أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مراد سليمان علو - مشهد للتأمل















المزيد.....

مشهد للتأمل


مراد سليمان علو
شاعر وكاتب

(Murad Hakrash)


الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 14:49
المحور: قضايا ثقافية
    


يتصدر المشهد الأيزيدي قلق طاف على الوعي، وحزن يتسرب رويدا إلى الأعماق. والأمل فيه يشبه تلك القطرات التي كان يتوق لشربها طفل في رحلته عبر جبل (شنكال)، وربما يمكن ملاحظة ذلك في بعض القصائد والتي لا تتعد أصابع اليد الواحدة، وكأن الجميع اتفقوا على النفخ في بوق يقول: كنا ننشد السلام دائما؛ لذلك تمسكنا بإيماننا، وكان هذا سبب اندحارنا، ويوّضح هذا الانحدار في الإيمان مراجعة سريعة لمّا ينشر في شبكات التواصل الاجتماعي، والتعليقات المرافقة لها، وممّا يؤسف له إن أغلب المحاولات الذهنية في وعي مغيب قصدا أو دون قصد هي محاولات لتثبيت وجهة النظر هذه ـ دون أن يمكن اعتبارها معادلة ـ ليستفيد منها في أطروحات ولو نظرية.
لا شك إن إنكار الواقع وعدم تصديق ما جرى على أرضه يؤدي إلى الضبابية في الرؤى، وفقدان الرؤية الصحيحة لمعطيات الواقع الجديد يؤدي إلى الإخلال بميزان الحقوق والواجبات وهنا تكمن نقطة الانجراف نحو مستنقع السوداوية، ثم التقوقع وكلنا نعلم إن رسم الفرد إطاره الخاص لا تفيد معه شيء، فكل معاول الثقافة والتنوير لا تجدي معه نفعا لأن تفتيت هذا الإطار يكون عادة من الداخل وبيد المتقوقع نفسه، وليس من الخارج، وبطبيعة الحال كل هذا يؤدي إلى تبني السوداوية كمرجع ذهني وعندها يكون الاستسلام أمر لا مفر منه وحينها يعيش الفرد بائسا بدلا من التنعم بالسعادة التي كان يتوقعها فيبدأ مدّ الجحيم يغمر حياته وتتضرر جراءها العائلة والمجتمع على السواء.
من المعلوم إن فقدان الفرد إيمانه بشيء يؤدي إلى خلق فراغ روحي وحينها يكون الفرد مستعدا لتقبل البديل. وحتى وقت وصول أو العثور على البديل يبدأ الفرد بإفراغ طاقاته السلبية فتكون النتيجة تبني فكرة الاستسلام أو الإلحاد أو عدم الوثوق بالمجتمع نفسه كأقل ردّ فعل ناتج عن الفراغ الروحي نتيجة ما حصل له وفقدانه كلّ ما يملك.
ولكن الحقيقة غير ما نراه على أرض الواقع، الواقع الذي كان من إفرازاته: فقدان الثقة ـ وهو الخيط الرفيع الذي يربط الإدراك مع محيطه وبقطعة ينهار عالم الفرد تدريجيا ـ الاستسلام ـ الذي يؤدي إلى التقوقع. الإلحاد ـ رفض ما كان يؤمن به لانهيار أحلامه ـ وكذلك، فقدان القدرة على البحث عن الحقيقة من جديد ـ وهو أسوأ ما يحدث للفرد فكلّ شيء عنده حينها يكون سواء.
نعم، الحقيقة هي غير ما نراها، ـ الحقيقة التي أتحدث عنها هي الذات البشرية وليس شيء آخر ـ يمكنك أنت أيضا أن ترى وجهها لو شحذت إرادتك فالإرادة نفسها هي إحدى أوجهها.
رضوخنا لواقع الأمر يجبرنا على تحمل الحياة وأعبائها دون أن نحرك ساكنا ويجعلنا نعزف على وتر مقطوع ونصدّق بأن البهجة والسعادة غادرتان لا محالة كيف لا وقد تركنا كلّ شيء ورائنا، ملذاتنا، ووسائلنا، رقصنا، وطربنا، مواعيدنا، وحدائقنا، حقولنا، وأراضينا. ولكن فاتنا من جانب آخر بأن الناسك البوذي، والفقير الهندي، والمتسكع الغجري يرفض ما كنا نصبو إليه من ملذات بكل تفاصيلها بل يتعمد إلى تعذيب جسده لينال بدوره شيئا من تلك السعادة التي كنّا ننشدها فهل السعادة التي يشعر بها الفقير الهندي وهو في صوم متواصل ويكبح جماح غرائزه تقل بهجة عن سعادتنا عندما كنا نملئ بطوننا بما لذ وطاب.
هنالك في الطرف الآخر من يعذب نفسه ليحقق (النيرفانا) مثلما كنا ننشد الراحة لنحققها، ولكن لا نحن كنا على حق ولا الذي على النقيض منا على حق، ففي الحقيقة السعادة دائما نسبية وأعلى مستوى لها هي لحظة ما قبل الولادة وكذلك لحظة الموت، أي الغياب الكلّي عن الواقع، ولكن لنا طريقتنا ولنا قناعاتنا ولنكرر محاولة نيل السعادة علينا أن نمتلك شيئا من الأمل.
هناك من يجاهر بأن لا أمل (لأي شيء) فأعلم بأن هذا قد دخل (قوقعته) ولن يتفاعل معك بسهولة، وما تغيّر هو المكان (ولو مؤقتا) أي الاحتلال، وبإزالة المكان وبقاء الإنسان يبقى الأمل (أمل كلّ شيء) قائما إذا أخذنا بنظر الاعتبار إن الإنسان هو المهم.
الأمل موجود في أساطيرنا، فأحيوا معي الأساطير الأيزيدية.
الأمل موجود في اسم طاووس ملك فاذكروه كثيرا، وأنصت إلى هذا الملاك الجميل، القوي، العظيم ماذا يقول لك من خلال الطبيعة التي حواليك؟
تمزّقنا، نعم، ولكن التمزّق لا يؤدي إلى الانتهاء إلا إذا رفضنا الحياة.
سرّ باتجاه الأمل وإن فقدت المسارات المؤدية حينها أتبع الخطوات المثقلة بالعطاء، فلا أحد يفيض بالعطاء وهو بعيد عن نبع الأمل.
فقط سرّ، فربما اكتشفت شيئا، نعم، الحقيقة بشعة الملامح، ولكن يجب أن تتعوّد النظر إليها، كما تنظر صباحا إلى المرآة.
الحقيقة ثقيلة، ولكن يجب أن تستعد لحملها على أكتافك أينما رحلت.
الالتفات إلى الوراء لا يعني تحمّل عبء الماضي وترديد ما جرى فيه كالببغاء.
لا شك إن الأفكار الجديدة ليس لها حظ الولوج بين تلك القديمة وبخاصة إن كانت راسخة في العقول، فالصحن المليء بطعام الأمس لا يمكنك أن تضع فيه طعام اليوم وإن جازفت وحاولت فسيندلق ويبقى القديم إلا إذا أفرغته ونظفته من بقايا طعام الأمس، هكذا كان دائما الصراع بين الأمس واليوم، والآن لست في صراع مع الأمس في يومك بل في صراع مع نفسك من أجل الاستمرار والنهوض والحياة وإن تسنّت لك بعد ذلك فرصة لتصارع كل شيء رث وبالي فلا تتردد.
لست بحاجة للتحليق فوق الزمان لتثبت بأنك مثالي وتتبع عقلك في تصرفاتك، كن كما أنت، متواضع وبسيط، وقابل على الإنصات دون أن تنتابك ثورات الغضب ثم تحرك ببطء، أو أزحف إن تتطلب الأمر إلى أن تتمكن من الوثوب والتحليق عاليا.
لا تستقم الأمور كما تهواها أبدا فلا تندهش من أوجه الحقيقة المتعددة. لها آلاف الأوجه ومن يقول لك بأنها واحدة لا تتجزأ قل له لماذا أذن تختلف حقيقتي عن حقيقتك، ولا تجزع إن قلت لك إنها جميعا تنبع من الحقيقة الكبرى.
البحث عن الحقيقة متعب فأعثر أولا على ذاتك وستعثر هي عليك.
قرأت ترجمة لقصيدة عالمية فكانت قمة في الروعة، ثم قرأت ترجمة ثانية فلم تكن تقل روعة عن الأولى، فعلمت إن القصيدة بلغة الشاعر الأصلية هي أكثر روعة من الترجمتين.
تلك كانت قصيدة واحدة، وحياتك قصائد لا تنتهي فدوّنها بلغتك الرائعة ليستمتع بقراءتها الناس، وليترجمها من يشاء بلغته هو.
بوسعك أن تتغير نحو الأفضل، فقط أنصت إلى قلبك، إلى أعماق قلبك. أمنحه القوّة ليتحمّل أحزانك، أمنحه من قوّة إرادتك ليكون قادرا على الحبّ من جديد، أمنحه الأذن ليتعرّف على ذاتك، فمن لا يعرف ذاته ولا يحب نفسه كيف سيحبّ الآخرين؟
استثمر حبّك في خدمة البائسين! أمنح قلبك القوّة كي يتسامى على التافهات من الأمور اليومية. أمنح قلبك القوّة كي يسلّم نفسه إلى إرادتك؛ لأنك تظن إن الرحلة قد انتهت.
وأنا أقول لك بأن الرحلة قد بدأت للتو. فأستعد لها!



#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلام النازح
- الصياد
- الهروب
- أحلام نازح
- حدث ذات مرة في شنكال
- سرب الأوز
- الشموع
- عمارة الزيتونة وهاجس رفقة جامعة الموصل
- سؤال وجواب/3
- الجوكر الذي أعرفه
- ما بين الخبز الأيزيدي والخبز السومري تنور وحكايات من نور
- أهمية أن تكون حمارا
- الديوان المشترك (شيء مفقود من هذا العالم) SOME THING MISSING ...
- الميتاشعرية في ديوان (يقول النهر أنت أبني) للشاعر فارس مطر
- سؤال وجواب/2
- سؤال وجواب/1
- الفرح المتأخر يغمرني أيضا
- ماذا لو
- عميقا في سيكولوجية الجماهير
- جيش الثلاث ضفادع


المزيد.....




- انتهاء مفاوضات جنيف بشأن النووي الإيراني وطهران تؤكد التزامه ...
- انقسام داخل الجيش الإسرائيلي بشأن احتلال غزة
- الاحتلال يقصف سوقا شعبيا ويواصل عمليات التدمير بمدينة غزة
- الصليب الأحمر: يجب إمداد غزة فورا بالمساعدات الإنسانية
- زيلينسكي: تركيا أو دول خليجية أو أوروبية قد تستضيف محادثات م ...
- نيويورك تايمز: إسرائيل تنضم لروسيا ونظام الأسد في محاربة الص ...
- -ما وراء الخبر- يناقش مستقبل مقترح وقف إطلاق النار في غزة
- هل تريد أميركا وإسرائيل التنصل من الاتفاق الذي قبلته حماس؟
- -مفيش زي الأم يا جدعان-.. آسر ياسين يشارك توضيحًا من والدته ...
- مفاوضات السلام في أوكرانيا: هل تحجب واشنطن معلومات استخبارات ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مراد سليمان علو - مشهد للتأمل