أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هاشم تايه - نُزهة قاتلة














المزيد.....

نُزهة قاتلة


هاشم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:52
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في بستان مغمور من البساتين الواقعة على مشارف إحدى مدننا الباكية، ختم (جند السماء) رحلتهم الغامضة الملتبسة بخاتمة دراماتيكيّة..
لقد قدموا، كما أخرجهم مخرجهم في فلمنا غير السعيد، كعائلة منتحرين ممثلين للماضي المُحبَط السّاخط الذي عانى قلبُهُ المكلوم من حطام أهوائه التي قُتِلَتْ فيه القتل الشنيع المعروف، واختاروا لحظة الماضي الحاضرة بيننا اليوم بدماء صرعاها، وبأثوابها وكلماتها القديمة، وبشوقها الجارف للقصاص..
إنّ معظمهم ضحايا الماضي اختطفهم الحاضر الماكر وأخرجهم لغاياته بأسلحته الفاتكة الحديثة، بعد أن عثر عليهم ببياض قلوبهم في سواد أيّامهم بلا احتراس ولا حصانة ذاتيتيْن محرومين من البصيرة - ليس بأسبابهم- ويسهل السير بهم حتى على طريق الانتحار والموت...
وفي البستان، الذي تمّ حصادهم فيه يمكن للمرء أن يكتشف بين الصرعى الذين أغرقتهم الدماء، عراقيين من القاع البائس المحروم من كلّ نعمة، ولا بدّ أنّ هؤلاء قد جرى التغرير بهم واختطاف قلوبهم بأحلام وبأوهام وربما بأشياء أخرى لا أعرفها، ولا بدّ أنّ من قادوهم في نزهتهم غير المريحة قد استفادوا من الظلام الذي تتخبّط فيه حياتهم اليائسة... حياة هي بأشدّ الحاجة إلى تحريرها من الفقر المادي والروحي، ومن الخرافة، ومن سطوة الماضي وكوابيسه، ومن كلماته ورموزه التي لا يمكن زراعتها في بستان عصرنا...
ومادمنا ممزَّقين بمصالح ضيّقة، وبأهواء حمقاء لا تلين، ومادام العقل فينا مدحوراً، وما دمنا نجترّ الماضي، ونضع بأيديه مفاتيح أيّامنا ، فإنّ هذا الماضي الذي يعجّ بالسجناء والمُحبَطين من كلّ لون سوف يُتحفنا بالمزيد من الجند الذين سيرهقون حياتنا المتورّمة أصلاً بأثقال جديدة، وسوف يلصقون بها ذيولاً تنتمي إليهم ، فتصبح كائناً خرافيّاً تصعب إعادته إلى صورة طبيعية مقبولة بجراحة لا نمتلك أدواتها، وليس عجيباً أن نستقبل في أيّامنا القادمات على أرضنا المترنّحة المخبولة، جند البحر، وجند الجبال، وجند الهواء، وجند كلّ طبيعة عنيفة...
وحيث جرى تحطيم نزهتهم الخطرة في بستانهم الدامي تلقّى جند السماء المصروعون اللّمسةَ الحانية المتأخرة التي حُرِموا منها طويلاً من لدن سماحة السيّد السيستاني، حين أوصى بدفنهم سريعاً... أكانت تلك اللّمسة التي لم يسعْهم استقبالها تعبيراً عن أسفه لمصيرهم ؟
أكانت إمضاءً مقدَّساً على قبورهم، ونهايتهم التي يحسن دفنها بسرعة ؟
أهيَ اعتراف بأنّ أكثرهم عراقيون خطاة ينتمون إلينا في النهاية ؟
أم أنّها توجيه بأنّ الحكمة كانت تقتضي الذهاب إليهم حيث كانوا يقيمون أحياء، والتعرّف على أسبابهم، ومحاورتهم فيها، ومن أجل بذل كلّ جهد من شأنه إنقاذ المُغَرَّر منهم، في الأقل، بتحريرهم من أرباب المشاريع المنتحرة الذين يجب عزلهم أوّلاً وأخيراً ؟



#هاشم_تايه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على مفرق الحجر
- سياحة عمياء
- بعيداً عن الوحل خذني
- حوار مع الفنان العراقي هاشم تايه
- ميثولوجيا عراقية
- مصالحة في الهواء الطلق
- ذُعْر لا يقوى على حمله الهاتف
- كلاسيك
- المربد ... الصوت والصدى
- ضيف الحجر
- أجراس
- من أجل أمّي
- مَنْ يحلب القيثارة السومريّة في لندن ؟
- كولاج الألم
- لا أذودُ الطّيرَ عن شَجَرٍ
- صنائع الصحفي
- ديمقراطية تبحث عن مكان
- التشكيلي محمد مهر الدين فعل الرسم بين التجريد والرغبة في الب ...
- طريقٌ أم طرق ؟
- الرؤية الكونكريتية


المزيد.....




- مسؤول أوكراني يكشف لـCNN حقيقة وجود قوات كييف في كورسك الروس ...
- وزير خارجية فرنسا ينتقد إسرائيل بشدة بسبب خطة توسيع العمليات ...
- في مبادرة مؤثرة.. -مروحيات روسيا- تقيم فعالية -الفوج الخالد ...
- طهران: مواقفنا خلال مفاوضات الملف النووي ثابتة ولن تتغير
- بن غفير: إسرائيل يجب أن تخوض الحرب حتى تحقيق النصر الكامل
- لرفض مطالبها.. إدارة ترامب تعتزم تجميد منح لهارفارد
- مخابئ محصنة للعائلة المالكة والحكومة.. بريطانيا تحدث خطة الط ...
- قوات -اليونيفيل- تدعو إسرائيل إلى الانسحاب الكامل من الأراضي ...
- الخارجية الروسية: الأسبوع الماضي كان الأكثر دموية بالنسبة لل ...
- تقارير: تركيا أحبطت شحنة مفخخة من أجهزة -البيجر- إلى لبنان


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هاشم تايه - نُزهة قاتلة