أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - نحو إعادة صياغة العلاقة بين الكرد والدولة التركية















المزيد.....

نحو إعادة صياغة العلاقة بين الكرد والدولة التركية


أحمد شيخو
كاتب وباحث سياسي

(Ahmed Shekho)


الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 16:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تُعَدّ القضية الكردية واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في تاريخ المنطقة وتركيا الحديثة منذ 1923، حيث ارتبطت لعقود طويلة بالحرب والإبادة الجماعية الفريدة المادية والثقافية، الممارسة من قبل الدولة القومية التركية وسلطاتها العلمانية والإسلامية على سواء، وبالمقاومة المسلحة من قبل الشعب الكردي وحركاته التحررية، وما خلفته تداعيات هذه الأوضاع الصعبة على الأبعاد والجوانب الاقتصادية والمجتمعية والثقافية للشعب الكردي والدولة التركية.
ومع بداية التسعينات برزت محاولات جادّة من قبل الطرف الكردي للبحث عن المخاطب من الجانب الآخر، للانتقال من منطق الحرب إلى منطق الحوار، في إطار الحل الديمقراطي للقضية الكردية، ضمن الحدود الموجودة.


خلفيات المرحلة
شهدت تركيا، بعد حرب الاستقلال التي كانت بجهود الكرد والترك والذي انطلق من المناطق والمدن الكردية، تخلي الجانب التركي ممثلًا بالدولة والسلطة التركية عن تعهداتها والتزاماتها للطرف الكردي.
ومنذ تأسيس ما عُرف بالجمهورية التركية، وبالشكل الذي يخدم الأجندات الدولية للقوى المركزية في النظام العالمي، مارست تركيا سياسات مركزية صارمة هدفت إلى تحقيق التجانس القسري عبر صهر وإذابة الهويات المختلفة ضمن هوية قومية تركية واحدة.
هذا التوجّه الفاشي والعنصري للعقلية السلطوية القومية التركية ولّد شعورًا عميقًا بالخيانة التركية للتحالف التاريخي والعلاقات بين الشعبين منذ معركة ملاذكرد عام 1071، وخلق حالة من الغضب والرفض لدى الكرد، الذين شكّلوا أكبر مكون قومي في البلاد.
ومع تصاعد ممارسات الإبادة، ومحاولات تتريك الكرد بالقوة وطمس وتصفية معالم الهوية والثقافة والإرادة الكردية، تأسست مجموعة طلابية في أنقرة، ثم تحولت وتبلورت إلى حزب العمال الكردستاني عام 1978، كرد فعل طبيعي وإطار يجسد إرادة الشعب الكردي لحماية وجوده والدفاع عن نفسه ضد ساسات الأنكار والإمحاء ومحاولة كسب حريته أمام هذه الممارسات المتبعة من قبل الدولة التركية.
وقد حمل الحزب السلاح منذ ثمانينيات القرن الماضي، لتدخل تركيا وشمال كردستان في دوامة صراع طويل الأمد أرهق المجتمع والدولة على حد سواء، بفعل إرهاب الدولة التي مارسته ضد المجتمع الكردي ليس في تركيا فحسب، بل في كل أماكن تواجد الكرد..

وذلك ضمن سياق إقليمي ودولي خاضع للنظام الدولي المهيمن، الذي تعامل بنفاق وازدواجية مع القضية الكردية العادلة لصالح أجنداته، وبسبب وجود تركيا ضمن حلف الناتو، والمهام والأدوار الممنوحة لها وأهمية جغرافيتها الاستراتيجية ضد المعسكر الشرقي.
انطلاق مبادرات السلام
مع بداية التسعينات، ومع تغيّر التوازنات الإقليمية والدولية، ومع المراجعات الفكرية والتنظيمية – أي الذهنية والسلوكية – من قبل القائد عبدالله أوجلان، برزت مبادرات سياسية لتسوية النزاع. كان من أبرزها الحوار بطرق غير مباشرة ومباشرة بين القائد عبدالله أوجلان والحكومات والدولة التركية..

حيث طرح القائد أوجلان مفاهيم: الحل الديمقراطي، السلام، الأمة الديمقراطية، المجتمع الديمقراطي، الأخوة بين الشعوب، حرية المرأة، والدستور الديمقراطي، كأساس للخروج من الأزمة وحل القضية الكردية وتحقيق التحول الديمقراطي في تركيا.
وقد شكّلت هذه المبادرات بارقة أمل لوقف نزيف الدم وإرساء أسس شراكة وطنية تقوم على الاعتراف بالهوية والحقوق الثقافية والسياسية والاقتصادية للكرد. ولكن غالبية هذه المبادرات لم تحقق النجاح لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بداخل الدولة التركية واتجاهات القوى فيها، ومنها ما يرتبط بالسياق الإقليمي وبالمواقف الدولية من القضية الكردية، حيث نعتقد أن هذه القوى أرادت الحفاظ على حالة اللاحل لتكون بؤرة للتوتر والاشتعال وقت اللزوم.
الاندماج كمجتمع ديمقراطي
طرح القائد عبدالله أوجلان في 27 شباط/فبراير نداء السلام والمجتمع الديمقراطي كتصور جديد واجتهاد لتعميق مفهوم الأمة الديمقراطية، ليتم بذلك تجاوز منطق حركات التحرر الوطنية والصراع التقليدي بين الدولة والشعب الكردي.
يقوم هذا النموذج على مبدأ الاندماج الديمقراطي للشعب الكردي كمجتمع ديمقراطي ضمن الدولة القومية، على أساس المساواة والتعايش المشترك بين المكونات القومية والدينية المختلفة في تركيا، من خلال احترام الهويات وحرية التنظيم والتعبير وتعزيز الديمقراطية المحلية، والإدارات الذاتية واللامركزية، وتوسيع الحريات العامة.
إن جوهر الفكرة هو بناء وطن جامع لا يُقصي أحدًا، ويمنح الجميع حق المشاركة الفاعلة في صياغة مستقبلهم، والعيش بخصوصياتهم ولغتهم وإدارة مناطقهم ضمن الحدود الموجودة. وهذا يتطلب بالضرورة التغيير في القوانين والدساتير الحالية، ليتم ضمان حق ممارسة السياسة الديمقراطية والحماية والدفاع الذاتي عبر القانون والتفاوض الديمقراطي.

التحديات والعقبات
رغم اختلاف هذه المرحلة -مرحلة السلام والمجتمع الديمقراطي- عن سابقاتها منذ التسعينات، باختلاف الظروف الإقليمية والدولية، والزخم الذي رافق هذه المرحلة، والحضور المميز لغالبية الأحزاب في تركيا، وتشكيل لجنة التضامن الوطني والأخوة والسلام والديمقراطية في البرلمان التركي لأول مرة، وهو ما يشكل خطوة إيجابية، إلا أن التحديات كبيرة ومعقدة.
نعتقد أن عدم استماع اللجنة حتى الآن إلى المفاوض الكردي الرئيسي، وهو القائد عبدالله أوجلان، يشكل مسارًا غير مقبول. كما أن هذه العملية ربما تواجه مقاومة من قوى داخلية وإقليمية، وحتى من قوى عالمية، تخشى من فقدان نفوذها ومصالحها الخاصة في حال تحقق إصلاحات وتغيرات ديمقراطية حقيقية، وإعادة إحياء العلاقات التاريخية بين الكرد والترك.
كما أن أوضاع سوريا وما آلت إليه الأوضاع، وحالة عدم الاستقرار فيها، وفشل هيئة تحرير الشام في إدارة المرحلة الانتقالية، وصعوبات تحقيق وتنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس، يزيد من تحديات مرحلة السلام في تركيا، في ظل إصرار الجانب التركي على محاولة فرض رؤيته وإرادته على شكل وهوية الدولة السورية الجديدة، لتكون بلون واتجاه واحد، دون مشاركة كل الأطياف والمكونات السورية.
آفاق المستقبل
على الرغم من التحديات، تبقى مرحلة السلام والمجتمع الديمقراطي محطة استراتيجية ومفصلية في تاريخ إعادة بلورة أشكال النضال وأدواته: من الكفاح المسلح إلى السياسة الديمقراطية، ومن الحزبوية النخبوية إلى استحضار المجتمع بكافة فئاته. ولا شك أن هذه المرحلة ستشكل أيضًا انعطافة كبيرة في تاريخ العلاقة بين الكرد والدولة التركية، إيجابًا أو سلبًا، إن نجحت أو فشلت هذه العملية.
لقد أظهرت العقود والسنوات الماضية أن الحل والمقاربات العسكرية، وكذلك الأدوات الحزبية والنضال المسلح وحدها، غير صحيحة وغير كافية للوصول إلى الحل. وأن الحل والدستور الديمقراطي، على مبدأ التكامل والاعتراف بالحقوق المتساوية لجميع المكونات، هو الطريق الأنجع لبناء دولة وجمهورية قوية ومستقرة، وكذلك لتحويل ميراث ونضال حزب العمال الكردستاني إلى بنى مجتمعية وسياسية وثقافية وإدارية ذاتية شرعية.
إن استئناف واستمرار هذه المرحلة الاستراتيجية، في ظل إرادة سياسية صادقة من الدولة والسلطات التركية، ومشاركة حرة من القائد عبدالله أوجلان، يمكن أن يفتح الباب أمام تحولات ديمقراطية كبرى، ليس في تركيا فحسب، بل في عموم المنطقة. وفي هذا مصلحة لشعوب ودول المنطقة، ولكل من يسعى إلى الاستقرار والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.



#أحمد_شيخو (هاشتاغ)       Ahmed_Shekho#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا من الأسد إلى الشرع… ماذا تغير؟
- شعوب الشرق الأوسط بين المجتمعية والدولة القومية
- جدلية المجتمع والدولة: منبع الأزمة وطريق الحل
- سوريا بين الأمس واليوم: هل تم التغيير؟
- الشرق الأوسط بين السلام والحرب
- ترتيبات المشهد وتقاسم النفوذ ونداءعودة العلاقات التاريخية
- نوروز... مسيرة الشعوب نحو السلام والمجتمع الديمقراطي
- المؤامرة الدولية ومشروع القائد عبدالله أوجلان للحل الديمقراط ...
- تكامل ميزوبوتاميا والأناضول.. العلاقة الكردية-التركية
- مستقبل سوريا بين التشاركية الديمقراطية والاحادية الدكتاتورية
- المنطقة بين القومويين والإسلامويين: هل من طريق ثالث؟
- سوريا بين الأمس واليوم إلى أين؟
- تفاعلات المشهد السوري بعد 8 ديسمبر
- إرادة الحرية وعقليّة الإبادة
- تصاعد التوتر في المنطقة وإشكاليات الحل
- صراعات الهيمنة.. مستقبل الشرق الأوسط بين الإرفاق والحل
- من مانديلا لأوجلان نضالات الشعوب المحقة
- التوسع التركي في العراق وسوريا
- أزمة الدولة القومية في الشرق الأوسط
- الاستقرار بين أخوة/أخوات الشعوب ومصالح الدول والسلطويات


المزيد.....




- أرملة مالكولم جمال وارنر تعلن عن إنشاء مؤسسة لتكريم ذكراه
- في مقهى -أوكتان- الأمريكي.. روبوتات تُعد وتُقدّم لك القهوة
- مدينة غزة قبل وبعد.. صور تبين حجم الدمار الواسع
- عائلات الرهائن الإسرائيليين يقولون لنتنياهو أنت -العائق الوح ...
- فرنسا: فتح تحقيق ضد رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي ...
- الاحتلال يخطط لتوسيع مستوطنة أرئيل ويعتقل العشرات بالضفة
- تطبيق ألعاب يقود ثورة في نيبال وينتخب رئيسة للوزراء
- مزيج دوائي يحمي الفئران من الإنفلونزا بشكل كبير
- قمة الدوحة في مواجهة خطط إسرائيل للهيمنة
- مارك هاس للجزيرة نت: الدول الكُبرى تشيخ ولا تقدر على حرب طوي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد شيخو - نحو إعادة صياغة العلاقة بين الكرد والدولة التركية