أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - صباح قدوري - الدانمارك: من مجتمع الرفاهية الى الانكماش الاقتصادي والتوجه اليميني في الحكم وبروز العنصرية.















المزيد.....

الدانمارك: من مجتمع الرفاهية الى الانكماش الاقتصادي والتوجه اليميني في الحكم وبروز العنصرية.


صباح قدوري

الحوار المتمدن-العدد: 7572 - 2023 / 4 / 5 - 16:21
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


1. أفرز ت الانتخابات الأخيرة التي جرت في الدانمارك في شهر تشرين الثاني/ نوفيمر من العام المنصرم، تراجعاً في مقاعد بعض الأحزاب المحسوبة على كتلة اليسار (اليسار الراديكالي، والشعب الاشتراكي، والقائمة الموحدة) عدا الحزب الاشتراكي الديمقراطي الدانماركي، وبذلك كُلفت ميته فريدريكسن رئيسة الوزراء في الحكومة السابقة بتشكيل الحكومة الجديدة.

2. اختارت ميته الحزب الليبرالي الفنستره بزعامة ياكوب إلمان، وهو حزب يميني وحزب المعتدلون اليمين الوسط بقيادة لارس لوكه الذي غادر حزب اليسار الدانماركي وكان سابقا رئيسا للوزراء (اي تحالف ثلاثي) ، وتم ابعاد الحلفاء التقليديين للحزب الاشتراكي من الحكم. واليوم، تمثل ميته ما يسمى بالجناح اليميني للحزب الاشتراكي الديمقراطي مع الائتلاف الجديد. وفق بعض الدراسات التي نُشرت مؤخرا، فإن اقتصاد الدانمارك يجابه مشاكل عديدة، في ظل الحكومة التي تتجه نحو تطبيق نموذج اللبراليين الجدد. ومن هذه المشاكل ارتفاع التضخم بمعدلات عالية تجاوزت %10، وهو أكبر معدل منذ أربعين عاما، مما تسّببَ في تراجع القوة الشرائية في البلاد بنسبة تترواح بين 20- 30% مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي. وقد تجسدَ كل ذلك في ارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الطاقة وعناصر الإنتاج الاخرى من المستلزمات السلعية والخدمية. كما نتجَ ذلك عن تأثير الحرب الروسية ــ الاوكرانية على السياسة والاقتصاد والحالة الاجتماعية في البلاد. وبذلك أخذت فئات من المجتمع تواجه تحدياً كبيراً، مما أثّر على نموذج دولة الرفاه في الدانمارك الذي أصبح في حالة تراجع.

3. هنا أود أن أركز على هذه الحرب وانخراط الدانمارك بقوة فيها، من خلال عضويته في الاتحاد الاوروبي، وفي حلف الناتو، وذلك من خلال تقديم المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا، ودعمها المستمر في هذه الحرب القذرة، واحتضان عدد كبير من اللاجئين الأوكرانيين ومعاملتهم بشكل تفضيلي، وهذا شيء جيد. ولكن، في الوقت نفسه، نشهد تراجع سياسة الدانمارك اتجاه لاجئين آخرين من الدول الشرق الأوسطية والافريقية والقوارب البحرية من شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وخاصة الضغط على اللاجئين السوريين الذين لديهم إقامة دائمة في الدانمارك، ومحاولة ارجاعهم الى سوريا ــ اللاذقية بحجة انها أصبحت منطقة آمنة، وقد نسوا او تناسوا أن المنطقة تعرضت لكارثة الزلزال، وباتت منطقة غير آمنة. وقد أكد ذلك الصليب الأحمر ومنظمة اللاجئين الدانماركية والمنظمة الدولية لحقوق الانسان (أمنستي إنترناشونال).

4. زارت رئيسة الوزراء ميته فريدريكسن، قبل أيام قليلة، جمهورية مصر العربية، وهي أول مرة، منذ 20 سنة، يقوم فيها مسؤول رفيع من الدانمارك بزيار مصر. وحسب الانباء، فإن الهدف من الزيارة هو تعزيز العلاقة بين البلدين في المجالات السياسية، الاقتصادية، الثقافية، والهجرة، وكذلك محاولة دول الاتحاد الاوربي التدخل في العلاقات الافريقية والشرق الأوسطية عبر بوابة مصر، وذلك بعد هيمنة كل من الصين وروسيا ونجاحهما في تعزيز علاقة الشراكة مع البلدان الأفريقية، والعربية سياسياً، واقتصادياً، وثقافياً.
وبقدر ما يتعلق بمسالة الهجرة، لقد تم التركيز بشكل خاص على الهجرة من البلدان الافريقية والشرق الأوسطية الى البلدان الاوربية ومنها الدانمارك، وكيفية إيجاد حلول لهذه
المشكلة والحد منها، من خلال تشديد الرقابة ومزيد من التعاون والتنسيق مع دول الاتحاد الاوربي وبهذا الخصوص. ومن خلال النقاش الدائر حول هذا الموضوع، تناولت ميته مسألة
إمكانية انشاء مراكز استقبال في مصر لإيواء اللاجئين القادمين الى الدانمارك، مقابل تغطية نفقاتهم من الدانمارك لحين النظر في امر لجوئهم وما يتطلب من إجراءات بهذا الخصوص.
ومما لا شك فيه، ان الجانب المصري لم يوافق أخلاقيا على هذه المسالة. وإن الحكومة السابقة برئاسة ميته سبق وأن حاولت ارسال اللاجئين الموجودين في مراكز الاستقبال الى دولة
رواندا في افريقيا، ولكنها لم تفلح بذلك. واليوم أقدمت بريطانيا على ارسال اللاجئين اليها، عبر بحر المانش بين فرنسا وبريطانيا لحين البت في معاملاتهم للجوء.

5. لقد أصبح اليوم العداء ضد اللاجئين في الدانمارك واضحاً للعيان من قبل الاحزاب اليمينية، المتطرفة والشعبوية، كما هو حال عليه أيضا في السويد. فقد أقدم المتطرف الدانماركي راسموس بالودان وزعيم حزب (هارد لاين) اليميني المتطرف الذي أسسه عام 2017، على حرق نسخ من القرآن مرتين في السويد، مدينة مالمو والعاصمة ستوكهولم، وذلك بحماية من الشرطة السويدية. وقام أيضا بتنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد المهاجرين في المناطق التي يقطنها المهاجرون المسلمون في المدن الكبيرة في الدانمارك، وإحراق القرآن، والتحريض ضد مجموعة عرقية معينة ونشر الكراهية ضد الأجانب. ولم تُتخذ، حتى الان، اجراءات قانونية مناسبة وملموسة ضد ممارساته العنصرية.

6. هناك تراجع ملحوظ في الخدمات الصحية والتعليمية المقدَّمة من الدولة. وقد خلفت جائحة كورونا آثارها على القطاع الصحي، بالإضافة إلى التوجه الى مزيد من الخصخصة في مؤسسات هذا القطاع، وكذلك تأثير الحرب الروسية ــ الأوكرانية ودعم الدانمارك المادي والعسكري لأوكرانيا في هذه الحرب. كل هذه العوامل وغيرها أدت الى الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات التضخم، وضآلة الزيادة في الرواتب والأجور، مع زيادة التخصيصات المالية لوزارة الدفاع، بتوجيه من الناتو على حساب التخصيصات المدنية في الموازنة العامة للدولة. وعلى أثر ذلك، ظهرت الاحتجاجات والمظاهرات المتكررة للعاملين في القطاع الصحي من الممرضات والممرضين والكوادر الصحية الأخرى، مطالبين بزيادة رواتبهم وتحسين ظروف عملهم، ولكن لم تتم تلبية مطالبهم. وقد أدى ذلك، وبعد جائحة كورنا، الى سفر حوالي عشرة آلاف من هذه الكوادر الى المملكة النرويجية للعمل في القطاع الصحي براتب أكبر مرتين من راتبهم وساعة واحدة اقل من يوم العمل في الدانمارك. كما تتراجع الخدمات في المستشفيات، وتتزايد فترة انتظار المرضى للمعالجة التي قد تستغرق شهوراً، مع نقص في عدد الاطباء والمعدات الصحية والتخصيصات المالية في الميزانية العامة.

7. وهناك تراجع أيضا في خدمات قطاع التعليم، وإيقاف صرف المساعدات للطلبة في بعض الفروع الدراسية، مثل التاريخ والدين، التربية، علم الاجتماع، علم النفس، وغيرها، لمواصلة مرحلة الكانديدات. وهناك مؤشرات على توسع عدد المدارس والجامعات وخاصة الاهلية منها، مع نقص الاعتمادات المالية للجامعات ومراكز الأبحاث في الموازنة العامة السنوية وفي الكادر التدريسي والباحثين.

8. وختاماً، ان تشكيلة الحكومة الحالية ليست متجانسة. وهناك تباين في الرؤى وتطبيق البرنامج الحكومي المتفق عليه، مع تراجع دور الدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية، وفي جودة كفاءة إدارات المؤسسات الادارية في القطاع العام. وتتجه هذه الحكومة نحو الأخذ بنموذج "اللبرالية الجديدة " في سياستها الاقتصادية، وبمجاراة السياسات الامريكية في العلاقات الدولية، وبشكل خاص ضد روسيا الاتحادية والصين باتجاه فرض المزيد من العقوبات عليهما.



#صباح_قدوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصباح كمال والبحث عن دور اليهود العراقيين في النشاط التأميني
- هوامش سريعة على بيان وزارة المالية حول إنجازاتها في تطبيق بن ...
- كتاب - محاسبة التكاليف دراسات
- ندوة حول الوضع الاقتصادي في إقليم كردستان العراق
- محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، مثال ...
- محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة حماية البيئة انموذجاً *
- على هامش تخفيض سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريك ...
- بمناسبة أربعينية رحيل الرفيق علي غفور
- على هامش زيارة رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي الى واشنطن
- مبادرة محافظة السليمانية: الإنتقال من الإدارة المركزية في ار ...
- مفاهيم وتطبيقات العدالة الاجتماعية والاقتصادية في ظل النظام ...
- احتفالية 8 اذار وشعار المرأة ( المرأة ثورة موعورة) في الانتف ...
- الإنتفاضة الشعبية مستمرة حتى تحقيق النصر
- سفرتي الى جمهورية الصين الشعبية: مشاهدات وإنطباعات
- محاسبة التكاليف ( المعضلية): محاسبة عوامل الإنتاج/ الموارد ا ...
- إنتخابات برلمان إقليم كردستان، وإنتظار الجماهير في التغيير و ...
- على هامش الذكرى الخامسة والستين لصدور( مجلة الثقافة الجديدة) ...
- نحو الإنتخابات البرلمانية في إقليم كردستان العراق ، من أجل ا ...
- الغطرسة والتدخل العسكري التركي داخل آراضي كردستان
- متى تنتهي مظلومية الشعب السوري من جراء الحرب القذرة التي فرض ...


المزيد.....




- السعودية.. تداول فيديو -إعصار قمعي- يضرب مدينة أبها ومسؤول ي ...
- أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول غزة وهجمات إيران وال ...
- مصرع 42 شخصا بانهيار سد في كينيا (فيديو)
- رئيس الوزراء الإسباني يقرر البقاء في منصبه -رغم التشهير بزوج ...
- -القاهرة الإخبارية-: مباحثات موسعة لـ-حماس- مع وفد أمني مصري ...
- مستشار سابق في البنتاغون: بوتين يحظى بنفوذ أكبر بكثير في الش ...
- الآلاف يحتجون في جورجيا ضد -القانون الروسي- المثير للجدل
- كاميرون يستأجر طائرة بأكثر من 50 مليون دولار للقيام بجولة في ...
- الشجرة التي لم يستطع الإنسان -تدجينها-!
- ساندرز يعبر عن دعمه للاحتجاجات المؤيدة لفلسطين ويدين جميع أش ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - صباح قدوري - الدانمارك: من مجتمع الرفاهية الى الانكماش الاقتصادي والتوجه اليميني في الحكم وبروز العنصرية.