أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية















المزيد.....

الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية


طلعت خيري

الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 09:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان اختيار مصطلح الوجودية اللادينية الإسرائيلي لم يكن اعتباطا ، إنما وفق دراسة مسبقة وشاملة لسورة الجاثية ، فبعد الاطلاع على آياتها تبين ان هناك حوار عقائدي دار بين بني إسرائيل وبين التنزيل ، يتمحور حول بعض الاعتقادات اللادينية ، أبرزها نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر، نستنتج من هذا ان الطائفة كانت لا دينية ترفض الإيمان بالله واليوم الأخر ، علما ان بني إسرائيل أقدم طائفة دينية تشكلت عبر التاريخ ، حضت بثلاثة رسل هم موسى وعيسى ومحمد ، فالوجودية لم تكن وليدة القرن السادس الميلادي إنما انتقلت من قبل الميلاد الى ما بعده ولازالت فكارها فاعلة الى يومنا هذا ، فمنذ القدم ، والطبيعة الخلقية للوجودية اللادينية قائم على رفض دعوات الأنبياء الرسل والكتب المنزلة ، ورغم لا دنيتها إلا إنها تنسب أفكارها الى كتابي موسى والتوراة ووصايا الأنبياء والرسل ، نستنتج من هذا ان الدين السياسي الإسرائيلي صنع دين للادينيين بما يتناسب مع أهواء ورغبات الوجودية اللادينية ، صحح التنزيل اعتقاداتها عبر عدد من الآيات ، قائلا ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب ، كتاب موسى وكتاب التوراة والإنجيل ، والحكم والنبوة ، نبوة يحيى ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين

وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ{16}

ولما رفضت الوجودية اللادينية الإيمان بالله واليوم الأخر، كشف التنزيل عن المراحل التاريخية للانشقاق العقائدي الذي ساهم في بلورتها ، كان بدايته قبل الميلاد عندما قدم موسى لبني إسرائيل عدد من البينات الدالة على وجود الله ، منها النجاة من بطش فرعون ، وعيون الماء ، والمن والسلوى ، وظل الغمام ، وميثاق الجبل ، وبعد الميلاد قدم أيضا عيسى ابن مريم لبني إسرائيل بعض آيات ربه ، كشفاء المرضى وإحياء الموتى ، فكفروا بها ، فتشكلت أكثر من طائفة تاريخية تواترت على رفض التفاعل مع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة ، انتقلت الوجودية اللادينية بالتواتر الى القرن السادس الميلادي ، قال الله واتيناهم أي الوجودية الإسرائيلية بينات من الأمر فما اختلفوا ، اختلفوا بين مؤيد ومعارض ، إلا من بعد ما جاءهم العلم ، العلم علم وجود الله وغيبية الساعة بغيا بينهم ، بغيا اعتدء الرافضين للإيمان بالله ، على المؤمنين به ، ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون

وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{17}

في القرن السادس الميلادي رفض أسلاف الطوائف المنشقة عن كتاب موسى ، وكتابي التوراة والإنجيل الإيمان بالله واليوم الأخر ، ورغم لا دينية تلك الطوائف إلا أنها جادلت محمد بشريعة موسى والتوراة ، فما لا يقبل الشك ان الدين السياسي الإسرائيلي يقف وراء تلك التناقضات الفكرية والعقائدية التي وصفتها في موضوع سابق وقلت ، أي فكر يتصدى لدعوة حق ، يخفي بين طياته أهداف سياسية مصدرها ، إما اعتقاد وثني ، وإما دين سياسي ، بغض النظر عن المسميات التي يطلقونها على توجهاتهم ، ملحد لا ديني وجودي ، فلا تستغرب من هكذا ازدواجية في المعاير الثقافية والمعرفية ، فالدين السياسي قادر على تغيب الوعي ، وصناعة الكفر والإلحاد باسم الأنبياء والرسل والكتب المنزلة ، طلبت الوجودية اللادينية من محمد الإيمان بشريعة موسى والتوراة ، رفض التنزيل ذلك ، قائلا ثم جعلناك على شريعة من الأمر ، فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ، لا يعلمون دليل عقلاني على دور الدين السياسي في تغيب الوعي عما جاء به الأنبياء والرسل والكتب المنزلة

ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{18}

كان محمد يطمح بضم اكبر عدد من الشخصيات الدينية والسياسية الى دين الحق ، من خلال السعي الى تشكل تكتل مجتمعي فاعل ميدانيا للتأثير على الإطراف المعارضة لعل ذلك يساعده في تغير وجهات نظر الوجودية اللادينية ، رد الله عليه قائلا ، أنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ، بمعنى لا يقدمون لك شيئا إلا إذا أراد الله تحقيق طموحك ، وان الظالمين بعضهم أولياء بعض ، فلا يصح يا محمد ان تتخذ من الظالمين أولياء لك ، والله ولي المتقين

إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ{19}

لعب الدين السياسي الإسرائيلي دور كبيرا في غلق أفق الوعي المجتمعي ، عبر ايدولوجيا وجودية لا دينية مغلقة ساهمت في تغيب بصيرة الفرد عن حقيقة خالق الكون ، كما طمست الرؤية العقلانية للأمور التي تصب في مصلحة الفرد دنيويا وأخرويا ، كما حدت من القدرة الذهنية في استيعاب الحياة بشكل أعمق ، يساعد الفرد على التخلص من النصب والاحتيال باسم الدين ، ولتحفيز الوعي العقلاني لدى الوجودية اللادينية ، انتقل التنزيل الى مسخرات سماوية وأرضية تعلب دور في تكامل الحياة على الأرض ، وان التنويه إليها له بعد عقائدي ، يساعد في التغلب على فلسفة عدمية الدهر، وعبثية الوجود ، لافتا الانتباه الى دور السماء في حركة الشمس والقمر والكواكب ، وما ينجم عن حركتها الفلكية من اختلاف في الظواهر المناخية كالفصول الأربعة ، وما لها من تأثير مادي على مسخرات الأرض المجددة للحياة بالتكاثر والذري ، فما على الوجودية اللادينية إلا التفكير بجدية المسخرات للوصول الى الوعي العقلاني قال الله ، هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون

هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ{20}

مع نهاية قوم شعيب أنهى الله آلية التعامل بالدليل المادي مع الأمم السابقة ، ليأخذ العذاب الدنيوي منحنى جديد على شكل انهيارات اقتصادية وهزائم عسكرية وتغير ديموغرافي وحروب طائفية وأممية ، أسباب هذا التحول ، هو ان المجتمعات باتت خليط من الاعتقادات ، فلا يمكن اخذ الصالح بجريرة المجرم ، ذلك مما أتاح للاعتقادات الوثنية ممارسة المعاصي السياسية بكل حرية دون الخوف من العذاب الأدنى ، كما أعطى للأديان السياسية فرصة استغلال وصايا الأنبياء والرسل والكتب المنزلة لتشريع المعاصي السياسية أيضا تحت غطاء ديني ، بما ان الوجودية اللادينية احد مخلفات الدين السياسي الإسرائيلي ، قال الله أم حسب الذين اجترحوا السيئات ، اجترحوا ارتكبوا المعاصي تحت تشريع ديني باسم الله ، وهنا فرق كبير بين الذين امنوا عملوا الصالحات مرضاةَ لله ، وبين الذين ارتكبوا المعاصي لمرضاة لله ، أم حسب الذين اجترحوا السيئات ، ان نجعلهم كالذين امنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ، ساء ما يحكمون

أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{21}

ان الإيمان بخالق السماوات والأرض ومسخراته ، يساعد على تحفيز الوعي الدنيوي لدى الفرد ، كما يساعده على التغلب على اعتقاد العدمية والوجودية والدهرية ، الرافضة للدينونة والحساب الأخروي ، التي تعتقد ان الحياة عبثية لا فائدة منها وان الطبيعة هي من أوجدت نفسها دون خالق لها ، رد الله على الوجودية اللادينية قائلا ، وخلق الله السماوات والأرض بالحق ، ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون

وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{22}



#طلعت_خيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجودية اللادينية والتحيز اللاواعي - الجاثية
- الوجودية اللادينية والدين السياسي- الجاثية
- المصير الأخروي للشمولية الوجودية - الدخان
- التاريخ المخزي للشمولية الفاشية - الدخان
- الشمولية والتحيز اللاواعي - الدخان
- الديانة الإبراهيمية وامبريالية الثيولوجيا - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية وفيلولوجيا النصوص - الزخرف
- الديانة الإبراهيمية ولاعتقاد الأركيولوجي- الزخرف
- الرأسمالية بين الراديكالية ودوغمائية البنات - الزخرف
- الرأسمالية وميثولوجيا بنات الرحمن - الزخرف
- ميثولوجيا بنات الرحمن- الزخرف
- لماذا قرأنا عربيا - الزخرف
- الظلم والاستبداد الطبقي الرأسمالي - الشورى
- الكادحون بين الرأسمالية والتنزيل - الشورى
- الله والمال والشريعة - الشورى
- الاستاتيكية وعلمية الماضي الغيبي - الشورى
- الوجودية بين التراجيديا والرفاهية - فُصِّلَتْ
- النشأة التاريخية للإلحاد الوجودي - فُصِّلَتْ
- الكون بين الوجودية والدين - فُصِّلَتْ
- النشأة التاريخية للاعتقادات الكونية - فُصِّلَتْ


المزيد.....




- عصابة أمريكية معادية للاسلام تتولى إدارة المساعدات في غزة
- النيابة العامة الفلسطينية توقف سمير حليلة 15 يوما على ذمة ال ...
- قمة عربية إسلامية طارئة بالدوحة الأحد والاثنين لبحث عدوان إس ...
- قمة عربية - إسلامية طارئة حول ضربة الدوحة.. وقطر تتهم نتنياه ...
- الاحتلال يضع مكعبات اسمنتية على مداخل حارس وديراستيا شمال غر ...
- رئيس حكومة العراق: التفرقة أدت إلى جرأة العدو الصهيوني على ا ...
- السوداني: تشظي الامة الإسلامية ساهم في تمادي عدوان -اسرائيل- ...
- الدوحة تستضيف قمة عربية إسلامية طارئة الأحد والاثنين المقبلي ...
- عاجل | الدوحة تستضيف قمة عربية إسلامية طارئة الأحد والاثنين ...
- رؤوس خنازير أمام المساجد الباريسية، من فعل ذلك؟


المزيد.....

- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت خيري - الدين السياسي دين للادينيين - الجاثية