الحكم الثالث على حسين محمد الشبيبي (صارم)/3

محمد علي الشبيبي

الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 20:50
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    

مقدمة (الحكم الثالث) خمس حلقات، تتناول الحكم الثالث على الشهيد حسين الشبيبي. حيث صدر بحقه هذا الحكم بأربع سنوات، بعد أن الحق في قضية فهد بالرغم من أنه اعتقل قبل فهد وصدر عليه حكمان -كما مر في حلقات سابقة-. لطول المادة قررت تقسيمها الى حلقات. كل حلقة تتناول عناوين فرعية تتعلق باعتقال فهد -المتهم الرئيسي في القضية-، وبعض من جلسات المحاكم، ومناقشة الاسلوب البوليسي في التحقيق وعدالة المحكمة ونزاهة القضاة، وتنتهي بقرار المحكمة بإصدار قرار الإعدام بفهد وبعض رفاقه والحكم على آخرين بالسجن ومنهم حسين حتى صدور قرار تخفيض حكم الاعدام.
الحلقة الرابعة: 4- قرار محكمة الجنايات: آ- شهادة عادل مصري. ب- قرار الحكم
الحلقة الخامسة: 5- مناقشة قرار الحكم!: آ- ظروف الاعتقال ب- العدالة المزيفة ج- نزاهة القضاة د- تبديل حكم الاعدام
* * *
3- محكمة الجنايات الكبرى
آ-الاتهام والإحالة:
بناءً على إصرار فهد ورفاقه بالتزام الصمت في محكمة الجزاء الأولى كرد على موقف حاكمها عبد العزيز الخياط الغير حيادي والمسبق في أحكامه، كما مرّ في الفقرات السابقة -الحلقة الثانية-، تم تأجيل الدعوى وإحالتها الى محكمة الجزاء الكبرى -محكمة الجنايات الكبرى-. لكن نقل وتغيير الحاكم لا يعني أبداً أن المحاكمة ستكون عادلة، أو أن الحاكم سيكون منصفا ونزيهاً وحراً في اتخاذ قراره. لأن قرار التخلص من فهد ورفاقه من قيادة الحزب قد تقرر مسبقا من قبل السلطة السياسية والمشرفين عليها، وهذا ما سأتناوله في الفقرات التالية والحديث عن دور نوري السعيد في ذلك.
عرضت محكمة الجنايات الكبرى في جلستها الاولى قرار الاتهام والإحالة حسب ما أقرته محكمة الجزاء الأولى وحاكمها عبد العزيز الخياط. وأدناه أهم النقاط الأساسية في قراري الاتهام والإحالة حسب ما نشرته صحيفة "الحوادث" في عددها 1405 الصادر يوم الاثنين 2 حزيران 1947، وشملت الإحالة 37 مناضلا:
[إحالة اعضاء الحزب الشيوعي العراقي الى المحكمة الكبرى
النقاط الاساسية في قراري الاتهام والإحالة
انتهى سعادة السيد عبد العزيز الخياط حاكم جزاء بغداد الاول مساء أول من أمس النظر في قضية السيد يوسف سلمان المعروف باسم فهد وجماعة الحزب الشيوعي العراقي السري وقد وجه سعادته إلى المتهمين وهم يوسف سلمان و ابراهيم ناجي شميل ويعقوب افرايم اسحيق و زكي محمد بسيم و عبد العزيز عبد الهادي و سالم عبيد النعمان و مراد بهرام و عدنان يعقوب و كمال حميد و هنري مرمرجي و يوسف هارون زلخة و محمد حسين ابو العيس و عبد المجيد توفيق و يحيى شريف و علي شكر و احمد عباس و محمود حسن و شميل خضوري ابراهيم و مهدي الازري و عبد الكريم الصفار و حسين محمد الشبيبي و عبد ناجي و ساسون الياهو مانع و جورج تلو و صالح عبد الله و موشي مراد كوهين و رشاد حاتم و عبد الوهاب الرحبي و موريس يعقوب و يعقوب مير بصري (الصحيح مصري وليس بصري/ الكاتب) و وديع شهاب و الن يوسف و حبيبة ساسون و عمومة مير بصري (الصحيح مصري وليس بصري/ الكاتب) و فكتوريا يوسف و سعيدة صبون و روبين خضوري التهمة وفق الفقرة الثالثة من المادة الأولى من ذيل قانون العقوبات البغدادي رقم 51 لسنة 1938 لأنهم شكلوا جمعية شيوعية سرية في العراق باسم الحزب الشيوعي العراقي ومركزها في بغداد يقودها (فهد) غايتها نشر المجلات والمناشير والكراسات المضرة بمصلحة العراق وترويج الشيوعية وتحبيذها. ومن نتائجها احداث القلاقل والفتن والاضطرابات وشل كل مشروع يصدر من الحكومة وتصويره في مجلاتهم السرية الدساسة بأنه عمل خائن. وتضليل الشعب بذلك والكيل لكل حكومة عراقية ولرجالاتها المخلصين ولبقية الموظفين بالسب والشتم والافتراء والبهتان وإحداثهم الفوضى بعمل مظاهرات واجتماعات غير قانونية بين حين وآخر لإحداث ثورة وقلب نظام الحكم وشل حركة الحكومات والتمرد على القوانين متسترين تحت عناوين ظاهرية خلابة كطلبهم الجلاء ومعاونة فلسطين ومكافحة الصهيونية وتوحيد الشعوب العربية ونشر الديمقراطية بينما يظللون بذلك السذج والعمال والتلاميذ، ويعملون بالخفاء بالدس والخيانة للوطن ونشر الشيوعية البلشفية وتشويق الجيش بالانتماء اليهم لإحداث ثورة مسلحة ضد نظام الحكومة لغايات خسيسة دنيئة بأجرة من قبل يد خائنة خفية وكم سببوا طرد تلاميذ ومحو مستقبلهم وكم سببوا توقيف وسجن عمال اخرين فقراء بدعاواهم ودعاياتهم الكاذبة الفارغة المظللة المضرة لمصلحة البلاد وبذلك ارتكبوا جرما يستلزم العقاب المفروض في الفقرة التي أشرنا اليها آنفا من قانون العقوبات البغدادي.
هذا اهم ما جاء في قرار الاتهام.
ثم تلي قرار احالة المتهمين الي المحكمة الكبرى وفيه تفاصيل هذه القضية منذ بدايتها حتى الآن وما وقفت عليه من أمور . ولهذا فان المحكمة تعتقد بأنهم يستندون إلى مورد سري مهم من يد خائنة دساسة تمدهم في الخفاء علاوة على مواردهم الظاهرية كدار الحكمة وبعض متولي التجار . وأن ظهور مجلاتهم الكثيرة العدد بصورة مستمرة وإيجار محلات اجتماعهم السرية لدليل قوى على أنهم مستندون الى موارد اجنبية ولهم صلة بحزب توده الايراني وحزب خالد بكداش المعروف الاجنبي وان عمل المتهمين هذا لم يكن لغايات وطنية بل هو لمنافع خسيسة دنيئة مضرة بصالح الدولة والبلاد، ووجدت المحكمة ان عملهم ينطبق على الفقرة المشار اليها آنفا وتقرر إبقاء النساء الخمس على كفالتهن ومدد توقيف المتهمين الموقوفين الى يوم 14- 6- 1947] (الى هنا انتهى ما نشرته صحيفة "الحوادث" ويجد القارئ صورة له).
وضعت خطاً تحت بعض جمل الإحالة والاتهام وكتبتها باللون الغامق لينتبه لها القارئ الكريم.
ب- بعض من جلسات محكمة الجنايات:
بعد فترة من اعتقال فهد ورفاقه وللضغط عليهم معنويا وجسديا حشروا لأشهر في زنزانات ضيقة لا إنسانية، قدموا عدة مذكرات طالبوا فيها السلطات بتحسين ظروف اعتقالهم لكنها لم تستجب لمطالبهم، لذلك قرر فهد ورفاقه الاضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف الاعتقال القاسية في ابي غريب. وكان كل مطلبهم فتح أبواب الزنزانات الانفرادية داخل البنكلة[13]. وفي اليوم الثامن من الاضراب -22 حزيران 1947- قدموا الى محكمة الجنايات الكبرى، حيث ضعفت صحة وقدرة المضربين على القيام بأي نشاط فيزيائي وبان عليهم الإعياء وتأثيره على قدرتهم في التركيز والدفاع أمام المحكمة.
وعن جلسة هذه المحكمة أنقل أهم ما نشره عام 1955 أحد أعضاء هيئة التحقيق في المحكمة المدعو فاضل العاني في كتابه "محاكمة فهد". وسنرى أن فهد سيكرر بشجاعة وثبات إجاباته ودفاعه الذي ثبته أثناء التحقيق وفي محكمة الجزاء الأولى، وكذلك سار بقية رفاقه على هذا النهج. وأدناه ما جاء في الكتاب:
[نودي على الشهود في هذه القضية وبعد تدوين افاداتهم بحضور المتهمين اخرج المتهمون جميعهم وهنا استدعي المتهم الاول (فهد) فدخل قاعة المحكمة بتثاقل ملحوظ وبدا عليه اعياء شديد وكان يرتدى سترة من القماش الازرق الخفيف. ولما وقف في قفص الاتهام ابتدره رئيس المحكمة قائلا:
س - هل تريد ان تتكلم بشيء ..؟
ج - عن ماذا اتكلم..؟
الرئيس - عن التهمة والدفاع ..
المتهم - اني في اليوم الثامن من الاضراب عن تناول الطعام لاننا نسكن في غرف ضيقة تقفل علينا أبوابها ولا نستطيع النوم فيها وقد قدمنا عريضتين خلال العشرين يوما الماضية وذكرنا فيهما مطلبنا وهو النوم خارج غرفتنا وحرية التنقل داخل المعتقل فلم نحضى بجواب وقدمنا عريضة ثالثة باننا لا نستطيع الصبر على هذه الحالة واننا نفضل الموت جوعا على الموت البطيء وحددنا ثلاثة ايام لاجابة هذا الطلب ...
الرئيس- لماذا اضربتم عن الطعام ..
المتهم- ان الوضع الذي نقاسيه لا يطاق ولا توجد لدينا طريقة اخرى ..
الرئيس– الا تريد ان تعطي افادة ؟
المتهم- اني لمستعد ولكني غير مستطيع ومع ذلك ..
الرئيس - هل انت سكرتير الحزب الشيوعي العراقي السري ...
المتهم- نعم
س- وهل انت المسؤول عن اعمال الحزب ونشراته.. ؟
ج- نعم
س- هل ان هذه الاوراق التي كانت موجودة في البطانية والمرماة في الخزان تعود الى الحزب ..؟
ج - ارغب ان تؤخذ افادة الآخرين من اعضاء الحزب ...
الرئيس- الترتيب المنطقي هو ان تؤخذ افادتك مقدما.. و كرر الرئيس سؤاله ...
المتهم- نعم ان هذه الاوراق جلبتها معي الى دار ابراهيم وقد أعطيت لي من أحد المسؤولين فى احدى منظمات حزينا وهي اوراق متجمعة لديهم منذ مدة طويلة ..
س- هل الشرارة والقاعدة والمناشير الأخرى التي عثر عليها هي من نشريات الحزب ..
ج- ان جريدة الشرارة هى جريدة الحزب لمدة من الزمن ثم أصبحت جريدة القاعدة لسان حال الحزب ..
س- والمنشورات والمطبوعات التي كانت تنشر باسم فهد ...؟
ج- وكذلك ما ينشر بتوقيع فهد والحزب السياسي.
س- من هم الاشخاص الذين يكونون اللجنة المركزية للحزب .. ؟
ج- لا استطيع الكلام ولا أصرح بذلك ..
س- هل تعرفهم ..
ج- اني لا استطيع الكلام ..
س- السجلات التي وجدت فيها اسماء اعضاء الحزب الشيوعي هل هم أنفسهم المنتسبون لهذا الحزب؟
ج- لقد سبق وبينت أمام حاكم الجزاء واني الآن أوضح كذلك بان ما سمي من قبل الشرطة بسجل الحزب الشيوعي ليس هو سجل ولا يحتوي على اسماء حزبنا ولكننا رؤوس الحركة الوطنية نتعرف على الطيبين من مواطنينا ... وعندما جاءت وزارة فخامة السويدي نشطت الحركة الوطنية المتمثلة بالحركة الحزبية و اوصينا اعضاء حزبنا ان يتعرفوا على الاشخاص في محلاتهم ويمدونا بقوائم عن اولئك الاشخاص تفاصيل كافية وقد سجلت اسماء بعضهم في هذا السجل من قبل احدى المنظمات التابعة لحزبنا .. أما انا شخصيا لم اكن قد رأيت هذا السجل الا في المحكمة اما بعض اوراق الترشيح لعضوية الحزب واوراق اخرى مطبوعة وعليها اسم الحزب الشيوعي العراقي فهي تعود كلها للحزب ..
س- هل يوجد للحزب فروع خارج بغداد ..؟
ج- يوجد منظمات محلية في كل الوية العراق تقريبا ..
س- وجد بين اسماء المنتسبين افراد من الجيش وضباطه فما قولكم ...
ج- اني استغرب إذا لم اسأل عن هذا أمام حاكم التحقيق والجزاء فاذا كان هناك اسماء لجنود بين الاوراق فاني أؤكد انهم ليسوا أعضاء في الحزب الشيوعي العراقي وقد بينت اننا كنا قد اوصينا بعض رفاقنا بالتعرف على المواطنين الطيبين فلعلهم سجلوا بعض اسماء من الجنود ولكن هذا لا يعني ان جميع المسجلين يمكن ان يستفاد منهم لحزبنا او للحركة الوطنية..
س - ان قبول من يتقدم بالطلب الى عضوية الانتساب الى الحزب الشيوعي العراقي لا يصدر الا من قبلك وبعد اطلاعك عليه أي على الترشيح ..؟
ج- هذا صحيح ولكن لا يعني اني أعرف هؤلاء الاشخاص الذين يقبلهم حزبنا ولكن اعتمد على المنظمات التي تقدم طالب العضوية وتعطي تقريرا عن سلوكه السياسي والاخلاقي ...
س- بأي مطبعة كنت تطبع القاعدة والشرارة ... ؟
* *
موقع لصورة من صحيفة الحوادث ، وصورة لغلاف كتاب فاضل العاني
قرار الإحالة والاتهام كما نشرته صحيفة "الحوادث" صورة مستنسخة أمامية لغلاف كتاب فاضل العاني
في عددها 1405 الصادر يوم الاثنين 2 حزيران 1947

ج- كنا نطبع اولا بطريقة الرونيو، وفى عام 1942 اشترينا مطبعة وحروفا وصرنا نطبع بواسطتها جريدة القاعدة وجميع منشوراتنا.
س- هل الافادات المدونة من قبل حاكم التحقيق والأخرى المدونة في محكمة الجزاء هي افادتك و هل لك قول حولها ..؟
ج- انها في الاساس صحيحة وقد تكون فيها بعض العبارات التي ليس لها مساس في صدق الدعوى اعطيتها أمام حاكم التحقيق وقد كنت متعبا وفى ساعة متأخرة من الليل.
س- هل تريد قراءة الافادات ..؟
ج- لا حاجة الى ذلك لقد جاء اتهام الادعاء العام وقرار الاحالة بتهم لا تنطبق على الحقيقة، والقصد منها بالدرجة الاولى تشويه سمعة حزبنا الشيوعي أمام الشعب العراقي، كأن اتهمونا بأننا ضد نظام الملكية ونسعى لقلب نظام الحكم ونشر الفوضى في البلد واتهمونا أيضاً بأننا نتصل بأحزاب في الخارج ونتلقى التوجيه رسميا عن هذه الامور، ولم يبرز أمامي أي دليل مادي على هذا ولتبيان الحقيقة أقول ان حزبنا يعمل ضمن منهاج معين وهو الميثاق الوطني وليس في هذا الميثاق ما يرمي إلى تبديل نظام الحكم وإنما هو موجه بالدرجة الاولى ضد الاستعمار .. وإننا نعمل لتثبيت النظام الديمقراطي كما ان حزبنا مستقل عن أي حزب في الخارج بسياسته وبتمويله وتنظيمه كما اننا لا نقبل لعضوية حزبنا أي فرد يشتغل بسفارة أجنبية][14]. لتنبيه القارئ الكريم ثبت بعض جمل دفاع فهد باللون الغامق ووضعت تحتها خط، ليطلع القارئ على كيفية صياغة وتوجيه الاتهامات وكأنها موثقة بدليل قطعي.
وفاضل العاني في كتابه هذا لا ينقل لنا جو المحكمة ولا ظروفها ولا يتطرق لصحة المعتقلين بسبب الاضراب عن الطعام لثمانية ايام، ولم يعطينا صورة عن جو المحكمة، ودور المحامين، ولا لشهادات الإثبات. هذا هو موقفه وقناعته فهو جزء من محكمة تشكلت كان الهدف منها التخلص من قيادة الحزب الشيوعي وتنفيذ حكم الاعدام بهم. فهو يتلافى تسجيل بعض المواقف الشجاعة والجريئة لسكرتير الحزب "فهد" وإيثاره في محاولاته لتبرئة رفاقه وتحمل المسؤولية كاملة، كما أنه يتجنب أن يرسم لنا صورة جو المحاكمة من اسئلة الحاكم وإجابات المتهمين وصمت رئيس المحكمة عن مناقشة دفاع المتهمين أو ماذا كان دور محامي الدفاع. لذلك فهو لا ينشد الى نشر الحقيقة كما عاشها، لأن نشرها يفضح أكذوبة عدالة القضاء الملكي.
لذلك سأدون بعض ما ذكره سالم عبيد النعمان وكان أحد رفاق فهد في القضية، فكتب:
[بدأت المحاكمة باستجواب الرفيق فهد. كانت الاسئلة الموجهة الى فهد قد اعدت بدقة وصيغت بعناية وبهدف واضح تركز حول مالية الحزب ومن أين يتم الحصول عليها، وما إذا كانت للحزب الشيوعي علاقة بدولة اجنبية تموله وعن علاقة تنظيمات الحزب بالجيش وجنوده وضباطه الخ وغير ذلك من الاسئلة المتعلقة بالاتهام.
ابتداء اراد فهد بشهامته وخلقه العالي وإيثاره ان يدفع عن ابراهيم ناجي تهمة ان داره مقر للرفيق فهد، فقد سأل الشاهد وهو الذي تحرى الدار (هل شاهدتني بملابسي هذه عندما تحریتم دار ابراهيم ناجي؟)، أجاب الشاهد (نعم شاهدناك بملابسك هذه عند تحري الدار سترة وبنطلون)، قال فهد للشاهد (يعني لم اكن لابساً لا دشداشة ولا بجامة؟)، فأيده الشاهد دون ان يعرف الشاهد مغزى السؤال. التفت فهد الى رئيس المحكمة وقال له ارجو تدوين ما أدلى به الشاهد جواباً عن سؤالي، فاني حضرت ذلك اليوم لتناول الغداء ضيفاً وبدعوة من زكي بسيم واني لست مقيماً في هذه الدار، ولم أكن سوى ضيف حضر لتناول طعام الغداء. ونفى فهد وجود اية علاقة لحزبه مع اية جهة وأشار الى النظام الداخلي للحزب من انه يمنع على اي عضو او مسؤول حزبي تكوين اية علاقة مع اية جهة اجنبية كما يمنع قبول اي شخص له علاقة بدوائر الامن والشرطة او اية سفارة اجنبية مهما كانت صفة هذه السفارة او اية دولة تمثلها. وأجاب فهد في معرض سؤاله عن مالية الحزب بان مصدر تمويل الحزب هو تبرعات اعضائه وأصدقائهم ومن بيع جريدة "القاعدة" والنشريات الحزبية الاخرى وقال جواباً عن سؤال آخر أن حزبنا مستقل في سياسته الوطنية ولا علاقة له بأية دولة او اي تنظيم سياسي واتحدى دوائر الامن او غيرها ان تقدم دليلاً يسند مزاعمها.
وعندما سأله رئيس المحكمة بأنكم تستهدفون الغاء الدستور وإسقاط الحكم بثورة مسلحة، قال فهد ان منهاج الحزب ونشاطه العملي ينفيان هذا الاتهام واني اجبت عن سؤالكم هذا بالتفصيل امام محكمة الجزاء واكرر بأننا ندعو الى تطبيق الدستور العراقي وتحقيق الحريات الديمقراطية التي نص عليها الدستور وتحقيق الاستقلال والسيادة الوطنية ولم نكن ضد النظام الملكي. ان نضالنا سلمي وليست المطالبة بالحريات الديمقراطية والسماح بإجازة الاحزاب السياسية والتنظيمات المهنية وإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة والمطالبة بخبز الشعب وتأمين المعيشة الكريمة لأبنائه ومكافحة البطالة وغيرها، بأنها دعوة الى ثورة مسلحة.
ركزت المحكمة في تحقيقها القضائي على السجل المبرز حيث وجد في أحد الاوراق غير المربوطة به اسماء عدد من الجنود مرسلة من تنظيم لواء ديالى الى حزب التحرر الوطني بتوقيع هيئة تنظيم اللواء وهم عبد الوهاب الرحبي ورشاد حاتم وموشي كوهين. اجاب فهد عن سؤال يتعلق بالورقة هذه فقال (ان السجل المبرز كما هو واضح مما دون فيه انه ليس سجل الحزب الشيوعي، اننا نحرص على وحدة الحركة الوطنية ويعنينا معرفة نشطائها والتعرف عليهم وربما سجلت اسماء من هؤلاء الوطنيين ولكن ليسوا ابداً اعضاء في الحزب الشيوعي).
ولاحظنا من سير المحاكمة ان رئيس المحكمة كان هادئاً اذا قورن بعبد العزيز الخياط ولاحظنا ايضاً انه لم يبذل أي اهتمام للتحري عن الدليل فكأن الحكم والعقوبة قد اعدتا سلفا.
استمعت المحكمة بعد ان انتهت من استجواب فهد الى اقوال بقية من تناولتهم لائحة الاتهام، كانت تسجل اقوال من تستجوبهم دون ان تناقش احداً ثم انهت المحاكمة وقررت تأجيلها الى موعد غير محدد لإصدار الحكم، متى سيصدر هذا الحكم، هذا في ذهن المحكمة ومن سيقرر الحكم النهائي ؟!][15].

محمد علي الشبيبي
السويد/ 22 آب 2025

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[13]- سالم عبيد النعمان (الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد) صفحة 241.
[14]- فاضل العاني. (محاكمة فهد. زعيم الحركة الشيوعية السرية في العراق) صفحة 39-43.
[15]- سالم عبيد النعمان (الحزب الشيوعي العراقي بقيادة فهد) صفحة 242-243.

#محمد_علي_الشبيبي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل