وجدي حسن جميل
الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 15:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
قرية اللجون العربية المهجرة الواقعة في مرج بني عامر او مرج اللجون شكلت بموقعها الجغرافي الاستراتيجي نقطة مفصلية عبر التاريخ القديم والحديث, من النواحي العسكرية والتجارية وغيرها, وتعاقبت عليها الامم والمحتلين, وصمدت امام عواتي الزمن قرية وبلدة عربية عبر مئات طويلة من السنين الى ان قامت القوات الاسرائيلية بتهجير اهلها -الفحماويون- واحتلالها وهدم معالمها, بهذا المقال المقتبس بكامله من كتابنا - الدر المكنون بتاريخ اللجون- نستعرض اهم المعالم العربية والاسلامية التي طمست او تحاول المؤسسة طمسها:
صخرة اللجون المدورة:
جاء في "كتاب البلدان" لابن الفقيه (توفي 340ه) الذي عاصر العالم المحدث اللجوني, "أبو الفضل السعيدي اللجوني" (انظر لاحقا) جاء:
"مدينة اللجون فيها صخرة عظيمة مدورة خارج المدينة, وعلى الصخرة قبة زعموا انها مسجد ابراهيم, يخرج من تحت الصخرة ماء كثير, وذكروا أن ابراهيم ضرب بعصاه هذه الصخرة, فخرج منها من الماء ما يتسع فيه اهل المدينة ورساتيقهم الى يومنا هذا".
وذكروا انه عليه السلام دخل هذه المدينة في وقت مسيره الى مصر ومعه غنم له, وكانت المدينة قليلة الماء "فسألوا ابراهيم ان يرتحل عنهم لقلة الماء فيقال انه ضرب بعصاه هذه الصخرة (المدورة الموجودة في وسط المدينة, (المؤلف) فخرج منها ماء كثير فأتسع على اهل المدينة, فيقال ان بساتينهم وقراهم تسقى من هذا الماء", هذا نص ما جاء في كتاب "معجم البلدان" لمؤلفه ياقوت الحموي (توفي 626ه). ونص ما نقله غيره من المؤلفين مثل القزويني(توفي 682ه) في "اثار البلاد واخبار العباد" والبغدادي (توفي 739ه) في كتابه "مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع", قال:
"واللجون بلد بالأردن (جُند الأردن-المؤلف) بينه وبين طبرية عشرون ميلا وفيه صخرة مدورة في وسط المدينة وعليها قبة زعموا أنها مسجد سيدنا إبراهيم عليه السلام" .. وكذلك القلقشندي (توفي 821ه) في كتابه الموسوعة "صبح الاعشى":
""اللجون قريه قديمة في جهة الغرب من بيسان، على نصف مرحلة منها، وباللجون مقام الخليل عليه السلام، وبها ينزل الملوك على مصطبة هناك معدة لذلك. قال في مسالك الابصار، ومن عملها قدس وكان معها قديما السواد وبيسان، وخرجا عنها، ثم قال: مما يذكر فيها حيفا هي خراب على الساحل (القرن التاسع الهجري). وقرية كوكب وهي التي يقول فيها الاصفهاني: راسية، راسخة، شماء شامخة. وقلعة الطور، وهي مفردة على جبل الطور بناها العادل ابو بكر بن ايوب ثم غلبه عليها الفرنج فهدمها" ....
اما المحبي المتوفي في العام 1699م, فقال عن اللجون وصخرتها التي كانت بعدُ موجودة بزمانه:
"واللجون موضعان الأول مدينة بالاردن (جند الأردن- المؤلف) قديمة وهي قرية يسكنها بعض أناس قلائل حكى ان إبراهيم الخليل عليه السلام سكن هذه المدينق ومعه غنم له وكانت المدينة قليلة الماء فسألوه أن يرتحل عنهم لقلة الماء فضرب بعصاه على صخرة هناك تخرج منها ماء كثير حتى عم أهل البلد ببركته والصخرة باقية الى وقتنا هذا والثانى (لجون الكرك-المؤلف)منزل في طريق المدينة قرب البلقا والله أعلم" ..
وقد اجمع هؤلاء على وجود صخرة "كبيرة" "عظيمة" مدورة تقع وسط البلد حسب بعض المصادر او خارج المدينة, حسب مصادر اخرى عليها قبة "مزار يتبركون بها" "زعموا انها مسجد ابراهيم عليه السلام" وتحت الصخرة عين غزيرة الماء, وهي العين التي تعرف الان بأسم عين الخليل.
بغياب تنقيب اثري جاد فأننا لا نعرف بالضبط موقع هذه الصخرة الا اننا وبناء على ما تقدم نرجح وبقوة ان الصخرة هي نفس الموقع الذي أقيم عليه مسجد حارة الاغبارية لاحقا (انظر بموقع اخر) والذي حوله المستوطنون بعد نكبة العام 1948 والتهجير الى مرتع لابقارهم ومن ثم منجرة ويحاولون هذه الأيام طمس ما تبقى من اثاره.
منزلة في اللجون:
في العهد المملوكي كانت في اللجون منزلة عرفت باسمها. والمنزلة هي محطة للبريد ومكان لاستراحة الولاة والسلاطين والعساكر, حيث كان المسؤول عن المنزلة يزوّد رجال البريد بالخيول، ويقوم بتقديم واجب الضيافة للوافدين من رجال الدولة. إلى الغرب من منزلة اللجون كانت منزلة الروحاء، وإلى الجنوب منها كانت منزلة قاقون. عرفت منزلة اللجون أحداثًا جسامًا، ففي سنة 680هـ/1281م قام السلطان قلاوون وهو في منزلة اللجون بإحباط مؤامرة القائد كوندك لقتله. وفيها تم توقيع السلطان قلاوون على الهدنة مع الفرنجة. وفي سنة 696هـ/ 1269م نجا السلطان كتبغا بأعجوبة من محاولة لاغتياله قام بها نائبه الأمير حسام الدين لاجين وأكابر من الأمراء في منزلة اللجون ما أدى إلى مصرع أميرين واختباط العسكر، وفرار السلطان. (انظر تفاصيل هذه الاحداث لاحقا)
مصطبة السلطان-السلاطين:
ولعل من اهم الاثار التي تم العثور عليها في اللجون, هي تلك الاثار وبقايا الاعمدة التي كانت منتشرة في بلدة اللجون, التي زارها الرحالة الفرنسي فيكتور جيرين في العام 1870, ومن ثم البعثة الانجليزية لفلسطين, برئاسة كوندور وكيتشنر اللذين زارا اللجون في 14-10-1872.
ويقول جيرين انه شاهد اثارا وبقايا اعمدة رخامية منتشرة في مواقع عدة من اللجون ويتسائل جيرين حول احتمال ان تكون هذه بقايا كنيسة مسيحية قد تكون اقيمت في العصر الروماني-البيزنطي.
ويضيف جيرين انه شاهد في الجانب الغربي للبلدة بقايا مبنى واعمدة مزخرفة بجانب "وادي اللجون", وتقع في طرفها مغارة مدخلها مقوس(هلالي) ونرجح ان تكون هذه المغارة هي مغارة عين الحجة.
وقد عُثر ايضا على مصطبة فسيفساء وقبور وفخار من العصر الروماني- البيزنطي.
ومع انه لا توجد اثار واضحة في يومنا هذا لهذه المصطبة الا اننا نرجح انها المصطبة التي تحدثت عنها المصادر العربية والإسلامية, والتي قالت عنها انها كانت مقرا ينزل عليها الملوك وخاصة في العصرين الايوبي والمملوكي.(انظر لاحقا)
فقد كتب العثماني (المتوفي في 1378م) ان باللجون "مقام الخليل عليه السلام من المزارات, وبه مصطبة السلطان ....
اما القلقشندي فقد كتب في كتابه "صبح الاعشى" (1418م) عن اللجون: "وبها ينزل الملوك على مصطبة هناك معدة لذلك".... كما ذكرها العيني (المتوفي في 1451م) في كتابه "عقد الجمان", وقال ان بها "مصطبة السلطان التي امام اللجون" .
وأضاف العيني:
"ان نائب دمشق يلبغا الناصري لاقى السلطان برقوق اثناء قدومه لدمشق: "عند مصطبة السلطان التي امام اللجون, فترجل له السلطان ومشى خطوات واركبه من مراكيبه الخاصة بسرج ذهب وكنبوش ذهب".
فيما ذكرت المصادر أن ابن البص بنى الخان (انظر لاحقا) "قبال مصطبة السلطان" ...ما يشير الى ان المصطبة كانت موجودة قبل إقامة الخان. وكانت هذه المصطبة موضع زيارات السلاطين طول مكوثهم باللجون, عبر التاريخ وخاصة في العهدين الايوبي والمملوكي.
لا بد من الإشارة هنا ان المصادر التي بين ايدينا اشارت الى مصطبة السلاطين باللجون ولم توسع بالشرح عنها او وصفها, وذكرت مصطبة أخرى: "مصطبة السلاطين في القابون بدمشق. ومصطبة المحمودي بغزة.
وقد وجدنا معلومات وافرة عن هذه مصطبة القابون, مما يجعلنا نميل ان مصطبة اللجون بوصفها أدت نفس الخدمة (استقبال وتوديع السلاطين ونزولهم) قد تكون بنفس الهيئة والشكل:
يقول رينهارت دوزي في معجمه أن: "المصطبة بناية فاخرة يجتمع بها الجند ويجلس بها السلطان".
"المصطبة أو مصطبة السلطان: كانت دولة المماليك تُعنى بالأمور الشكلية أو الأمور الظاهرة مما يزيد في هيبتها ويجعل العامة تؤمن بعظمة الدولة وكبريائها، ولذلك اتخذت أساليب العرض والمواكب العسكرية، فأقامت قبيل مدينة دمشق في قرية (القوم) قبة تدعى قبة النصر وقبة يلبغا. وكانت هذه المنطقة أعظم مدخل لدمشق فهي طريق بيت الله الحرام (بوابة الله) وطريق فلسطين والأردن وحوران وطريق عاصمة المملكة, القاهرة. والطريق الآخر هو طريق رحبة مالك بن طوق والجزيرة الفراتية وطريق حمص وحماه وحلب وما إلى ذلك، واتخذت على هذا الطريق مصطبة تدعى مصطبة السلطان .وهي مصطبة عظيمة كانت في سهل القابون بين القابون وبرزة، كان الملوك والنواب والعظماء من القواد ينزلون فيها إذا قدموا من جهة حلب، ثم تخرج جيوش دمشق لملاقاتهم بها ويدخلون دمشق بموكب حافل. وكذلك شأنهم إذا أرادوا السفر إلى حلب وجهاتها. ويقول البدر العيني المتوفى سنة ٨٩٤ه إنها قدر فدان يصعد إليها في نيف و عشرين درجة من جهاتها الأربع، وفيها قصر حسن البناء ينزل به الملوك والسلاطين عند توجههم إلى الأسفار. وبقي شيء من آثارها إلى سنة ١٣٥٠ه" .
ويقول د. محمد احمد دهمان عن مصطبة السلطان في سهل القابون أنه بقى اثرها الى ما قبل نصف قرن ثم هدمت وسويت. وكان السلطان او النائب اذا كان قادما الى دمشق او ذاهبا منها الى جهة حلب تصبحه المواكب الرسمية الى هذه المصطبة .
ووصفها مصدر اخر بانها:
"مصطبة عظيمة كان الملوك والنواب والقواد في العهد المملوكي ينزلون بها اذا قدموا من جهة حلب, ثم تخرج جيوش دمشق لملاقاتهم بها, ويدخلون دمشق بموكب حافل" .
وعنها كتب ابي البقاء ابن البدري (ت 847ه) في كتابه: "نزهة الانام في محاسن الشام" :
"ومن محاسن الشام (القابون) وهي حسنة الماء والهواء وهما قابونان فوقاني وتحتاني وبهما ارض (مصطبة السلطان) وهي مصطبة في قدر فدان يصعد اليها في نيف وعشرين درجة من جهاتها الاربع وفيها قصر حسن البناء ينزل به الملوك والسلاطين عند توجههم الى الاسفار" .
ولعل ما يشير الى أهمية هذه المصطبة ما قام به السلطان قانصوه الغوري (1500م-1516م) حينما انشأ مصطبة غاية بالكمال(916ه), يقول ابن اياس:
"(رسم) السلطان بشيل الدكة التي كانت بالحوش يجلس فوقها السلاطين للمحاكمات، وقد جلس فوق هذه الدكة جماعة كثيرة من الملوك ونفذوا عليها الأحكام السلطانية، وكانت عوضا عن كرسي المملكة، فعز على الناس تغييرها ولم يتفاءلوا بذلك، ثم إنه بنى مكان هذه الدكة مصطبة بالحجر الفص وزخرفها بالرخام السماقي والزرزوري والمرسيني وغير ذلك من أصناف الرخام الملون الفاخر، و نقش بروزها وألبسها بالذهب وجعل لها إفريزا من الرخام الأبيض وله رمانتان رخام أبيض، وكسى هذا الإفريز بالذهب ونقش عليه اسمه، وصنع فوق هذه المصطبة وزرة من الرخام الملون طولها أربعة أذرع ، فجاءت هذه المصطبة غاية في الحسن بحيث لم يعمل مثلها قط ولا سبقه أحد من الملوك إلى ذلك" ...
"وفي ذي الحجة كان مستهل الشهر يوم السبت، فعمل السلطان الموكب بالشاش والقماش وجلس على المصطبة التي أنشأها بالحوش مكان الدكة.. وفي ذلك اليوم طلع الخليفة والقضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، وكان موكباً حافلاً، ولا سيما كان أول جلوس السلطان على هذه المصطبة فكان لها موقع عظيم.
اما عن مصطبة السلطان الملك المؤيد شيخ بن عبد الله المحمودي في ظاهر غزة، يقول الصيرفي عنها في نصف شهر صفر سنة 820هـ / 6 نيسان 1417م وصل السلطان إلى غزة ونزل بالمصطبة التي كان أمر بتجديدها بظاهر غزة من ناحية الشام، وهي مصطبة تحتها إصطبل واسع، وتحتها منظرة عالية، وبها مرافق كثيرة، ومصروف هذه المصطبة ثلاثة ألاف دينار ...وفي طريق عودته من دمشق نزل السلطان بالمصطبة التي استجدها لنفسه بغزة"...
الزاوية والحوض:
ذكر المؤرخ ابن داوود الصيرفي(توفي900ه/1495م) في كتابه "نزهة النفوس والابدان في تواريخ الزمان" أن المؤيد شيخ (المحمودي)الملقب بالملك الكامل (توفي 824هـ /1421م) بنى في اللجون الزاوية والحوض ..والزاوية المذكورة هي معهد تعليمي صوفي بجميع مرافقه، وقد كانت الدولة المملوكية تشجع الصوفيين وترعاهم. أما الحوض فهو بركة لتزويد المسافرين ودوابهم بما يلزمهم من المياه. وقد اشتهرت اللجون بوفرة ينابيعها وغزارتها -كما سيأتي.
حمامات الست ليلى :
يشير اهالي اللجون من ابناء ام الفحم, الذين عاشوا حتى عام 1948 في القرية انهم شاهدوا بجانب واد اللجون بقايا حمامات اثرية كانوا يطلقون عليها اسم "حمامات الست ليلى" (انظر لاحقا) ويضيف احدهم: "حمامات الست ليلى" من ارقى ما يكون, يشبه الى حد ما حمامات قصر هشام في اريحا.
وأكد بعض الاهالي انهم شاهدوا -قبل 1948- اثار عتيقة باللجون وتحديدا بمنطقة "ظهر الدار" حيث شاهدوا الكثير من الاعمدة الرخامية.
ويؤكد هؤلاء ان درجات رخامية كانت بجانب الواد توصل الى الحمامات, ويؤكد ذلك اعضاء البعثة الانجليزية الذين زاروا اللجون في 1872م, حيث يحدثون عن وجود درجات كانت تؤدي الى موقع قرب عين الماء نرجح انها عين الست كما اخذ اهل البلد يطلقون عليها فيما بعد.
خان اللجون:
تدل المصادر التاريخية المتوفرة بين ايدينا ان "خانا" كبيرا اقيم في اللجون, بقيت اثاره شاهدة على عظمته حتى الى ما قبل بعض السنوات.
وقد تبين من البحث ان هذا الخان اقامه التاجر والمحسن المسلم المدعو "الشيخ امين الدين ابن البص" ما بين م1323 و 1331م (العام الذي توفي به ابن البص) وفقا لما ورد في كتاب "الدارس في اخبار المدارس" لمؤلفه عبد القادر بن محمد النعيمي الدمشقي المتوفى في عام 927ه/1521م . قال نقلا عن الحافظ علم الدين قاسم البرزالي: "ان الشيخ امين كان رجلا جيدا, له مقاصد صالحة وانفق جملة من ماله في سبيل الخير...ومنها بناء "خان المزيريب" بحوران.. واضاف الدمشقي صاحب كتاب الدارس انه رأى بخط الحافظ شهاب الدين بن حجي أن ابن البص عمر أيضا خان اللجون: "على رأس وادي عارة قبالة مصطبة السلطان". وجعله محبوسا على اعمال البر والإحسان ولم يكن هذا الخان الا واحدا من المشاريع الخيرية التي أسسها على نفقته ليرتفق بها الناس. تقبل الله منه ورحمه، توفي ليلة الأربعاء سابع ذي الحجة كما ذكره الحافظ علم الدين في سنة احدى وثلاثين انتهى".
وكتب العثماني (المتوفي في 1378م) مرج بني عامر :
وبه ولايتان: اللجون وجنين, فاللجون بلد قديم، وهو قاعدة المرج وهو من عشير يمن، وكذلك جميع مرج بني عامر، وبه مقام للخليل إبراهيم عليه السلام وهو من المزارات وبه مصطبة السلطان، وخان سبيل عظيم الشأن, يأوي اليه المسافرون".
وبين 1422م -1433م قام نائب صفد "المقر الزيني مقبل الدوادار" باعادة تجديد بناء خان اللجون, كتب العثماني يقول:
"وفعل اثار حسنة بصفد, وعمر جسر المجامع, وخان اللجون, وعمر طبرنا بمرج ابن عامر" ...
وفي محرم 863ه الموافق تشرين ثان 1458م, وقع زلزلال مدمر في فلسطين "وقع منه عدة دور بين القدس والخليل", ويبدو -بأعتقادي- أن خان اللجون تضرر جراء هذا الزلزال, فأمر السلطان الملك الاشرف اينال في ذي الحجة 863ه الموافق تشرين اول 1459م بترميمه.
اما الرحالة العثماني-التركي- "اليا جلبي" الذي زار فلسطين بين عامي 1648-1670م فكتب يقول انه شاهد من على جبل الدحي خان اللجون بشكل واضح .
ووصف الرحالة العربي "إبراهيم الخياري" اللجون وخان اللجون الذي نزل به في العام 1670م, بأن على بابه "منارة مرتفعة", مضيفا انه بات فيه بعد ان وصل اللجون من خان التجار, يقول:
"فإذا المنزل كالمرج المذكور قبله مخضر الرياض، سائل الأنهار، ولا أقول الحياض بها المياه العذبة والنباتات المستحسنة الرطبة، وهو مشتمل على خان على بابه منارة مرتفعة بعض الارتفاع، واخبرني بعض من لقيت أنه يحيط بأطراف المرج المذكور ضيعات بالغ عددها مبلغ الكثرة، ولا بدع، وأقمنا بقية يومنا وبتنا به إلى أن بقى ثلث الليل الأخير ثم حملنا الأحمال وسرنا، وإذا مضيق مشتمل على حجارة وصعود وهبوط مقدار نحو الساعة، ثم بعده بيسير مررنا بسبيل ماء على قارعة الطريق وعلى يمين مارها أيضاً ضيعة تسمى عاره وعلى يساره أخرى تسمى عرعره فمررنا بينهم ثم لم نزل سائرين في مخضر من النبات، يكفر بلطفه ماضي الطريق هاتيك السيئات، إلى أن لاحت اعلام المنزل المقصود المسمى قاقون" .....
وكان الرحالة هنري موندريل قد مر في 22 اذار العام 1697م من اللجون وكتب عن الخان الذي كان في حينه ما زال يعمل وانه "بحالة جيدة". وأضاف انه دفع خفارتين للامير البدوي "شبلي", احد زعماء منطقة اللجون ومرج ابن عامر, ثمن حمايته ومروره بآمان من هذه المنطقة:
""وخلال ثلاث ساعات ونصف من قيشون (المقطع) وصلنا إلى جدول صغير، بقربه قرية قديمة وخان جيد يدعى اللجون وغير بعيد عنه أقمنا هذه الليلة. ومن هذا المكان أتيح لنا منظر كبير لسهل إسدرايلون (مرج بني عامر) وهو ذو امتداد واسع وخصيب جداً لكنه غير مزروع؛ فهو يخدم العرب للرّعي فقط. وعلى مسافة ست أو سبع ساعات تقريباً شرقاً كانت تقع على مرمى نظرنا الناصرة وجبلا تابور وحرمون(جبل الشيخ) وجرى إعلامنا بصورة كافية بالخبرة ماذا يعني النبي داوود المقدس بندی حرمون, حيث غدت خيامنا مبللة به كما لو أن المطر هطل كل الليل. وفي حوالي مسافة ميل منا عسكر "شبلي" أمير العرب مع جماعته وأبقاره؛ وتحتنا وعلى جدول قيشون عسكرت قبيلة أخرى من العرب، وهي مجموعة معاكسة لشبلي.وكان ارتياحنا أقل بكثير في هذا المكان، حيث لبثنا في الوسط، بين جارين سيئتين جداً. كان مشوارنا هذا اليوم بوجه الإجمال ثمانية ساعات؛ واتجاهنا صوب الجنوب الشرقي والجنوب أو حوالي ذلك.
يتابع موندريل قائلا انه في:
"الثلاثاء 23 مارس: تركنا محل الإقامة هذا ووصلنا خلال ثلث ساعة إلى خيام الأمير الذي خرج شخصياً ليقوم بواجباته نحونا دفعنا له رسمين أي واحد للجون وآخر لجنين، وفوق الرّسمين أي شيء آخر كان يحلو له أن يطلبه. وأراحنا بطريقة لبقة من بعض معاطفنا التي بدأت أن تكون لا مجرد غير ضرورية فقط بل متعبة أيضاً" .
استمر خان اللجون يقدم خدماته للتجار والمسافرين الذين كانوا يمرون من هذه المنطقة الهامة طوال عدة قرون, امتدت الى اوائل القرن التاسع عشر -خلال العهد العثماني- حيث ورد ذكره في اكثر من مصدر وبفترات متفاوتة حتى خرابه ودماره, على ما نرجح خلال الفترة الواقعة بين 1750- 1800م, بسبب تدهور الاهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة مع انعدام الامن والامان فيها بسبب تزايد اعمال القرصنة وقطاع الطرق الذين كانوا يعترضون مسيرة المسافرين والتجار المارين في هذه المنطقة, من حيفا واليها, واغلب الرأي انه تم تدميره بهجمات ظاهر العمر على اللجون وحربه ضد ال جرار وال الماضي, وقصفها بالمدفعية في العام 1773م، بعد قرابة 400 عام على اقامته....
ففي العام 1844م كتب الرحالة ادوارد روبنسون الذي زار ام الفحم انه شاهد بقايا خان اللجون اثناء مروره من اللجون في طريقه الى ام الفحم والمنطقة.
اما "فان دي فيلد" كتب في العام 1854م انه شاهد بمنطقة الخان: "كوخين بائسين" بين الأحجار المتناثرة.
وقد ذكر الرحالة جيرين هذا الخان بقوله انه يقع جنوب البلدة, وانه شاهد بقايا "خان كبير جدا" يبدو انه بُني على ايدي العرب, وهو (الان 1870) مهدوم كليا". وهو ما أكده الرحالة "ويلسون" الذي مر أيضا من اللجون في العام 1870م.
ويذكره ايضا اعضاء البعثة الانجليزية في عام 1870 بقولهم: "هناك في الجنوب ما زالت اثار بارزة لخان كبير الحجم قريب من الشارع".
هذا ويعتقد البعض ان الخان أقيم على بقايا موقع روماني – بيزنطي, وانه تم إعادة استعمال تلك الحجارة.
اما اهالي اللجون فقد خلدوا هذا الخان بتسميتهم احدى مناطق اللجون بأسم "خربة الخان" و "قفا الخان".
كنز الدنانير الاموية باللجون:
في مقاله الصادر في العام 1934 كتب الباحث ماير, ل. أ. بعنوان: "كنز من الدنانير الاموية باللجون", قال أنه "في نوفمبر 1933، استلمت دائرة الآثار واحدًا وأربعين عملة ذهبية من العصر الأموي صادرتها سلطات الشرطة في جنين.
وأضاف:
"تمثل هذه العملات الجزء الرابع من كنز اكتشفه أربعة سجناء كانوا منخرطين في حفر الحجارة في الجوار المباشر لمعسكر العمل السجني في اللجون في وقت كتابة هذا التقرير (10 ديسمبر 1933)، لم يتم العثور على حصة الشركاء الثلاثة الآخرين ولا الوعاء الذي احتوى على الكنز. تنتمي جميع العملات المعدنية الإحدى والأربعين إلى نوع معروف من الدنانير الأموية مع تواريخ ولكن دون إشارة إلى دار السك".
تدل هذه الدنانير على وجود نشاط تجاري وثراء في اللجون طوال الفترة الأموية. أول دينار مؤرخ في سنة 87 للهجرة من عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، وآخرها مؤرخ في سنة 125 هجرية في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك. وكتب عليهم:
لا اله الا الله وحده لا شريك له... محمد رسول الله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ...
#وجدي_حسن_جميل (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟