعابير فضفاضة، وكان مديرنا الذي لم يسمع ببعض هذه التعابير من قبل يخطئ في لفظها، فيقول عن الديمقراطية "البيموقراطية"، وحينما حاول أحد الأساتذة تصحيحها له، نظر إليه شذراً وغيضا ، كان مديرنا فعلاً من المؤمنين الحقيقيين بحرية التعبير والرأي وخصوصاً "البيموقراطية".نسبة الى" بيمو"الذي كان يقدم للتلاميذ كوجبة اطعام كل يوم جمعة , كنا لانزال نقف في الشمس التي بدأت تتجه لأن تصبح محرقة الآن، والفرنسية الشقراء بدأت تتضايق من شمسنا الحارة التي لم تعتدها في بلدها، والتلاميذ يمسحون عرقهم، إما من الحرارة، وإما من مشهد الفتاة الفرنسية، والمدير يتكلم ويتكلم كيف أنه أنجز وأحسن وعلّم، وكيف أن مدرستنا هي منارة "للبيموقراطية" لكل المدارس في الاقليم. وانتهت المحاضرة، التي كانت خلاصتها بأن "البيموقراطية" على رأي مديرنا أن يفعل هو ما يريد، لأنه المدير، تفاءلنا بالأمر. ومر أسبوع، وأسبوعان بعد ذلك اليوم المشهود، وذات يوم وصل إلى المدرسة بريد من فرنسا، كان يحمل النتيجة التي خلص إليها الفرنسيون بعد لقاءاتهم بالمدير، ولأنه كان لايزال مأخوذاً بطريقتهم في التعامل، أصر أن يجمعنا في باحة المدرسة، وأن يترك "السيد أحمد داوي" يقرأ لنا النتيجة، كان جل ما قاله الفرنسيون بأننا لا نعرف شيئا عن حرية الرأي، أو حرية التعبيراو حقوق الانسان، ولا الديمقراطية، وبأنها إلى حدٍ مفقودة في مدرسة الحرية اللهم في الاسم ، وبأن السلطة هي سيدة كل شيء. ساعتها فقد المدير أعصابه لأول مرةٍ منذ أسبوعيين، ولعن وشتم الفرنسيون وأوروبا والغرب وكل ما له علاقة "بالبيمقراطية"، وكان كل ما يقوله "هادشي اللي ناقصنا النصارى يعلمونا كيفاش نتعاملوا مع التلاميذ، اوا ها الجماعة نتازانين". ومن يومها لم يجرؤ أحد من التلاميذ على نطق كلمة "الديمقراطية" أمام المدير. فمن ينطقها، عقابه جاهز، ثلاث ضربات بالعصي على يده، وساعة في الشمس؛ لقد كان عقاباً عادلاً، على الأقل في نظر المدير.



#العلاوية_مصطفى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرود بشرية تسير جمعية أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بمدرسة اب ...
- كيف تعرف العنصريون اصحاب العقول المتسخة والقلوب الحاقدة ابنا ...
- سيدي بو الفضايل حاضن الشمس والبحر.
- أمي لن أقول كما قال غاندي.
- رسالة الى الخبيثة براقش.
- رسالة كيميائية الى من لايفقه في الخيمياء .
- المعاق عاق.
- تقرير لقاء تواصلي
- مدرسة المدني الأخصاصي ، تاريخ عريق وأمل في المستقبل
- والبغال والحمير لتركبوها,و-الغلام-مسير شركة النظافة مثلا.
- شركة النظافة بالمؤسسات التعليمية ,سلوك غريب وصمت مريب.
- قم للمدير
- توضيح لمعرفة من يتحمل المسؤولية؟
- قصة المشعوذ الماكر والمسنة السادية شبيهة بقصة الملك العاري و ...
- شبنا وهرمنا و تصلعنا ايها المديرون الشبان.
- لم أفكر يوما
- الأطر الادارية وشعار - اللاعودة - التاريخي .
- من ارشيف الذاكرة (صرخة الكرامة)
- -سي ابراهيم بوتزوات المدير- -
- المرسومان الوزاريان الجديدان لتعليمستان.


المزيد.....




- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...


المزيد.....

- صديقي الذي صار عنزة / د. خالد زغريت
- حرف العين الذي فقأ عيني / د. خالد زغريت
- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - العلاوية مصطفى - الحقوق وحرية التعبير بمدرسة الحرية.