شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 00:23
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 919 ، 18 أوت 2025
www.revcom.us
هذا الشارع الزاخر بالمهجّرين من بيت حانون و من قطاع غزّة بأكمله سقط عليه صاروخ ... [ قاتلا ] نساء و أطفالا يبيعون الماء . كمات يمكنكم مشاهدة ذلك ، هناك دم ، و هناك شضايا . نحن أناس أبرياء نجلس في منازلنا و لا نعلم متى ستنتهى هذه الحرب و تنتهى هذه الإبادة الجماعيّة التي يقترفها جيش الاحتلال الإسرائيلي . كفاية أيّتها الشعوب ، كفاية أيّها العالم . إستيقظوا ... – أسامة مرتجى ، مقيم بمدينة غزّة . (1)
في هذا الأسبوع الفارط ، الأسبوع الأخير ، إنطلقت بمدينة غزّة مرحلة جديدة من الحملة الإباديّة الجماعيّة ضد الشعب الفلسطيني بغزة .
لقد وُجدت مدينة غزّة لمعظم التاريخ المسجّل . لقد تأسّست حوالي 3000 سنة قبل الميلاد على طريق مفتاح في التجارة . و الآن غزّة أكبر مدينة وهي موطن زهاء المليون أو أكثر من 2.2 مليون من سكّان غزّة .
و الآن إسرائيل تهدّد بتدميرها بداية بحيّ الزيتون ، أكبر حيّ من مدينة غزّة القديمة و الصبراء .
مدينة قديمة ، أحياؤها التاريخيّة الآن تحت القنابل الإسرائيليّة :
في الأسبوع الفارط ، عقب زعمها أنّها ستخلى المدنيّين قبل الشروع في القتال ، شنّت إسرائيل فورا هجماتها الشديدة بالقنابل من الجوّ و الأرض ، باثّة الرعب في صفوف سكّان بعدُ جياع .
بين 11 و 15 أوت ، مجموعات سكنيّة بأكملها و ما لا يقلّ عن 300 مسكن جرى تحطيمهم . و لأكثر من 300 إنسان تمّ قتلهم . و أطلقت إسرائيل النار على عمّال إنقاذ و سيّارات إسعاف ، مانعة إيّاهم من بلوغ آلاف الناس المحاصرين في ديارهم أو تحت الأنقاض في حيّ الزيتون السكنيّ . والجيش الإسرائيلي ومعظم وسائل الإعلام الإسرائيليّة أطلقت الأكاذيب، ناعتة هؤلاء بأنّهم " أهداف إرهابيّة " و " جماعات إرهابيّة ".
قال رجل : " أطلقت المدافع قذائفا على المنازل ، و أُصيبت عديد المساكن و نفّذت الخطط ما نسمّيه أحزمة ناريّة حيث سقطت عدّة صواريخ على بعض الطرقات شرق غزّة ". و قال آخر : " كان ذلك تفكيكا تاما للحياة المدنيّة لضمان أن لا يُسمح للناس أبدا بالعودة إلى هذه المنطقة ".
و الأسوا قادم !
هذا ليس سوى بداية للفظائع الإسرائيليّة .
معظم غزّة قد وقع بعدُ تحطيمها و لم تترك عدا " ممرّات ضيّقة بين أكوام الأنقاض و بقايا جدران المباني " مع فقط " هياكل عظميّة لمباني عالية الموقع ظلّت قائمة " ، تقارير جريدة " هآراتز " . و أكثر من ذلك :
" في مناطق ليست كلّها دمار ، صارت مساحات مفتوحة مراكز بديلة للحياة مؤقّتا . الحدائق و ساحات الرياضة و ساحات المدارس و المعاهد و البساتين مملوءة الآن بصفوف لا تنتهى من الخيم ينزل فيها المهجّرون الفلسطينيّون . في مواجهة تهديد إحتلال المدينة ، يُتركون في حيرة من أمرهم بشأن إلى أيّ مكان آخر يمكن لهم اللجوء .
سيُصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء ، لكن " عديد الناس يتوقّع أن يظلّوا في المدينة و سيبحثون عن ملجأ داخل المباني، رغم الخطر على حياتهم . معظم المقيمين أرهقهم الترحيل لمرّات سابقا ، و صار من العسير بصفة متنامية إيجاد مكان لنصب خيمة ".
و ما هي الحلول الإسرائيليّة ؟
المزيد من القصف بالقنابل و حواجز مدفعيّة ما سيتسبّب في مذابح للكثير من الناس و ترهيب الناس ليغادروا المدينة . و التجويع القسري الجاري ممزوجا مع الإغتيال المستهدف للصحفيّين لمنع بلوغ حقيقة هذه الإبادة الجماعيّة العالم . خلال ال22 شهرا الماضين إسرائيل قتلت بعدُ 238 صحفيّا . و تواصل تهديد الذين لا زالوا يعيشون ، بمن فيهم صالح الجعفراوي الذى أضحى الآن تحت التهديد بالطريقة نفسها التي كان عليها صحفيّ قناة الجزيرة أنس الشريف قبل أن تغتاله إسرائيل . (2)
طوّقوا المدينة ، أخلوها من السكّان ، دمّروها :
خطّة إسرائيل هي تطويق مدينة غزّة و إخلائها من السكّان ثمّ تدميرها .
هذا جزء من مخطّط أكبر صادق عليه كابينت الأمن الإسرائيلي لشنّ هجوم عسكريّ كبير جديد للإستيلاء على غزّة برمّتها، بداية من مدينة غزّة في الشمال ، ثمّ وسط غزّة ثمّ أيّ شيء باقي . سيُجبر السكّان الفلسطينيّون على الذهاب إلى الجنوب و يحاصروا في ظروف معسكرات إعتقال في 14 إلى 20 بالمائة من غزّة ليس بعدُ تحت السيطرة العسكريّة أو أوامر الإخلاء .
و إثر ذلك ، الخطط العسكريّة الإسرائيليّة التي وردت تقارير بشأنها لتسيطر على كلّ غزّة في غضون بضعة أشهر . و إسرائيل لا تزال بعدُ تسعى إلى الضغط على بما في ذلك جنوب السودان الذى مزّقته الحرب و الفقير بعمق ليستقبل الفلسطينيّين و الفلسطينيّات المهجّرين بعنف من وطنهم التاريخيّ .
جرائم إسرائيل أكثر سفورا – و دعم نظام ترامب لا يتزعزع :
خطّة إسرائيل ليست أقّل من قفزة كبرى بإتّجاه التفكيك الكامل و التام لغزّة و الإبادة الجماعيّة للشعب الفلسطيني . و نظام ترامب الفاشيّ يساندها على كافة الجبهات – عسكريّا و سياسيّا و إيديولوجيّا و غير ذلك كثير .(3)
و فقط في الأسبوع الماضي :
- صرّح ترامب لأخبار أكسيوس أنّه كان قد أجرى " مكالمة هاتفيّة جيّدة " مع نتنياهو في 10 أوت حول " خطط إسرائيل للسيطرة على بقايا معاقل حماس في غزّة لأجل إنهاء الحرب عبر إطلاق سراح الأسرى و إلحاق الهزيمة بحماس ". و هنا يكرّر ترامب الكذبة الإسرائيليّة الكبرى أنّهم يقاتلون حماس لا غير بدلا من إستهداف مجمل السكّان الفلسطينيّين و تحطيم مجتمعهم ، بينما قدّم موافقة كبيرة لتصعيد إسرائيل إبادتها الجماعيّة .
يقول صحفيّ من غزّة إنّ إغتيال طاقم الجزيرة هو الخسارة " الصادمة أكثر " في ال22 شهرا :
- لمّا سُئل عن إغتيال إسرائيل لخمسة من صحفيّي الجزرة قبل أسبوع من الآن ، الناطق الرسميّ باسم قسم الدولة تامي بروس إستبعدت أوّلا ذلك على أنّ÷ شيء يحدث في الحروب . ثمّ ك{ّرت الأكاذيب الإسرائيليّة المحضة و المكشوفة لتبرير المجزرة : لقد قدّمت إسرائيل أدلّة على أنّ الشريف كان منتميا لحماس و كان مناصرا لهجوم حماس في 7 أكتوبر . إنّهم يمتلكون أدلّة . "
- لقد وقعت إعادة صياغة التقرير السنوي لقسم الدولة راديكاليّا بخصوص حقوق الإنسان في العالم ليعكس برنامج فاشيّة ترامب / الماغا . و على الدوام كان هذا التقرير غطاء لمهاجمة الأنظمة التي كانت الولايات المتّحدة لا تدعمها لكنّها كانت تزعم بعض النقد لبعض تجاوزات " حقوق الإنسان " عامة . و قد شملت التغييرات إقتطاع 80 بالمائة و التغطية على تقريبا كلّ النقد لإسرائيل ، و لم يُحل قط على الكارثة الإنسانيّة التي تسبّبت فيها محاصرة إسرائيل لغزّة . (4)
- كان سفير الولايات المتّحدة إلى إسرائيل و المسيحي الفاشيّ مايك هوكابي صريحا في دعمه للأصوليّين اليهود الفاشيّين بما في ذلك بنكران وجود شعب فلسطيني و بدعم إلحاق إسرائيل للضفّة الغربيّة . و في المدّة الأخيرة ، هاجم الوزير الأوّل البريطانيّ ستارمار لنقده الهجوم الإسرائيلي الجديد . و دافع هاكابي عن المذابح الإسرائيليّة بغزّة و قارنها – إيجابيّا –بالقصف الناري سنة 1945 لدراستن بألمانيا ، من طرف الولايات المتّحدة و بريطانيا أثناء الحرب العالميّة الثانية . و هذا القصف الشهير حرق و هم أحياء عشرات آلاف المدنيّين الألمان .
النكبة قبلا. و نكبة أكثر دمويّة حتّى اليوم :
لقد تأسّست إسرائيل على الدم الفلسطيني . حوالي 15 ألف فلسطيني قُتلوا ، و 750 ألف ه<ّروا من ديارهم و 530 قرية و مدينة فلسطينيّة تمّ تحطيمها في 1947 -1949 لأجل تركيز دولة إسرائيل الصهيونيّة .
و أطلق الفلسطينيّون على ذلك " النكبة " أو الكارثة ، و هي كذلك عن حقّ .
طوال ال22 شهرا الماضين ، نفّذت إسرائيل نكبة أكثر دمويّة حتّى في غزّة . بعدُ قد قتلت أكثر بأربعة مرّات : ما لا يقلّ عن 61،827 قُتلوا و 155، 275 إنسان جُرحوا ، و عدّة آلاف لم يقع إحصاؤهم بعدُ و هم تحت الأنقاض . (5)
لقد جوّعت 2.2 مليون من الغزّيين و قصفت و جرّفت جوبات واسعة من الأراضي ، و دمّرت البنية التحتيّة لغزّة و سيطرت على ما لا يقلّ عن ثلاثة أرباع القطاع . و يُمثّل الهجوم الإسرائيلي طوال ال22 شهرا على غزّة ، و هجومها الجديد منعرجا مريعا ، قفزة كبرى في التطهير العرقي للشعب الفلسطيني – بدعم كامل من الولايات المتّحدة و موافقتها .
و ما نشاهده الآن قفزة أخرى حتّى و تهديد بنهاية في منتهى القتل للإبادة الجماعيّة التامة التي تقترفها إسرائيل بدعم من الولايات المتّحدة . لا يجب القبول بذلك .
لنوقف الإبادة الجماعيّة للولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
كما كتبنا في الأسبوع الفارط : هذه ليست مجرّد إبادة جماعيّة إسرائيليّة – و لم تكن كذلك أبدا . إنّها إبادة جماعيّة تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيل . الولايات المتّحدة وفّرت كلّ الخطط و معظم القنابل و الصواريخ و الأسلحة و أكثر من ذلك، و كذلك الدعم السياسي و الدبلوماسي ، الذين دونهم لم تكن إسرائيل لتقدر على تنفيذ مذابحها و تجويعها المريعين !
و الولايات المتّحدة مسؤولة بدرجة لامتساوية عن الإبادة الجماعيّة في غزّة – لذا نحن في هذه البلاد نتحمّل مسؤوليّة لامتناسبة في التعبئة و الإحتجاج و الصراخ مطالبين بوضع نهاية للإبادة الجماعيّة !
ترامب يسمح بهذه الإبادة الجماعيّة و يغذّيها . و قد أعطى ضوءا أخضر و دعما جليّا لسحق غزّة برمّتها . نظام ترامب / الماغا الفاشيّ يقمع بخبث المحتجّين الذين أطلقوا حناجرهم ضد الإبادة الجماعيّة – وهو بسرعة يتحرّك لسحق كلّ المعارضة و الإحتجاج .
لذا كافة الذين إنخرطوا بصفة شرعيّة و عادلة و إحتجّوا على العملّيات الإسرائيليّة عليهم كذلك مسؤوليّة إستعجاليّة و لامتساوية ليصبحوا جزءا من المعركة الإستعجاليّة و الوجوديّة للإطاحة بنظام ترامب الفاشيّ من السلطة عبر الإحتجاج الجماهيري غير العنيف و المستمرّ . بداية من الأمس .
إرفعوا الحصار عن غزّة !
أوقفوا الإبادة الجماعيّة للولايات المتّحدة – إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني !
باسم الإنسانيّة ، نرفض القبول بأمريكا فاشيّة !
يجب على نظام ترامب الفاشيّ الرحيل – الآن !
هوامش المقال :
1- Israeli Forces Kill 123 Palestinians in a Day Amid Campaign to Seize Gaza City, Democracy Now!, August 13, 2025.
2- See, Israel Murders Prominent Al Jazeera Journalist Anas Al-Sharif and Four Colleagues—Victims of Its Systemic Campaign Against Media Workers, revcom.us, August 11, 2025 Israeli Military Assassinates Five Al Jazeera Journalists in Gaza, Democracy Now!, August 11, 2025. The Israeli magazine 972mag.com recently exposed the existence of a special Israeli unit whose mission is smearing Palestinian journalists in Gaza by linking them with Hamas. See, ‘Legitimization Cell’: Israeli unit tasked with linking Gaza journalists to Hamas, August 14, 2025.
3-Israel’s New Offensive—A Leap to Seize, Decimate All Gaza - Fascist Trump All-in on Netan-Nazi’s Genocide, revcom.us, August 11, 2025.
4- State Department Scrubs Reporting on Human Rights Abuses Committed by Trump’s Allies, Democracy Now!, August 13, 2025.
5- لقعد مقارنة ، خسرت إسرائيل 1139 قتيلا في الهجوم الذى قادته حماس في 7 أكتوبر 2023 ، ( إلى جانب زهاء 250 أخذوا كأسرى ) . عدد وفايات الجيش الإسرائيلي في غزّة تقدّر ب 459 . و هذا العدد الأخير أقلّ بكثير من واحد بالمائة من عدد الفلسطينيّين الذين تمّ ذبحهم بغزّة .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟