أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح قدوري - الثقافة فعل مقاومة: في ذكرى استشهاد كامل شياع














المزيد.....

الثقافة فعل مقاومة: في ذكرى استشهاد كامل شياع


صباح قدوري

الحوار المتمدن-العدد: 8445 - 2025 / 8 / 25 - 18:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


المقدمة
تمثل الذكرى السابعة عشرة لاغتيال المفكر كامل شياع لحظة تأمل في الدور الحيوي الذي يمكن أن تنهض به الثقافة في مواجهة واقع العنف والتهميش. لقد شكّل شياع نموذجاً للمثقف العضوي بالمعنى الغرامشي، الذي لم يحصر اهتمامه في التنظير الفلسفي، بل سعى إلى ربط الفكر بالممارسة الاجتماعية. من هنا يطرح السؤال نفسه: كيف يمكن للثقافة أن تكون أداة مقاومة في وجه التهميش والعنف؟ وكيف يحافظ المثقف على صدقيته في واقع مأزوم تحكمه تناقضات السياسة والسلطة؟
الثقافة كفعل مقاومة
لا تنحصر الثقافة في إنتاج النصوص أو الفنون، بل تتجاوز ذلك لتكون فعلاً اجتماعياً يخلق فضاءً للمساءلة والنقد. ففي السياقات التي يهيمن عليها العنف، تتحول الثقافة إلى آلية مقاومة رمزية تقاوم منطق التهميش والإقصاء عبر إنتاج بدائل معرفية وقيمية. لقد أكد كامل شياع، عبر كتاباته عن “اليوتوبيا المجتمعية”، أنّ الثقافة يمكن أن تكون أفقاً لمشروع تحرري يفتح إمكانات جديدة أمام المجتمعات. فاليوتوبيا لديه لم تكن حلماً مجرداً، بل رؤية نقدية تسعى إلى تجاوز الانغلاق وإعادة الاعتبار للإنسان بوصفه محور العملية التاريخية.
المثقف بين الصدقية والواقع المأزوم
المثقف، في نظر شياع، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل فاعل يختبر قدرته على الموازنة بين المثاليات الفكرية ومتطلبات الواقع. غير أن هذه المهمة محفوفة بالمخاطر، إذ يواجه المثقف دائماً تهديدات من قوى السلطة أو مناخات العنف الاجتماعي. هنا تبرز مسألة الصدقية: كيف يمكن للمثقف أن يحافظ على نزاهته الفكرية وهو مضطر للتعامل مع تناقضات الواقع؟
الجواب يكمن في التمسك بمبدأ الاستقلالية النقدية؛ أي رفض الانخراط في لعبة الاصطفافات الضيقة، والتمسك بقيم العدالة والحرية والكرامة. لقد جسّد شياع هذا المبدأ من خلال عمله في وزارة الثقافة، حيث سعى إلى بناء مؤسسات ثقافية ديمقراطية في عراق ما بعد 2003، رغم ضغوط الانقسام السياسي والطائفي.
الثقافة واليوتوبيا: أفق للتغيير
إن استدعاء مفهوم “اليوتوبيا” لدى شياع لا يعني الانفصال عن الواقع، بل محاولة لإعادة صياغته. فالمجتمعات الخارجة من الحروب أو الخاضعة لأنظمة سلطوية تحتاج إلى خيال اجتماعي نقدي يتيح لها التفكير في بدائل أخرى. الثقافة هنا تتحول إلى ممارسة يومية تُعيد للمجتمع إيمانه بإمكانية العيش المشترك، وتفتح المجال أمام التفكير في مستقبل يتجاوز حدود العنف.
خاتمة
إن استذكار كامل شياع اليوم لا يقتصر على استعادة سيرته الشخصية، بل يطرح علينا سؤالاً وجودياً: كيف نحول الثقافة إلى مشروع مقاومة ضد كل أشكال العنف والتهميش؟ الجواب يكمن في وعي المثقف لدوره بوصفه فاعلاً نقدياً، يحافظ على صدقيته بالانحياز إلى الإنسان لا إلى السلطة، وبالتشبث بالقيم الكونية للحرية والعدالة. لقد جسّد شياع هذه الرؤية في حياته وفكره واستشهاده، ليترك إرثاً يؤكد أن الثقافة ليست ترفاً، بل هي شرط أساسي لبناء مجتمع إنساني قادر على مواجهة العنف وصناعة مستقبل بديل.
رغم غياب الراحل بقي دوماً رمزاً حياً للفخر والاعتزاز، رمزاً للصمود والتضحية في سماء الحرية، رمزاً للموت التراجيدي، وسيظل من الاسماء التي لا تنسى طالما بقي ضمير حي وذاكرة تحتضن الاحرار، سيظل حيا في قلوب كل من تعرف وعمل وعاشر الراحل، لا ننساه ابداً.



#صباح_قدوري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور المحاسبة والمراجعة في الحد من ظاهرة الفساد الإداري والما ...
- تراجع الدور الأوروبي في النظام الدولي: أزمة رؤية وتحوّل اقتص ...
- إقليم كردستان أمام لحظة الحقيقة: هل آن أوان انتفاضة جماهيرية ...
- على هامش أزمة الرواتب والنفط بين بغداد وأربيل
- الديون الداخلية والفساد في الميزانيات العامة للدولة
- دعوة وزير الهجرة والاندماج لمناقشة ظاهرة معاداة السامية في ا ...
- رفع الاصفار عن الدينار العراقي
- تأخير مصادقة الموازنة العامة لعام 2024 من قبل البرلمان العرا ...
- مراجعة كتاب: نقاشات حول دمج شركات التأمين العراقية
- لنجعل من ذكرى اليوبيلية السبعينية لمجلة (الثقافة الجديدة) مه ...
- نحو انتخابات ديمقراطية ونزيهة لمجالس المحافظات
- على هامش تشريع الموازنة العامة الاتحادية للعراق لعام 2023*
- تعليق على المقال المترجم لمايكل روبرتس: بنك فيرست ريبابليك: ...
- الدانمارك: من مجتمع الرفاهية الى الانكماش الاقتصادي والتوجه ...
- مصباح كمال والبحث عن دور اليهود العراقيين في النشاط التأميني
- هوامش سريعة على بيان وزارة المالية حول إنجازاتها في تطبيق بن ...
- كتاب - محاسبة التكاليف دراسات
- ندوة حول الوضع الاقتصادي في إقليم كردستان العراق
- محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، مثال ...
- محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة حماية البيئة انموذجاً *


المزيد.....




- -ديكتاتور-.. تصريحات عمرو موسى عن عبد الناصر تثير الجدل
- بيان هيئة المتابعة لتنسيقيات التيار الديمقراطي العراقي في ا ...
- دلغادو فاراس وريازات يتركان حزب اليسار لكنهما يبقيان في البر ...
- م.م.ن.ص// تعزية في وفاة المناضل عزيز المنبهي
- فلتتضافر كل الجهود لوقف الإبادة الجماعية والتجويع في غزة ومن ...
- تونس: حزب العمال يستقبل وفدا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ...
- لنقف بحزم ضد عسكرة المدن والقمع السياسي
- با ل?ب?اوان? دژ ب? ميلتاريز?کردني شار?کان و س?رکوتي سياسي بو ...
- مظاهرات حاشدة في أستراليا دعماً للفلسطينيين، وغانتس يدعو لتح ...
- عائلتي الشهيدين الدريدي وبلهواري: تعزية في وفاة المناضل الكب ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - صباح قدوري - الثقافة فعل مقاومة: في ذكرى استشهاد كامل شياع