أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة السوريين














المزيد.....

من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة السوريين


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 09:20
المحور: حقوق الانسان
    


من يقرر من يمثل أمام العدالة ومن يفلت منها؟ وهل يمكن بناء دولة قانون بينما يبقى بعض الجناة محميين بالانتماء أو الولاء؟
لم تعد هذه الأسئلة تجميلًا كلامياً أو شعارات تُرفع في المؤتمرات، بل أصبحت قضية حياة أو موت لآلاف الضحايا وذويهم في الساحل السوري، حيث شهدت المنطقة في مارس/آذار 2025 واحدة من أكثر موجات العنف دموية وتنظيماً منذ بداية النزاع.

من الفوضى إلى الأدلة:

مع اندلاع الاشتباكات في مدن وبلدات الساحل، ظهرت روايات متناقضة: رواية رسمية تتحدث عن حماية المدنيين، وروايات شهود ومنظمات حقوقية تكشف عن عمليات قتل جماعي، وتعذيب، واختطاف، وجرائم اغتصاب وزواج قسري.
وثّقت كل من هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية على مدى أشهر انتهاكات شملت القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والنهب، والحرق المتعمد للمنازل. ودعت المنظمتان بوضوح إلى مساءلة جميع الأطراف، سواء كانوا من قوات الحكومة الانتقالية أو من المسلحين الموالين للنظام السابق.

التحقيق الوطني… وعتبة السياسة:

في الداخل، شكّلت الحكومة السورية لجنة وطنية لتقصي الحقائق، زارت مناطق مثل بانياس واللاذقية، وجمعت مئات الإفادات. لكن عمل اللجنة واجه اتهامات من منظمات حقوقية محلية ودولية بالتركيز على طرف واحد وتجاهل تجاوزات فصائل محسوبة على الحكومة نفسها.
تسلّم الرئيس الإنتقالي أحمد الشرع التقرير النهائي في يوليو/تموز 2025، وأعلن التزامه بمبادئ "الحقيقة والمساءلة". لكن أسئلة الملاحقة القضائية بقيت بلا إجابات واضحة، خصوصًا مع بقاء بعض المتورطين في مواقع القوة.

تقرير لجنة التحقيق الأممية… الإدانة متعددة الأطراف:

في 14 أغسطس/آب 2025، أصدرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة تقريرها النهائي حول أحداث الساحل. التقرير، المبني على أكثر من 200 مقابلة وزيارات ميدانية ومراجعة صور أقمار صناعية، خلص إلى أن العنف كان واسع النطاق ومنهجيًا وقد يرقى إلى جرائم حرب.
نسبت اللجنة الانتهاكات إلى فصائل مرتبطة بالحكومة الانتقالية مثل "عمشات"، "حمزات"، "لواء السلطان سليمان شاه" و*"الفرقة 400"*، وكذلك إلى مسلحين موالين للنظام السابق. وأشارت إلى ارتكاب عمليات قتل جماعي، وتعذيب، وتمثيل بالجثث، ونهب، وحرق، إضافة إلى اختطاف واغتصاب وزواج قسري.

ورغم خطورة هذه الجرائم، أوضح التقرير أنه لم يجد أدلة على صدور أوامر مباشرة من الحكومة المركزية، لكنه شدّد على ضرورة ملاحقة كل المتورطين بغضّ النظر عن انتماءاتهم.

المسؤولية القانونية… التحدي الأكبر:

المساءلة الحقيقية لا تتجزأ. فإذا كانت الدولة تسعى إلى بناء مؤسسات تحترم القانون، فإن أول اختبار هو قدرتها على تقديم جميع المتورطين للمحاكمة أمام قضاء مستقل، وعدم الاكتفاء بالإدانة المعنوية أو التصريحات الإعلامية.
وأكدت منظمات دولية، مثل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، أن العدالة الانتقالية التي تستثني أي طرف هي عدالة ناقصة تعيد إنتاج دوامة الإفلات من العقاب.

أسئلة لا بد أن تُجاب:

1.هل تملك السلطات السورية الإرادة السياسية والقانونية لملاحقة قادة الفصائل الموالية لها إذا ثبت تورطهم؟

2.ما الضمانات التي ستمنع تكرار الانتهاكات إذا بقي بعض المتورطين في مواقع النفوذ؟

3.كيف يمكن للضحايا وأسرهم أن يثقوا بمؤسسات الدولة إذا لم تُعقد المحاكمات بشكل علني وشفاف؟

الخاتمة المفتوحة:
أحداث الساحل ليست مجرد فصل دموي آخر في تاريخ سوريا الحديث، بل اختبار حقيقي لمصداقية الدولة الجديدة أمام شعبها وأمام العالم.
لقد بذلت منظمات دولية مثل لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية جهودًا كبيرة في جمع الأدلة وتوثيق الشهادات، فيما ساهم متعاونون محليون بشجاعة في كشف الحقائق في ملف شائك ومعقد.
كما أن تعاون السلطات السورية مع اللجنة الأممية يُعد خطوة مهمة على طريق إرساء العدالة، لكن المأمول أن تتبع هذه الخطوة إجراءات عملية تبدأ بعزل المتورطين عن مناصبهم، تمهيدًا لتقديم جميع الجناة، دون استثناء، إلى محاكم وطنية مستقلة وعلنية.
فإما أن تتحرك السلطات فورًا لفتح ملفات الملاحقة القضائية،
أو ستظل العدالة شعارًا مؤجلاً، بينما يتسرب الإحباط واليأس إلى نفوس الضحايا،
وتترسخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة البلاد.

● ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلان الدستوري: بين ضرورته السياسية وتهديده لمدنية الدولة
- مشيخة رقابة الدولة - ظاهرة خفية خلف إدارة الدولة السورية
- العدالة الثالثة ومخاطر الاحتراب في المشهد الانتقالي السوري
- أحداث الساحل – قراءة في نتائج لجنة تقصي الحقائق وتوصيات لضما ...
- سردية المظلومية بين الابتزاز والواقع
- سوريا بين وحدة الدولة وتعدد الرؤى: لا وطن يُبنى على السلاح و ...
- واشنطن وسوريا: انفتاح مشروط وحذر استراتيجي
- في أول رد فعل حقوقي : أحمد سليمان يقترح جمال قارصلي لرئاسة ا ...
- تابعية الدين والطائفة
- دراسة في ” أرواح هائمة ” للكاتب التونسي كمال العيادي
- سوريا : جوازات سفر مُغَمّسة بالدم ، في خطوة من اجل انتخاب رئ ...
- معمودية الدم السوري ... مفترقات الثورة والعدالة الفالتة
- كفى تلاعبا بطوائفكم .. أمراء الإرهاب صناعة المخابرات
- مسودات من جنّة - باير - عن بنت -السنكري - و ” قوّاد الحتة ”
- نبيّك مكسور يا وقت
- أربعة اعوام على سجنها… طل الملوحي كاتبة وأسيرة حرب
- الحق إن الثورة أنثى بلباس مذكر ( femen.man ) فيمن رجل
- إلى الحب أوﻻ-;- … بالعدالة يا أربابكم
- مايا ... دفتر أبيض و خبز مذبوح
- أحمد سليمان : الكاهن إبراهيم سروج و” محرقة ” مكتبته


المزيد.....




- السعودية: إعدام مصري -تعزيرا-.. والداخلية تكشف عن اسمه وما ف ...
- نتنياهو يشترط نزع سلاح غزة ويهاجم احتجاجات ذوي الأسرى
- المئات يتظاهرون في السويداء للمطالبة بـ-حق تقرير المصير-
- نتنياهو يشترط نزع سلاح غزة ويهاجم احتجاجات ذوي الأسرى
- الشرع يتهم إسرائيل بـ-التدخل- عقب مطالب -بتقرير المصير- في ا ...
- تحركات فلسطينية مكثفة بالأمم المتحدة لدعم حل الدولتين قبل ال ...
- اعتقال 25 متظاهرا في احتجاجات تل أبيب المطالبة بإنهاء الحرب ...
- الاحتلال يفرج عن 6 معتقلين من قطاع غزة
- تصاعد موجة احتجاجات في كيان الاحتلال تطالب بإعادة الأسرى
- الاحتلال يفرج عن 6 معتقلين من قطاع غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أحمد سليمان - من يحاكم القتلة؟… خطر ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في ذاكرة السوريين