أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهربان معدي - *حليب الغيل يَهدُّ الحيل.. قصّة من جُعبة الجدّات.. بقلم: شهربان معدّي














المزيد.....

*حليب الغيل يَهدُّ الحيل.. قصّة من جُعبة الجدّات.. بقلم: شهربان معدّي


شهربان معدي

الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 20:47
المحور: الادب والفن
    


عندما شعرت ريمة، باضطراب صحة رضيعها، وشحوب وجّهه، وعدم رغبته بالنوم والرضاعة، رغم أنها سقته مَغلي اليانسون، وقاست له درجات الحرارة، ولكن ثمة شيّئًَا لم يجدِ نفعًا، حينئذ قرّرت الأم الغضّة، أن تتوجّه لجدتها المُسنة، كي تُسمّي له، فهو وليدها البكر الذي تخاف عليه؟ حتّى من نسمة الهواء، وكلام الخير أفضل دواء للطفل الذي يتمقّت دون سبب، كما أخبرتها أمها خلال مُحادثة قصيرة في الجّوال:

- ربما الصّغير معيونًا يا ابنتي، كيف لا يتمقّت، بعد أن وَضَعّتِ صورته على الستاتوس في الواتس؟ وأردفت قائلة بثقة: "العين تأخذ حقّها من الحجر"

وبعد أن تعبت ريمة من التّجوال بالصّغير في كلّ أنحاء البيت، لم تجد أمامها سوى حلّ واحدٍ، وهو الذهاب لجدّتها كما طلبت منها والدتها. استقبلتها جدّتها بحفاوة، تناولت الرّضيع منها، تشْبعه تقبيلاً وضمَّا؛ وبدأت بالبسملة منذ اللحظة الأولى التي احتضنته بين راحتيّها، وبترديد آيات مُقدّسة، تسبّح فيها الخالق، وتحمده على هذه الهدية الثّمينة، ثم طلبت من الوالدة الغضّة أن تناولها قنينة زيت الزيتون المُباركة من النملية المركونة في إحدى زوايا المطبخ، والتي تفوح منها رائحة الفيجن والقرنفل، والتوابل الثّمينة، وبدأت بتُمليس الصغير، بالزيت الدافئ، بنعومة وحذر وهي تُسبّح وتذكر الله، وتردّد:

"هُفّ.. يا شلش يلّلي التوا من لفحة ريح أو نسمة هوا.. هُفّ يا باسط الأرض ورافع السّما تردّ الشلش مطرح ما التوى.. بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، أنا الراقي، والله الكافي أنا الراقي والله الشّافي، يحميك ويشفيك من كلّ عين شافتك، وطّلعت فيك، من عين الجارة أحدّ من النّارة ومن عين الضّيف، أحدّ من السّيف، ومن عين ما تعرف نبيّ الله، أنا الراقي والله الشّافي، أنا الراقي والله الشّافي، أنا برقيك والرّبّ يشفيك" وبدأت تمسد رأس الصغير، وتنفخ بكلّ قوتها، لكي تخرِج العين من جسده المحموم، وكانت دموعها تنساب على وجنتها المتغضنة كالشلال.. والطفل يتلوى بين ذراعيها ويبكي وهي تقلّبه بخفّه وتملّسه، واسّتمرت قائلةً:

"ابردي يا عين كما بردت الماء في الغدير، وذوبي كما ذاب الثّلج على الحصير، رقيتك من عين زرقا ومن سن فرقا، ومن عين البعاد ومن عين القراب، بسم الذي بإسمه شفا وبسم الذي بإسمه كفا، بسم الذي بإسمه باسط الأرض ورافع السّما، لا الله إلاّ هو ولا معبود سواه.."

ولم تنه جملتها حتى كان الرضيع يغط في نوم عميق.. لفّته برشاقة بدمْجته القطنية البيضاء، وناولته لحفيدتها ريمة التي كانت تُحاول إخفاء دموعها السّخيّة التي تترجم أمومة العالم بأسرها.. وقالت لها بنبرة مُغلفة بالحياء والجّدية في آن واحد..

- ديري بالك يا ستّي "حليب الغيل بيهدّ الحيل"

لم تفهم الأم الغضّة، ما قصدت جدّتها بالضبط، وكان يجب أن تسأل والدتها، فهي تريد أفضل شيء في العالم لرضيعها الغالي، ولا تريد أي خلل أو خطأ، يهدّ حيله، أو يُفسد صحته، كما نصحتها جدّتها..

وكان جواب الوالدة قاطعًا وسريعًا ومُقنعًا:

- قصدت جدّتك أنه لا يتوجب أن تُغامري بحمل جديد وأنت ترضعين صغيرك؟ ذلك.. سيُفسِد الحليب الذي هو مصفاة جسدك يا ابنتي..

ريمة فهمت الإشارة وقرّرت أن تنتبه لهذه النّصيحة الذهبيّة، التي نصحتها بها جدّتها التي ولدت في زمن مضى.. في ترم التين كما أخبرتها.. ولكن هذه النصيحة بالنسبة لها؟ تُضاهي كنوز سُليمان الحكيم..


*قصّة من ريف الجليل



#شهربان_معدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن تنزف الشّمس بعد الآن.. قصّة قصيرة شهربان معدّي
- هايكو: مفاتيح الجنّة.. مهداة لذكرى مجزرة مجدل الشّمس، حيث تح ...
- لو ينطق الحجر والشجر.. بقلم: شهربان معدّي -
- هايكو زهر اللّوز - بقلم: شهربان معدّي
- هايكو: شمس الشّتاء بقلم: شهربان معدّي
- *عتبات منسيّة
- قراءة نقدية في كتاب -فيمَ تحدّق العيون-
- باقة هايكو من سحر الخريف.
- *هدهدة..
- *كان يمكنها سماعي..
- عندما تُزهر ضفاف النهر..
- * ابن العازة -عُكّازة-؟
- * نمّلية ستّي؛ صيّدلية لكلّ العائلة.
- ولادة كتاب جديد - جود يحلّق في الفضاء بقلم: شهربان معدّي.
- لروح -المغنّي- الأديب الكبير، المرحوم الأستاذ إبراهيم يوسف. ...
- *حُطّي ابنك في كُمّك ولا تعيريه لأمك!
- ليست مجرّد لمّة زيتون وزعتر..
- لمن تركت آلاء وعدن؟ للناقد والأديب المرحوم شاكر فريد حسن
- كتاب -حارة السلام- طرح جديد يُعزّز قيمة الجيرة الحسنة وقبول ...
- لروحك السلام يا سنديانة الزابود وفتى الحقول.. لروحك السلام أ ...


المزيد.....




- أمل مرقس: -في فلسطين الغناء لا يوقف الحروب، لكنه فعل صمود وم ...
- عُمرٌ مَجرورٌ بالحياةِ
- إشهار كتاب ( النزعة الصوفية والنزعة التأملية في شعر الأديب ا ...
- باراماونت تنتقد تعهد فنانين بمقاطعة شركات سينمائية إسرائيلية ...
- إنقاذ كنز أثري من نيران القصف الإسرائيلي على مدينة غزة
- يُرجح أنه هجوم إيراني.. عشرات الممثلين الإسرائيليين يقعون ضح ...
- غزة... حين تعلو نغمات الموسيقى على دوي الانفجارات والرصاص
- غزة: الموسيقى ملاذ الشباب الفلسطيني وسط أجواء الحرب والدمار ...
- سياسي من ديمقراطيي السويد يريد إيقاف مسرحية في مالمو – ”تساه ...
- وزير الثقافة الإيراني: سيتم إعداد فهرس المخطوطات الفارسية في ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهربان معدي - *حليب الغيل يَهدُّ الحيل.. قصّة من جُعبة الجدّات.. بقلم: شهربان معدّي