|
تحول السياسة الى ممارسة للمبتذلين والمنحطين بصبغة فاشية في عصرنا الراهن
صباح كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 8469 - 2025 / 9 / 18 - 15:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
التحولات الكبرى السريعة والعاصفة.. التي تحدث في عالمنا اليوم.. تعصف بالكثير من المسلمات والقيم التقليدية المتعارف عليها.. وتفرض مفاهيم جديدة.. تكاد تكون هي الاتجاه العام في التطور.. إذا استسلمنا لمشاهداتنا.. وأصبحنا اسيرين لمظاهر التغيير وافرازاته السلبية فقط.. والتغيير الذي نحن بصدده.. يشمل كافة جوانب الحياة.. ابتداء من الاقتصاد والتجارة وحركة رأس المال التي تترافق مع متغيرات تكنولوجية شاملة.. تعيد تشكيل القيم الاجتماعية.. بحكم المتغيرات في محتوى ومظاهر الصراع.. وما له علاقة بأساليب الكفاح في عصرنا.. ومستقبل البشرية الذي بات يتداخل مع الذكاء الاصطناعي ومفاهيم ما بعد الانسان.. وانعكس هذا بوضوح على مفهوم الدولة التي تدار كالشركات.. ودور الأحزاب والطبقات الاجتماعية.. التي تعاني من خلل وشلل.. يجعلها مترددة وفاقدة لدورها الاجتماعي والسياسي الفاعل.. وانسحب هذا أيضا على دور الحكومات وبقية المؤسسات الاجتماعية.. التي تمارس السياسة.. التي تشهد تراجعاً.. خاصة فيما يخص بدور القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية.. التي كادت ان تخلو الساحة بسبب تراجعها في غالبية البلدان لليمين واليمن المتطرف بنزعته الفاشية.. باستثناءات نادرة لنشوء ومواصلة بعض التيارات اليسارية الجديدة.. التي تمكنت من الخروج من طوق الحيرة والوجل.. وتسعى للتعبير عن الأمل الاجتماعي بهذا الشكل او ذاك.. كقوى تطرح البديل المطلوب للحالة الراهنة.. وتحدد شعاراتها فيما يخص المستقبل بصيغة تكاد تكون جنينية غير مكتملة الصورة.. بحكم ملابسات الوضع الراهن وتعقيداته.. كمؤشر عالمي تتشارك فيه الكثير من الدول.. بما فيها الدول المتقدمة.. وهكذا هو الحال في الشرق الأوسط.. كما سنرى تفاصيله من خلال العراق.. وبقية البلدان التي تمر بأوضاع متشابهة.. وفيما يخص العراق.. الذي شهد تحولات دراماتيكية طيلة المائة العام الماضية.. وهو عمر الدولة العراقية الحديثة كما نعلم.. يمكن ملاحظة الحقب والدوارات التي امتد فيها العنف وتواصل بأشكال بشعة. كما يمكن ملاحظة فقدان مفهوم المواطنة.. وعدم وضوح في شكل ودور الدولة ومؤسساتها الحكومية.. التي كانت تتواطأ مع العنف وتمارسه.. كما تواطأت مع مؤسسات ما قبل الدولة.. من خلال مؤسسة العشيرة والقبيلة.. وهو ذات الشأن فيما يخص المؤسسات الدينية المعرقلة للتطور.. دون ان نغفل دور العامل الدولي والإقليمي.. واشكال التدخل في شؤونه طيلة هذه الفترة.. على امتداد قرن كامل من الزمن.. لهذا شهد المجتمع العراقي حالات صراع محتدمة.. شابها الكثير من العنف المستمر والمتواصل.. ولم تفضي لحالة استقرار سياسي واجتماعي.. ولو بالحدود الدنيا.. كما هو الحال مقارنة مع الكثير من الدول في المنطقة.. لذلك أصبحت مهمة التغيير نحو الافضل في العراق صعبة ومؤجلة.. وزاد الطين بلة كما يقول المثل.. في هذه الأيام التي تشهد عدة تدخلات سافرة في شؤونه.. تبدأ بأمريكا وقواعدها العسكرية في العراق.. ومن ثم إيران واخطبوط تدخلاتها.. وبعدها التدخل التركي ومجساته وقواعده العسكرية التي تجاوزت المائتي موقع بين ربية وثكنة عسكرية ومطارات في نطاق جغرافية أربع محافظات عراقية بين كردستان والموصل.. ناهيك عن بقية التدخلات السافرة للسعودية والأردن وقطر.. من خلال أذرع ومنظمات سياسية تتكالب على خدمة اسيادها خارج الحدود.. ولا تقيم حرمة لمصالح العراقيين التواقين للاستقرار والسلام والعيش بأمان.. كل هذه العوامل والمسببات.. انتجت بيئة مفككة.. يعبث فيها الفساد.. تتحكم بها فئات مبتذلة ومنحطة معدومة الضمير والأخلاق.. تمارس تصرفات فاشية.. لا تقيم وزناً لمشاعر الناس وطموحاتهم.. وتستكلب للاستحواذ على حصصها ومواقعها.. وتعلن استعدادها للإقدام على خدمة اية جهة تضمن لها دوراً بائساً.. ويمكن تشخيص وملاحظة الفئات والشرائح الانتهازية التالية.. التي تتسابق لتدمير وتخريب العراق.. وتسعى لإنهاء كيانه كوطن.. والتي يمكن من خلالها تشخص حالة الازمة والازمة في البديل:
1ـ المجموعات السياسية المتعفنة.. من أحزاب ومنظمات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي.. التي استلمت السلطة من خلال صفقة " ديمقراطية " بوصفة أمريكية.. وفشلت في إدارة البلد وتحولت الى الجزء الأكبر من الشريحة المبتذلة المنحطة.. 2ـ شراذم ومجموعات بعثية.. بقيت في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.. وتغلغلت في جسد الأحزاب السياسية.. وخلقت لها واجهات وأغطية متعددة.. ومارست سياسة التخريب واندمجت مع موجات الإرهاب والعنف.. وتمادت في اعلان تنسيقها السافر مع الدواعش.. ما زالت تطمح للعودة للسلطة.. وتتباهى بعلاقاتها الدولية والإقليمية لليوم.. كأن ما أصاب العراق بأرضه ونسله وزرعه لا يكفي من جراء نظام حكمهم البائس وحروبه المستمرة.. الأنكى من هذا.. انهم يطرحون نفسهم كبديل للوضع المبتذل الراهن.. متناسين انهم من أرذل واحط من مارسوا السياسة في العراق على امتداد أكثر من 70 عاماً لليوم.. 3ـ القوى والشخصيات العشائرية.. التي دخلت ميدان العمل السياسي.. من باب المنفعة الانتهازية والحصول على نتف من المحاصصة.. التي جرى اتباعها كأساس للعمل والإدارة في المحافظات خاصة وقدمت من خلالها اسوء النماذج المنحطة والمبتذلة.. واعطت مثالاً صارخاً على فساد مؤسسة العشيرة والقبيلة وانغماسها بالرذائل.. وعدم انسجامها مع طبيعة عصرنا وتحولاته.. 4ـ أحزاب وسلطات الإقليم في كردستان.. التي تخلت عن دورها البناء.. منذ ان استلمت السلطة في كردستان عام 1991 وانتجت المزيد من الفئات الانتهازية المتواطئة مع المجموعات السابقة في بغداد وبقية محافظات العراق لحد باتت فيه مدن الإقليم ميداناً لعبث الفاسدين وشراذم حزب البعث.. بعد ان تحولت الأحزاب والسلطة الى مؤسسات عائلية.. تتحكم في الأوضاع.. وتدير شؤون الإقليم من خلال نماذج لا تختلف في الوصف عما ورد في النقاط السابقة.. باستثناءات نادرة ترفع لها القبعة.. بقيت وفية لخصالها الثورية.. وقيمها الإنسانية.. كما كان العهد اثناء معارضة النظام الدكتاتوري البعثي.. 5ـ العناصر والشخصيات المنحدرة من الأحزاب العلمانية.. بما فيها ممثلي الحزب الشيوعي العراقي ـ الكردستاني.. التي انغمست في الفساد.. واستغلت الفرصة لترتيب أوضاعها الاقتصادية.. وتخلت عن مواقفها الثورية.. وساهمت في تدمير وشلل احزابها المكافحة.. التي تحولت لواجهات غير فاعلة فقدت تأثيرها الاجتماعي والأخلاقي.. ناهيك عن أي دور لها ـ في هذه الايام ـ لخلق حالة تغيير ممكنة.. 6ـ الفئات والعناصر.. التي تنشط في الاعلام والفضائيات وتبشر بقرب التغيير.. وفقاً لعلاقاتها الخاصة بأمريكا وبقية الدول الغربية.. مدعية اطلاعها على ما يخطط من قبل الدوائر المقربة من ترامب وتتباهى بصلتها بالمؤسسات التي تخطط لإنهاء الحالة الشاذة في العراق.. وكأن التغيير القادم سيكون جنة الله الموعودة للبشر.. متناسية ان ما يجول في العراق والعالم من مآسي ومشاكل سببه النظام الرأسمالي العالمي.. الذي ما زالت أمريكا تتشبث بزعامته وقيادته.. ويتمادى فيه رئيسها الحالي في اعلان نواياه.. لتحويل العالم.. كل العالم.. الى مزرعة وساحة يتحكم بها مع مجموعة من مؤيديه وزبانيته من أثرى اثرياء العالم.. وأصبح لا يقيم وزناً لمصير العالم.. بحكم نزعته العدوانية ـ الفاشية المعاصرة.. التي لا حدود لها.. ولا اعرف كيف يمكن لهؤلاء ان يسوقوا لنا ويقنعونا بانه.. أي ترامب.. يخطط لخلق تغيير لصالح العراقيين.. كأن ما جرى في العراق من عام 1963 لحد اليوم.. لم يكن له علاقة بالسياسة الامريكية بهذا الشكل او ذاك.. ناهيك عمّا جرى في الفترة التي استحوذت امريكا على العراق.. بعد تخاذل نظام حزب البعث وسقوطه من عام 2003 لحد اليوم.. 7ـ فئات اقتناص الفرص.. ممن انخرطوا في السياسة كمهنة مربحة وتاجروا بالشعارات.. ممن يوصفون بسياسي الصدفة.. واتخذوا من الأحزاب المتهرئة واجهة وبوابة للوصول للخطوط الأولى من ساحات العمل وميادينه في البرلمان وبقية مؤسسات الدولة.. 8ـ الفئات المنخرطة في مجموعات من المليشيات.. التي تحولت لمشروع اقتصادي يدر الأموال ويراكمها في جيوب السراق واللصوص وحرامية السلطة..
لكل هذه الأسباب.. ومع هذه الشلّة المبتذلة والمنحطة.. التي تعبث بشؤون العراق.. لا يمكن القبول بأن التغيير قادم من خلال الانتخابات التي يجريا لتطبيل والتزمير لها.. وان الامريكان يعدون العدة لصفحات جديدة من شأنها إزالة الوضع الراهن وتجاوزه.. هذه ليست الا أوهام تساق لذر الرماد في العيون.. وان أراد العراقيون تغيراً في وضع العراق.. كما يحلمون به كوطن.. ترفرف فيه رايات السلام.. بدلاً من حالات العنف والصراعات المحلية المتواصلة.. ومظاهر الفساد المستشرية فيه.. عليهم ان يقاطعوا الانتخابات.. ولا يعولوا على الأحزاب والمؤسسات السياسية الفاسدة والمتعفنة.. ويشلوا ارادتهم.. ويمنعوهم من الوصول للبرلمان وينتزعون السلطة من ايدهم.. من خلال خلق مؤسسات سياسية واجتماعية جديدة وفاعلة.. تعبر عن مصالحهم وتستجيب لطموحاتهم.. لا تعول وترتبط بقوى إقليمية ودولية تعبث بمقدراتهم.. وهذا لن يخلقه الاراذل والمبتذلين ـ المنحطين الفاقدين للشرف والضمير.. وهي أي مهمة التغيير تقع على عاتق الشرفاء في العراق.. يا أهلنا في العراق والمهجر.. لا تكونوا جزء من حالة الخراب المتفشية في الوطن.. وتنساقوا للمشاركة في مهزلة الانتخابات الموعودة.. قاطعوها.. إرفضوها.. لأنها لن تجلب في هذه المرحلة.. الاّ الأسوء والأتعس من المبتذلين المنحطين المرشحين لانتخابات هذه الدورة كما فيما سبقها.. كونوا أنتم الحل.. ابحثوا عن الحل المجدي.. وفكروا بإيجاد وسيلة التغيير الممكنة.. طالما كان العراق منتجاً ليس للخراب والمحن كما يصورونه لنا فقط.. بل بلداً وارضاً معطاءً ومنبتاً للشرفاء.. الشرفاء الذين عليهم أن يبادروا لإيجاد حل.. طالما كان الحل بأيدينا ممكناً.. كونوا أنتم جزءً من هذا الشرف العظيم.. شرف انقاذ العراق من براثن المبتذلين والمنحطين.. لتكونوا أنتم البديل.. ولكيْ لا نعمم ونقع في الوهم نقول: تحية لكل من لم يتلوث في دهاليز ومنزلقات السياسة.. ممن عملوا ومازالوا يعملون في صفوف الأحزاب ومؤسسات الدولة ويواصلون معنا الحلم بعراق أفضل للجميع.. ـــــــــــــــــــــــــ 18 أيلول 2025
#صباح_كنجي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العالم يصغر والمشاكل تكبر!
-
سعيد بيران وتوجهاته الدينية
-
بين غربتين.. رواية ل سعاد الراعي
-
حول مذكرات كامل كرم
-
منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان في العراق/ألمانيا (أومرك) نداء
...
-
لا تستهينوا بمحاولات إعادة حزب البعث للسلطة من جديد في العرا
...
-
مع رزكار عقراوي والذكاء الاصطناعي من جديد
-
حول الاختراقات الأمنية والاندساس في الحزب الشيوعي العراقي
-
الجبل اليتيم.. لصلاح رفو
-
الحوار الثاني - حوارات مركز الشمس للدراسات والبحوث..
-
حوارات مركز الشمس للدراسات والبحوث..2
-
حوارات مركز الشمس للدراسات والبحوث..
-
الدورة الثانية ليوم للثقافة العراقية في هامبورغ
-
افتتاحية العدد السادس لمجلة الشمس الالكترونية
-
هذا الكتاب المزيف لتاريخ سنجار..
-
الخيار الآخر لمازن الحسوني
-
مقدمة العدد الخامس من مجلة الشمس
-
كردستان العراق الى أين؟ الاحتلال التركي.. 3
-
كردستان العراق الى أين؟ ولادة داعش الكردية.. 2 ثانياً ـ أسس
...
-
كردستان العراق الى أين؟ 1
المزيد.....
-
خبير عسكري: 72 ساعة بدون تقدم ملموس والمقاومة تجبر الاحتلال
...
-
محللون: ضبابية الأهداف والخلافات تربك جيش إسرائيل وتطيل أمد
...
-
زامير يأمر بوقف مرور القوافل من الأردن إلى قطاع غزة
-
ورقة الرهائن في غزة.. سلاح ردع أم مدخل لحرب استنزاف طويلة؟
-
الصين تعلق على تصريحات ترامب بشأن العودة إلى أفغانستان
-
-سامسونغ- تخطط لطرح هاتف ثلاثي الطي في أميركا
-
العراق يعلن عن مقتل قيادي بداعش في عملية -نوعية- في سوريا
-
ترامب يقر اختبار جنسية جديد يتضمن -أسئلة معقدة-
-
اتصال هاتفي مرتقب بين الرئيسين الأميركي والصيني
-
تلويح ترامب بسحب تراخيص شبكات تلفزيونية يثير القلق
المزيد.....
-
جسد الطوائف
/ رانية مرجية
-
الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025
/ كمال الموسوي
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|