شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 00:22
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
آتاش / الشعلة ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسيّ – اللينينيّ – الماويّ )
جريدة " الثورة " عدد 914 ، 14 جويلية 2025
www.revcom.us
:revcom.us ملاحظة ناشر موقع أنترنت
هذا مقال مقتطف من آتاش / الشعلة ، مجلّة الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) ، موقع أنترنت https://www.cpimlm.org ؛ و قد ترجمه من الفارسيّة إلى الأنجليزيّة متطوّعون من موقع جريدة " الثورة " . و الكلمات
و الجمل بين معقّفين أضيفت لمزيد التوضيح . و قد نُشر هذا المقال في شهر جوان 2025 ، يوم الغارة الإسرائيليّة على إيران حينما لم يكن بعدُ معروفا مدى الدمار ؛ و قد ضمّن المترجمون روابطا لمقالات معلوماتها أحدث في الهوامش .
------------------------------------
بينما كانت كلّ العيون مركّزة على الحرب ، أخذ جهاز النظام القمعي بسرعة في تعزيز قوّته بتحويل الدولة بشكل تام إلى دولة بوليس / شرطة . و كان لعدوان الولايات المتّحدة / إسرائيل العسكري ضد إيران تأثيرا أوجد جوّا سمح لجمهوريّة إيران الإسلاميّة بأن تستغلّ جوّ القمع لتتّخذ إجراءات أمنيّة شاملة خانقة بمستوى أعلى و لمحاولة خنق أيّ صوت للإحتجاج في المهد . و حالة الحرب هذه ليست ردّا دفاعيّا و إنّما هي بالأحرى إستراتيجيا نشطة للنظام الذى لا يملك شرعيّة للبقاء على قيد الحياة وسط أزمة بالتحكّم في المجتمع و السعي إلى منع إنبعاث جديد للإحتجاجات .
في هذا الإطار ، بالضبط ساعات بعد إعلان إيقاف إطلاق النار [ في 24 جوان ] ، ظهرت أخبار بإرتفاع جنوني في الإعتقالات . و طبقا لبعض التقارير الإخباريّة ، أكثر من مائة إنسان جرى إعتقالهم في يوم واحد في [ محافظة ] كرمنشاه وحدها . و كانت عمليّات البحث بتعلّة " العثور على مسيّرات و تجهيزات تجسّس " فرصة لبثّ الرعب في صفوف الجماهير و القيام بإعتقال عدد كبير من الناس . فعدد المعتقلين منذ بداية الحرب قد بلغ أكثر من ألف و تواصلت الإعدامات بلا توقّف حتّى إبّان الحرب . و في ال11 يوما الأولى من الحرب فحسب ، تمّ إعدام ثلاثة أشخاص بتهم التجسّس لمصلحة إسرائيل . و الناطق الرسمي باسم القضاء أصغر جهنغيري أصدر موقفا صريحا خلال صلاة الجمعة في طهران في 20 جوان : " يطالب شعبنا بعقاب المخرّبين ! " و هذا ضوء أخضر لمزيد توسيع الإعدامات . و قال أيضا في حوار صحفي تلفزي يوم الثلاثاء 24 جوان ، إنّ إجتماعا للسلطات القضائيّة العليا قرّر إتّخاذ " الإجراءات الضروريّة " لإرساء فروع خاصة في مكاتب المدّعين و المحاكم عبر البلاد كي تتمكّن هذه المحاكم من النظر في الحالات القانونيّة ضد " الأعداد " المتسرّبين . و رئيس السلطة القضائيّة محسنى أجيي أكّد على أنّ الحالات ستعالج " بسرعة و حسم " و تأخذ بعين الإعتبار " ظروف حالة الحرب " و بُعيد ذلك ، يوم الأربعاء 25 جوان ، جرى تنفيذ الإعدام في ثلاث عابرين للحدود في [ مدينة ] أورميا بتهم التجسّس .
و أعلن الناطق الرسمي باسم السلطة القضائيّة أنّ قانونا عُرض على البرلمان قد يعدّل قانون " التجسّس " ليوسّع مدى القانون ليشمل أيّ حركة . و بعد ذلك ، في 2 جويلية ، كتبت وكالة أنباء تسنيم [ التابعة لنظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة ]: " صادق المجلس الإستشاري الإسلامي على خطّة لخطوتين للترفيع في عقوبة الجواسيس و المتواطئين " مع النظام الصهيوني و الدول العدوّة ، لأجل " ردم الفراغ القانوني الموجود ". و هذه أداة جديدة للتعاطى مع كلّ محتجّ – من الناس العاديّين إلى الصحفيّين و المصوّرين ، و ما إلى ذلك – بغعتبارهم " جواسيس " .
و هذه القوانين وسيلة لتقنين قتل المعارضين السياسيّين و الإجتماعيّين . و في مثل هذه الظروف ، حتّى منشور إحتجاج على الأنترنت يمكن أن يُصبح ذريعة للتصفية الجسديّة لأشخاص . و الصنصرة الصارمة و القطع المستمرّ للأنترنت ، و منع الأخبار و تدفّق الإتّصالات جزء كذلك من هذا المشروع الذى سيقطع الإتّصالات ضمن المحتجّين ، و يعزل الأشخاص و يمزّق روابط النضال .
و من اليسير رؤية أنّ هذا النظام ، خشية التفجّر الاجتماعي ، بصدد الإلغاء المنهجي لمعارضيه . و قد شدّدت جمهوريّة إيران الإسلاميّة هجومها على الشعب باسم القضاء على " المتسرّبين " رغم واقع أنّه لعقود ، كان الجواسيس الإسرائيليّون يتنصّتون على مراكز قيادة جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، و كان أعضاء الموساد [ المخابرات الإسرائيليّة ] قد تسرّبوا إلى أكثر أجهزة النظام العسكريّة و أجهزة الأمن حساسيّة .
و القمع ليس في الشوارع و حسب . الهجمات على منازل أُسر الذين قُتلوا أثناء تمرّد سنة 2022 [ المرأة ، الحياة ، الحرّية]، و التحذيرات الموجّهة إلى الصحفيّين بعدم نشر الأخبار الفعليّة و تجاهل التقارير جميعها إشارات إلى أنّ الحكومة تعلم أنّها ستنهار إن لم تكذب . يقول الصحفيّون التقدّميّون اليوم ، من وجهة نظر جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، الخطر الذى تمثّله التقارير الواقعيّة ليس أقلّ من خطر القنابل .
و هذه التصرّفات توضّح أ،ّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة تشيّد دولة بوليس / شرطة زمن الحرب .
و هذا النموذج ليس غير مسبوق بالنسبة إلى جمهوريّة إيران الإسلاميّة . كان أوج جرائم جمهوريّة إيران الإسلاميّة أثناء ثمانينات القرن العشرين ، ما يتزامن مع حربها مع العراق ،حينها أعدمت آلاف النشطاء السياسيّين و سجناء الرأي . كلّ صوت معارض جرى كتمه بتهديد بالتشويه على أنّه " يتواطؤ مع العدوّ " أثناء الحرب . و اليوم ، السيناريو نفسه يتكرّر بكلمات مُحيّنة ( " متسرّبين " " جواسيس " ) . القمع ليس فقط ردّ فعل إزاء تهديد خارجيّ ، لكن أيضا آليّة مبنيّة في بقاء النظام على قيد الحياة . طوال وجودها ، سلاحها الأساسي كان سعيها للقمع و إصطناع الأكاذيب . و لئن جرت مواجهة القمع بمجرّد الصمت ، فإ،ّ آلة القمع يمكن أن تصعّد إلى إبادة جماعيّة .
لكن تجاه هذا القمع الوحشيّ ، تنمو ظاهرة التضحية بالنفس – التضامن الشعبيّ العفويّ للناس الذين يأوون بعضهم البعض، و يقدّمون العناية و العلاج الطبّيين و يساندون المظلومين و يشكّلون فرقا من مختلف الأعمار لتقديم المساعدة للناس إلخ . و هذه ليست مجرّد أعمال إنسانيّة . هذا حجر زاوية علاقات جديدة ملهمة لمجتمع مستقبلي . هذا التضامن العفويّ يمكن أن يُصبح أوسع نطاقا و أكثر تنظيما و يبلغ مستويات أعلى ، بكلّ من معنى الوعي السياسي و كيفيّة مواجهة جهاز النظام القمعيّ . و بالتالي ، تنظيم مختلف فئات الشعب و ربط نضالاتها المتفرّقة بات أكثر أهمّية حيويّة اليوم من أيّ وقت مضى و ينطوى على إمكانيّة التغيير الجدّي لميزان القوى لفائدة الشعب و توفير أسس صلبة للمعارك المستقبليّة ضد نظام جمهوريّة إيران الإسلاميّة أو أيّ نظام مماثل له .
في هكذا ظرف ، النشطاء السياسيّون و الإجتماعيّون ، خاصة الطلبة ، يتحمّلون مسؤوليّة تاريخيّة – مهمّة تنظيم القوى الشعبيّة المتناثرة ، وتحويل التعاطف إلى شبكة عمل ، و تحويل الخوف إلى شجاعة جماعيّة . بوسعهم أن يكونوا جسر علاقة بين الفئات المتناثرة : صلة ربط بين الطلبة و العمّال ، و بين النساء و نشطاء وسائل الإعلام ، و بين أسر المساجين و الجماهير الشعبيّة ككلّ ؛ و بوسعهم أن يشكّلوا خلايا لحماية حياة المساجين ، و تحييد آلة التخويف ، و رفع الوعي بكلّ مظاهر إجرام جمهوريّة إيران الإسلاميّة و الإضطهاد الإمبريالي ، و الأفق المستقبلي دونهما .
و من المهام الملحّة اليوم القتال و التنظّم من أجل إطلاق سراح المساجين ، لا سيما المساجين السياسيّين . فالهجوم على سجن أفين من طرف الحكومة الإسرائيليّة الفاشيّة في 23 جوان 2025 ( 1) لم يكن مجرّد هجوم أجنبيّ . كان نداء للإستيقاظ من أجل حياة المساجين السياسيّين و عامل في تشديد جمهوريّة إيران الإسلاميّة للقمع . و قد وقع تحذير النظام عدّة مرّات قبل هذا بأن لا يحوّل المساجين إلى أسرى حرب و بإطلاق سراحهم فورا . و مع ذلك ، تجاهلت جمهوريّة إيران الإسلاميّة هذه التحذيرات و أبقت المساجين في قلب مناطق حسّاسة ، في حين أنّ إسرائيل وهي تعلم جيّدا الأمر ، قصفت بالقنابل سجن أفين . و العدد الدقيق للقتلى في هذا الهجوم لا يزال غير معلوم . (2)
بتدمير سجن أفين ، فعلت إسرائيل ما كانت تخطّط له جمهوريّة إيران الإسلاميّة منذ سنوات ؛ إخلاء أفين و تفرقة المساجين. و هذا العمل يبيّن أنّه ما من إختلاف ملموس بين النظامين الفاشيّين . و عقب هذا الهجوم و تدمير أفين ، نشر وزير الخارجيّة الإسرائيلي بلا خجل : " عاشت الحرّية ! " و بيّن هذا أيضا أنّ " حرّية " إسرائيل لا تختلف عن " حرّية " جمهوريّة إيران الإسلاميّة .
و كان ردّ جمهوريّة إيران الإسلاميّة على هذا الهجوم نقل الرجال المساجين في الساحة 4 إلى سجن طهران الأكبر و السجينات إلى سجن كرشاك . و جاء في تقرير أنّ سجن أفين وقع إخلاؤه . و عمليّات النقل هذه ليست مجرّد إعادة توزيع - هي محاولة متعمّدة لكسر التضامن داخل السجن ضد جمهوريّة إيران الإسلاميّة ، لتشتيت الأُسر ـ ، و يمكن حتّى أن تعبّد الطريق لقمع سرّي أو الإعدام الجسدي لبعض المساجين . و ردّا على ذلك ، تجمّعت بجسارة أُسر المساجين أمام سجن أفين. و شرارة التضامن هذه يجب أن تقابل بتمرّد شعبي عبر البلاد . فالمساجين السياسيّين أبناء و بنات الشعب – و إطلاق سراحهم مهمّتنا جميعا . و يتعيّن أن يتردّ> صدى شعار " يجب إطلاق سراح المساجين السياسيّين " في الشوارع و الجامعات و الأحياء و أمام السجون . و الآن ، إنقاذ المساجين السياسيّين ليس مسؤوليّة تحريريّة فحسب ، بل يمكن أن تكون أيضا صفعة و قاتلة للعامود الفقري لقمع جمهوريّة إيران الإسلاميّة . لئن نهض الناس ، من الممكن أن تتحوّل هذه الأيّام إلى منعرج في بناء تضامن ثوريّ للإطاحة بجمهوريّة إيران الإسلاميّة .
الهوامش :
1. “A War Crimes Report: Why Iran’s Political Prisoners Must Be Freed Now! Evin Prisoners Bombed, Brutalized, and Relocated to Hell,” revcom.us, July 7, 2025.
2. “Israel’s Deadly Assault on Iran Prison Incites Fury, Even Among Dissidents,” New York Times, July 6, 2025
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟